حد القذف
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لما نَزَلَ عُذْرِي، قام النبي -صلى الله عليه وسلم- على المِنْبَر، فَذَكَرَ ذَاكَ، وتَلَا -تعني القرآن-، فلما نَزَلَ من المِنْبَر، أَمَرَ بِالرَّجُلَيْنِ والمرأة فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ».

شرح الحديث :


في هذا الحديث تخبر عائشة -رضي الله عنها- أنه لما نزلت براءتها مما رميت به من الإفك، قام النبي -صلى الله عليه وسلم- خطيبًا وأخبر المسلمين بذلك، وتلا القرآن النازل بالبراءة على المنبر، ثم نزل -عليه الصلاة والسلام-، فأُتي بالرجلين القاذفين: وهما حسَّان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وبالمرأة وهي: حمنة بنت جحش، فأقام عليهم حد القذف -وهو ثمانون جلدة-؛ لثبوت كذبهم به.

معاني الكلمات :


لما نزل عذري يعني: لما نزلت براءة الصدِّيقة مما رميت به، وحُكِم ببراءتها في سورة النور من قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ ...} الآيات الكريمة.
فذكر ذاك أي عُذْرِي.
تلا قَرَأ.
تعني أي تُريد، والفاعل عائشة -رضي اللَّه عنها-.
القرآن تعني قوله -تعالى-: (إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم) إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ.
بالرجلين هما: حسَّان بن ثابت الأنصاري، ومِسْطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصي القرشي المطلبي، فهما اللَّذان خاضا بالإفك في عائشة، -رضي الله عنها-.
والمرأة هي: حمنة بنت جحش بن رئاب، من بني أسد بن خزيمة، هي أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين، وكانت تحت مصعب بن عمير -رضي الله عنه-، فاستشهد عنها في أحد، فتزوَّجها طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه.
فضربوا حدهم أي: حدَّ المفترين؛ أي: القاذفين، وهو ثمانون جلدة.

فوائد من الحديث :


  1. أنَّ القذف: هو الرمي بالزنا، أو اللواط، وهو من الكبائر .
  2. عائشة الصديقة وبنت الصديق ابتليت -رضي الله عنها- بمن رماها بالفاحشة، مع صحابي تقي هو صفوان بن المعطّل السلمي -رضي الله عنه-، فبرَّأها الله -تعالى- من هذه الفرية التي زادتها نزاهة ورفعة، حينما نزل ببراءتها قرآن يُتلى إلى يوم القيامة من سورة النور .
  3. تحريم القذف، وثبوت حدِّه، ووجوب إقامته على القاذف الكاذب، وحد القذف ثمانون جلدة إن كان حرًّا، وإن كان القاذف عبدًا فأربعون جلدة .
  4. يسقط حد القذف بواحدة من أربع:(أ) عفو المقذوف، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (لا يحد القاذف، إلاَّ بطلب إجماعًا) .
  5. (ب) تصديق المقذوف للقاذف فيما رماه به .
  6. (ج) إقامة البينة على صحة القذف .
  7. (د) إذا قذف الرجل زوجته ولاعنها .

المراجع :


  • عون المعبود شرح سنن أبي داود، ومعه حاشية ابن القيم، للعظيم آبادي - دار الكتب العلمية – بيروت - الطبعة الثانية، 1415هـ.
  • منحة العلام في شرح بلوغ المرام، لعبد الله الفوزان - دار ابن الجوزي - ط1، 1428ه.
  • توضِيحُ الأحكَامِ مِن بُلوُغ المَرَام، للبسام، مكتَبة الأسدي، مكّة المكرّمة - الطبعة الخامِسَة، 1423هـ - 2003م.
  • بلوغ المرام من أدلة الأحكام، لابن حجر، دار القبس للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1435هـ - 2014م.
  • شرح مصابيح السنة للإمام البغوي، لابن الملك - الناشر: إدارة الثقافة الإسلامية، الطبعة الأولى، 1433هـ - 2012م.
  • مسند أحمد، تحقيق شعيب الأرنؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2001م.
  • سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي.
  • سنن أبي داود، المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الناشر: المكتبة العصرية، صيدا - بيروت.
  • سنن الترمذي، للإمام الترمذي، تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون، الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي –مصر- الطبعة الثانية، 1395هـ - 1975م.
  • تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للمباركفورى، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت.
  • صحيح وضعيف سنن ابن ماجة، للشيخ الألباني، مصدر الكتاب: برنامج منظومة التحقيقات الحديثية -المجاني- من إنتاج مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة بالإسكندرية.

ترجمة نص هذا الحديث متوفرة باللغات التالية