الصوفية

مصطلحات ذات علاقة:


الصُّوْفِيَّة


حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري؛ بوصفها نزعاتٍ فردية تدعو إلى الزهد، وشدة العبادة . وكانت بمثابة رد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري، ثم تطورت الصوفية من الغلو في الزهد غير المشروع إلى البدع في العقائد، والأذكار، والعبادات، إلى القول بالحلول، والاتحاد، ووحدة الوجود
انظر : عوارف المعارف للسهروردي، ص :62، التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي، ص :34، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة إشراف مانع الجهني، 1/249
تعريفات أخرى :

  • التّصوف عند الصوفية هو إخضاع الجسد للنفس سعياً إلى تحقيق الكمال النفسي، وإلى معرفة الذات الإلهية، وكمالاتها . وهو ما يعبرون عنه بمعرفة الحقيقة . وذلك يكون بالسير في طريق الزهد، والتجرد عن زينة الحياة، وشكلياتها، وأخذ النفس بأسلوب من التقشف، وأنواع من العبادة، والأوراد، والجوع، والسهر في صلاة، أو تلاوة ورد؛ حتى يضعف في الإنسان الجانب الجسدي، ويقوى فيه الجانب النفسي، أو الروحي . وقد اختلف الصوفية في تعريف التّصوف اختلافاً كثيراً حتى تناقضت تعريفاتهم، وتعارضت . ورغم ذلك يمكن القول أن التعريف السالف للتصوف جاء وفق ما يراه الصوفية في عمومه . والصّوفي هو السالك لمسالك التصوف، والذاهب مذاهب المتصوفة، والآخذ بعقائدهم، والمتحلي بحليتهم، والمتشبه بهم في أحوالهم . والصوفية اسم مبتدع لم يكن في زمن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ - ولا معروفاً عند السلف، وإنما جاء متأخراً .

أهداف المحتوى:


  • أن يعرِف من هم الصوفية .
  • أن يتعرَّف على أصول الصوفية، وحقيقة دعوتهم .
  • أن يملِك مهارة الحُكم باعتدال على الفِرَق والأشخاص .
  • أن يتجنَّب البدِع التي أحدَثها الصوفية في الدِّين .

الأحاديث:


أحاديث نبوية عن الصوفية
  • عن جابر بن عبد الله، أنَّ عمر بن الخطَّاب أتَى النبيَّ ﷺ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب، فقرأه النبي ﷺ فغضِب وقال : «أمتهوِّكون فيها يا ابنَ الخطَّاب ! والذي نفسي بيدِه لقد جِئْتُكم بها بيضاءَ نقيَّة، لا تسألوهم عن شيء فيُخبروكم بحق فتكذِّبوا به، أو بباطلٍ فتُصدِّقوا به، والذي نفسي بيده لو أنَّ موسى كان حيًّا، ما وسِعَه إلا أن يتَّبِعَني ».
  • عن العِرباض بن سارية قال : صلى بنا رسولُ الله ﷺ ذاتَ يوم، ثم أقبل علينا فوعظَنا موعِظةً بليغةً ذرَفتْ منها العيونُ ووَجِلَت منها القلوبُ، فقال قائل : يا رسولَ الله، كأنَّ هذه موعظةُ مودِّع، فماذا تعْهَد إلينا؟ فقال : «أُوصيكمْ بتَقْوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ، وإنْ عبدًا حبشيًّا، فإنَّه مَن يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسنة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجِذ، وإيَّاكم ومُحدثات الأمور، فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ».

نقولات عن المفردة


اقتباسات عن الصوفية
لو أنَّ رجلًا تصوَّف أول النهار لم يأت عليه الظهر إلا وجدته أحمق . معجم الأعلام : الشافعي
مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله .
من رأيته يدَّعي مع اللَّه عزَّ وجل حالة تخرجه عن حد علم الشرع : فلا تقربنه، ومن رأيته يدعي حالة لا يدلُّ عليها دليل، ولا يشهد لها حفظ ظاهر فاتهمه عَلَى دينه .

أشعار عن المفردة


أشعار عن عن الصوفية
معجم الأعلام : ابن أبي داود
تمسَّك بحبل الله واتَّبع الهُدى ولا تكُ بدعيًّا لعلك تفلحُ
ودِنْ بكتاب الله والسُّنن التي أتَت عن رسول الله تنجُ وتربحُ

عناصر محتوى المفردة:


المقدمة
  • المقدمة
المادة الأساسية
  • (الصوفية ): لفظة مجملة جُعلت عَلَمًا على هذه الطائفة، وقد اختلف الناس في بيان أصلها الذي منه اشتُقَّت؛ فقيل : من الصوف؛ لأنهم يلبسون الثياب الخشنة زهدًا في الدنيا، وأخشن ما فيها الصوف .
    وقيل : من أهل الصُّفَّة : فقراء الصحابة الذين كانوا يجلسون في مسجد رسول الله ﷺ وينفق عليهم من الصدقات والفيء، ولو صحَّ زعمهم لكانوا صُفِّيَّة، وقيل : تحريفًا من الصفوة؛ لأنهم خيرة الخلق -بزعمهم -. وقيل : من فيلوصوفيا، وهي الاسم الذي ارتبط بترجمة الفلسفة من بلاد الغرب، وتعني محبة الحكمة .
    بدأت الصوفية أول ما بدأت دعوةً صريحة للزهد والعبادة والتخلي عن ترف الدنيا وزينتها، ولهذا ينسبون إليهم مَن كان حينئذ على مذهبهم، فتراهم يزعمون أن بشرًا الحافي كان صوفيًّا، وعبد الله بن المبارك وابن حنبل، وربما سموها عددًا من الصحابة على أنهم من الصوفية .
    مذاهب الصوفية ليست واحدة، لكنها برزت في الجملة كحركة دينية، ثم انتشرت في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعاتٍ فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، وكرد فعل مضاد للانغماس في الترف الحضاري، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقًا مميزة تنبثق عن أصل الصوفية .
    غلب على طائفة من المتصوفة العناية بتربية النفس والسمو بها بُغية الوصول إلى معرفة الله تعالى بالكشف والمشاهدة؛ لا عن طريق اتباع الوسائل الشرعية، ولذا جنح بعضهم في المسار حتى تداخلت طريقتهم مع الفلسفات الوثنية : الهندية، والفارسية، واليونانية .و يحسن بالقارئ أن يراعي مدى الاختلاف بين الزهد والتقشف الذي قد ينادى به أحيانا، وبين بدع التصوف والشرك أحيانا أخرى .
    (التأسيس وأبرز الشخصيات ):البداية والظهور : لم يعرف السلف الأول من المسلمين هذه التسمية، ولا عرفوا أهلها، وهم أهل القرنين الأوَّلين، وإنما ظهرت جذور الصوفية أول ما ظهرت في الكوفة؛ بسبب قُربها من بلاد فارس، متأثرة بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة، ثم بسلوكيات رهبان أهل الكتاب، ويرى بعضهم أن (طلائع الصوفية ) ظهرت في القرنين الثالث والرابع الهجري، وإن الناظر في تاريخ التصوف المدقق فيه يستطيع تقسيم أهل هذه الفرقة إلى طبقات ثلاث ألا وهي :الطبقة الأولى : وتمثل التيار الذي اشتهر بالصدق في الزهد، وربما بالغ بعضهم في البعد عن الدنيا والانحراف في السلوك، كما بالغ في العبادة على وجه لا يوافق ما كان عليه رسول ﷺ وصحابته وتابعيهم من عُبَّاد القرن التالي لهم، ومن أشهر رموز هذا التيار : الجُنَيد والحارث المحاسبي وسهل بن عبد الله التَّستري وأبو عبد الرحمن السلمي والسَّري السَّقطي .
    ـ ومن أهم السمات الأخرى لهذه الطبقة : بداية التميز عن جمهور المسلمين والعلماء، واستئثارهم بمصطلحات تدل على ذلك بشكل مهَّد لظهور الطرق من بعد، مثل قول بعضهم : علمُنا، مذهبنا، طريقنا، كما قال الجُنيد : (علمنا مشتبك مع حديث رسول الله ﷺ )، وكثرة الاهتمام بالوعظ والقصص مع قلة العلم والفقه، وهذه الطبقة -وإن وقع فيها مخالفات شرعية - إلا أنها لم تتبن ما تبناها من بعدها .
    الطبقة الثانية : خلطت الزهد بعبارات الباطنية، وانتقل فيها الزهد من الممارسة العملية والسلوك التطبيقي إلى مستوى التأمل التجريدي والكلام النظري، ولذلك ظهر في كلامهم مصطلحات : الوحدة، والفناء، والاتحاد، والحلول، والسكر، والصحو، والكشف، والبقاء، والمريد، والعارف، والأحوال، والمقامات ...
    ، وشاع بينهم التفرقة بين الشريعة والحقيقة، وتسمية أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن، وسموا غيرهم من الفقهاء وأصحاب الحديث أهلَ الظاهر والرسوم، ومن أهم أعلامهم : أبو اليزيد البسطامي والحكيم الترمذي وذو النون المصري، وظهرت فيها تصرفات تشتمل على غلو وتكلف مذموم .
     الطبقة الثالثة : وهي طبقة الفلاسفة الصوفية، الذين خلطوا التصوف بالفلسفة اليونانية، وأعملوا مبادئها في التصوف، متجاهلين طبيعة هذا العلم -إن كانت الفلسفة علمًا - حيث الإلحاد، وتفسير ماهيات الأشياء على التخيُّل والافتراض البعيد كل البعد عن ديننا الحنيف .لهذا ظهرت أفكار : الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، كما أثَّرت في ظهور نظريات الفيض والإشراق على يد الغزالي والسُّهْرَوردي .
    وبذلك تعد هذه الطبقة من أخطر الطبقات والمراحل التي مر بها التصوف، والتي تعدت به مرحلة البدع العملية إلى البدع الاعتقادية التي بها يخرج التصوف عن الإسلام بالكلية، لهذا سارع كثير من أهل العلم كابن تيمية، وابن القيم، وابن دقيق العيد، وغيرهم في تكفير أقطابهم . ومن أشهر رموز هذه الطبقة : الحلاج ت 309هـ، السُّهْرَوردي 587هـ، ابن عربي ت 638هـ، ابن الفارض 632هـ، ابن سبعين ت 667 هـ .
    (الأفكار والمعتقدات ):تتفاوت الأفكار والمعتقدات نظرا لتفاوت الطبقات والأشخاص، ومن الأفكار التي ظهرت فيها مخالفات شرعية :الحلول : ويَعْنون به أن روح الله تحل في أجساد المخلوقين، فكان بعضهم إذا سمع صوت الكلب قال : لبيك ربي، وما أشهر ما نقل عن ابن عربي -أو غيره - أنه قال : ما في الجبَّة إلا الله، وأن قوم موسى لما عبدوا العجل إنما عبدوا فيه روح الله التي حلَّت في العجل .
    السُّكر : ولا يريدون به سُكر الشراب، وإنما عرَّفوه بأنه : "تلك النشوة العارمة التي تفيض بها نفس الصوفي وقد امتلأت بحب الله حتى غدت قريبة منه كل القرب "، فيزعمون أنه يصل إلى درجة من الاجتهاد حتى يصير بحيث لا يسمع ولا يبصر غير محبوبه من شدة هيامه به، فكان ابن الفارض -سلطان العاشقين - لا يفيق إلا نادرًا، وكذا كان غيره من أقطاب المتصوفة .
    مصادر التلقي :وهي تلك المصادر التي يعرفون بها العلوم والأمور الشرعية والكونية، فلم تعد مصادر الدين من قرآن وسنة كافية لهم ولا لائقة بهم، بل عزفوا عنها إلى مصادرهم الخاصة التي ألفوها، وتختلف وجودًا وعدمًا حسب الأشخاص والفرق، لكنَّها في مجملها تتشكل في عدة مصادر، أهمها ما يلي : الكشف : يعتمد أكثر الصوفية الكشف مصدرًا وثيقًا للعلوم والمعارف، بل تحقيق غاية عبادتهم، ويدخل تحت الكشف الصوفي جملة من الأمور الشرعية والكونية منها :1ـ النبي ﷺ : ويقصدون به الأخذ عنه يقظةً أو منامًا، لا بالأسانيد الصحيحة من الحُفَّاظ الثقات، أو مصنفات الأثبات .2ـ الخضر عليه السلام : وقد امتلأت كتبهم بذكره، يعلمهم أحكامًا شرعية، وعلومًا كونية، وأورادًا وأذكارًا يومية .3ـ الإلهام .
    4ـ الهواتف : من سماع الخطاب من الله تعالى، أو من الملائكة، أو الجن الصالح، أو من أحد الأولياء، أو الخضر، أو إبليس، سواء كان منامًا، أو يقظةً، أو في حالة بينهما بواسطة الأذن .5 ـ الرؤى والمنامات .
    6 الذوق والوجد : لما جعلت الصوفية  (الذوق ) هو وسيلة المعرفة، دون الشرع والعقل، قصرت رحمة الله على فئة قليلة في عباده، وصيَّرت الإنسان كمن يمشي في ضوء الشمس وهو مغمض عينيه، فلا يستفيد من ضوئها، أو كمن يحاول أن يبصر في الظلام فلا يستفيد من عينيه . وبذلك اختلفت طرائقهم وأفكارهم، وصارت مصادر المعرفة عند الصوفية مختلفة ومتباينة؛ لأن كل صوفي يتحدث عنها من واقع تجربته الخاصة .
    (الانتشار ومواقع النفوذ ):انتشر التصوف شيئًا فشيئًا بداية من القرون اللاحقة، خاصة بعد ظهور أساطينهم أمثال : ابن عربي، وابن سبعين، وابن الفارض وغيرهم، وقد شمل انتشارهم تقريبًا معظم العالم الإسلامي، وإن كان التمركز الأعظم في مصر، والعراق، وشمال غرب أفريقيا، وفي غرب ووسط وشرق آسيا .
ماذا نفعل بعد ذلك
  • تبصير الناس بحقيقة التصوف، والدعوة إلى العودة للكتاب والسُّنة .
  • بيان أن النجاة في اتباع نهج النبي ﷺ ، فهو المخرج من الظلمات إلى النور، وأن خير الهدي هديه، وأن كل بدعة ضلالة، وقد قال الله : ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام : 38]، وقد تركنا رسول الله ﷺ على المحجة البيضاء .
  • التجرد والإحاطة عند إطلاق الأحكام؛ فالناقد ينقد صورًا وأشكالًا ومبادئ يراها، والمادح يمدح أصل الزهد والورع وجهاد النفس، فليس كل ما فيها شر .
  • الاهتمام بالحق الذي جاءت به الشريعة وعمل به السلف، واعتنى به بعض الصوفية -دون ما خلط بالباطل لاحقًا -؛ كالاهتمام بأعمال القلوب، والتقرب من الله تعالى بإحسان العمل بها، والحذر من الفتنة بالدنيا وأهلها، ونحو ذلك .
  • الحذر والتحذير من الباطل الذي دخل على الصوفية، مثل التعبُّدات التي لم يشرعها رسول الله ﷺ ، وما فيها من تحريمٍ لما أحل الله وتحليل لما حرَّم، ومثل الغلو في الأشخاص والأماكن، والتشديد على النفس، وغير ذلك من التصرفات .

المحتوى الدعوي:


تنبيهات:


  • يجب مراعاة اختيار من يصلح لهذا النوع؛ فلا ينبغي أن يعرض على أُمِّي غير متعلم، وإنما على مثقف واعٍ أو طالب علم ساعٍ أو جاهل وقع في شبهات القوم ولا مناص إلا ببيان ذلك، والأصل : "ما أنت بمحدِّث قومًا بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ".
  • يجب التوكيد على التفرقة بين الزهد والتعبد والانقطاع للعبادة، وبين مسمى التصوُّف الذي ابتعد عن النهج الصحيح؛ فإن التصوف الآن قائم على الاستغاثة بالأموات وإطرائهم ورفعهم فوق قدرهم، وعلى تبني النظريات الكفرية من حلول واتحاد وغير ذلك .