خطورة الوقيعة بأهل العلم

عناصر الخطبة

  1. فضل العلم والعلماء
  2. ذكر ما تميزت بها مدارسنا
  3. مطالبات العلمانيين أمورا لإقامتها في مدارسنا
  4. الحذر من الوقيعة بأهل العلم.
اقتباس

.. وللمنافقين عهدٌ عند إخوانهم المشركون الأُول؛ فمنذ بداية الإسلام… لم يركز المشركون على الإسلام إنما على رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وأخذوا يتهمون عرضه الطاهر -عليه الصلاة والسلام ويقولون: ” أنه كذاب وساحر وكاهن “. لأنهم يعلمون علم اليقين أنهم إذا استطاعوا أن يشوهوا صورة رسول الله عليه الصلاة والسلام في أذهان الناس فلن يُقبل ما يقوله من الحق ولكنهم بائوا بالخسران والحمد لله تعالى ..

الحمد لله رب العالمين، حمداً طيباً مباركا فيه، حمداً يليق بوجهك وعظيم سلطانك، اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى، والصلاة والسلام على رسول رب العالمين محمد بن عبد الله الرسول الأُمي الأمين تركنا على الحجة البيضاء ليلها كنهارها، من أطاعه أطاع الله ومن عصاه فلا يضر إلا نفسه، ورضي الله عن صحابته أجمعين كانوا على الحق آمرين وللباطل ناهين، اصطفاهم واختارهم الله لنصرة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، فأقام الله بهم الدين وجعلهم الله طريقاً وسبيلا للي عز الإسلام والمسلمين فرضي الله عنهم أجمعين وجمعنا وإياهم ووالدينا مع نبيا محمد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أما بعد:

أيها المؤمنون: إن الحديث عن العلم وفضلة وأهله من الأهمية بمكان، ولقد أكثَر اللُه تعالى ورسوله من ذكر ما للعلم وأهله من المنازل في الدنيا والأخر، وما ذلك إلا لِعظِيمِ منزلته في الدين، وليرغبَ اللهُ عبادَه إلى سُلوك هذا الطريقِ الموصلِ إليه تعالى ومعرفتِه وتحقيقهِ العبوديةِ له جل في علاهـ.

فالله -تعالى- قال في كتابه العزيز: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ [الجمعة: 2] وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: 11]. ولم يأمرِ اللهُ تعالى بنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالاستزادة من شيء إلا من العلم -جل شأنه-: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [طـه: 114] وقال -سبحانه-: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر9] والعلم رحمة وهداية قال -تعالى-: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ [البقرة: 269].

وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الحسن الذي أخرجه أبوداود والترمذي "فضلُ العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يُورَّثوا ديناراً ولا درهاً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر".

وأفضل العلوم العلم الشرعي: وهو العلمُ بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وهذه هي القاعدةُ الكبرى التي تُبني عليها كلُ العلوم، وحملة العلم الشرعي هم الأمناء على ميراثِ النبوة، ومتى جمعوا بين العقيدة الصحيحة والعلم الشرعيِّ والمقرونِ بالأدلة الشرعية مع الإخلاص لله تعالى ومتابعة هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- والتأدب بآداب العلم – فهم الأئمة الثقات والأعلام الهداة قال -صلى الله عليه وسلم-: " من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة وإن الملائكةَ لتضعُ أجنحتها رضاً لطالب العلم وإن العاِلم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ".

وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من يرد الله به خيراً يفقه في الدين " قال ابن المنير كما ذكر ابن حجر رحمهما: " من لم يفقه الله في الدين فلم يرد الله خيراً ".

ويكفينا من ذلك قول الله -تبارك وتعالى- لما أشهد نفسه جل في علاه على أنه الإله الحق المبين وأشهد على ذلك ملائكته وأهل العلم فقال -سبحانه-: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران:18].

والعلم -أيها المؤمنون- له زكاة، وزكاته بالعملِ به وتعليمهِ الناس.

العلم يهتف بالعمل *** فإن أجابه وإلا ارتحل

فثمرةُ العِلم العمل وكان الصحابة رضي الله عنهم يقرؤون العشر آيات من كتاب الله تعالى من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا يأخذون العشر الثانية حتى يعلموا ما في هذه الآيات التي قرؤوها من العلم والعمل ويقولون -رضي الله عنهم-: " فعُلِّمنا العلم والعمل جميعاً " أخرجه الأمام أحمد.

وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي أخرجه الترمذي: " لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع وذكر منها صلى الله عليه وسلم " وعن علمه ماذا عمل فيه ".

وإن أولَ منَ تسعُر بهم النارَ يوم القيامة كما ذكر ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ وذكر منهم: " القارئ للقرآن ليقال قارئ؛ فقد قيل. واستعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من علم لا ينفع.

وتقول أمُ سفيانَ الثوري -رحمها الله- لابنها سفيان الثوري -وهو أميرُ المؤمنينَ في الحديث وعَلَماً في زمانه- تقول له أمه: " يا سفيان خذ هذه عشرةُ دراهم وتعلم عشرة أحاديث، فإذا وجدتَها تُغيَّر من جلستك ومشيتك وكلامك مع الناس فأقبل عليه، وأنا أُعيُنك بمْغِزلي هذا، وإلا فاتركه، فإني أخشى أن يكون وبالاً عليك يوم القيامة ".

أيها المؤمنون عباد الله: إن من نعم الله علينا في هذه البلاد أن فُتح فيها صروحاً للعلم والمعرفة؛ فالمساجد يُتلقى فيها العلومَ الشرعية، والعبادات والمعاملات ويُتلقى فيها القران الكريم فلله الحمد والمنة. وتَوفَر -ولله الحمد- لدينا مدارس لتعليم البنين والبنات التعليم العام والجامعي والعالي.

وفي هذه الصروح أموراً لا بد أن نحافظ عليها ولا نساوم عليها أحداً؛ لأنها مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- والله تعالى يقول: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾ [النور: 54] فالهداية والخير في التمسك بالكتاب والسنة والسفه لمن عارضه ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾ [البقرة: 130].

ومن الأمور التي يجب المحافظة عليها هي العلوم الشرعية وأعظمها علم العقائد ومعرفة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وما يناقض ذلك هذه الكلمة العظيمة، والولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين والجهاد في سبيل الله وعلم العبادات كالصلاة والزكاة والحج والمعاملات كمعرفة الربا والبيوع الجائزة والمحرمة وعلم الأخلاق والفضائل.

ومن الأمور التي نعتز بها ونفتخر بها في تعليمنا -ولله الحمد وإن أغاض الأعداء في الداخل والخارج ولا ندعي الكمال- الفصلُ التام بين البنين والبنات وحتى في الصفوف الأولية؛ تطبيقاً لأحكام الشريعة ووفاء بالعهد الذي حصل بين ولاة الأمر والعلماء.

ويأتينا بعض الضعفاء الذين -نسأل الله أن يهدينا وإياهم للطريق المستقيم- يقولون: إنه لا دليل على حرمة الجمع بين الجنسين سواءً بالتعليم أو غيره، فنقول له يا عبد الله: انتبه لا يستغلك أعداء الله ولا تنطلي عليك أراجيفهم، أليس قال الله في كتابه: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الأحزاب53]. والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

أليس قال المصطفى عليه الصلاة والسلام عند البخاري: " إياكم والدخول على النساء " محذراً أمته -عليه الصلاة والسلام-.

أليس قال -عليه الصلاة والسلام-: " خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ". لأنه بزمانهم كانت النساء تلو الرجال فشر صفوف الرجال أقربها للنساء، وشر صفوف النساء أقربها للرجال.

أوليس الله جبل الرجل والمرأة على ميل أحدهما للأخر. وقال -عليه الصلاة والسلام-: " ما تركت فتنة بعدي أضرَ من النساء على الرجال ".

فالله تعالى إذا حّرم شيئاً حّرم الوسائل المفضية إليه؛ فإنه إذا حرم الزنا والفواحش حرم الوسائل المفضية إليه؛ كالاختلاط والنظرة والخلوة وغيرها من الطرق المفضية إلى الحرام.

ومحال على العزيز الحكيم العليم -سبحانه- بما يُصلح الخلق -جل في علاه- أن يحرم شيئاً ويجعل الوسائل المفضية إليه جائزة ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين.

ولكن أقول -أيها المؤمنون-: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الزمر: 67]. الذي ينعم عليهم بالليل والنهار، الذي جعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون. (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سـبأ: 13]. إن مقتضى شكر الله تعالى على هذه النعم العظيمة والآلاء الجسيمة أن نطيعه ونعبده وألا نتعدى حدوده ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].

ومن الأشياء أيضاً التي يطالب بها المنهزمون إقرار التربية البدنية في مدارس البنات -سبحانك ربي هذا بهتان عظيم- ويبررون ذلك أن نسبة السمنة في أوساط الطالبات مرتفعة جداً. ونقول لهم: هناك حصة للرياضة مقررة للطلاب فهل نقصت نسبة السمنة.. بالطبع لا.

على حد زعمكم كم ستمارس البنت للرياضة؟ مقدار الحصة: أربعون دقيقة. عشرة منها تغير للملابس ويبقى ثلاثون دقيقة. عشرة دقائق منها للاستعداد للحصة التي تليها، يتبقى من ذلك عشرون دقيقة، هل عشرون دقيقة كافية لمعالجة البدانة لدى الطالبات في الأسبوع؟

ومن المخاطر -أيضا-ً خلع الفتاة ملابسها في المدرسة، يقول عليه الصلاة والسلام: " ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله " رواه أبوداود.

وكم سيحصل من الإعجاب والشذوذ وتكليف الأولياء بشراء تلك الملابس .. ولا يخفى ما يحصل بين الفتيات من الإعجاب وتتبع الموضات. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

اسمع يا عبد الله: يقول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: " صنفان من أهل النار لم أرهما.. وذكر منها: نساءً كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ".

ولدينا -ولله الحمد- ما نحتكم به؛ فإن من القواعد الفقهية التي أجمع عليها أهل العلم: أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة؛ فلو سلمنا تلك المزاعم أو غيرها، وبناء على القاعدة المتقدمة: فإنها لا عبرة بتلك المصالح إذا ترتب عليها مفاسد.

عباد الله: إن المؤمن كيس فطن، وكما قال الفاروق رضي الله عنه: "لست بالخِب ولا الخب َ يخدعُني".

إن هدف الأعداء من إقرار رياضة البنات في المدارس هو خلع جلباب الحياء لدى نساء المسلمين؛ لتسقط كما سقطت فتياتهم، ولتكون ممتهنة وألعوبة في أيديهم. ولتنشئ المرأة مركزاً رياضياً وفرقاً رياضية سيتبعها منافسات ومشاركات داخلية وخارجية.

فلنحذر -عباد الله- من تلك الدعوات.. ونُحذّر منها ونناصح من طالب بها.. ونأمره بالمعروف وننهاه عن المنكر. فالمصطفى -عليه الصلاة والسلام- يقول: " الدين النصيحة " فمدار الدين على النصيحة، ونتواصى بالحق مع من ولاهم الله أمرنا بالحكمة، وندعو لهم بالتوفيق والسداد لما فيه خير الإسلام والمسلمين، وأن يكفينا وإياهم كيد الكائدين وتخطيط المنافقين.

اللهم ردنا إليك رداً جميلا… اللهم هيئ لنا من أمرنا رشداً.. اللهم اجعل ولايتنا وولاية المسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين… أقول ما سمعتم واستغفر الله……..

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول رب العالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فيا عباد الله: تقدمَ الكلامُ عن فضل العلم وأهله ونختم سريعاً بما تردد مؤخراً بوسائل إعلامنا -وللأسف إعلام بلاد الحرمين- من النيل من أهل العلم والوقيعة فيهم وتأليب الناس ضدهم، وليس ذلك وليدُ الساعة، وليعلم الجميع أن من عقيدة أهل السنة والجماعة كما قال الإمام عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: " أن أهل السنة والجماعة يدينون الله تعالى باحترام العلماء الهداة ".

وقال ابن عساكر -رحمه الله-: " إن لحوم العلماء مسمومة. وقال: أن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب ".

وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي عند البخاري: " قال الله تعالى: من آذى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ".

وقال ابن عباس -رضي الله عنه-: " من آذى فقيهاً فقد آذى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن آذى رسول الله فقد آذى الله ".

والكلام فيهم أشد من غيرهم ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ [الأحزاب:58].

ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: " كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ". والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة.

والمنافقون إنما يتكلمون على العلماء، لا يريدون العلماء بأشخاصهم إنما يريدون بذلك التقليل من شأنهم ومكانتهم عند الناس وليزهدوا الناس فيهم وفيما عندهم.

ولقد أدرك العلمانيون والمنافقون -أخزاهم الله- أنه لا يمكن أن تقوم لهم قائمة والعلماء لهم هيئة وشأن. ولكي يمررون خطط الأعداء يبدءون بتحطيم صورة العلماء.

وللمنافقين عهدٌ عند إخوانهم المشركون الأُول؛ فمنذ بداية الإسلام… لم يركز المشركون على الإسلام إنما على رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وأخذوا يتهمون عرضه الطاهر -عليه الصلاة والسلام ويقولون: " أنه كذاب وساحر وكاهن ". لأنهم يعلمون علم اليقين أنهم إذا استطاعوا أن يشوهوا صورة رسول الله عليه الصلاة والسلام في أذهان الناس فلن يُقبل ما يقوله من الحق ولكنهم بائوا بالخسران والحمد لله تعالى.

ونختم بهذه القصة القصيرة: وفي القرن الخامس الهجري وفي زمان العز بن عبد السلام -رحمه الله- وهو من العلماء الأفذاذ في زمانه، وكان يلقب بسلطان العلماء وكان الوالي في ذاك الزمان الملك السلطان الصالح أيوب، وكان ملكاً ووالياً لدِمِشق وللشام عموماً. وبسبب خلاف هذا الوالي مع أبناء عمه تنازل للنصارى عن بعض الحصون.

فذهب الصالح أيوب لمقابلة النصارى وخاف من سلطان العلماء العز بن عبد السلام أن يخرج عليه، فما كان من الوالي إلا أن يأخذ العز بن عبد السلام معه وسجنه في خيمة، وجلس الملك مع النصارى، وبينما هم كذلك إذ بدأ العز بن عبد السلام بقراءة القرآن، فسمعه الملك فقال للنصارى -وهو مسرور-: أتسمعون الذي يقرأ؟ قال النصارى: نعم، فقال الملك للنصارى: أتعرفون من هو؟ قالوا: لا نعرفه.

قال: هذا أكبر قساوستنا وسجنته. فقال للنصارى: أتدرون لماذا سجنته؟ قالوا: لا، قال: لأنه أفتى بعدم جواز بيع السلاح إليكم فسجنته من أجلكم.

أتدرون بما رد عليه النصارى؟! قال النصارى: والله لو كان هذا قسيساً لنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقها. هذا الرجل الذي يقف هذا الموقف الشجاع أمام أعدائه والله يستحقُ من يغسل رجليه ويشرب المرق. فخجل السلطان وأطرق رأسه وأمر بإطلاق العز بن عبد السلام.

إن علماء أي دين من الديانات المنسوخة منها والمنحرفة يقدرون علماءهم ويحترمونهم؛ فكيف بعلماء الدين وعلماء الشريعة، علماء قال الله وقال رسوله فهم الأولى بذلك.

فلنحذر -أيها المؤمنون- من كلام المنافقين ودعواتهم ولنجاهدهم ونغيظهم ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ [التوبة:73] ولنفضح خططهم ومشاريعهم و نشهر بهم؛ ليكون الناس على بينة من أمرهم ولنضمن النصر والتمكين لأمة محمد عليه الصلاة والسلام ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 40].

اللهم من أراد ديننا و علمائنا بسوء فأشغله بنفسه…