البحث

عبارات مقترحة:

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

خَفارَةٌ


من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

الخِفارَةُ: الحِمايَةُ والحِفْظُ، يُقال: خَفَرْتُ الرَّجُلَ: حَمَيْتُهُ وحَفِظْتُهُ وأمَّنْتُهُ مِن العَدُوِّ، وخَفَرْتُهُ: إذا كُنْتُ لَهُ خَفِيراً، أيْ: حامِياً وكَفِيلاً. ومِن مَعانِيها أيضاً: المَنْعُ، والحِراسَةُ. وتأْتي بِمعنى الذِّمَّةِ والعَهْدِ والأَمانِ، ومِنْهُ الإِخْفارُ: وهو الغَدْرُ ونَقْضُ العَهْدِ وفَسْخُهُ، يُقال: أَخْفَرْتُ الرَّجُلَ: إذا نَقَضْتَ عَهْدَهُ.

إطلاقات المصطلح

يَرِد مُصْطلَح (خِفارَة) في الفِقْهِ في كِتابِ البُيوعِ، باب: الضَّمان، وباب: الإِجارَة. ويُطلَق في كِتابِ الجِهادِ، ويُراد به: الحِراسَةِ والرِّباطِ في الثُّغُورِ. ويُطْلَق بِمعنى: "عَقْد الذِّمَّةِ والأمانِ" في كتاب الجهادِ، باب: أَحْكام عَقْدِ الذِّمَّةِ.

جذر الكلمة

خفر

المراجع

* العين : (4/254)
* تهذيب اللغة : (7/153)
* المحكم والمحيط الأعظم : (5/171)
* النهاية في غريب الحديث والأثر : (2/52)
* مختار الصحاح : (ص 93)
* لسان العرب : (4/253)
* تحرير ألفاظ التنبيه : (ص 136)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (7/52)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 188)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (3/294)
* حاشية الروض المربع : (3/517)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 198)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/41) -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ
1 - الْخِفَارَةُ فِي اللُّغَةِ مِنْ خَفَرَ الرَّجُل وَخَفَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَخْفِرُ خَفْرًا: أَجَارَهُ وَمَنَعَهُ وَأَمَّنَهُ، وَكَانَ لَهُ خَفِيرًا يَمْنَعُهُ، وَخَفَرْتُ الرَّجُل: أَجَرْتَهُ وَحَفِظْتَهُ، وَخَفَرْتُهُ: إِذَا كُنْتَ لَهُ خَفِيرًا، أَيْ حَامِيًا وَكَفِيلاً، وَالاِسْمُ الْخَفَارَةُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْخَفَارَةُ: الذِّمَّةُ وَالْعَهْدُ، وَالأَْمَانُ، وَالْحِرَاسَةُ، وَالإِْخْفَارُ: انْتِهَاكُ الذِّمَّةِ، يُقَال: أَخْفَرْتُ الرَّجُل إِذَا نَقَضْتَ عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلإِْزَالَةِ، أَيْ أَزَلْتُ خَفَارَتَهُ كَأَشْكَيْتُهُ إِذَا أَزَلْتَ شِكَايَتَهُ. وَالْخَفَارَةُ وَالْخُفَارَةُ وَالْخِفَارَةُ أَيْضًا: جُعْل الْخَفِيرِ. وَالْخَفِيرُ: الْحَارِسُ، وَالْخِفَارَةُ حِرْفَةُ الْخَفِيرِ.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ أَيْضًا لَفْظَ الْبَذْرَقَةِ - بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّال الْمُعْجَمَةِ - قِيل مُعَرَّبَةٌ: وَقِيل مُوَلَّدَةٌ: وَمَعْنَاهَا الْخَفَارَةُ، أَيْ جُعْل الْخَفِيرِ، وَقَال النَّوَوِيُّ: هِيَ الْخَفِيرُ الَّذِي يَحْفَظُ الْحُجَّاجَ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: هِيَ الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَتَقَدَّمُ الْقَافِلَةَ لِلْحِرَاسَةِ (2) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الْحِفْظِ وَالْحِرَاسَةِ، قَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً كَحِرَاسَةِ طَائِفَةٍ مِنَ الْجَيْشِ لِلأُْخْرَى الَّتِي تُصَلِّي صَلاَةَ الْخَوْفِ إِذَا أُقِيمَتْ هَذِهِ الصَّلاَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (3) .
وَقَدْ تَكُونُ مُسْتَحَبَّةً، كَالْحِرَاسَةِ وَالْمُرَابَطَةِ فِي الثُّغُورِ.
وَقَدْ تَكُونُ جَائِزَةً، كَمَنْ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ لِلْحِرَاسَةِ فِي عَمَلٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ (4) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (حِرَاسَةٌ، إِجَارَةٌ، جِهَادٌ، صَلاَةُ الْخَوْفِ) .
أَمَّا الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الأَْمَانِ وَالذِّمَّةِ فَالأَْصْل أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الأَْمَانِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَيَجِبُ إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِمَنْ طَلَبَهُ مِمَّنْ يُرِيدُ التَّعَرُّفَ عَلَى شَرَائِعِ الإِْسْلاَمِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا، وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِذَلِكَ إِلَى النَّاسِ (5) ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (6) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَمَانٌ، جِهَادٌ) .

أَوَّلاً: الْخَفَارَةُ (بِمَعْنَى الْجُعْل، أَوِ الْحِرَاسَةِ)
يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ الْخَفَارَةَ بِمَعْنَى الْجُعْل، أَوِ الْحِرَاسَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَمِنْهَا:

أ - فِي الْحَجِّ:
3 - يُقَرِّرُ الْفُقَهَاءُ أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ مِنْ أَنْوَاعِ الاِسْتِطَاعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ شُرُوطِ الْحَجِّ.
فَإِذَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ عَدُوٌّ، أَوْ لِصٌّ، أَوْ مَكَّاسٌ، أَوْ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَطْلُبُ الأَْمْوَال مِنَ الْحُجَّاجِ، أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ آمِنٍ وَاحْتَاجَ الْحُجَّاجُ إِلَى خَفِيرٍ يَحْرُسُهُمْ بِالأَْجْرِ، فَهَل يُعْتَبَرُ ذَلِكَ عُذْرًا يَسْقُطُ بِهِ الْحَجُّ أَمْ لاَ؟
أَمَّا الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْخِفَارَةِ الَّتِي يَطْلُبُهَا اللُّصُوصُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَهُوَ أَنَّهُ لاَ تُعْتَبَرُ عُذْرًا يَسْقُطُ بِهِ الْحَجُّ، وَذَلِكَ عَلَى الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَوْل ابْنِ حَامِدٍ وَالْمُوَفَّقِ وَالْمَجْدِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يُدْفَعُ يَسِيرًا لاَ يُجْحِفُ، وَبِأَنْ يَأْمَنَ بَاذِل الْخَفَارَةِ الْغَدْرَ مِنَ الْمَبْذُول لَهُ بِأَنْ يَعْلَمَ بِحُكْمِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لاَ يَعُودُ إِلَى الأَْخْذِ ثَانِيًا؛ لأَِنَّ مَا لاَ يُجْحِفُ مَعَ الأَْمْنِ بِعَدَمِ الأَْخْذِ ثَانِيًا يُعْتَبَرُ غَرَامَةٌ يَقِفُ إِمْكَانُ الْحَجِّ عَلَى بَذْلِهَا، فَلَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَ الْحَجِّ مَعَ إِمْكَانِ بَذْلِهَا كَثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَفِ الْبَهَائِمِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجِبُ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ مَا يُدْفَعُ يَسِيرًا لأَِنَّهُ رِشْوَةٌ فَلاَ يَلْزَمُ بَذْلُهَا فِي الْعِبَادَةِ كَالْكَثِيرِ الَّذِي يُدْفَعُ، وَلأَِنَّ فِي الدَّفْعِ تَحْرِيضًا عَلَى الطَّلَبِ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ لاِسْتِئْجَارِ خَفِيرٍ لِلْحِرَاسَةِ بِالأَْجْرِ فَعَلَى الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَسْقُطُ الْحَجُّ بِذَلِكَ، لَكِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الأُْجْرَةُ لاَ تُجْحِفُ بِالْمَال، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْل لَزِمَهُمْ إِخْرَاجُهَا، لأَِنَّهَا مِنْ أُهْبَةِ النُّسُكِ فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ.
وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُقَابِلالأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَجِبُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَحْرُسُ؛ لأَِنَّ سَبَبَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ خَوْفُ الطَّرِيقِ وَخُرُوجُهَا عَنِ الاِعْتِدَال، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ شَرْطٌ؛ وَلأَِنَّ لُزُومَ أُجْرَةِ الْخِفَارَةِ خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْل وَأُجْرَتِهِ فِي الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَهُوَ قَوْل جَمَاهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ والْخُراسَانِيِّنَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ (7) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (حَجٌّ) .

ب - تَضْمِينُ الْخُفَرَاءِ:
4 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَدَمَ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ (الْحُرَّاسِ) ؛ لأَِنَّ الْخَفِيرَ أَمِينٌ إِلاَّ أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ (8) .
قَال الدَّرْدِيرُ: حَارِسُ الدَّارِ أَوِ الْبُسْتَانِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الثِّيَابِ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ إِلاَّ أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ، وَلاَ عِبْرَةَ بِمَا شُرِطَ أَوْ كُتِبَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالأَْسْوَاقِ مِنَ الضَّمَانِ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ أَصْل الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ وَالْحُرَّاسِ وَالرُّعَاةِ، وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَضْمِينَهُمْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (9) .
وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي: (إِجَارَةٌ، حِرَاسَةٌ، ضَمَانٌ) .

ثَانِيًا - الْخَفَارَةُ (بِمَعْنَى الذِّمَّةِ وَالأَْمَانِ وَالْعَهْدِ) :
5 - أ - الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الذِّمَّةِ وَالْعَهْدِ وَالأَْمَانِ قَدْ تَكُونُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَكُونُ فِي خَفَارَةِ اللَّهِ، أَيْ أَمَانِهِ وَذِمَّتِهِ مَا دَامَ مُطِيعًا فَإِذَا عَصَى اللَّهَ فَقَدْ غَدَرَ. يَرْوِي الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَاسْتَقْبَل قِبْلَتَنَا وَأَكَل ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلاَ تَخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ (10) ، وَالْمَعْنَى: لاَ تَغْدِرُوا فَمَنْ غَدَرَ تَرَكَ اللَّهُ حِمَايَتَهُ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ أَخَذَ بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَتْل تَارِكِ الصَّلاَةِ (11) .
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ (12) . قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: الْمُرَادُ نَهْيُهُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ لِمَا يُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ، وَالْمَعْنَى: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلاَ تَتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْءٍ فَإِنْ تَعَرَّضْتُمْ فَاللَّهُ يُدْرِكُكُمْ، وَقِيل: الْمَعْنَى لاَ تَتْرُكُوا صَلاَةَ الصُّبْحِ فَيُنْتَقَضُ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ ﷿ وَيَطْلُبُكُمْ بِهِ وَخُصَّ الصُّبْحُ بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ (13) .
6 - ب - الْخَفَارَةُ بِمَعْنَى الأَْمَانِ وَالْعَهْدِ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (14) .
وَقَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (15) .
قَال الْفُقَهَاءُ: إِذَا أُعْطِيَ الأَْمَانُ لأَِهْل الْحَرْبِ حَرُمَ قَتْلُهُمْ، وَأَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَالتَّعَرُّضُ لَهُمْ؛ لأَِنَّ إِخْفَارَ الْعَهْدِ حَرَامٌ. وَمَنْ طَلَبَ الأَْمَانَ لِيَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ، وَيَعْرِفَ شَرَائِعَ الإِْسْلاَمِ وَجَبَ أَنْ يُعْطَاهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى مَأْمَنِهِ (1) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي: (أَمَانٌ، جِهَادٌ) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير والنهاية لابن الأثير والمعجم الوسيط، والدسوقي 4 / 26، والحطاب 2 / 496، ونهاية المحتاج 8 / 75، وكشاف القناع 2 / 391، والمغني 8 / 397.
(2) المصباح المنير، والحطاب 2 / 496.
(3) سورة النساء / 102.
(4) البدائع 1 / 244، والمغني 2 / 401، 8 / 357، والدسوقي 4 / 26، وابن عابدين 5 / 44.
(5) المغني 8 / 396 - 399.
(6) سورة التوبة / 6.
(7) ابن عابدين 2 / 145، وحاشية الطحطاوي على الدر 1 / 484، وجواهر الإكليل 1 / 162، ومنح الجليل 1 / 437 والحطاب 2 / 496، وأسنى المطالب 1 / 448، والمجموع 7 / 56، تحقيق المطيعي والمهذب 1 / 203 والمغني 3 / 219 وكشاف القناع 2 / 392 - 393 ومنتهى الإرادات 2 / 3.
(8) ابن عابدين 5 / 44 والدسوقي 4 / 26 ونهاية المحتاج 5 / 308 وشرح منتهى الإرادات 2 / 377.
(9) الدسوقي 4 / 26 ومغني المحتاج 2 / 352.
(10) حديث: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا. . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 496 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك.
(11) فتح الباري 1 / 496.
(12) حديث: " من صلى الصبح فهو في ذمة الله. . " أخرجه مسلم (1 / 454 - ط الحلبي) من حديث جندب بن عبد الله.
(13) صحيح مسلم بشرح الأبي 2 / 325.
(14) حديث: " ذمة المسلمين واحدة. . " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 275 - ط السلفية) من حديث علي بن أبي طالب.
(15) سورة التوبة / 6.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 215/ 19