الظاهر
هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...
التوَّقي، والتستر بشيء يحمي من الخطر . وهو مأخوذ من التُّرْس الذي يَتوَقَّى به المحارب ضربات السيف من عدوه . ومثاله قولهم : تتَرُّسُ العدو بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وبالمدنيين من أفراده .
التوَّقي، والتستر بشيء يحمي من الخطر.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّتَرُّسُ فِي اللُّغَةِ: التَّسَتُّرُ بِالتُّرْسِ، وَالاِحْتِمَاءُ بِهِ وَالتَّوَقِّي بِهِ. (1) وَكَذَلِكَ التَّتْرِيسُ، يُقَال: تَتَرَّسَ بِالتُّرْسِ، أَيْ تَوَقَّى وَتَسَتَّرَ بِهِ. (2)
كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ (3) وَيُقَال أَيْضًا: تَتَرَّسَ بِالشَّيْءِ جَعَلَهُ كَالتُّرْسِ وَتَسَتَّرَ بِهِ، وَمِنْهُ: تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِأَسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ أَثْنَاءَ الْحَرْبِ. (4)
وَلاَ يَخْرُجُ الاِسْتِعْمَال الْفِقْهِيُّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّحَصُّنُ:
2 - مِنْ مَعَانِي التَّحَصُّنِ: الاِحْتِمَاءُ بِالْحِصْنِ، يُقَال: تَحَصَّنَ الْعَدُوُّ: إِذَا دَخَل الْحِصْنَ وَاحْتَمَى بِهِ، (5) فَالتَّحَصُّنُ نَوْعٌ مِنَ التَّسَتُّرِ وَالتَّوَقِّي أَثْنَاءَ الْحَرْبِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ رَمْيُ الْكُفَّارِ إِذَا تَتَرَّسُوا بِالْمُسْلِمِينَ وَأَسَارَاهُمْ أَثْنَاءَ الْقِتَال أَوْ حِصَارِهِمْ مِنْ قِبَل الْمُسْلِمِينَ، إِذَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى ذَلِكَ، بِأَنْ كَانَ فِي الْكَفِّ عَنْ قِتَالِهِمُ انْهِزَامٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْخَوْفُ عَلَى اسْتِئْصَال قَاعِدَةِ الإِْسْلاَمِ. وَيُقْصَدُ بِالرَّمْيِ الْكُفَّارُ.
وَلَكِنْ إِذَا لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إِلَى رَمْيِهِمْ لِكَوْنِ الْحَرْبِ غَيْرَ قَائِمَةٍ، أَوْ لإِِمْكَانِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِدُونِهِ، فَلاَ يَجُوزُ رَمْيُهُمْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - مَا عَدَا الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ - لأَِنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ بِالدَّفْعِ عَنْ مُجْتَمَعِ الإِْسْلاَمِ، إِلاَّ أَنَّهُ عَلَى الرَّامِي أَلاَّ يَقْصِدَ بِالرَّمْيِ إِلاَّ الْكُفَّارَ. (6)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ، وَلاَ يَقْصِدُونَ الْمُتَتَرَّسَ بِهِمْ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي عَدَمِ رَمْيِ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ خَوْفٌ عَلَى أَكْثَرِ الْجَيْشِ الْمُقَاتِلِينَ لِلْكُفَّارِ، فَتَسْقُطُ حُرْمَةُ التُّرْسِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَتَرَّسِ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ أَمْ أَقَل، وَكَذَلِكَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِالصَّفِّ، وَكَانَ فِي تَرْكِ قِتَالِهِمُ انْهِزَامٌ لِلْمُسْلِمِينَ. (7)
وَعَلَى هَذَا فَإِنْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نَتِيجَةَ الرَّمْيِ وَقُتِل، وَعُلِمَ الْقَاتِل، فَلاَ دِيَةَ وَلاَ كَفَّارَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ، وَالْغَرَامَاتُ لاَ تُقْرَنُ بِالْفَرَائِضِ، خِلاَفًا لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ يَقُول بِوُجُوبِ الدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ فِيهِ الْكَفَّارَةَ قَوْلاً وَاحِدًا. أَمَّا الدِّيَةُ فَفِيهَا عَنْهُمْ قَوْلاَنِ: فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ عَلِمَهُ الرَّامِي مُسْلِمًا، وَكَانَ يُمْكِنُ تَوَقِّيهِ وَالرَّمْيُ إِلَى غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ رَمْيُ الْكُفَّارِ إِلاَّ بِرَمْيِ الْمُسْلِمِ فَلاَ. (8)
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِوَايَةٍ لأَِنَّهُ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: لاَ دِيَةَ لأَِنَّهُ قُتِل فِي دَارِ الْحَرْبِ بِرَمْيٍ مُبَاحٍ. (9)
4 - وَإِنْ تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَيَقْصِدُ بِالرَّمْيِ الْمُقَاتِلِينَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَمَعَهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. (10) وَلاَ فَرْقَ فِي جَوَازِ الرَّمْيِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الْحَرْبُ مُلْتَحِمَةً وَمَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُلْتَحِمَةٍ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ يَتَحَيَّنُ بِالرَّمْيِ حَال الْتِحَامِ الْحَرْبِ. (11)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ رَمْيُهُمْ، إِلاَّ إِذَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ وَيُتْرَكُونَ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَيَكُونُ تَرْكُ الْقِتَال عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَاجِبًا فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا جَاءَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ: جَوَازُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (12)
وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ التَّتَرُّسِ فِي بَابِ الْجِهَادِ: عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْقِتَال، وَبَيَانِ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ فِي الْغَزْوِ.
__________
(1) الترس: صفحة من الفولاذ مستديرة تحمل في اليد للوقاية من السيف ونحوه (لسان العرب، وتاج العروس، والمصباح المنير مادة: " ترس ") .
(2) لسان العرب، وتاج العروس.
(3) حديث: " كان أبو طلحة يتترس مع النبي صلى الله عليه سلم. . . " أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري 6 / 93 - ط السلفية) .
(4) المصباح المنير.
(5) لسان العرب، وتاج العروس، ومعجم متن اللغة: مادة: " حصن ".
(6) فتح القدير 5 / 198 ط إحياء التراث العربي، وابن عابدين 3 / 333 ط إحياء التراث العربي، والحطاب 3 / 351 ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي 2 / 178 ط دار الفكر، ونهاية المحتاج 8 / 65، والأم 4 / 287 ط دار المعرفة، والمغني 8 / 449 - 450 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(7) الحطاب 3 / 351 ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي 2 / 178 ط دار الفكر.
(8) فتح القدير 5 / 198، والمبسوط 10 / 31 - 65، وشرح الروض 4 / 191، وروضة الطالبين 10 / 246، وقد جعل صاحب نهاية المحتاج القيدين الواردين في الدية واردين في الكفارة أيضا، ونهاية المحتاج 8 / 43، والمغني 8 / 449 - 450.
(9) المغني 8 / 450.
(10) حديث: " رمي النبي ﷺ بالمنجنيق. . . " أخرجه أبو داود في المراسيل بهذا المعنى، وإسناده ضعيف. انظر التلخيص الحبير لابن حجر (4 / 104) .
(11) فتح القدير 5 / 198، والمبسوط 10 / 65، وبدائع الصنائع 7 / 98، 99، والمغني 8 / 449 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(12) الحطاب 3 / 351، وحاشية الدسوقي 2 / 178، ونهاية المحتاج 8 / 65.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 136/ 10
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".