الصمد
كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...
سلوك الصراط المستقيم، والأخذ بالدليل الشرعي، والتمسك بسنة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الصحيحة في خضوع، وتذلل . والتسليم لما ورد دون اعتراض، وتردد . قال تعالى : ﱫﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌﱪالأنعام :153، وأمر الله -تعالى - بذلك في قوله تعالى :ﱫﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨﱪ الحشر :7، وقوله تعالى : ﱫﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮﱪ الأنفال :24
الاتِّباعُ: التُلُوُّ لِلْغَيْرِ، يُقال: اتَّبَعْتُ القَوْمَ، وتَبِعْتُهُم، تَبَعاً وتِباعاً، أيْ: تَلَوْتُهُم. ويأْتي بِمعنى الاقْتِداءِ. والاتِّباعُ والمُتابَعَةُ أيضاً: الإحْكامُ والإِتْقانُ، وتابَعَ عَمَلَهُ: إذا أَتْقَنَهُ وأَحْكَمَهُ. وأَصْلُ الاتِّباعِ: اقْتِفاءُ أَثَرِ الماشِي والمَشْيُ خَلْفَهُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في العَمَلِ بِعَمَلِ الغَيْرِ. ويُطْلَقُ الاتِّباعُ والإِتْباعُ على اللَّحاقِ بِالشَّيْءِ، فيُقال: اتَّبَعْتُ القَوْمَ: إذا كانوا قد سَبَقُوكَ فَلَحِقْتَهُم. ومِن مَعانِيه أيضاً: الائْتِمارُ والامْتِثالُ.
يَرِد مُصْطلَح (اتِّباع) في عِدَّة مَواضِعَ مِن الأَخْلاقِ والعَقِيدَةِ، منها: باب تَوْحِيد الأُلُوهِيَّةِ، وباب: تَوْحِيد الأَسْماء والصِّفاتِ، وباب: الإيمان بالرُّسُّل، وباب: الفِرَق والأَدْيان، وغَيْر ذلك. ويُطلَق في علم أصول الفقه، ويُراد به: الأَخْذُ بِقَوْلِ القائِلِ بِدَلِيلِهِ، أو الرُّجُوعُ إلى قَوْلٍ ثَبَتَتْ عليه حُجَّةٌ، وهو دَرَجَةٌ أَقَلّ مِن الاجْتِهادِ، وهو في الفِعْل: الإِتْيانُ بِالمِثْل صُورَةً وصِفَةً، وفي القَوْل: الاِمْتِثالُ على الوَجْهِ الذي اقْتَضاهُ القَوْل. ويُطْلَق مُضافاً إلى البِدَعِ أو الهَوَى أو الشَّيْطانِ ونحوِ ذلك ويكون مَعناهُ بِحَسَبِ ما أُضِيفَ إليه، فاتِّباعُ الهَوَى مَعْناهُ: فِعْلُ ما تَهْواهُ النَّفْسُ. ويُسْتَعْمَلُ بِمعنىً أَعَمٍّ وهو: الأَخْذُ بِالحَقِّ، سَواءً كان عن اللهِ تعالى أو عن رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ مِن أَوامِرَ ونَواهِي وعَقائِدَ، والعَمَلُ بِما جاء عن الصَّحابَةِ رضِيَ اللهُ عنْهُم ومَن جاءَ بَعْدَهُم مِن أَهْلِ العِلْمِ، والأَخْذُ بفَهْمِهِمْ وفِقْهِهِم لِلنُّصوصِ. ويُطلَق في الفقه في كتاب الصَّلاة، باب: الإمامَة، وباب: صَلاة الجماعَة، ويُراد به: اقْتِداءُ المَأمُومِ بِالإمامِ في الصَّلاةِ.
تبع
سلوك الصراط المستقيم، والأخذ بالدليل الشرعي، والتمسك بسنة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- التي صحت عنه، في خضوع وتسليم، دون اعتراض أو تردد.
* العين : (2/78)
* تهذيب اللغة : (2/167)
* المحكم والمحيط الأعظم : (2/56)
* لسان العرب : (8/27)
* تاج العروس : (20/372)
* جامع العلوم والحكم : (2/79)
* الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة : (2/119)
* جامع العلوم والحكم : (2/292)
* مجموع فتاوى ابن تيمية : (10/585)
* أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : (7/351)
* محبة الرسول بين الإتباع والابتداع : (1/67)
* تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبدالغني المقدسي : (ص 367)
* إعلام الموقعين : (2/178)
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (ص 256) -
التَّعْرِيفُ:
1 - يَأْتِي الاِتِّبَاعُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى السَّيْرِ وَرَاءَ الْغَيْرِ وَبِمَعْنَى الاِئْتِمَامِ وَالاِئْتِمَارِ وَالْعَمَل بِكَلاَمِ الْغَيْرِ، وَبِمَعْنَى الْمُطَالَبَةِ (1) ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي. وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلٍ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ، كَمَا أَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا فِي بَعْضِ الأَْبْوَابِ، وَبَنَوْا عَلَيْهَا أَحْكَامًا (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - التَّقْلِيدُ هُوَ الْعَمَل بِقَوْل الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ.
وَالاِتِّبَاعُ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلٍ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ (3) ، وَهُوَ فِي الْفِعْل: الإِْتْيَانُ بِالْمِثْل صُورَةً وَصِفَةً، وَفِي الْقَوْل: الاِمْتِثَال عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْقَوْل (4) .
وَالاِقْتِدَاءُ هُوَ التَّأَسِّي، اقْتَدَى بِهِ: إِذَا فَعَل مِثْل فِعْلِهِ تَأَسِّيًا. وَالْقُدْوَةُ: الأَْصْل الَّذِي تَتَشَعَّبُ مِنْهُ الْفُرُوعُ (5) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلاِتِّبَاعِ، فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَذَلِكَ فِيمَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مَطْلُوبَةً عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ كَاتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ، وَاتِّبَاعِ النَّبِيِّ ﷺ فِي أُمُورِ الدِّينِ. وَلاَ خِلاَفَ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الأُْمَّةِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مُجْتَهِدُهُمْ وَمُقَلِّدُهُمْ (6) .
4 - أَمَّا أَفْعَال النَّبِيِّ ﷺ الْجِبِلِّيَّةُ، فَالاِتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي اتِّبَاعِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلأُْمَّةِ الإِْبَاحَةُ، وَأَنَّ مَا بَيَّنَهُ ﷺ يَأْخُذُ حُكْمَ الْمُبَيَّنِ. إِنْ وُجُوبًا فَوُجُوبٌ، وَإِنْ نَدْبًا فَنَدْبٌ. وَأَمَّا مَا جُهِل حُكْمُهُ مِنَ الأَْفْعَال فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَحُكْمُهُ النَّدْبُ، وَإِلاَّ فَحُكْمُ اتِّبَاعِ الأُْمَّةِ لَهُ فِيهِ مَذَاهِبُ: الْوُجُوبُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالنَّدْبُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالإِْبَاحَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ (7) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
5 - أَمَّا اتِّبَاعُ غَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ فَمِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْمُجْتَهَدَ فِيهِ هُوَ كُل حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ، فَلاَ يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ فِي وُجُوبِ الصَّلاَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْفَرَائِضِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، وَلاَ فِيمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الأُْمَّةُ مِنْ جَلِيَّاتِ الشَّرْعِ الثَّابِتَةِ بِالأَْدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ (8) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمُكَلَّفُ إِنْ كَانَ عَالِمًا قَدْ بَلَغَ رُتْبَةَ الاِجْتِهَادِ، وَاجْتَهَدَ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى حُكْمٍ مِنَ الأَْحْكَامِ، فَلاَ خِلاَفَ فِي امْتِنَاعِ اتِّبَاعِهِ لِغَيْرِهِ فِي خِلاَفِ مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ اجْتَهَدَ فِيهَا فَفِي جَوَازِ اتِّبَاعِهِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ خِلاَفٌ. أَمَّا الْعَامِّيُّ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الاِجْتِهَادِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُ الْمُجْتَهِدِينَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ (9) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
6 - كَذَلِكَ يَجِبُ اتِّبَاعُ أُولِي الأَْمْرِ وَهُمْ الأَْئِمَّةُ، وَلاَ خِلاَفَ فِي وُجُوبِ طَاعَتِهِمْ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ (10) . وَكَذَلِكَ يَجِبُ اتِّبَاعُ الْمَأْمُومِ لِلإِْمَامِ فِي الصَّلاَةِ بِاتِّفَاقٍ (11) .
7 - وَقَدْ يَكُونُ الاِتِّبَاعُ مَنْدُوبًا، وَذَلِكَ كَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، (12) وَقَدْ يَكُونُ الاِتِّبَاعُ مَحْرَمًا، وَذَلِكَ كَاتِّبَاعِ الْهَوَى.
أَمَّا الاِتِّبَاعُ بِمَعْنَى الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ، فَهَذَا حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي تَثْبُتُ لِلدَّائِنِ عَلَى الْمَدِينِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَلَهُ حَقُّ اتِّبَاعِهِ بِهِ، أَوِ اتِّبَاعُ الْكَفِيل إِنْ وُجِدَ (13)
وَالاِعْتِبَارُ هُنَا لِلدَّيْنِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِالْعَيْنِ فَتُتَّبَعُ بِهِ (14) .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
8 - لِلاِتِّبَاعِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مُفَصَّلَةٌ فِي مَوَاطِنِهَا، مِنْ ذَلِكَ مَبْحَثُ الاِجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ، وَمَبَاحِثُ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ، وَحَمْل الْمَيِّتِ فِي بَابِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَالإِْمَامَةِ فِي كُتُبِ الأَْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَجْرِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْكَفَالَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
__________
(1) لسان العرب، والمفردات في غريب القرآن، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي ص 374 نشر وزارة الأوقاف بالكويت.
(2) التقرير والتحبير 3 / 300 ط الأميرية، وحاشية ابن عابدين 1 / 368، 598 ط بولاق 1272 هـ، وتحرير النووي على التنبيه للشيرازي ص 74 ط مصطفى الحلبي.
(3) أعلام الموقعين 2 / 178 ط 2 التجارية.
(4) إرشاد الفحول ص 265 ط مصطفى الحلبي، والأحكام للآمدي 1 / 89 ط صبيح، والحطاب 1 / 30 دار الكتاب اللبناني.
(5) المصباح المنير، وتفسير القرطبي 18 / 56 ط دار الكتب.
(6) التقرير والتحبير 3 / 300، وفواتح الرحموت 2 / 214، 215 ط الأميرية، وأعلام الموقعين 1 / 47، 48 والمستصفى 1 / 129، 386 ط بولاق، وتفسير القرطبي 5 / 259، 16 / 163 ط دار الكنب المصرية.
(7) فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2 / 180، 181
(8) المستصفى 2 / 354، والتقرير والتحبير 2 / 312
(9) المستصفى 2 / 389، والأحكام للآمدي 3 / 167 - 170
(10) الأحكام السلطانية للماوردي ص 5 ط مصطفى الحلبي، وأعلام الموقعين 1 / 9،10، وابن عابدين 1 / 368، والقرطبي 5 / 260
(11) ابن عابدين 1 / 204، والمهذب 1 / 94 ط عيسى الحلبي، وبلغة السالك 1 / 161 وما بعدها ط مصطفى الحلبي.
(12) ابن عابدين 1 / 598، والمهذب 1 / 143 ط الحلبي.
(13) منح الجليل 2 / 145 و3 / 258، 259، 483 نشر مكتبة النجاح بليبيا، والتحرير على التنبيه للشيرازي ص 74 ط مصطفى الحلبي.
(14) نهاية المحتاج 4 / 296 ط مصطفى الحلبي، والمغني 4 / 456 ف 3405 ط المنار، ومجمع الأنهر 2 / 746 ط العثمانية.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 195/ 1