الجميل
كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...
العربية
المؤلف | عبدالله بن عمر السحيباني |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين |
لئن كان الإحسان إلى البهائم مكتوباً علينا، فإن الإحسان إلى غير البهائم أوجب، أحسنوا إلى أنفسكم، وأحسنوا في برّكم لوالديكم، ووصلكم لأرحامكم،.. تواصلوا ولو بالهاتف، وتصالحوا وأحسنوا الظن ببعضكم، وضحّوا بأهوائكم، قبل أن تضحوا بذبائحكم...
الخطبة الأولى:
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
الله أكبر عدد ما ذكر الله ذاكرٌ وكبّر، الله أكبر ما سطع فجر الإسلام وأسفر، والحمد لله على نعمه التي لا تعدّ ولا تُحصر، جعل يوم العيد فرحاً وبشراً وثواباً فهو في كل سَنة يتكرر، وأشهد أن لا إله إلا الله كل شيء عنده بأجل مقدَّر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أنصَحُ من دعا إلى الله وبشَّرَ وأنذر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم المحشر.
أما بعد: أيُّهَا الإخوة: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي الزاد ليوم المعاد، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
أيها المسلمون: هذا يوم النحر، يوم عظيم، وعيد مبارك، هو يوم الحج الأكبر، وهو أفضل الأيام وأعظمها عند الله -تعالى-، في الحديث الصحيح: "أَعظَمُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ يَومُ النَّحرِ ثُمَّ يَومُ القَرِّ"، هذا اليوم المبارك يتبعه ثلاثة أيام مباركات معدودات أمر الله بذكره فيها في قوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)[البقرة:203]، أيام عيد، وأيام ذكر، وأيام ذبح، وأيام فرح وأكل وشرب وتوسعة، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "أَيَّامُ التَّشرِيقِ أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ اللهِ"(رَوَاهُ مُسلِمٌ).
ولعظمة هذا الأيام شرع لنا ربُّنا فيه عبادات جليلة، وشعائر عظيمة، نتقرب إلى الله بها، ذكر وصلاة، ونسك وصدقات، وطواف وسعي ورمي للجمرات، لذلك جعل الله هذه الأيام أيام عيد، بها يفرح العباد برحمة الله وفضله، ويفوزون بعفوه ومغفرته، والعتق من ناره.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
أيها المضحُّون: روى مسلم في صحيحه عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ"، هذا حديثٌ من الأحاديثِ الجامعةِ لقواعدِ الإسلامِ، فالله -سبحانه- قد أوجب على عباده الإحسان في كل شيء، وإلى كل شيء، كما قال -سبحانه-: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)[النحل:90]، وقال: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[البقرة:195].
وهذا رسول الرحمة يخبرنا أن الله كتب الإحسان على كل شيء وإلى كل شيء، فيأمرنا أن نحسن للذبيحة بإراحتها، وعدم الزيادة في تعذيبها أو إيلامها، فيشرع أن يكون الذبح بسكين حادة، لا كالّة، ويشرع أن توارى السكين عن الذبيحة، فلا تُحَدّ بحضرتها، وأن لا يَذْبَحَ وَاحِدَةً بِحَضْرَةِ أُخْرَى، وَلَا يَجُرَّهَا إِلَى مَذْبَحِهَا، بل تُقَادُ إِلَى الذَّبْحِ قَوْدًا رَفِيقًا، وتساق سوقاً جميلاً، ولا تسلخ ولا يقطع منها شيء حتى تخرج روحها.
ويشترط لحلّ الذبيحة أن يكون الذابح مسلماً أو كتابياً، وأن يقول بسم الله وهذا واجب، فإن زاد والله أكبر فهو سُنّة، وأن يقطع الأوداج، والسُّنة أن تكون تجاه القبلة، فأحسنوا في الذبح، وارحموا الحيوان، فلا تؤذوه أو تعذبوه، فقد جاء في صحيح السنة أن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "وَالشَّاةَ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ".
فاحمدوا الله -أيها المضحُّون- على ما سخَّر لكم من بهيمة الأنعام، فكلوا منها، وأطعموا البائس الفقير، واطلبوا ما عند الله فَـ(لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[الحج:37].
واعلموا أن الله طيّب لا يقبل إلا طيباً، عظِّموا شعائر الله، وضحُّوا إيماناً واحتساباً، لله، لا رياء ولا سمعة ولا مباهاة، (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)[الأنعام:162].
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
تقبل الله منا ومنكم صالح العمل، ورزقنا وإياكم شكر النعمة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ.
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، وجامع الناس ليوم لاريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ندّ ولا مضادّ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل العباد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد، وسلم تسليماً كثيراً… أما بعد:
أيها المؤمنون، أيها المضحون: لئن كان الإحسان إلى البهائم مكتوباً علينا، فإن الإحسان إلى غير البهائم أوجب، أحسنوا إلى أنفسكم، فاقضوا حقّ الله الذي أوجبه عليكم، وأحسنوا إلى الخلق، أحسنوا في برّكم لوالديكم، ووصلكم لأرحامكم، ولا تجعلوا ما أنتم فيه من الوباء سبباً في القطيعة والجفاء، تواصلوا ولو بالهاتف، وتصالحوا وأحسنوا الظن ببعضكم، وضحّوا بأهوائكم، قبل أن تضحوا بذبائحكم، واعلموا أن علامة التدين وأمارة الصلاح في طهارة القلب، ونقاء السريرة، ومحبة الخير للناس، وإحسان الظن بعامة المسلمين وخاصتهم، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)[آل عمران:103].
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، وللهِ الحمد.
أيتها الأخوات المباركات: وصيتي لكن هي وصية الله، استعففن خير لكن، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، واغضضن أبصاركن، واحفظن فروجكن، واتقين الله.
اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، وللهِ الحمد.