البحث

عبارات مقترحة:

الحيي

كلمة (الحيي ّ) في اللغة صفة على وزن (فعيل) وهو من الاستحياء الذي...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

أكبر الكبائر: الإشراك بالله

العربية

المؤلف حسين بن حمزة حسين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التوحيد
عناصر الخطبة
  1. العبادة لا تصح إلا بالتوحيد .
  2. ماهية الشرك وخطورته .
  3. أقسام الشرك والتعريف بكل قسم .
  4. بعض أمثلة الشرك الأصغر .
  5. بعض مظاهر الشرك الأكبر .

اقتباس

الشرك أظلمُ الظلم، وأعظمُ الذنوب؛ لأنه صرفُ خالصِ حقّ الله -تعالى- لغير الله، ولأنه تسويةٌ للمخلوقِ الضعيفِ العاجز بالخالقِ العظيم القادر. والشرْك بالله -تعالى- أعظم الكبائِر والذنوب على الإطلاق. وهو أكبر جُرمٍ وأعظم افتراء، وهو...

الخطبة الأولى:

الحمد لله...

إخوة الإيمان: اعلموا -رحمكم الله- أن أوجب الواجبات وآكد الحقوق على العباد: عبادةُ الله -عزّ وجل-، ولا تصلحُ العبادة حتى يصحّ التوحيد، ولا يستقيمُ التوحيد إلا بمعرفة الشركِ والبراءة منه، قال الله -تعالى-: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)[الحـج: 30-31].

والشركُ هو صرف العبادة أو صرف شيء منها لغير الله، سواء كان ذلك في الأفعال أو في الأقوال أو في النيًات، وهو أن يجعل الإنسان لله نداً أو مثيلاً له في ربوبيته أو إلاهيته أو أسمائه وصفاته، قال تعالى: (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[البقرة: 22].

والشرك أظلمُ الظلم، وأعظمُ الذنوب؛ لأنه صرفُ خالصِ حقّ الله -تعالى- لغير الله، ولأنه تسويةٌ للمخلوقِ الضعيفِ العاجز بالخالقِ العظيم القادر: (اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)[البقرة: 255]، فكما أن اللهَ -تعالى- هو وحده الخالقُ الرازق المتصرف المدبّر لشؤون خلْقه وحده، فحقّه تعالى على خلْقه أن يعبَدوه وحده لا يشركون معه شيئاً، قال تعالى: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)[الزمر: 3].

والشرْك بالله -تعالى- أعظم الكبائِر والذنوب على الإطلاق: "قيل يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك"(متفق عليه).

وهو أكبر جُرمٍ وأعظم افتراء، وهو الذَّنْب الذي لا يَغفِره الله إلاَّ لمَن تاب منه وأناب قبلَ أن يموت، قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)[النساء: 48]، وقال تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)[المائدة: 72].

والشرك رجْسٌ، قال تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ)[الحـج: 30]، والمشركون نَجَس، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)[التوبة: 28]، وهم من أبْعَدِ الضٌلاّل، قال تعالى: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا)[النساء: 116]، وسيقول المشركون لآلهتهم نادمين متحسّرين يوم القيامة كما أخبر الله -تعالى- عنهم: (تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الشعراء: 97-98].

واعلموا -عباد الله-: أنّ الشِّرْك بالله -تعالى- نوعان: شرْكٌ أكْبر، وشركٌ أصغر. أما الشرك الأكبر وهو عِبادة غير الله، أو صَرْفُ شيءٍ مِن العبادة لغير الله، وهو الشركُ المخرجُ من دين الله، الموجب للخلود في النار، المُحْبط للطاعات كلّها، حُكْم صاحبه حُكم الكفار المرتدّين لا تنفعُ معه صلاةً ولا صياماً ولا صدقةً، ففي صحيح مسلم جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما الموجِبتان؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشركُ بالله شيئاً دخل النار"، وعليه تنصبّ الآيات السابقِ ذكرها.

أما النوع الثاني وهو: الشرْكٌ الأصغَر، وهو أن يعمل الإنسان العبادة ليراه الناس أو ليسمع مدْح الناس، وهو يسيرُ الرِّياء والسّمعة، قال صلى الله عليه وسلم: "خرجَ علَينا رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ونحنُ نتذاكرُ المسيحَ الدَّجَّالَ، فقالَ: "ألا أخبرُكُم بما هوَ أخوفُ علَيكم عندي منَ المسيحِ الدَّجَّالِ؟" فقُلنا: بلَى يا رسولَ اللَّهِ، فقالَ: "الشِّركُ الخفيُّ؛ إن يقومَ الرَّجلُ فيصلِّي صلاتَهُ لما يرَى من نظرِ رجلٍ".

وحكمه مُنقصٌ للتوحيد، محبط لذلك العمل، غير مخرج من الدين مع خطورته وقُبحه، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لأن أحلف بالله كاذباً أحبّ إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً"، فجعل رضي الله عنه الحلف بغير الله وهو شرك أصغر أقبح من الحلف بالله كاذباً، ومعلومٌ أن الحلف بالله كاذباً من الكبائر.

ومن أمثلة الشرك الأصغر الشائعة عند بعض الناس: الحلف بغير الله؛ كمن يحلف بالأمانة أو بالنبي أو بولي، وكقول الرجل: ما شاء الله وشئت، جاء رجل للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما شاء الله وشئت"، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "أجعلتني لله ندًا؟! قل ما شاء الله وحده"، ومن ذلك قول الرجل: "لولا الله وفلان"، والصواب أن يقول: لولا الله ثم فلان؛ لأن "ثمّ" تفيد الترتيب مع التراخي، فتجعل مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله -عز وجل-، فهو وحده جلّ جلاله الذي بيده جلب الخير وأسبابه ودفع الضر ومسبباته.

فاحذروا الشرك -عباد الله- كبيره وصغيره ووسائله وذرائعه.

بارك الله لي ولكم بما سمعنا، وجعلنا ممن يستمع القول فيتّبع أحسنه...

الخطبة الثانية:

الحمد لله...

ومن مظاهر الشرك الأكبر والواجبُ التنبيهِ عليها خوْفاً وحذراً من الجهل بها، والوقوع فيها: صرفُ العبادة أو شيء منها لغير الله كشرك عبَّاد القبور والأموات والغائبين، يدعون الأموات ويستغيثون بهم فيعتقدون بهم جلْب النّفع ودفْع الضرّ، فيُدعوهم ويستغيثون بهم، وينذرون لهم، ويذبحون أو يسجدون، ويركعون لهم، ويطوفون حول قبورهم، ويطلبون منهم المدد، وتفريج الكُربِ، وقضاء الحاجاتِ؛ كشرك الصوفية مع أوليائهم، والرافضة مع ملاليهم الأحياء والميتين، وكلّ ذلك كفرٌ أكبرُ مخرج من دين الله.

ومن الشرك الأكبر: رفض الحكم بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، والرضا بالقوانين الوضعية المستمدّة من المناهج الحديثة من قومية ورأسمالية واشتراكية وشيوعية، وغيرها، وكلّ ذلك كفر أكبر صارف عن دين الله، مخرجٌ من الملّة -نسأل الله السلامة-.

فاتقوا الله -عباد الله-، وابتعدوا عن كل ما يسيء لتوحيدكم وإيمانكم من شركٍ أكبر أو شرك أصغر.

أسأل الله أن يثبتنا على الإيمان والتوحيد حتى نلقاه، وأن يميتنا مسلمين محسنين لا مبدلين ولا مغيرين.