العربية
المؤلف | خالد بن سعد الخشلان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
اندحرت دعوات المغرضين، ونداءات المفسدين، الذين أرادوا بث الفرقة والخلاف من خلال دعوة إلى تظاهرات واعتصامات، بان زيف أولئك المفلسين وانكشفت سوءاتهم، وظهر من يقف وراءهم ويؤزهم في ذلك من العقائد الفاسدة والبدع المنحرفة، وأظهر أبناء هذه البلاد والمقيمون عليها مدى إدراكهم لنعمة الأمن والاستقرار وضرورة المحافظة عليها، فلله الحمد أولاً وأخيرًا ..
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له.
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله في السراء والضراء، وراقبوه في الشدة والرخاء، راقبوا علام الغيوب، وحافظوا على إصلاح القلوب، كونوا على الحق أعوانًا، وفي إصلاح ذات البين إخوانًا، وفي إعلاء كلمة الله أركانًا، جعلني الله وإياكم من عباده المتقين، وأوليائه المفلحين، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 18].
أيها الإخوة المسلمون: بفضل الله -عز وجل- وحده، ومنته وكرمه، اندحرت دعوات المغرضين، ونداءات المفسدين، الذين أرادوا بث الفرقة والخلاف من خلال دعوة إلى تظاهرات واعتصامات، بان زيف أولئك المفلسين وانكشفت سوءاتهم، وظهر من يقف وراءهم ويؤزهم في ذلك من العقائد الفاسدة والبدع المنحرفة، وأظهر أبناء هذه البلاد والمقيمون عليها مدى إدراكهم لنعمة الأمن والاستقرار وضرورة المحافظة عليها، فلله الحمد أولاً وأخيرًا وظاهرًا وباطنًا على وافر نعمه، ومزيد فضله، وسابق إحسانه: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: 53]، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 18].
أيها الإخوة المسلمون: كان لنا في الجمعة الماضية وقفات مع البيان الصادر من هيئة كبار العلماء وما تضمنه من توجيهات شرعية ونصائح دينية، تضمن لمن سار عليها الخير في دينه ودنياه، ولعلنا نكمل في هذه الخطبة ما تبقى من وقفات حول ما تضمنه ذلك البيان.
لقد بيّن أصحاب الفضيلة في بيانهم حقيقة كبرى نعيشها في هذه البلاد المباركة، لا ينكرها إلا مكابر وجاحد، ألا وهي عموم ما أفاء الله به على أهل هذه البلاد من نعم عظيمة وآلاء جسيمة، يعجز اللسان عن حصرها، وأعظمهما نعمة التوحيد والسنة، واجتماع الكلمة، وتحقيق الأمن والرخاء والنماء، وهي والله نعم من الواهب سبحانه عظيمة، ومنن من المنعم -عز وجل- جسيمة، هي اختبار وابتلاء وامتحان، إن شكرت زادت هذه النعم وقرت، وان كفرت وجحدت زالت هذه النعم وفرت، ألا وإن من أعظم أوجه شكر هذه النعم نسبتها إلى واهبها والمتفضل بها -سبحانه وتعالى-، والاستعانة بها على مراضي الله سبحانه، ولزوم طاعته والاستقامة على شرعه، فليس للعباد حول ولا قوة ولا طول ولا قدرة ولا استطاعة على مواجهة البلاء والفتن إلا بالاستعانة بالله الواحد القهار، فهو المعين وحده، وهو المتفضل بالخير وحده، لا إله غيره، ولا رب سواه، وأما كفران النعم ونسبتها إلى قدرة البشر وتفكيرهم ومحض مجهوداتهم واستعمالها في معصية الله، والاستعانة بها على مخالفة شرعه، فهو والله سبيل الويل والثبور، وطريق الشر والهلاك.
وقد قصّ الله علينا في كتابه الكريم في مواضع عديدة أخبار أمم كفرت بنعم الله فأذاقها من صنوف البلاء والعذاب ما أذاقها، بعدما استدرجها وأسبغ عليها وفير نعمه وفضله، وشواهد الدهر وأحداث التاريخ في القديم والحديث فيها عبرة للمعتبر، وذكرى لمن أراد أن يتذكر: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 112 - 114].
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) [الإسراء: 16]، نسأل الله عز وجل أن يرزقنا جميعًا شكر نعمه والإقرار بها ظاهرًا وباطنًا، والثناء بها عليه سبحانه، واستعمالها فيما يحب من الأقوال والأفعال، ونعوذ بالله سبحانه من أن نكون ممن عناهم الله بقوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) [إبراهيم: 28].
أيها الإخوة المسلمون: ومن التنبيهات البليغة التي تضمنها بيان هيئة كبار العلماء: التأكيد على هوية هذه البلاد، حيث جاء في البيان: "ولقد أنعم الله على أهل هذه البلاد باجتماعهم حول قادتهم على هدي الكتاب والسنة، لا يفرّق بينهم، أو يشتّت أمرهم، تياراتٌ وافدة، أو أحزاب لها منطلقاتها المتغايرة؛ امتثالاً لقوله سبحانه: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [الروم: 31، 32].
وقد حافظت المملكة على هذه الهوية الإسلامية، فمع تقدُّمها وتطوُّرها، وأخذها بالأسباب الدنيوية المباحة، فإنها لم ولن تسمح -بحول الله وقدرته- بأفكار وافدة من الغرب أو الشرق، تنتقص من هذه الهوية أو تفرّق هذه الجماعة".
أيها الإخوة المسلمون: هذه هي الهوية الإسلامية لهذه البلاد المباركة، اجتماع على ولاتها على كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتحقيق للتوحيد، وطمس لمعالم الشرك، ودعوة إلى السنة، وإقامة للشعائر، وتطبيق للشرع الحنيف في كافة مجالات الحياة.
إننا نعتقد في هذه البلاد اعتقادًا جازمًا أن الأخذ بأسباب المدنية المباحة، وأوجه التقدم العلمي والحضاري، وتوطين التقنية، وتحقيق التنمية في مختلف المجالات؛ أمر يحث عليه الشرع، ويدعو إليه الدين، فلم تكن الشريعة ولا أحكامها ولا أخلاقها يومًا من الأيام لم تكن مانعًا من اكتساب المعارف المفيدة، ولا اقتحام مجالات المدنية النافعة، ومن ثم فإن من أبطل الباطل -أيها الإخوان- من أبطل الباطل وأكبر الفرى أن يظن ظانٌّ أن سبيل التقدم المدني التحلل من أحكام الشرع الحنيف وأخلاقه وآدابه، أو تغريب المجتمع والحذو بالمجتمع حذو المجتمعات الكافرة التي لا تعرف للدين وزنًا ولا للقيم والأخلاق قيمة، وعليه فإن كل منتقص لهذه الهوية الشرعية لهذه البلاد، أو ساعٍ لتغييرها وتبديلها ومسخها ساعٍ -شاء أم أبى- إلى سلب الأمة مصدرًا من أعظم مصادر قوتها، وعاملاً من عوامل تميزها الحق في خضم ما يعصف بالعالم من تحولات وتغيرات، وإن على كل من بسط الله يده ومكَّنه من ولاة الأمر وغيرهم ممن يتبوأ مكانًا في التأثير في هذه البلاد أن يحرص على تعميق هوية هذه البلاد الشرعية، ويحذر من التفريط في ذلك؛ فهي والله أمانة عظيمة، والخيانة في المحافظة عليها ذنب لا يغتفر: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27].
أيها الإخوة المسلمون: ومن أعظم ما تضمنه البيان التذكير بمبدأ النصيحة الشرعية الذي دلّ عليه كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبخاصة النصيحة من ولاة الأمر؛ حيث جاء في البيان: "وإن الهيئة إذ تقرر ما للنصيحة من مقام عالٍ في الدين؛ حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الدين النصيحة"، قيل: لمن يا رسول الله؟! قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
ومع أنه من آكد من يناصَح ولي الأمر؛ حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم". فإن الهيئة تؤكد أن للإصلاح والنصيحة أسلوبها الشرعي الذي يجلب المصلحة ويدرأ المفسدة".
إنه الإشارة والتنبيه إلى مبدأ مهم من مبادئ هذه الشريعة الغراء، ألا وهو مبدأ التناصح بين عموم المسلمين، النصيحة التي تحمل في محبة الناصح للمنصوح وحرصه على إيصال الخير له، ومحبته لهدايته، وأخذه بطريق الفلاح والنجاح، النصيحة الشرعية ليست فضيحة ولا تشميرًا، إنما هي التعاون على البر والتقوى، ورغبة في تحقيق المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها؛ ومن ثم فإن الواجب الشرعي يحكم على من يريد النصيحة سلوك الطريق الذي يوصل إلى هذه المعاني السامية والأهداف النبيلة، أما أن يتخذ من النصيحة -وبخاصة لولي الأمر- وسيلة لإثارة عواطف الناس وشحنها ضد ولاتهم، فليس هذا من المنهج الإسلامي في شيء، إنما المجتمع المسلم كالراكبين في سفينة واحدة، نجاتها نجاة الجميع، وغرقها غرق الجميع، ومن ثم فإن لزامًا على كل من كان أهلاً للنصيحة من العلماء والوزراء والوجهاء والكبراء والمستشارين والمقربين من ولاة الأمر -عظُمت ولايتهم أم صغرت- أن يمحصوا النصح لولي الأمر في كل من شأنه تحقيق مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، وعاجل أمرهم وآجله، والحذر الحذر من الغش والخيانة لولي الأمر المسلم، فإن ذلك من أعظم أنواع الغش والخيانة.
نسأل الله -عز وجل- أن ينير بصائرنا، وأن يوفق ولاة أمورنا لما يحب ويرضى، وأن يعيدنا وأن يقينا من شرور الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء: 83].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وعليكم بجماعة المسلمين؛ فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.
أيها الإخوة المسلمون: اتقوا الله -عز وجل- في جميع ما تأتون وتذرون، اتقوا الله في أقوالكم وأفعالكم ومواقفكم، اتقوا الله فإن في تقوى الله سعادة في الدنيا والآخرة، وفلاحًا في الدنيا والآخرة، جعلنا الله وإياكم من عباده المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
أيها الإخوة المسلمون: إن من أعظم آيات الله ما يحدثه الله -عز وجل- في الكون من تغيرات وأحداث عظيمة من براكين وزلازل، وإن من أعظم ما شاهدناه في الأيام الماضية ذلك الزلازل العظيم المهول المخيف الذي حصل في أرض اليابان، إنها آية عظيمة من آيات الله -سبحانه وتعالى-، لا شك أننا نعلم أن وراء هذه الأحداث الكونية أسبابًا طبيعية، أسبابًا مادية، لكنَّ وراءها في الوقت ذاته أسبابًا شرعية، وما يحدثه الله في الكون إنما هو دعوة لعباده لأخذ العبرة والعظة، وما يحدث في الكون من أي بقعة من بقاع العالم ينبغي بل يجب أن يعتبر به كل مسلم ومسلمة، فإن ما حصل في تلك البقعة ممكن حصوله في أي بقعة من العالم متى أراد الله -سبحانه وتعالى-، لقد ذكرت تلك المشاهد العظيمة بشيء يسير من قوة الله العظيمة التي لا يمكن أن تقف في وجهها قوة من قوى البشر، ولا تقدم ولا تقنية من تقنيات البشر.
إذا أراد الله شيئًا كان فلا تنفع معه أجهزة إنذار مبكر ولا أجهزة تنبؤ ولا رصد مبكر، وإنما هو أمر الله: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82].
إن ما حدث يذكّر بشيء مما يحدث يوم القيامة من أهوال عظيمة: (يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا) [الطور: 9، 10]، (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة: 4، 5].
إن ما حدث في لحظة في ثوانٍ تنبيهٌ لكل مسلم ومسلمة أن الله -سبحانه وتعالى- متى ما أراد إنزال البلاء والعذاب بقوم أو مجتمع فإن ذلك يحصل في ساعة أو ثانية أو لحظة من لحظات الناس وهم في أمن وأمان: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 97-99].
إنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه لا نسب ولا قربى، وإنما العباد عند الله فريقان: مؤمنون مطيعون، أهل لكرم الله، أهل لرحمة الله، أهل تنزل البركات عليهم من الله، وكفار فجار، أهل لعقوبة الله، وإن مكّن الله لهم في الأرض، وإن أمدهم بالنعم، لكن كما قال الله -سبحانه وتعالى-: (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [الأعراف: 182، 183].
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يحفظنا وسائر إخواننا المسلمين في كل مكان، نسأله -سبحانه وتعالى- أن يأخذ بنواصينا للبر والتقوى، نسأله سبحانه أن يجنبنا أسباب غضبه وسخطه، نسأله سبحانه أن يجنبنا أسباب غضبه وسخطه، نسأله سبحانه أن يجنبنا أسباب غضبه وسخطه، وأن يمن علينا بالتوبة النصوح، والإنابة الحقيقة، إن ربي لطيف لما يشاء.
هذا، وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبيكم محمد بن عبد الله، فقد أمركم ربكم -عز وجل- في كتابه فقال -عز من قائل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين، وخص منهم الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن أمهات المؤمنين، وعن التابعين ومن تعبهم بإحسان إلى يوم الدين.