التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
العربية
المؤلف | حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
إن مما أغاظَ كلَّ مُسلمٍ وغمَّ كلَّ مُؤمنٍ ذلكم التطاوُل الوقِح، والاستِهزاءُ الآثِمُ المُجرِم ضِدَّ خير خلقِ الله أجمعين نبيِّنا محمدٍ عليه أفضلُ الصلاة وأتم التسليم، إنه تطاوُل من حُثالةٍ حقيرةٍ لا يُنبِئُ هذا التطاوُل إلا عن حقدٍ دفينٍ، وبُغضٍ مَكين ضدَّ هذه الرسالة المجيدة الخالِدة التي جاء بها هذا النبيُّ العظيمُ، التي أغاظَت الشياطين وأعوانَهم في كل مكانٍ، وأغاظَت الطغاةَ وأذنابَهم، ولكنَّهم -بإذن الله- مقطوعون ..
الحمد لله حمدًا كثيرًا كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الآخرة والأولى، وأشهد أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبي المُجتبى، والرسول المُصطفى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ أهل الفضل والتُّقى.
أما بعد:
فيا أيها المُسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-.
أيها المسلمون: في كل زمانٍ ومكانٍ يتصارعُ الحقُّ والباطلُ، ولكن الحقيقة التي لا ريب فيها: أن الحقَّ يثبُت ويستقرُّ ويعلو، والباطل يضمحِلُّ ويزولُ وينتهي؛ قال ربُّنا -جل وعلا-: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء: 81].
وإن من سُنن الله في عباده المُؤمنين: أن يبتلِيَهم كلاًّ أو بعضًا بأهل الطغيان والفُجور والعلوِّ والفساد: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت: 2].
كل ذلك لحِكَمٍ عظيمةٍ وغاياتٍ جليلةٍ ينتظِمُها قولُ الله -جل وعلا-: (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 3]، وينتظِمُها قولُه -سبحانه-: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران: 140].
وإن على أبناء الأمة الإسلامية أن يعلَموا أنهم أصحاب رسالةٍ خالدةٍ، وأهل عقيدةٍ صحيحةٍ مهما تعدَّدت وسائلُ الطغيان المُوجَّهة للمُسلمين، ومهما بلَغت المِحَن والفتنُ والمصائب، فلدينا عقديةٌ راسِيةٌ رُسُوَّ الجبال: أن العاقبة للمُتقين، وأن النصرَ للمُؤمنين: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران: 120].
فسُنَّةُ الله -جل وعلا- ماضِيةٌ بهذا المعنى لا تتبدَّلُ ولا تتغيَّر وإن ظنَّ الناسُ أن البلِيَّة لا نهايةَ لها، وأنه لا يلوحُ في الأُفُق المخلَصَ منها؛ فربُّنا -جل وعلا- يقول: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف: 110].
ولنستمِع بقلبٍ حاضرٍ إلى قول الله -جل وعلا- عن موسى -عليه السلام- حينما اشتدَّ إيذاء فرعون لموسى ومن معه، يقولُّ الحقُّ -سبحانه-: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128].
إنها عقيدةُ المُؤمن المُستقرَّة في القلوب بأنه ليس هناك إلا الملاذَ الأوحَد، وهو الملاذُ الحَصينُ الأمينُ، وذلك بالتوجُّه الصادقِ للمولَى -جل وعلا- القويِّ المتينِ؛ فإن البشرَ مهما علَت قوتُهم، وعظُم مُلكُهم فما هُم إلا نُزَلاء في أرض الله، والله -سبحانه- ذو القوَّة النافِذة يُورِثُ الأرضَ من يشاءُ من عباده وفقَ سُنَّته وحِكمته.
فمهما اشتدَّ الأذى بالمُؤمنين في أي زمانٍ أو في أي مكانٍ فليعلَموا وليستيقِنوا أن العاقبةَ الحميدةَ في الدارَيْن لأهل الإيمان والتقوى مهما طالَ الزمنُ أم قصُر، ولكنَّ الشأنَ أن يتعلَّقَ رجاءُ المُؤمنين بربِّهم، وأن يُحقِّقوا التقوى والخشيةَ لمولاهم، فلا يخشَون أحدًا إلا الله، ولا يثِقون بأحدٍ سِواه، لا يتوكَّلون إلا عليه، ولا يطلُبون النصرَ والعِزَّة إلا منه -سبحانه-، (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران: 173، 174].
إنه المشهدُ الذي لا يتبدَّل في قضيةِ صِراع الحقِّ مع الباطل، إنها نهايةُ الظلم والاستبداد والطغيان، تهاوِي التعالِي والتطاوُل والاستِكبار إلى الهَوْيِ في الأعماق والأغوار؛ فقد كانت عاقبةُ موسى ومن معه مع فرعون وقومه ما أخبرنا به ربُّنا -جل وعلا-: (فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ) أي: من فرعون وقومه، (فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ * وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف: 136، 137].
إن من الحقائق المُتيقَّنَة عند أهل الإيمان: أن النصرَ من عند الله وحده، وأنه إنما يتنزَّل -أي: النصر- عندما تبذُل الأمةُ المُسلِمةُ آخر ما في جُهدها البشريِّ، ثم تكِلُ الأمرَ إلى الله -جل وعلا-، فالنصرُ قد يُبطِئُ لحِكَمٍ عظيمةٍ؛ منها:
أن تُقوِّيَ الأمةُ المُؤمنةُ صِلتَها بالله -جل وعلا-؛ فالنصرُ مُتأكِّدٌ لمن حقَّق التقوى، وتدرَّع بالسلاح -بسلاح الإيمان الحق بالله جل وعلا-، قد تتضاعَفُ من أجل هذا النصر التضحياتُ، وتزايَدُ له الآلام، ولكنَّ الظَّفَر في النهاية للذين آمنوا واتَّقَوا، للذين وثَّقوا صِلَتهم بالله، واتجهوا إليه طائعين خاضِعين مُسلِمين: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 40، 41].
فيا أيها المُستضعَفون من المُؤمنين في كل مكانٍ: ثِقوا بنصر الله -جل وعلا-، اذكُروا اللهَ كثيرًا لعلَّكم تُفلِحون، اعلَموا أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وعدَكم بوعدٍ حقٍّ صادقٍ، فقال: "واعلم أن النصرَ مع الصبر، وأن الفرجَ مع الكرب، وأن مع العُسر يُسرًا".
إخوة الإسلام: إن مما أغاظَ كلَّ مُسلمٍ وغمَّ كلَّ مُؤمنٍ ذلكم التطاوُل الوقِح، والاستِهزاءُ الآثِمُ المُجرِم ضِدَّ خير خلقِ الله أجمعين نبيِّنا محمدٍ -عليه أفضلُ الصلاة وأتم التسليم-، إنه تطاوُل من حُثالةٍ حقيرةٍ لا يُنبِئُ هذا التطاوُل إلا عن حقدٍ دفينٍ، وبُغضٍ مَكين ضدَّ هذه الرسالة المجيدة الخالِدة التي جاء بها هذا النبيُّ العظيمُ، التي أغاظَت الشياطين وأعوانَهم في كل مكانٍ، وأغاظَت الطغاةَ وأذنابَهم، ولكنَّهم -بإذن الله- مقطوعون من كلِّ خيرٍ، مبتورون من كلِّ نصرٍ وعِزٍّ وتمكينٍ وسعادةٍ وحياةٍ طيبةٍ.
ألم يقُل الله -جل وعلا-: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر: 1- 3]؟!
فليخسَأ الخاسِئون، وليَمُت بغيظِهم الحاقِدون، فلقد امتنَّ ربُّ العِزَّة والجلال على النبي المُصطفى أن رفعَ له الذِّكرَ المجيدَ في العالمين في الأولين وفي الآخرين، فهو سيدُ الأنبياء والمُرسلين، (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) [الشرح: 4].
أعطاه ربُّه -جل وعلا- ما لم يُعطِ أحدًا من الأولين والآخرين، (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) [الضحى: 5].
إن الله -سبحانه- وهو الخالقُ القادِر العزيزُ المُنتقِم، هو من تكفَّل بالدفاع عن نبيِّه من كلِّ مُجرِمٍ عنيدٍ وآثمٍ مريدٍ، (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95].
ذكرَ المُفسِّرون عبرَ التاريخ نماذج من القَصص المشهورة التي تُفيدُ وقوعَ المَثُلات المُتناهِية، والعقوبات الدنيوية لمن نالَ من المقام الأعظم مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ذلكم في الدنيا، فضلاً عما أُعِدَّ لهم في الآخرة من العذاب الأكبر.
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ومن سُنَّة الله: أن من لم يتمكَّن المُؤمنون من أن يُعذِّبوه من الذين يُؤذُون اللهَ ورسولَه فإنَّ اللهَ -سبحانه- ينتقِمُ لرسوله ويكفِيه إياه..."، إلى أن قال: "فكلُّ من شانأَه وأبغضَه وعاداه فإن الله يقطعُ دابِرَه، ويمحَقُ عينَه وأثَرَه". انتهى كلامُه المتين.
معاشر المُسلمين: إن الدفاع عن مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرضٌ على كل أحدٍ بحسب الوُسع والطاقة، فذلكم من أعظم الجهاد في سبيل الله -جل وعلا-، فعلينا جميعًا الدفاعُ عن مقامه العظيمِ بكلِّ وسيلةٍ مُمكنةٍ يترتَّبُ عليها تحقيقُ المصالِح ودفعُ المفاسِد والمخاطِر.
لا بُدَّ من الدفاع المبنيِّ على العلمِ الصحيحِ والطريقةِ السديدةِ لا المبنيِّ على مُجرِّد العاطِفة الجيَّاشة فحَسب مما يُفضِي إلى فتنةٍ عظيمةٍ ومفسَدةٍ أعظَم من الصبر على أذاهم.
حسبُنا الله ونِعم الوكيل على كل من تطاوَل، (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ) [الأحزاب: 48].
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل رهطٌ من اليهود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السَامُ عليكم. قالت عائشةُ: ففهِمتُها، فقلتُ: وعليكم السَّامُ واللعنةُ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مهلاً يا عائشة؛ إن الله رفيقٌ يحبُ الرِّفقَ في الأمر كلِّه". فقلتُ: يا رسولَ الله: ألم تسمَع ما قالُوا؟! قال: "قلتُ: وعليكم". متفق عليه.
فكلُّ حالةٍ بحسبها في شرع الله -جل وعلا-، إن الواجبَ علينا -معاشر المسلمين- أن يزيدنا تطاوُل الأقزام على المقام النبويِّ العظيمِ أن يزيدَنا تمسُّكًا بحبِّه -صلى الله عليه وسلم-، وعملاً بسنَّته، وأن نبذُل كلَّ غالٍ ورخيصٍ في نشر رسالتِه العظيمة: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 94، 95].
إن الفرضَ المُحتَّم علينا، على حُكَّامنا، وعلى محكومينا، على العلماء والعامَّة، على المُثقَّفين وأهل الإعلام؛ أن نسعَى لنشر مبادئ هذا الدين وأخلاقه العظيمة، ومحاسِنه الكريمة، وأن نُبيِّن للعالَم ما يحمِلُه هذا الدينُ من صلاحٍ وإصلاحٍ وسعادةٍ وفوزٍ في الدارَيْن، وأن نُعلِّم الجاهلَ أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أكملُ العالَم خُلُقًا، زكَّاه ربُّه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4].
إن الواجبَ علينا: أن تُمِدَّنا تلك التهويشاتُ الطائشةُ المُجرِمة من أعداء البشرية أن تُمِدَّنا بطاقةٍ إيمانيَّةٍ تمسُكًا بهذا الدين، وعملاً به، وافتِخارًا بأحكامه ومبادئه، فضلاً عن الدعوة إليه بالحِكمة والموعظة الحسنة.
ولقد نعلمُ في آخر السورة التي ذكرَ فيها ربُّنا -جل وعلا-: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)، قال له ربُّه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 97- 99].
لنحرِص أن لا تجُرَّنا تلك الاستِفزازاتُ الهَوجاءُ والتطاوُلات الرَّعناء أن تُخرِجَنا عن مبادئِ هذا الدين الذي من قواعِده العُظمَى ومبادئه المُثلَى: لا يجنِي جانٍ إلا على نفسه، (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [الأنعام: 164].
بارك الله لنا فيما نقول وما نسمَع، أقولُ هذا القولَ، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِهِ وأصحابِهِ.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: أُوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-؛ فهي وصيةُ الله للأولين والآخرين.
أيها المسلمون: إن من أُصول الإسلام العُظمى: أنه لا يتحقَّقُ إيمانُ امرئٍ إلا بتحقيق المحبَّة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، محبَّةً أعظم من محبَّة النفس والولد والأهل والمال والناس أجمعين؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "والذي نفسي بيده؛ لا يُؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين".
فحقِّقوا الإيمانَ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلبًا وقالَبًا، ظاهرًا وباطنًا.
واعلموا أن من أفضل الأعمال: الإكثارَ من الصلاةِ والتسليمِ عليه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على سيِّدنا ورسولِنا وحبيبِنا وقُرَّة عيوننا محمدٍ، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه ما تعاقبَ ليلٌ ونهار، اللهم وارضَ عن الآلِ والصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بأعداء هذا الدين، اللهم عليك بأعداء هذا الدين، اللهم عليك بأعداء هذا الدين، اللهم عليك بمن تطاوَل على النبي الكريم -عليه أفضل الصلاة والتسليم-، اللهم اجعله عبرةً وآيةً للعالمين، اللهم اجعله عبرةً وآيةً للعالمين يا حي يا قيوم.
اللهم أصلِح أحوالَنا وأحوالَ المسلمين، اللهم انصر إخواننا المُسلمين المُضطهدين في كل مكانٍ، اللهم احفظ المسلمين في سوريا، اللهم احفظ المسلمين في سوريا، وفي فلسطين، اللهم فرِّج همومَهم، اللهم نفِّس كُرباتهم، اللهم عجِّل لهم بالنصر والتمكين، اللهم عجِّل لهم بالنصر والتمكين، اللهم عجِّل لهم بالنصر والتمكين يا قوي يا متين، يا قوي يا متين، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك يا ربَّنا.
اللهم أرِنا في كل طاغيةٍ وفي كل ظالمٍ ما يسُرُّنا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ على المُسلمين خِيارَهم، اللهم ولِّ عليهم من يخافُك ويتَّقيك، اللهم ولِّ عليهم من يخافُك ويتَّقيك، اللهم ولِّ عليهم أهلَ التقوى، اللهم ولِّ عليهم أهلَ التقوى، اللهم ولِّ عليهم أهلَ التقوى، اللهم واكفِهم شِرارَهم، اللهم واكفِهم فُجَّارَهم يا حيُّ يا قيوم.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم سلِّم الحُجَّاجَ والمُعتمِرين، اللهم سلِّم الحُجَّاجَ والمُعتمِرين، اللهم سلِّم الحُجَّاجَ والمُعتمِرين، اللهم واجعلهم من يبوءُ بالفوز العظيم يا حي يا قيوم.
اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تُحبُّ وترضَى.
اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذاب النار.