المبين
كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...
العربية
المؤلف | عبد الله اليابس |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | فقه النوازل |
أّجِل بصرك في خريطة العالم، وتأمل مواضع الصراع والألم، ستجد أن أغلبها دول إسلامية، قد بلغ فيها الظلم، والقهر مبلغه، ونهش فيها الفقر والجهل، وسالت فيها الدماء، وكثر فيها الموت والقتل. يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: مع كل هذا الظلم والقهر، والمهانة والاستضعاف، فإن الله -تعالى- يرشدنا إلى...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد:
فإن المتأمل في واقع العالم الإسلامي اليوم ليجد جسد الأمة مطعونًا، في كل موضع، وتسيل منه الدماء في كل بقعة.
أنَّى اتجهت إلى الإسلام في بلد | تجده كالطير مقصوصًا جناحاه |
أّجِل بصرك في خريطة العالم، وتأمل مواضع الصراع والألم، ستجد أن أغلبها دول إسلامية، قد بلغ فيها الظلم، والقهر مبلغه، ونهش فيها الفقر والجهل، وسالت فيها الدماء، وكثر فيها الموت والقتل.
يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: مع كل هذا الظلم والقهر، والمهانة والاستضعاف، فإن الله -تعالى- يرشدنا إلى طريق العزة والنجاة والرفعة: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)[آل عمران: 139].
يرشدنا الله -تعالى- إلى طريق النجاة من كل ذلك بالإيمان، والتقوى واليقين، ويخبرنا ربنا أنه مهما طال الظلم والذل، فإن المستقبل للإسلام.
لإسلامي أعيش أنا | بتوحيدي وذا ديني |
نقشتُ حروفه تعلو | على كل العناوينِ |
بخط الباب أن يسمو | على كل الميادينِ |
لإسلامي ولو حتى | إلى الجدران شدوني |
لإسلامي ولو حتى | إلى النيران زفوني |
لإسلامي لإسلامي | ولو في السوق باعوني |
وثاراتٍ لإسلامي | تعايشني تغذيني |
تبث النور في روحي | وتنبض في شراييني |
وإسلامي له أعطي | له نفسي وتكويني |
أنا ماذا أكون أنا | بلا ربي بلا ديني؟؟ |
أنا ماذا أكون أنا؟ | أجيبوني أجيبوني |
لقد زخرت نصوص القرآن والسنة بالبشارة إلى أن المستقبل لهذا الدين، وامتلأت ببث روح الفأل في نفوس المسلمين، حتى ولو تكالبت عليهم الأمم، وتداعت عليهم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فإن الدين غالب بإذن القوي المتين.
لما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، وهو مطارد وحيد، إلا من رفيقه الطريد مثله، ويلحقهم سراقة بن مالك وهو يومئذ مشرك، يريد أن يقبض عليهم ليسلمهم إلى كفار قريش، فتغور أقدام فرس سراقة بالأرض ثلاث مرات، ثم يقول له النبي -صلى الله عليه وسلم- في تلك الحال العصيبة: "يا سراقة: كيف بك وقد لبست سواري كسرى؟" يعني بذلك أن الإسلام الذي يطارد اليوم سينتصر وسيدخل إلى بيت كسرى، بل وسيصل إلى أن تكون الأساور التي في يدي كسرى غنيمة للمسلمين، إنه زرع التفاؤل، والنظر بنور الله: (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ)[آل عمران: 126].
وكم لله من لطف خفي | يدق خفاه عن فهم الذكي |
وفي موقف آخر: في يوم الأحزاب، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يساهم مع الصحابة -رضي الله عنهم- في حفر الخندق إذ استعصت على الصحابة صخرة عظيمة، فاستعانوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المعول فيضربها ضربة، ثم يقول: "الله أكبر، أعطيت خزائن كسرى" ثم يضربها ضربة ثانية، فيقول: "الله أكبر، أعطيت ملك قيصر" ثم يضربها ضربة ثالثة، فيقول: "الله أكبر، أعطيت خزائن اليمن" كانت هذه الممالك الثلاث هي أعظم الممالك في ذلك الوقت، وجاء المشركون، وحاصروا المدينة، ولنستمع إلى الوصف القرآني العجيب لحال المسلمين يومئذ: (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب: 10-11].
انقسم الناس يومئذ إلى فريقين: ففريق نسي وعد الله -تعالى-، وبدأ يطعن في بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان يحفر معهم الخندق: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)[الأحزاب: 12].
حتى قال أحدهم: "إن محمداً يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب ليقضي حاجته".
أما المؤمنون الصادقون فيصفهم ربنا -تبارك وتعالى- بأحسن وصف، وفيه تنبيه لطيف لمن بعدهم، لنا نحن بأن نتبع خطاهم وهداهم: (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب: 22].
انقسم الناس إلى هاتين الطائفتين، وصرحت كل طائفة برأيها، فريق كذَّب موعود الله، وفريق صدق وأوقن، وإن كانت المعطيات لا تدل على النتائج، لكنه موعود الله، ومن أصدق من الله قيلاً.
عند ذلك، قال الله -تعالى-: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا) [الأحزاب: 25 -27].
يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: إن الإسلام منصور منتشر، بعز عزيز، أو بذل ذليل؛ روى خباب بن الأرت -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "والله ليتمن الله هذا الأمر" –أي الإسلام- "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون".
وعن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها".
وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -الذي أخرجه الإمام أحمد- قال: "بينما نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكتب إذ سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي المدينتين تفتح أولاً القسطنطينية أو رومية؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: مدينة هرقل تفتح أولاً" ومدينة هرقل هي القسطنطينية، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد فتحت القسطنطينية في يوم الثلاثاء 20 جمادى الأول سنة 857 هجرية على يد السلطان محمد الفاتح، وهو ابن 23 سنة، ففتحت القسطنطينية وستفتح روما عاصمة إيطاليا -بإذن الله-، وستدخل في حياض المسلمين كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
إن المستقبل لهذا الدين، وستفتح فلسطين وتُحرَّر، وسننتصر على اليهود بإذن الله؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه شجر اليهود".
إنكم منصورون؛ فتفاءلوا، واستبشروا، فنصر الله قادم لا محالة، بعز عزيز، أو بذل ذليل، لكن هل نكون من جيل النصر؟ (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحـج: 40].
بارك الله لي ولكم بالقرآن والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، قد قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله رحمةً للعالمين، بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، فبلغ الرسالةَ أحسنَ البلاغ، وأدى الأمانة أتم الأداء، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر عباد الله الصالحين.
أَمَّا بَعدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -تعالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.
يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: كما مرَّ وتقدم، فإن الإسلام منصور لا محالة، وقد مضت سنة الله -تعالى- أن العبرة ليست بكثرة العدة والعتاد، وإنما العبرة ببذل المستطاع مع الإيمان بالله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال: 65 -66].
إذًا فالعبرة ليست بالعدد، وإنما بالإيمان والإعداد: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ)[الأنفال: 60].
لقد أمر الله -تعالى- عباده المؤمنين أن يعدوا لهم كل ما يستطيعون من قوة عسكرية، ولم يكلفهم فوق استطاعتهم، ووعدهم بالنصر، والتاريخ شاهد على ذلك.
كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قائد سميت بمعركة نهر الدم، حيث كانت هذه المعركة بين المسلمين وبين جيوش الفرس، وكان عدد الفرس مائة وخمسين ألفًا 150000 ومعهم بعض نصارى العرب، وكان جيش خالد عدده ثمانية عشر ألف مقاتل 18000، فقال جابان قائد جيش الفرس: استعدوا للقاء خالد.
فمن عدم احتفالهم بسيدنا خالد نشروا بُسطَ الطعام، وأرادوا أن يأكلوا وهم يرون جيش خالد أمامهم، فأجبرهم خالد بخيوله على ترك الطعام، حتى قال لهم قائدهم جابان: والله لكأنكم أعددتم الطعام لـخالد.
واستمر فيهم القتل، ونزل خالد وقد كان عاهد الله إن منحه أكتاف القوم أن يجري النهر من دمائهم، ولما اقترب النصر صاح منادي خالد: الأَسر الأَسر، أي: لا تقتلوهم، وجعل يأتي بهم جماعاتٍ جماعات، فيضرب أعناقهم على حافة النهر.
فأراد أن يبر بقسمه لله -عز وجل- لكن لم يجر نهر من دمائهم لقلة الدماء الخارجة منهم، وقال القعقاع بن عمرو التميمي لخالد بن الوليد: والله لو أنك قتلت أهل الأرض جميعاً ما وفيت بنذرك حتى تجري قليلاً من الماء في النهر؛ فتحمل المياه دماءهم حتى تبر بقسمك، ففعل خالد وتغير لون مياه النهر 20 يوماً.
ثم قال خالد بعد ذلك للمسلمين: اجلسوا للطعام.
ولنأخذ قصة أخرى: في معركة اليرموك في السنة الثانية عشرة من الهجرة تلك المعركة التي أنهت وجود الروم في بلاد الشام، وكان عدد الروم فيها ثلاثمائة ألف 300000 مقاتل، وعليهم قائدهم ماهان أقوى قادة الروم، وكان جيش المسلمين ستة وثلاثين ألف 36000 مقاتل، فيهم ألف1000 صحابي، منهم 100 من أهل بدر.
وأرسل أبو عبيدة بن الجراح لأمير المؤمنين عمر: إنه قد أتى المسلمين ما لا قبل لهم به إلا أن يمدهم الله بملائكة، فقال خالد لأبي عبيدة: إن كنا نقاتلهم بالقوة والكثرة، فو الله ما تغني قلتنا أمام الناس شيئاً، وإن كنا نقاتلهم بالله ولله فإن قواتهم لا تغني عنهم ولو ملئوا جيوش الأرض لنا، ثم قال البطل خالد: أتطيعني فيما آمرك؟ قال: نعم، قال: ولِّني ما وراء ذلك، واتركني والقوم، فإني أدعو الله أن ينصرني عليهم، وبدأت المعركة وحمي الوطيس وانتصر المسلمون على الروم؛ حتى إن الروم كان كل 100 منهم يسلسلون بسلاسل، فقتل منهم مائة وعشرون ألفًا 120000، منهم ثمانين ألفًا80000 مسلسلين بالسلاسل، وأربعين ألفًا40000 قتلوا في يوم المعركة، حتى إن القيقلان أحد قادة الروم لما رأى ما حل بأصحابه من هزيمة منكرة، قال: غطوا رأسي، فحز المسلمون رأسه وهو ملفوف.
وفي معركة من معارك المسلمين اسمها: معركة ملاذكرد سنة 653 ميلادية كانت بين السلطان المسلم ألب أرسلان وجيشه كان خمسة عشر ألف15000 مقاتل، وبين أرانوس الرابع قائد وإمبراطور الروم وجيشه كان ستمائة ألف 600000 مقاتل، حتى إن ألب أرسلان خاف استئصال شأفة الجيش المسلم، فعرض المال على أرانوس الرابع فلم يقبل.
فأتى السلطان، وقال: أيها الأمراء، من أراد أن يرجع فليرجع، فلا أمير ولا سلطان عليكم بعد اليوم، وإني ماض إلى الجنة، فمن أراد أن يتبعني فليتبعني، فلبس الجيش كلُّه الأكفان، وكان يسمى: جيش الأكفان، ثم كانت الدائرة في نهاية الأمر للمسلمين، وأُخذ أمير الروم وإمبراطورهم أسيراً، ونودي عليه: من يشتري الكلب؟ فنادى أحد جنود المسلمين: لا أشتري الكلب إلا بكلب.
إن أمة الإسلام إذا عادت لقرآنها وسنة نبيها -صلى الله عليه وسلم-، وتمسكت بهذين الثقلين، فإن العزة والمنعة والرفعة ستكون ملازمة لها، فإن تَركت تُركت.
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اســ | ـمك فوق هامات النجوم منارا |
كنا جبالا في الجبال وربما | سرنا علـى مـوج البحـار بحـارا |
بمعابد الإفرنـج كـان آذاننـا | قبل الكتائب يفتـح الأمصـارا |
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤهـا | سجداتنا والأرض تقذف نـارا |
لـم نخـش طاغوتـا يحاربنـا | ولو نصب المنايا حولنا أسوارا |
ندعو جهارا لا إله سوى الـذي | صنع الوجود وقـدر الأقـدارا |
كنا نري الأصنام مـن ذهـب | فنهدمهـا ونهـدم فوقها الكفـارا |
لو كان غير المسلمين لحازهـا | كنزا وصاغ الحلي والدينـارا |
يا أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-: اعلموا أن الله -تعالى- قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم، والإكثار منها مزية على غيره من الأيام، فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك، وهيأ لهم البطانة الصالحة الناصحة، واصرف عنهم بطانة السوء والفساد والإفساد يا رب العالمين.
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين.
عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.