البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الجميل

كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

مختصر كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجي ؟

العربية

المؤلف محمد بن إبراهيم النعيم
القسم كتب وأبحاث
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الإدارة
هذا الكتاب عبارة عن مختصر لكتاب " كيف تطيل عمرك الإنتاجي ؟ "، وهو كتاب يتناول معظم الأعمال الصالحة التي ثوابها يضيف لك عمرًا إضافيًا، ليكون عمرك الإنتاجي من الحسنات أكبر من عمرك الزمني، والكتاب بمثابة مجهر يكشف لأنظارنا أهمية جديدة للعديد من الأحاديث التي نقرأها ونمر عليها أحيانًا مرورًا دون تدبر.

التفاصيل

مختصر كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجي ؟ مقدمة الفصل الأول أهمية الموضوع  لماذا تريد أن تعيش؟ الفصل الثاني : الأعمال المطيلة للأعمار المبحث الأول : إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة الفرع الأول : صلة الرحم : الفرع الثاني : حسن الخلق : الفرع الثالث : الإحسان إلى الجار : المبحث الثاني : إطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة:                               الفرع الأول :الصلاة الفرع الثاني : الحج والعمرة : الفرع الثالث : أن تكون مؤذنا أو تقول كما يقول المؤذن : الفرع الرابع :الصيــام : الفرع الخامس : قيام ليلة القدر  : الفرع السادس :الجهاد : الفرع السابع :العمل الصالح في عشر ذي الحجة : الفرع الثامن : تكرار بعض سور القرآن: الفرع التاسع : الذكر المضاعف : الفصل الثالث كيف تحافظ على عمرك الإنتاجي  مختصر كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجي ؟تقديمد . صالح السدلانمنقول من الكتاب الأصليالحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد : فقد قام مؤلف الكتاب الموسوم بعنوان " كيف تطيل عمرك" بعرضه علي من أوله إلى آخره ووجدت هذا الكتاب اشتمل على :(1)   ثلاثة فصول وخلاصة وكل فصل ضم جملة من المباحث .(2)  ألفيت هذا الكتاب نافعاً ومفيداً في موضوعه .(3)  لم يسبق المؤلف إلى لفت نظر القارئ إلى ما استنتجه من النصوص التي أوردها وما دلت عليه من الثواب العظيم. فقد أجرى موازنة بين عمر الإنسان العادي وبين عمله الإنتاجي إذا هو عمل بهذه الأحاديث واحتسب أجرها وعوّد نفسه عليها،فإنه يطيل عمره بطريقتين :(أ‌)    الطريقة الأولى : إطالة حقيقية .(ب‌)           الطريقة الثانية : إطالة معتمدة على الناحية الإنتاجية بالأعمال الصالحات والحسنات الكثيرات .فتلك لفتة دقيقة وذكية ينبغي لمن قرأ هذا الكتاب أن يتفطن لها وأن يقدرها قدرها .(4)  أن موضوع الكتاب يحتاج إليه الجميع : العلماء والمتعلمون والشباب والكهول والشيوخ والذكور والإناث .(5)  أن العمل بفضائل هذه الأعمال التي ذكرها المؤلف سهلة وميسرة ولكنها تحتاج إلى أمرين وهما اللذان عجز عنهما كثير من الناس : النية وتصور هذا الثواب؛ وذلك بأن يتصور أحدنا كيف يحصل على هذا الثواب في وقت وجيز قد يعادل العمر أضعافاً مضاعفة.فأسأل الله جل وعلا أن ينفع بهذا الكتاب مؤلفه وقارئه وكل من أسهم في نشره، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .                              د . صالح بن غانم السدلان الرياض- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية                  كلية الشريعة                    الجمعة 1/1/1415هـ مقدمةيتناول الكتاب باختصار معظم الأعمال الصالحة التي ثوابها يضيف لك - فيما يرى الناظر-عمراً إضافياً؛ ليكون عمرك الإنتاجي من الحسنات أكبر من عمرك الزمني، والكتاب بمثابة مجهر يكشف لأنظارنا أهمية جديدة للعديد من الأحاديث التي نقرأها ونمر عليها أحياناً مروراً دون تدبر.يشتمل الكتاب على ثلاثة فصول : الفصل الأول : أهمية إطالة العمر ومفهومه . الفصل الثاني : الأعمال المطيلة للأعمار وفيه مباحث . المبحث الأول :إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة . المبحث الثاني : إطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة . المبحث الثالث : إطالة العمر بالأعمال الجاري ثوابها بعد الممات. المبحث الرابع : إطالة العمر باستغلال الوقت . الفصل الثالث : كيفية المحافظة على العمر الإنتاجي من الحسنات. الفصل الأول أهمية الموضوع  لماذا تريد أن تعيش؟هدفنا من الحياة ليس الأكل والشرب لأننا حينها نشترك مع البهائم والكفار قال الله تعالى:{ والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم }[1] الهدف من وجودنا هو عبادة الرحمن وعصيان الهوى والشيطان وبمفهوم تجاري أن نجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات قبل حلول الأجل .والمسلم يحرص على حياته لا لذاتها ولكن ليكسب أكبر قدر ممكن من الحسنات فقد قال ﷺ‬ لرجل سأله : أي الناس خير ؟ فقال ﷺ‬ :  " من طال عمره وحسن عمله "[2] المشكلة الكبرى :إن أكبر مشكلة تواجه المسلم أن حياته محدودة لا يستطيع أن يزيد فيها ولو لحظة واحدة، إن متوسط الزمن الإنتاجي للإنسان قد لا يتجاوز عشرين سنة من عمره الكلي لأن متوسط أعمار أمة محمد ﷺ‬  ما بين ستين إلى سبعين ، فثلث العمر يقضيه ابن آدم في النوم وخمس عشرة  سنة من عمره غير مكلف بالإضافة إلى ما يمضي من عمره في المباحات والأمور الملحة ، فلا يبقى إلا الثلث من عمره تقريبا فأصبح من الضرورة الأخذ بالأسباب المطيلة للعمر لزيادة عمره الإنتاجي . مفهوم إطالة العمر :في حديث أنس بن مالك  tأن رسول الله ﷺ‬ قال " من أحب أن يُبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه "[3] واختلفت توجيهات العلماء في معنى الإطالة فللعلماء في تفسير معنى الإطالة ثلاثة أقوال :القول الأول : البركة : بأن تعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيرك إلا في الزمن الكثير .القول الثاني : الإطالة الحقيقية .القول الثالث : الذكر الحسن بعد الموت، ولا مانع في أن تكون إطالة العمر شامل للمعاني الثلاثة وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . والحصيلة التي يجب أن نخرج بها من هذا الخلاف أن يكون هدفنا في إطالة أعمارنا استغلال ساعات العمر وثوانيه لكسب مزيد من الحسنات . قال الدكتور القرضاوي :  والحق أن العمر الحقيقي للإنسان ليس هو السنين التي يقضيها من يوم ولادته إلى يوم الوفاة إنما عمره الحقيقي بقدر ما يكتب له في رصيده عند الله من عمل الصالحات وفعل الخيرات " [4]هل يجوز الدعاء بطول العمر :         اختلف فيه بين الإباحة والحظر وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن حكم قول " أطال الله بقاءك ، طال عمرك " فأجاب : لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله ، وعلى هذا فلو قال: أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك .أ.هـوقد دعا النبيﷺ‬  بطول العمر لخادمه أنس t وأرضاه         .  الفصل الثاني : الأعمال المطيلة للأعمار المبحث الأول : إطالة العمر بالأخلاق الفاضلة            أخبر النبي ﷺ‬ عن إمكانية إطالة العمر بالحرص على بعض خصال الخير والتي في جملتها تدور حول فن التعامل مع الناس . والعمدة في هذا الباب حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ‬ قال لها :" إنه من أعطي من الرفق فقد أعطي حظه من الدنيا و الآخرة ، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار و يزيدان في الأعمار "[5] الفرع الأول : صلة الرحم : إن صلة الرحم من محاسن الأخلاق التي حث عليها الإسلام ودعا الله عباده إلى صلة أرحامهم في تسع عشرة آية من كتابه الكريم ، وأنذر من قطع رحمه باللعن والعذاب في ثلاث آيات، لهذا دأب السلف على صلة أرحامهم رغم صعوبة المواصلات في عصرهم ، أما نحن فنجد الواحد منا يكثر من زيارته لأصدقائه ولا يضع في جدوله زيارة أحد أرحامه ولو مرة في الشهر. إن السبب الرئيس في انشغالنا عن صلة أرحامنا سوء إدارة وقتنا فحري بك إن كنت حريصا على إطالة عمرك أن تصل رحمك فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله، لحديث عبد الله بن مسعود t أن رسول الله  ﷺ‬ قال: ( صلة الرحم تزيد في العمر)[6]  الفرع الثاني : حسن الخلق :حسن الخلق صفة سامية تطهر صاحبها من آفات اللسان والجنان وترتقي به إلى مراتب الإحسان، قال عبد الله بن المبارك في تفسير حسن الخلق: " هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى " وإن من المعاب على المسلمين حقا أن يعيَّروا بأخلاق الذين كفروا بعد أن بين لنا النبي ﷺ‬ هدف بعثته أن يتمم مكارم الأخلاق. وما شيء أثقل في ميزان المؤمن من خلق حسن، وانظر إلى كثير من السلف كيف ورثَّوا لمن بعدهم أروع الأمثلة في الأخلاق الحسنة فاستمرت حسناتهم وطالت بذلك أعمارهم ، وانظر إلى نفسك هل خلَّفْت لمن بعدك خلقا حميدا وموقفا مجيدا يحتذى به ؟ إن التحلي بالخلق الحسن بلسم يجدد حياتك و يطيل بقاءك و يثقل حسناتك ولأهمية حسن الخلق قال ﷺ‬ : "ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن الله ليبغض الفاحش البذي "[7] . وقال ﷺ‬ : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم "[8].  الفرع الثالث : الإحسان إلى الجار :الإحسان إلى الجار من الأخلاق الحميدة المطيلة للأعمار والرسول ﷺ‬ يقول "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "[9] إن أكثر أسباب عدم التزاور بين الجيران هو ترك صلاة الجماعة، فحري بك أخي المسلم أن تكثر زيارة جيرانك فتحسن إليهم وتناصحهم لتفوز بطول العمر وكامل الإيمان . فكم جار لك ينتظر منك طرق بابه لتهدي له ابتسامة وسلاما ! المبحث الثاني : إطالة العمر بالأعمال ذات الأجور المضاعفة:هناك طرق غير مباشرة لإطالة الأعمار يكسب سالكها أكبر قدر ممكن من الحسنات في أقصر الأوقات ليصبح العمر الإنتاجي يفوق العمر الزمني وهذا لا يتأتى إلا بأعمال ذات ثواب مضاعف وهنا يكون السؤال: كيف يمكن أن تكسب ثواب أعمال يفترض أن يستغرق أداؤها زمنا يفوق عمرك المحدود؟ يمكن ذلك بأن تسلك سبيلين اثنين هما: 1/ الحرص على الأعمال ذات الأجور المضاعفة وفيها عشرة فروع. 2/الحرص على الأعمال الجاري ثوابها بعد الممات وفيها أربعة فروع.                                 الفرع الأول :الصلاة 1/ الإكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين :لما روى جابر بن عبد الله t أن رسول الله ﷺ‬ قال:" صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه " [10] فلو كنت ممن يحافظ على السنن الرواتب كل يوم فسيبلغ عددها في العام الواحد أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرين ركعة. (12×360=4320) وإذا أردت أن تكسب ثواب مائتي ألف ركعة من السنن الرواتب في بلدك فستحتاج إلى ست وأربعين سنة تقريباً. أما ركعتان في الحرم المكي لا تستغرقان دقائق معدودة تضيفان لك ثواب مائتي ألف ركعة .ولو صليت عشر ركعات في الحرم المكي لا يستغرق أداؤها ثلث ساعة، كتب لك ثواب مليون ركعة يستغرق أداؤها في بلدك حوالي مائتي وواحد وثلاثين سنة على منوال محافظتك على السنن الرواتب في بلدك.2/ المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد :روى أبو هريرة t أن رسول اللهﷺ‬ قال : " صلاة مع الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده "[11] ،إن ما يحصل عليه الفرد من ثواب الصلاة المكتوبة منفرداً خلال خمس وعشرين أو سبع وعشرين سنة يمكن أن تكسبه أنت في سنة واحدة إذا صليت كل الصلوات المفروضة في المسجد مع الجماعة .  ولا تظن المرأة أنها محرومة من هذا الثواب المضاعف فإن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد  وذلك للحديث الذي روته أم حميد رضي الله عنها أنها جاءت النبي ﷺ‬ فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك فقال: " قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي ..."[12].3/ أداء النافلة في البيت :روى صهيب الرومي t أن رسول الله ﷺ‬ قال :" صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمساً وعشرين "[13] وهذا يعني أن مجموع الحسنات التي يحصل عليها من صلى النوافل في المسجد خلال خمس وعشرين سنة يمكن أن تكسبها أنت خلال سنة واحدة إذا صليتها في البيت، وكلما كان العمل خالصا لله كان الثواب عليه عظيما، فعِّود نفسك على الإخلاص واجعل للبيت نصيبا من صلاتك النافلة فإن في ذلك خيرا عظيما .4/ التحلي ببعض آداب صلاة الجمعة :هناك آداب نبوية عديدة ومهمة ليوم الجمعة ومنها ما يتعلق بموضوعنا في إطالة العمر ذكره الرسول ﷺ‬ في حديث واحد رواه أوس الثقفي : " من غسّل يوم الجمعة واغتسل ثم بكّر وابتكر، ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام ، فاستمع ولم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها"[14] فتخيل لو أديت هذه السنن وكانت المسافة من منزلك إلى الجامع ألف خطوة على الأقل فسيكتب الله لك ثواب ألف سنة أجر صيامها وقيامها ليس فيها سيئة واحدة . والمرأة يمكنها مشاركة الرجل في نيل هذا الثواب العظيم بحثها زوجها كل أسبوع على التحلي بآداب الجمعة ، فإن الدال على الخير كفاعله. 5/ المواظبة على صلاة الضحى: قال ﷺ‬ " ابن آدم ستون وثلاثمائة مفصل ، على كل واحد منها في كل يوم صدقة ، فالكلمة الطيبة يتكلم بها الرجل صدقة وعون الرجل أخاه على الشيء صدقة ، والشربة من الماء يسقيها صدقة ، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة "[15]. كم من الوقت ستحتاجه لكسب مثل هذا العدد من الصدقات ؟ ولو صليت كل يوم ركعتي الضحى ستكفيك لسداد دينك اليومي وتوفر وقتك وجهدك، فيا له من فضل عظيم ، قال ﷺ‬ : "يصبح على كل سلامى ( أي مفصل ) من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة،  وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة  ويجزئ من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى " [16]  الفرع الثاني : الحج والعمرة : لو قيل عن مسلم أنه حج ستين مرة فمعنى ذلك أن عمره ليس أقل من ستين سنة فكيف نصل إلى هذا العدد وأكثر منه ليفوق عدد حجنا وعمرتنا عدد سنين عمرنا ؟ للحصول على ثواب الحج والعمرة احرص على الأعمال التي يعدل ثوابها الحج والعمرة ومن ذلك :1/ تحجيج عدد من الناس بمالك كل عام قدر الإمكان :فقد حث النبي ﷺ‬ على الإكثار من الحج والعمرة إذ قال ﷺ‬ " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة "[17] كان الفقيه الزاهد مسلم بن يسار يحج كل سنة ويحجج معه رجالا من إخوانه تعودوا ذلك منه،كما عُرف عن عبد الله ابن المبارك رحمه الله ما يفعل في موسم الحج مع أهل مرو ، فلو حججت ثلاثة أفراد كل سنة تكسب بذلك ثواب ثلاث حجات كل سنة فكأنك أضفت إلى عمرك ثلاث سنين حججت في كل سنة منها .2/ صلاة الإشراق : قال ﷺ‬ " من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" [18] وهذه السُنة قلَّ من يعمل بها فحري بالمسلم الحرص على الأسباب التي تعينه على ذلك ومنها النوم مبكراً، وليحرص على هذا الفضل ولو كان هذا لمرة واحدة في نهاية الأسبوع حيث لا يشغله شاغل في هذا الوقت ليفوز بأجر حجة وعمرة كأنه عُمِّّر سنة كاملة فحج فيها واعتمر.3/ حضور دروس العلم والمحاضرات في المساجد :قال ﷺ‬ " من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته "[19] ، فليستحضر المسلم هذه النية عند حضور الدروس التي كثيرا ما نكسل عن حضورها بحجة أننا سنستمع إلى الشريط بعد صدوره وغيرها من أعذار وليحرص الشيخ المحاضر على إقامتها في المسجد لنيل هذا الثواب العظيم له ولمن يستمع لمحاضرته .4/ الاعتمار في شهر رمضان : قال ﷺ‬ لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان " ما منعك أن تكوني حججت معنا ؟ قالت : ناضحان كانا لأبي فلان ـ زوجها ـ حج هو وابنه على أحدهما ، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا ، قال: " فعمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي " [20] فلا تفوت أخي المسلم الفرصة ولو أن تقضي مناسك العمرة في ساعة ثم تعود إلى بلدك في نفس اليوم .5/ أداء الصلاة المكتوبة في المسجد :      قال ﷺ‬ " من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع (يعني صلاة الضحى) فهي كعمرة نافلة "[21] ، فمن حرص على التطهر قبل خروجه للصلاة وداوم على أداء المكتوبة جماعة في المسجد حصل بإذن الله على ثواب خمس حجج كل يوم أي ألف وثمانمائة حجة كل عام، فتخيل العدد كم يكون في عشر سنوات أو أكثر بكثير ! وهذا من فضل الله الذي امتن به على هذه الأمة أن جعل أعمارهم قصيرة وأجورهم مضاعفة، فإن المصلي ما إن يخرج من بيته متطهرا قد غسل الوضوء ذنوبه إلا وقد وُكِّل له ملائكة تصلي عليه وتستغفر له،  وخطواته إلى المسجد إحداها ترفعه درجة والأخرى تمحو عنه سيئة، ويفوز بثلاثة  استغفارات له من رسول الله ﷺ‬ إذا كان من أهل الصف الأول، ويفوز بالصلاة عليه من الله تعالى وملائكته ، ويحصل على أربع كفارات على أقل تقدير داخل الصلاة الواحدة ويفوز بثواب حجة، وغيرها من أجور وبركات، لا نعلمها، فمن فرط بكل ذلك فحاله أعظم من تفريط السفيه بماله بل يستحق لقبا أشنع من هذا. واقصر طريق لتعلق القلب بالمسجد يكون بالتعرف على ثواب الله الجزيل للمصلين فيه .6/ الصلاة في مسجد قباء :قال ﷺ‬ " من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة " وفي رواية للنسائي " من خرج حتى يأتي هذا المسجد مسجد قباء فصلى فيه كان له عدل عمرة "[22] . لذا فاحرص إذا شددت الرحال لمسجد رسول الله ﷺ‬ أن تكثر من زيارة مسجد قباء لتكسب أكبر قدر ممكن من أجور العمرة . الفرع الثالث : أن تكون مؤذنا أو تقول كما يقول المؤذن :أخبر رسول الله ﷺ‬ صحابته الكرام بمجموعة من فضائل المؤذنين والأذان حتى جاءه أحد الصحابة سائلا كيف يفوز بما فاز به المؤذنون ! فعن عبد الله بن عمرو y أن رجلا قال : يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا ، فقال رسولﷺ‬  : " قل كما يقولون ، فإذا انتهيت فسل تعطه " [23]  قل كما يقولون " أي ـ إلا عند الحيعلتين ـ فتقول لا حول ولا قوة إلا بالله، فيحصل لك الثواب مثلهم .فما الأجر والثواب الذي يحصل عليه المؤذن ؟                                                                                     فعن البراء بن عازب tأن نبي الله ﷺ‬  قال :" إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مدى صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس وله أجر من صلى معه " [24]  فتخيل لو كان في مسجد منطقتك على الأقل مائة مصلٍ فإذا كنت مؤذنا أو مجيبا للمؤذن فلك ثواب مائة مصلي إضافة إلى ثوابك الذي تقدم ذكره في فقرات سابقة والذي اشتمل على ثواب سبع وعشرين صلاة وثواب حجة وغيرها. ولا تعجب من فضل الله الواسع و لكن أعجب من غفلة الناس عن هذا الخير . فيا أخي المسلم هل ستقول كما يقول المؤذن ؟ أم ستفوت عليك هذا الأجر اليومي خمس مرات ؟  فلو يعلم الناس بهذا الفضل الكبير من الله لما انشغلوا بأحاديثهم وأعمالهم في أثناء الأذان، ولو علموا بهذا العطاء الجزيل لاحترموا الأذان إذا سمعوه ، وكذا صغارهم اقتدوا بآبائهم ؛ لأن الأذان أحد شعائر الإسلام البارزة. وكذلك المرأة المسلمة لها نصيبها من هذا الفضل العظيم فإذا قالت مثل ما قال المؤذن فإنها تكسب ما يكسبه المؤذن ، أي تكسب بعدد المصلين في المسجد حجات ، ولو لم تصل مع الرجال في المسجد ، ولها من الأجر والثواب ولو كانت في فترة الحيض والنفاس ، فلله الحمد والمنة على فضله الواسع .  الفرع الرابع :الصيــام :حث النبي ﷺ‬ أصحابه على صيام النفل طوال أيام السنة صيفا وشتاء وجعل أفضل الصيام  من صام نصف حياته وهو صيام داودu وهناك وسائل يمكن بها إطالة أعمارنا بطريق غير مباشر لكسب ثواب صيام أيام تزيد على سنوات أعمارنا .1/صيام أيام مخصوصة : إن صيامك اثنين وأربعين يوما في السنة سوى رمضان يكتب لك به ثواب صيام سبعمائة و عشرين يوما أي سنتين ،لكي تنال ثواب من يصوم الدهر بأقل جهد ودون الوقوع في النهي الوارد فما عليك إلا أن تقوم بالآتي:أ ـ المحافظة على صيام ست من شوال بعد رمضان لقوله ﷺ‬ "من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر " [25] ب ـ المحافظة على صيام أيام البيض من كل شهر عربي وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، قال ﷺ‬ " صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ، وأيام البيض : صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة " [26] ، أو صيام أي ثلاثة أيام شئت لقوله ﷺ‬ " من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر ، فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}[27]  اليوم بعشرة أيام " [28]  فإذا داومت على صيام هذه الأيام تحصل في نهاية الأمر على ثواب صيام دهرين كل عام وهي أيام تفوق سنوات عمرك فتأمل .2/ تفطير الصائمين :إذا أردت أن تكسب ثواب صيام يوم واحد فلا بد أن تمضي نهار ذلك اليوم ممسكا عن المفطرات فما رأيك أن تكسب ثواب صيام عدة أيام في ساعة واحدة،وذلك بتفطير الصائمين . لقوله ﷺ‬ " من فطر صائما كان له مثل أجره ، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا "[29]  ألا ترغب أن يسجل لك على الأقل ثواب من يصوم كصيام داود u؟ وذلك بأن تفطر مائة وثمانين صائما كل عام وهو ما يساوي نصف سنة . الفرع الخامس : قيام ليلة القدر  :احرص على قيام العشر الأواخر من رمضان ولو أن تضطر إلى تأجيل الأعمال الدنيوية فلعلك تحظى بقيام ليلة القدر ، فإن قيامك فيها تجارة عظيمة لا تعوض .فهي أفضل عند الله من عبادة ألف شهر ، قال سبحانه { ليلة القدر خير من ألف شهر }[30] ، أي ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريبا، فكيف يفرط مسلم عاقل بمثل هذا الأجر العظيم ؟ إنما عليه أن يحرص على أن يكون فيها ذاكرا لله ومسبحا له أو قارئا للقرآن أو قانتا لله يسأله السعادة في الدنيا والآخرة. قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره :" ومن أحياها فكأنما رزق أعمارا كثيرة " أ.هـو تأتي أهمية ليلة القدر أنها ليلة يحدد فيها مصير مستقبلك لعام قادم، ففيها تنسخ الآجال وفيها يفرق كل أمر حكيم . فاحرص أن تقضي ليلة القدر في الأعمال الصالحات لا أن تقضيها في الأسواق وأعمال اللغو حتى لاتخسر ذلك الأجر العظيم.  الفرع السادس :الجهاد :إن الحرص على الجهاد في سبيل الله تعالى بالنفس والمال أو بأحدهما هو أحد الوسائل المهمة لإطالة العمر الإنتاجي . قال رسول الله ﷺ‬ " مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة رجل ستين سنة "[31]، وقال ﷺ‬ : " من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه ، ومن مات مرابطا جرى له مثل ذلك من الأجر وأجري عليه الرزق وأمن الفتان "[32] ، فلا يفتك على الأقل أن تجاهد بمالك وأن تدعو غيرك إلى هذا الأمر اليسير فإن الله جل وعلا قدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في قوله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون }[33]  الفرع السابع :العمل الصالح في عشر ذي الحجة :اعلم أن العمل الصالح أيا كان نوعه في أيام عشر ذي الحجة قد يفوق ثواب الجهاد في بعض مراحله، قال رسول الله ﷺ‬" ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا : يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، فقال رسول الله ﷺ‬ " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ، ولم يرجع من ذلك بشيء " [34] .       إن كثيرا من الناس يجهلون قدر عشر ذي الحجة وأنها أفضل حتى من أيام رمضان لقوله ﷺ‬ :" أفضل أيام الدنيا أيام العشر " [35]، ومما ينبغي أن نعلم أننا نحتاج إلى مزيد مقاومة ومجاهدة للنفس والهوى و الشيطان في أيام عشر ذي الحجة لاستغلالها حيث لا تصفد الشياطين كما في رمضان .كان سعيد بن جبيرt إذا دخل العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه . ومن الأعمال المستحبة في هذه العشر : 1) أداء الحج ، وهذا أفضل أعمالها.2) الصيام وبالأخص يوم عرفة لغير الحاج ، فمن صامه كفرت عنه ذنوب سنتين .  3) صرف معظم الوقت في التهليل والتكبير والتحميد ، لقوله ﷺ‬ " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد "[36]. 4) الأضحية .5) تجنب تضييع الأوقات فيما لا ينفع .فلا تدع ساعات هذه الأيام العشر المباركة تمر عليك وأنت في سياحة وغفلة عن طاعة الله لأنها أفضل أيام الدنيا، فلا تحرم نفسك فيها من خصال الخير السابقة الذكر ، فقد لا تعود إليك أبدا. الفرع الثامن : تكرار بعض سور القرآن:       إنك بوقت قصير لا يتجاوز نصف دقيقة يمكنك أن تحصل على مثل ثواب ختم القرآن وملايين الحسنات بتكرار سورة الإخلاص ثلاث مرات فقط. قال ﷺ‬ لأصحابه: " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فشق ذلك عليهم ، وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : (قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وقل ياأيها الكافرون تعدل ربع القرآن) [37] .تذكر: ليس الهدف أن تعرف هذه المعلومات فحسب ولكن الهدف الأسمى أن تعمل بها أيضا .   إنك في أوقات انتظارك أو فراغك يمكنك أن تختم القرآن عدة ختمات ، دون أن يعلم بك أحد وأنت تكرر سورة الإخلاص . ولتنال أجرا مضاعفا أكثر فأخبر بهذا الفضل العظيم الأميين من الناس الذين يتمنون ختم القرآن ومنّ الله عليهم بحفظ سورة الإخلاص فليقرأوها وليكرروا قراءتها ليجدوا في صحائفهم إن شاء الله تعالى ذلك الأجر العظيم .ثم ليعلم المسلم أن تكراره لهذه السورة وحبه لها يدخله الجنة إن شاء الله تعالى كما حصل ذلك لأحد صحابة رسول الله ﷺ‬ إذ قال: يارسول الله إني أحب هذه السورة " قل هو الله أحد " ، قال : " إن حبك إياها يدخلك الجنة "[38] . الفرع التاسع : الذكر المضاعف :      هل تعرف الذكر المضاعف الذي أرشد إليه النبي ﷺ‬ ؟ إنه بحر خضم من الحسنات يغفل عنه كثير من الناس اليوم . النوع الأول : التسبيح المضاعف :      الحديث الأول: عن جويرية أم المؤمنين yأن النبي ﷺ‬ خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : " ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم ، قال النبي ﷺ‬ : "لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته " [39] . لقد جاء فضل الله على هذه الأمة ليدلنا على كلمات قصيرة جامعة يكتب الله بها ثوابا لا يحصيه العاد. تخيل عدد خلق الله في هذا الكون ، ثم ما مقدار عرش الرحمن الذي ستحظى بوزنه حسنات إن شاء الله؟ !!! فهل ستفارق مثل هذا التسبيح الجامع ؟ وهذه الحسنات الهائلة ، إضافة لذلك الأجر العظيم فإن من فوائد هذا الحديث التفكر في عظم مخلوقات الله وحقارة ابن آدم أمامها ومن ثم التفكر في عظمة الله الذي خلق هذا الكون المتناسق .الحديث الثاني: عن أبي أمامة  tقال : رآني النبي ﷺ‬ وأنا أحرك شفتي ، فقال : ما تقول يا أبا أمامة ؟ قلت : أذكر الله ، قال : " أفلا أدلك على ما هو أكثر من ذكر الله الليل مع النهار؟ تقول : الحمد لله عدد ما خلق والحمد لله ملء ما خلق ، والحمد لله عدد ما في السماوات والأرض ، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه ، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه ، والحمد لله عدد كل شيء والحمد لله ملء كل شيء ، وتسبح الله مثلهن ، ثم قال : تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك "[40] .أدع لك هذا الحديث فاحسب بنفسك و تصور مقدار الثواب الذي يمكن أن تكسبه من إمضائك الليل والنهار في ذكر الله لعلك بعد ذلك تتعلمه وتعلمه من بعدك استجابة لأمر نبيك ﷺ‬ !!النوع الثاني : الاستغفار المضاعف :        إذا أردت أن تكسب في اليوم الواحد على الأقل ألف مليون حسنة فاعمل بهذا الحديث الذي يقول فيه ﷺ‬ " من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات ، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة " [41] ومن المعلوم  بأن عدد المسلمين يتجاوز الألف مليون، وإن استغفارك لهم يعطيك الله بعددهم حسنات. إن هذا الحديث يعطينا دروسا كثيرة أهمها:                            (1) عمق رابطة الأخوة الإيمانية بين المسلمين. فالإسلام يحث كل المسلمين أن يدعو بعضهم لبعض في ظهر الغيب إذ كيف يعقل أن يحقد المسلم على أخيه وهو يستغفر له في ظهر الغيب ؟(2) إن الذي يحتجز الدعاء لنفسه ولا يذكر إلا ذاته ويتناسى إخوانه المسلمين إنسان أناني قد حرم نفسه من كثير من الخير والحسنات. (3) من دعا لأخيه بظهر الغيب ، ضمن الإجابة من الله تعالى بإذن الله فإن النبي ﷺ‬ يقول : " دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل ، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين و لك بمثل" [42] .       فإن كنت كيسا فطنا وأردت أن تستجاب دعوتك فلا تدع لنفسك فحسب، و إنما وجه هذا الدعاء لأحد أصدقائك أو أهلك وادع له بظهر الغيب ، كي يؤمِّن أحد ملائكة الله عليه، فلعل دعوتك تستجاب وتفوز بخيري الدنيا والآخرة . فهل ستتذكر أرحامك و أساتذتك وأصحابك فتدعو لهم ؟ الفرع العاشر : قضاء حوائج الناس:        إن بعض الناس يتأفف من لجوء الناس إليه لقضاء حوائجهم خاصة إذا كان ذا وجاهة أو سعة من المال ، ولا يدري أن من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، وأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه . قال رسول الله ﷺ‬ : " أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أعتكف في المسجد شهرا ، ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام ، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " [43]. إن مجرد أن تقضي لأخيك حاجة قد لا يستغرق أداؤها أحيانا نصف ساعة فإنه يسجل لك بها ثواب اعتكاف شهر واحد .     إن الموظف الذي يستقبل الجمهور وهو على مكتبه ليخدمهم وينجز معاملاتهم ، لو استحضر هذا الحديث و احتسب عمله فكم من السنوات سيسجل له ثواب اعتكافها يا ترى؟ فاحرص على قضاء حوائج إخوانك المسلمين ولاسيما من تصيبهم جوائح وكوارث ولا تدعهم عرضة لمنظمات معادية للإسلام تقدم لهم مساعدات إنسانية لتكسب ودهم ثم تستدرجهم إلى دينها ، واعلم أنه كلما كانت العبادة يتعدى نفعها إلى غيرك كان أجرها أعظم إذا احتسبتها عند الله .  "فعن أبي هريرة t قال : قال رسول الله ﷺ‬ : "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار " [44]  . إن سلفنا الصالح كانوا أحرص الناس على قضاء حوائج إخوانهم :• كان أبوبكر الصديق t  يحلب للحي أغنامهم، فلما استخلف قالت جارية منهم : الآن لا يحلبها، فقال أبوبكر : بلى، وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله . وكان عمر بن الخطاب t يتعاهد الأرامل فيستقي لهن الماء بالليل، كذلك لما مات علي بن الحسين t وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقل الجُرَبَ بالليل إلى منازل الأرامل.        أخي الكريم عود نفسك على أن لا تنتظر على شفاعتك وخدمتك لإخوانك أي مثوبة مادية أو معنوية من أحد غير الله جل وعلا؛ لئلا يذهب عنك أجر عظيم قد عرفت الآن جزءاً منه . إننا نسمع ونرى كثيرا من الناس يسعدون ويشرفون على حد زعمهم  بخدمة أصدقائهم بل وخدمة عامة الناس ، ولكنهم يتذمرون من خدمة والديهم وأرحامهم، فلا شك أن هذا عقوق عاقبته وخيمة في الدنيا قبل الآخرة تتمثل في تعجيل العقوبة و إنقاص العمر، قال ﷺ‬ : " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم " [45].المبحث الثالث : إطالة العمر بالأعمال الجاري ثوابها بعد الممات :       إن ما سبق ذكره من أعمال رغم عظيم ثوابها إلا أن هذا الثواب سينقطع بمجرد موت صاحبها وحيث أننا نطمع أن يكون لنا عمر إنتاجي أكبر وحسنات يجري علينا ثوابها بعد الممات بإذن الله كان لزاما علينا التعرف على الأعمال الجاري ثوابها بعد الموت لنسارع في تطبيقها قبل حلول الأجل .  وإن من فضل الله على هذه الأمة أن دلها على أعمال يجري ثوابها بعد الموت ويعتمد هذا الباب على حديث رواه أبو أمامة الباهلي t أن النبي ﷺ‬ قال:  "أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت رجل مات مرابطا في سبيل الله، ورجل علم علما فأجره يجري عليه ما عُمل به ، ورجل أجرى صدقة فأجرها يجري عليه ما جرت عليه ،( أي مدة بقائها جارية ) ، ورجل ترك ولدا صالحا يدعو له "[46] . فمن هذا الحديث يمكن تقسيم الأعمال الجاري ثوابها إلى ما بعد الممات إلى أربعة فروع هي كالتالي :الفرع الأول :الموت في الرباط :       عن سلمان الفارسي t أن النبي ﷺ‬ قال: "من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه ومن مات مرابطا جرى له مثل ذلك من الأجر وأجري عليه الرزق وأمن الفتان "[47]. الرباط هو ملازمة المكان بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين . انظر كيف أن المرابطة لفترة أربع وعشرين ساعة فقط يسجل ثوابها كمن قام شهرا و صامه .وتأمل من جاهد من الصحابة ومات مرابطا كم له من الأجر منذ قتل قبل 14 قرنا وحتى الآن وإلى قيام الساعة.     وتعال نتأمل بعض ما بُشِرَ به من مات في الرباط في سبيل الله لعلك تكون منهم ولو بصرف زكاتك و صدقاتك لهم . عن فضالة بن عبيد tأن رسول الله ﷺ‬ : "كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله ، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ، ويأمن من فتنة القبر "[48] . لعلك لاحظت من الحديث بأن الوحيد الذي ينمو له عمله بعد موته هو المرابط في سبيل الله فهل تشارك في هذا المجال العظيم الذي كان يتسابق عليه السلف و يصبر بعضهم بعضا عليه ؟الفرع الثاني :الصدقة الجارية :      وهي الصدقة الدارة المتصلة كالوقوف المرصودة لأبواب البر وأنواعه كثيرة، روى أبو هريرة t أن رسول الله  ﷺ‬قال :" إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره ، وولدا صالحا تركه ، ومصحفا ورثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو نهرا أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته "[49] وروى أبو هريرة  tأن النبي  ﷺ‬ قال : " يقول العبد مالي ، مالي ، إنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى ( أي ادخر ثوابه في الآخرة ) وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " [50]، لذا فإذا كنت حريصا على الثراء والغنى الحقيقي فأكثر من الصدقة وبالأخص الجارية منها فإنها رصيدك الفعلي ، وما سوى ذلك فهو ليس لك و إنما لورثتك .ألا تريد أن تكون كمثل عثمان  tالذي اشترى بماله الجنة ثلاث مرات حتى قال عنه ﷺ‬" ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم "قالها مرتين )[51] وقد أباح الله للمسلم أن يجعل الثلث من ماله صدقة فهل نبادر إلى هذه الفرصة قبل فوات الأوان ؟ قال ﷺ‬ : " إن الله عز وجل أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم "[52] و قال جابر t :" لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ﷺ‬  ذو مقدرة إلا وقّف "[53] ولا شك أن كل من سيقدم لنفسه صدقة سيثيبه الله عليها أجرا عظيما بإذن الله لقوله تعالى: { وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم }[54] ولتفكر بعقلية تجارية لكسب مزيد من الحسنات كيف تستثمر مالك ووقتك لتزيد من حسناتك ؟ فكر كما يفكر التجار في أمر دنياهم كيف ينفقون قليلا ليربحوا كثيرا، ينبغي عليك أن تفكر كتفكيرهم ولكن في أمر آخرتك. فَلِمَ لا تتاجر مع ربك فتنتقي العمل الذي يدر لك أجرا أكثر من غيره؟ فإن ابن عباس رضي الله عنهما ترك اعتكافه في مسجد رسول الله ﷺ‬ الذي يتضاعف فيه ثواب الصلاة إلى ألف صلاة فيما سواه ، لمجرد أن جاءه رجل في حاجة فخرج معه لحاجته ، لعلمه بأن قضاء حوائج الناس خير من اعتكافه شهرا كاملا في المسجد النبوي الشريف. تلك عقلية تجارية تنتقي الأجر الأعظم طالما أن كلا العبادتين المخير بينهما من السنن الفاضلة . فبادر بالمساهمة بمالك في مشاريع الصدقة الجارية مع الهيئات الخيرية الموثوقة فهي تحمل العبء عنك .الفرع الثالث : تربية الولد على الصلاح :      إن ولدك الصالح عمر إضافي لك وامتداد لحسناتك بعد موتك وبوجوده لن تنقطع حسناتك بعد وفاتك بإذن الله، وهذا مصداق حديث النبي ﷺ‬ " ... وولد صالح يدعو له... " أيها الأب إنك ستعرف قيمة ولدك الصالح إذا وسدت في القبر فرأيت الهدايا تلو الهدايا من ثواب استغفار أو صدقة أو حج أو دعاء تصل إليك من ذلك الولد البار وساعتها ستعرف ثمرة تربيتك وتشجيعك له على التمسك بالدين ومخالطة الصالحين ، وأما الابن الطالح ففي الغالب لن يعرف عن أبيه إلا كم خلف من مال أو عقار ولا حول ولا قوة إلا بالله، فابذل جهدك على إصلاح ولدك ليكن ذخرا لك بإذن الله تعالى . قال ﷺ‬ : " إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول أي رب أنى لي هذه ؟ فيقول باستغفار ولدك لك"[55] .الفرع الرابع : تعليم الناس :من الأعمال الجاري ثوابها بعد الممات تعليم الناس الخير ويكون ذلك بطريقين اثنين : ( أ ) نشر العلم وكتابته :إن من خير العبادات التي يمكن التقرب بها إلى الله تعالى بعد الفرائض تعلم دين الله وتعليمه, تفَّكر معي قليلا في الصحابي الجليل أبو هريرة t الذي روى لنا أكثر من خمسة آلاف حديث يقرأها معظم المسلمين ، وتفكر في ثوابه الذي لم ينقطع منذ ألف وأربعمائة سنة إلى اليوم وإلى قيام الساعة بإذن الله ، ومن دَوَّنْ هذه الأحاديث من العلماء و الأئمة ، فتخليد العلم يكون بتدوينه ونشره للأجيال فإن لم تستطع أن تؤلف الرسائل والكتب فادعمها ماديا وانشرها بين الناس بإهدائها لهم . قال ﷺ‬ : " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له "[56] .(ب) الدعوة إلى الله :       من طرق نشر العلم الدعوة إلى الله فهي وظيفة الأنبياء والرسل قال الله تعالى : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين }[57] .إن للدعوة أهمية كبيرة يغفل عنها الداعي و المدعو، إنك إن دللت إنساناً إلى الله فاستقام فلك مثل أجر صلاته وتسبيحه وجميع صالح أعماله، فماذا لو قام هذا الشخص بدعوة غيره ؟ فلك مثل أجورهم ولو كنت في قبرك، قال ﷺ‬ " من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة ، كان عليه من الإثم ، مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا " [58]       واعلم أن دعوتك لغيرك عمر إضافي لك، فلو علمت شخصا كيف يطيل عمره الإنتاجي بكسب آلاف الحسنات فإن لك مثل أجره، ولو علمت ذلك لأكثر من شخص  فانظر كم سيكون طول عمرك الإنتاجي ؟  ألا تستنتج أن مجال الدعوة إلى الله هو اكبر وأخصب مجال يمكن أن تطيل فيه عمرك الإنتاجي ؟ فليكن لك نصيب في دفع عجلة الاستقامة بين أفراد مجتمعك .                          المبحث الرابع : إطالة العمر باستغلال الوقت   أهمية استغلال الوقت :        وقتك هو حياتك ورأس مالك، و بعبارة أخرى هو عمرك فإياك أن تضيع دقيقة منه في غير طاعة، كان عبد الله بن مسعود t يقول: " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي " وروى أبو هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ‬ : " ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة ( أي نقص أو حسرة)، وما من رجل مشى طريقا فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة ، وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله إلا كان عليه ترة "[59].  ولو قرأت سير بعض السلف في كيفية استغلال أوقاتهم واحترازهم من التفريط في أي لحظة لسَخِرت من جدول حياتك اليومي، وقد كان بعضهم أشد حرصا على وقته من حرصنا اليوم على أموالنا.فهلا تداركت وقتك لاستغلاله فيما ينفعك من عمل الدنيا والآخرة ومتى نستفيق من غفلتنا وندرك سر وجودنا ؟! كن مثاليا في استثمار وقتك ، بأن لا تعطل سمعك أو لسانك عن فعل الخير ما دمت مستيقظا فإنك لا تدري متى تقف دقات قلبك فحاول أن تصرف وقتك في المسارعة لكسب مزيد من الحسنات.          اغتنم حياتك قبل موتك : إن تفاوت أعمار البشر من أسرار الله في خلقه ،فترى هذا يموت لعمر يناهز الستين وآخر يموت وهو في الثلاثين فكل يعطى فرصته في الحياة ليرى الله كيف يعمل العاملون، فهل ستغتنم فرصتك في الحياة قبل أن تنتهي ؟! إذا علمت انك منذ أن تولد يبدأ عليك العد التنازلي في ساعات عمرك فابدأ أنت بالعد التصاعدي في جمع الحسنات لإطالة عمرك، قال عمر بن عبد العزيز : " إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل، أنت فيهما ".ألا تسأل عن خبر رجلين توفيا في زمن النبي ﷺ‬  فتعرف سبب تفاوت درجتيهما في الجنة ؟ فعن أبي هريرة t قال: كان رجلان من بلي (اسم منطقة أو حي ) من قضاعة ، أسلما مع رسول الله ﷺ‬ فاستشهد أحدهما وأُخّر الآخر سنة ، فقال طلحة بن عبيد الله : فرأيت المؤخر منهما أُدخل الجنة قبل الشهيد ، فتعجبت لذلك فأصبحت فذكرت ذلك للنبي ﷺ‬ ، أو ذُكر لرسول ﷺ‬ ، فقال رسول الله ﷺ‬ " أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آلاف ركعة وكذا وكذا ركعة صلاة سنة ؟ "[60] فاحمد الله على أن أمهلك، فزيادة العمر منحة ربانية يعطيها من يشاء من عباده، فادَّخر راحتك في قبرك وقلل من لهوك ونومك فإن من ورائك نومة طويلة صبحها يوم القيامة!!!المسارعة إلى التوبة:        فبادر  أخي المسلم إلى الله وارجع إليه تائبا راغبا وأصغ إليه وهو يدعوك بقوله: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين }[61]  فليس من أسرع إلى الله كمن أبطأ عنه .توبة الخواص :         إن المسلم الحريص على إطالة عمره ينبغي أن يرتقي بفهمه وهمته فيعتبر إهدار وقته في المباحات والغلو فيها معصية في حق نفسه ينبغي المسارعة بالتوبة منها .يقول ابن القيم رحمه الله : " وتوبة الخواص تكون من تضييع الوقت في لغو أو لهو ، فإنه يفضي إلى درك النقيصة ويطفئ نور المراقبة ، وأما الحافظ لوقته فهو مترق على درجات الكمال ، فإذا أضاعه لم يقف موضعه ، بل ينزل إلى درجات من النقص ، فإن لم يكن في تقدم فهو متأخر ولابد ، فالعبد سائر لا واقف فإما إلى فوق وإما إلى أسفل ، إما إلى أمام وإما إلى وراء ، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة ، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار ، فمسرع ومبطئ ، ومتقدم ومتأخر ، وليس في الطريق واقف البتة ، وإنما يتخالفون في جهة السير وفي السرعة والبطء {إنها لإحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر }[62] ولم يذكر واقفا ، إذ لا منزل بين الجنة والنار ، ولا طريق لسالك إلى غير الدارين البتة فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة .[63] احتساب الأعمال المباحة في حياتك :        من استغلال الوقت : احتساب الأعمال المباحة في حياتك والمباح: ما لا يثاب فاعلة، ولا يعاقب تاركه ومنه الأكل والشرب والنوم واللهو البرئ وغيره ولا غنى للإنسان عن هذه المباحات فإن احتساب مثل هذه المباحات بأن تنوي بها التقوي على الطاعة والكف عن المعاصي فقد تؤجر عليها بإذن الله، وبهذا الأسلوب تكون استغللت جزءا كبيرا من عمرك الزمني وأضفته إلى عمرك الإنتاجي لكسب الحسنات .      قال ابن رجب : " ومتى نوى المؤمن بتناول شهواته المباحة التقوي على الطاعة كانت شهواته له طاعة يثاب عليها ، كما قال معاذ بن جبل : إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي ، يعني أنه ينوي بنومته التقوي على القيام في آخر الليل فيحتسب ثواب نومه كما يحتسب ثواب قيامه " أ.هـ .      إن احتسابك للعمر الضائع من حياتك كالنوم ونحوه لن يكلفك شيئا لكنه وسيلة إضافية لإطالة عمرك الإنتاجي. الفصل الثالث كيف تحافظ على عمرك الإنتاجي    أخي المسلم هل بعد هذا الخير الذي ستعمله إن شاء الله لتزيد من رصيدك في الآخرة ستفكر في المعاصي وتضيع العمر في ما لا ينفع؟ ألا ينبغي عليك المحافظة على هذه الأعمال في صندوق الإخلاص حتى تلقى الله بها يوم القيامة؟ لذا اعمل بتلك الأعمال المضاعفة واحذر بعد ذلك من أربعة أمور لتحافظ على حسناتك .أولا : احذر  محبطات الحسنات :       اعلم أن هناك معاص من كبائر الذنوب تحبط الحسنات وترجح كفة السيئات فاعرفها واحذر منهافإن اقتراف ذنب واحد من هذه المحبطات كفيل أن يحبط حسناتك ولو كانت كأمثال الجبال، روى ثوبان حديثا أقض مضاجع الصالحين فقال : قال رسول الله : ﷺ‬ " لأعلمنّ أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا "، قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا جلّهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ، قال : " أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " [64].ثانيا : احذر العجب والغرور بالعمل :       إياك والعجب والغرور بكثرة أعمالك الصالحة فتمنّ بها على ربك فتردى، وقد نهى الله عز وجل عن ذلك بقوله { ولا تمنن تستكثر }[65] ولهذا حذر السلف رحمهم الله من خطر العجب بالعمل فقال عبد الله بن مسعود : t " النجاة في اثنين التقوى والنية ، والهلاك في اثنين القنوط والإعجاب " .       ومن آفات العجب بكثرة العمل الصالح :أن تجد أحدهم يبقي حسناته في مخيلته لا يذكر سواها حتى يظن أنها تكفيه لدخول الجنة بينما هو غافل عن سيئاته. قال سلمة بن دينار : إن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها وما خلق الله من سيئة أضر له منها وإن العبد ليعمل السيئة حتى تسوءه حين يعملها ، وما خلق الله انفع له منها وذلك أن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها فيستجبر فيها ويرى أن له بها فضلا على غيره ولعل الله تعالى أن يحبطها ويحبط معها عملا كثيرا، وإن العبد حين يعمل السيئة تسوؤه حين يعملها ، ولعل الله تعالى يحدث له بها وجَلاَ يلقى الله تعالى وإن خوفها لفي جوفه باق " .من وسائل علاج العجب بكثرة الأعمال الصالحة :( أ ) أن تعلم أن ما وفقت إليه من عمل صالح إنما هو بفضل الله لقوله تبارك وتعالى :{ وما بكم من نعمة فمن الله }[66] .(ب) وأن تعلم أن هناك من العباد من يكسب أكثر منك ثوابا كأصحاب البلاء الصابرين عليه فإنهم يثابون عليه بغير حساب ، قال تعالى : { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}[67] فلا تغتر بكثرة عملك الصالح فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة .(ج) أن تعلم أنك مهما كسبت من ثواب فإنك ستحقره يوم القيامة لهول ذلك اليوم . قال ﷺ‬ " لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله تعالى لحقره يوم القيامة "[68] .( د) أن لا تثق بكثرة عملك لأنك لا تدري أقُبِلَ أم لا، قال ابن عون : " لا تثق بكثرة العمل فإنك لا تدري أيُقبل منك أم لا، ولا تأمن ذنوبك فإنك لا تدري كُفرت عنك أم لا، إن عملك مغيب عنك كله". ا.هـ .       قالت عائشة رضي الله عنها : سألت رسول الله ﷺ‬ عن هذه الآية { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : لا يا ابنة الصديق ، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات" [69] .ثالثا: احذر الاعتداء على حقوق الناس :         إياك أن تؤذي إخوانك المسلمين بأي أعضائك و تجنب بخس الناس حقوقهم فإنك إن فعلت أخذوا ما جمعت من حسنات يوم القيامة ليستوفوا حقوقهم. صح عن أبي هريرة tأن رسول الله ﷺ‬ قال: " أتدرون ما المفلس ؟ ، قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال " إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه ، أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار "[70].رابعا: احذر السيئات الجارية :         إذا حرصت على الحسنات الجاري ثوابها بعد الممات فاحذر كل الحذر من السيئات الجاري إثمها إلى ما بعد الموت، قال ﷺ‬ :    " من سنَّّّّ في الإسلام سُنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا "[71]. قال الشاطبي : وطوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة ، يعذب بها في قبره ويُسأل عنها إلى انقراضها. وقال حبيب أبو محمد : إن من سعادة المرء إذا مات ماتت معه ذنوبه، ومثال من لم تمت ذنوبه معه ما يفعله بعض الآباء مع أبنائهم حين يمنعونهم من الالتزام بالإسلام أو حين يشترون الأفلام والأشرطة المحرمة شرعا ويتركونها أمامهم فليحذر المسلم مثل تلك السيئات الجارية التي لا تزرع  سوى الانحلال في بيوت المسلمين .الخلاصة :     هدف المسلم يختلف عن كافة الناس ذلك أن هدفه عبادة الله وأن يستغل وقته بالارتقاء بالأعمال الصالحة ليرفع الله درجاته يوم القيامة وأكبر مشكلة يواجهها من هذا همه هي قصر العمر، فتم تناول العديد من الأعمال الصالحة التي تزيد من العمر .الخاتمة :         لا يسعني إلا أن أجدد دعوتي لك بتقوى الله عز وجل سرا وعلنا واغتنام فرصة حياتك قبل مماتك، فمعظم ما جاء في هذا الكتاب لا يخرج عن دائرة معلوماتك ولكنها دعوة وتذكير لشحذ الهمم لبعض الأعمال الصالحة بمعرفة ثوابها، قال أبو عبد الله البراثي : من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال .  وأنصح إخواني بقراءة أصل هذا الكتاب وهو بعنوان : ( كيف تطيل عمرك الإنتاجي ؟ ) فهو بحق جدير بالقراءة، سائلا المولى القدير أن يثيب مؤلفه وكل من ساهم في إخراجه وتوزيعه وأن ينفع به كل من قرأه إنه سميع مجيب جواد كريم.  و صلى الله وسلم على خير البرية وهادي البشرية نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .  [1] سورة محمد (12)[2] صححه الألباني( 2 )[3] متفق عليه[4] الوقت في حياة المسلم ص55[5] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني رحمهما الله  [6] صححه الألباني في صحيح الجامع رقم(3766).[7]  صححه الألباني في صحيح الجامع رقم (5726 )[8]  صححه الألباني في صحيح الجامع رقم (1932)[9]  رواه البخاري [10] رواه الإمام احمد وصححه السيوطي[11] رواه الإمام مسلم [12] رواه الإمام أحمد والطبراني وابن خزيمة وصححه الألباني .[13] صححه الألباني في صحيح الجامع رقم (3821)[14] صحيح الجامع (6405)[15]  صحيح الجامع (42)[16] رواه مسلم وأبو داود[17] صححه الألباني في صحيح الترمذي (650)[18] حسنه الألباني في صحيح الترمذي [19]  صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب[20]  رواه البخاري[21]  حسنه الألباني في صحيح الجامع[22]  صححه الألباني في صحيح الجامع[23] صححه الألباني في صحيح الجامع[24]  رواه الإمام أحمد وصححه الألباني . [25] رواه مسلم بهذا اللفظ[26] حسنه الألباني في صحيح الجامع[27] الأنعام ( 160)[28]  صححه الألباني في صحيح الترمذي[29] صححه الألباني في صحيح الجامع [30] سورة القدر[31]  صححه الألباني في صحيح الجامع[32]  رواه مسلم والنسائي واللفظ له والحاكم[33] الصف آية ( 9 ،10) [34] رواه أحمد والبخاري والترمذي واللفظ له وأبو داود[35] ( صححه الألباني في صحيح الجامع )( 1133)[36]  رواه الإمام أحمد[37]  صححه الألباني في صحيح الجامع (4405) . [38]   صححه الألباني في صحيح الترمذي[39]  رواه مسلم واللفظ له وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والنسائي[40]  صححه الألباني في صحيح الجامع[41]  حسنه الألباني في صحيح الجامع[42] رواه مسلم[43] حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة ، وفي صحيح الجامع[44] رواه البخاري[45] صححه الألباني في صحيح الترمذي[46]  حسنه الألباني في صحيح الجامع رقم[47]  رواه مسلم والنسائي والحاكم                                                                        [48] صححه الألباني في صحيح الجامع [49]  حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترغيب [50]  رواه مسلم [51]  حسنه الألباني في صحيح الترمذي[52] حسنه الألباني في صحيح الجامع[53]  حسنه الأرنؤوط والألباني [54] المزمل (20 ) [55]  رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع [56]  رواه مسلم [57] فصلت 33[58] رواه الإمام مسلم وأبو داود والترمذي[59] رواه أحمد وحسن إسناده الأرنؤوط في جامع الأصول [60] صححه الألباني في صحيح الترغيب[61] آل عمران (132)[62] ( المدثر37 )[63] تهذيب مدارج السالكين [64] صححه الألباني في السلسلة الصحيحة وفي صحيح ابن ماجة]                        [65] سورة المدثر آية (6)[66] سورة النحل آيه (53)[67] سورة الزمر آيه (10)  [68] صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة[69] صححه الألباني في صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجة[70] رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي[71] رواه مسلم والترمذي والنسائيٍ   

المرفقات

3

مختصر كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجي
مختصر كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجي
مختصر كتاب كيف تطيل عمرك الإنتاجي