الوارث
كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...
العربية
المؤلف | ملتقى الخطباء - الفريق العلمي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان - التوحيد |
عندما يستسلم العبد لله -جل وعلا-، ويستشعر العز في وحدانيته، والقوة في أن ربه واحد أحد فرد صمد، لا شريك له ولا ولد، عزَّ عن النظير والشبيه، ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، يستشعر الفخر والعزة؛ إذ ليس فيه شركاء متشاكسون، بل هو سلم لسيد واحد ورب واحد، فلا آمر له سواه، ولا متصرف فيه غيره، ولا مدبر للأمور إلا الله الواحد الأحد -سبحانه وتعالى-.
الخطبة الأولى:
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور النهار على الليل والليل على النهار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الرسل وإمام الأبرار، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه الأطهار.
عباد الله: اتقوا الله حق تقاته، وعظموه حق تعظيمه، وكونوا مع الله الواحد الأحد، وأطيعوا ربكم فهو الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، سبحانه خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى، السماء بناها والجبال أرساها، والأرض دحاها، أخرج منها ماءها ومرعاها، يبسط الرزق ويغدق العطاء، ويرسل النعم -سبحانه وتعالى-.
واعلموا أنه الواحد الأحد -سبحانه-،كل يوم هو في شأن: يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويرفع قومًا، ويضع آخرين، يحيي ميتًا، ويميت حيًا، ويجيب داعيًا، ويشفي سقيمًا، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، يجبر كسيرًا، ويغني فقيرًا، ويعلّم جاهلاً، ويهدي ضالاً، ويُرشد حيرانًا، ويغيث لهفانًا، ويفك عانيًا، ويشبع جائعًا، ويكسو عاريًا، ويشفي مريضًا، ويعافي مبتلى، ويقبل تائبًا، ويجزي محسنًا، وينصر مظلومًا، ويقصم جبارًا، ويقيل عثرةً، ويستر عورةً، ويؤمن روعةً. سبحانه؛ أضحك وأبكى، وأمات وأحيا، وأسعد وأشقى، وأوجد وأبلى، ورفع وخفض، وأعز وأذل، وأعطى ومنع، ورفع ووضع وحده لا شريك له.
وتوبوا إليه -سبحانه- وثقوا أن من أقبل إليه، تلقاه من بعيد، ومن أعرض عنه ناداه من قريب، ومن ترك من أجله أعطاه فوق المزيد، ومن أراد رضاه، أراد ما يريد، ومن تصرف بحوله وقوته ألان له الحديد، أهل ذكره هم أهل مجالسته، وأهل شكره هم أهل زيادته، وأهل طاعته هم أهل كرامته، وأهل معصيته لا يقنطهم من رحمته؛ إن تابوا إليه فهو حبيبهم، وإن لم يتوبوا فهو رحيم بهم، يبتليهم بالمصائب ليطهرهم من المعايب، يشكر اليسير من العمل، ويغفر الكثير من الزلل.
عباد الله: عندما يستسلم العبد لله -جل وعلا-، ويستشعر العز في وحدانيته، والقوة في أن ربه واحد أحد فرد صمد، لا شريك له ولا ولد، عزَّ عن النظير والشبيه، ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، يستشعر الفخر والعزة؛ إذ ليس فيه شركاء متشاكسون، بل هو سلم لسيد واحد ورب واحد، فلا آمر له سواه، ولا متصرف فيه غيره، ولا مدبر للأمور إلا الله الواحد الأحد -سبحانه وتعالى-.
أيها المؤمنون: اعلموا أن في القلب شعثًا لا يلمّه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى لقائه، وفيه فاقة لا يسدّها إلا محبته والإنابة إليه، ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، ولو أُعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبدًا.
أيها المسلمون: لقد عُنِيَ كتاب الله العظيم في جزء كبير منه بقضية التوحيد، وتنوعت آياته إثباتًا وتأصيلاً، وإقناعًا وحوارًا، ومجادلة وإخبارًا، وقصصًا، ويكاد يكون الجزء الأكبر منه يتحدث عن توحيد الله -سبحانه-, وتقرير اسم الله الواحد والأحد في الأذهان قبل الآذان, قال الله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 163], وقال الله تعالى: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16], وقال الله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) [الإخلاص:1]، وقوله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [يوسف: 39]، وقوله -سبحانه-: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [إبراهيم: 48], وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [ص:65].
وقد أثنى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على ربه بالوحدانية، وهو أعرف الخلق بربه، وقد ورد في السنة شواهد كثيرة، ومن ذلك حديث مِحْجَن بْن الْأَدْرَعِ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: "اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"، قَالَ: فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ, ثَلَاثًا" [أحمد (18974) وأبو داود وغيرهما، وصححه الألباني].
وجاء في الحديث أنَّ مَنْ نَسَبَ لله تعالى الولد فقد شتمه، ومن ثَم يكون قد انتقص جناب الوحدانية، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "قَالَ اللهُ: كَذَّبَني ابنُ آدمَ، وَلمْ يَكُنْ لَهُ ذَلكَ، وَشَتمني، وَلمْ يَكُنْ لَه ذَلكَ، فَأمَّا تَكْذيبهُ إيَّاي فَقوْلُهُ: لَنْ يُعيدني كَما بَدَأَني، وَليسَ أولُ الْخلق بأهونَ عَلىَّ مِنْ إعادته، وَأَمَّا شَتْمُهُ إيَّاي فَقولُهُ: اتخذ اللهُ وَلدًا، وَأنا الأَحدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلمْ يَكْنْ لي كُفْؤًا أَحَدٌ" [البخاري (4482)] وعن عائشة -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا تَضَوَّرَ -استيقظ أو أرق- عَنِ اللَّيْلِ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ" [صحيح ابن حبان(5530) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة].
ومن لم يقرّ بوحدانيّة الله في هذه الحياة الدنيا فسيقرّ بها رغمًا عن أنفه يوم يقف يوم بين يدي الواحد القهّار, فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: "يُنَادِي مُنَادٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ, أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ، فَيَسْمَعُهَا الأَحْيَاءُ وَالأَمْوَاتُ، وَيَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُنَادِي: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" [الحاكم (3637) وقال على شرط مسلم، وصححه الألباني في مختصر العلو].
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود -رضي الله عنه-، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَضَعَ اللهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ، قَالَ فُضَيْلٌ: وَهَذِهِ وَهَذِهِ، وَهَذِهِ وَهَذِهِ، وَالثَّرَى وَالْمَاءُ وَسَائِرُ الْخَلْقِ عَلَى هَذِهِ، ثُمَّ هَزَّهُنَّ، فَقَالَ: "أَيْنَ الْمُلُوكُ لِمَنِ الْمُلْكَ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ"، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: (وَمَا قَدَرُوا اللهِ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ) [الزمر: 67] [أخرجه النسائي(7640) واللفظ له، وأصل الحديث متفق عليه مخرّج في الصحيحين]. وَعَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَمْسَى قَالَ: "أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" [كنز العمال (4951)].
يا عباد الله: الواحد لغة: هو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه أحدٌ، لا ثاني ولا شريك له، ولا مثيل ولا نظير له، ليس كمثله شيء. والواحد -سبحانه- هو القائم بنفسه الذي لا يعتمد على غيره، المنفرد بالكمال والعظمة فلا يفتقر إلى غيره أزَلاً وأبَدًا، فهو -سبحانه- كان ولا شيء قبله، ولا شيء معه، وما يزال بأسمائه وصفاته وذاته واحدًا، أولاً قبل خلقه، والمخلوقات لم تزده كمالاً كان معدومًا، أو تزيل عنه عيبًا كان موجودًا، ووحدانيته قائمة على معنى الغنى بالنفس والانفراد بكمال الوصف, فهو الأحد في حياته وقيوميته، وعلمه وقدرته، وليس له من يشاركه في ذرة من ذرات ملكه العظيم، أو يخلفه في تدبير خلقه.
والواحد الأحد -سبحانه- هو الذي توحّد في كل كمال، وتسمى بأحسن الأسماء، واتصف بأعلى الصفات، الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، له وحده صفات الكمال والجلال، والجمال والكبرياء: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [طه: 8]، وكلمة الإخلاص والوحدانية هي قمة العبودية والمرتكز الذي يدور عليه رحى الإسلام، وخير ما قاله النبيون وأتباعهم، وتعني لا معبود بحق ولا مألوه يستحق الحب والخوف والرجاء إلا الله وحده، -سبحانه-.
وهو الواحد الأحد، الذي يجب أن تُصرَف العبادة له وحده لا شريك له، فهو أجلّ وأعظم من أن يُشرَك به -سبحانه-، تفرد بالوحدانية، فالعبادة خالصُ حقِه، فلا يجوز صرفها لغيره, كما قال -سبحانه-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162- 163].
كما أنه الواحد الذي توحّد بجميع الكمالات، بحيث لا يشاركه فيها مشارك, فيجب على العبد توحيد ربه، اعتقادًا وقولاً وعملاً، وأن يعترف بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية، ويفرده بأنواع العبادة وحده لا شريك له.
أيها المسلمون: إن المتدبر في آيات الله المنظورة في الكون والمقروءة في القرآن يجدها دالّة على وحدانيّة الله -تبارك وتعالى-، وعلى أنه الواحد الأحد، وصدق من قال:
وفي كل شيء له آية | تدل على أنه الواحد |
واعلموا -إخواني- أن وحدانية الله لا يثبتها النقل فحسب, بل الأدلة العقلية تثبتها أيضًا, وقد أشار ابن القيم إلى بعض الأدلة العقلية الدالة على وحدانية رب البرية، فقال ما ملخصه: إنَّا لو قدَّرْنا وجودَ إلهين اثنين, وفرضنا أمرين متضادين, وقدّرنا إرادة أحدِهما لأحد الضدين، وإرادة الثاني للثاني، فلا يخلو من أمور ثلاثة: إما أن تنفذ إرادتهما, أو لا تنفذ, أو تنفذ إرادة أحدهما دون الآخر، ولما استحال أن تنفذ إرادتهما معًا؛ لاستحالة اجتماع الضدين، واستحال أيضًا ألا تنفذ إرادتهما لتمانع الإلهين.
ومن ثَم لا يجوز أن يكون في السماوات والأرض آلهة متعددة، بل لا يكون الإله إلا واحدًا، وهو الله -عز وجل-، ولا صلاح للسموات والأرض بغير الوحدانية، فلو كان للعالم إلهان ربّان معبودان لفسد نظامه، واختلت أركانه، قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنبياء:22]. [طريق الهجرتين ص46].
وهذا دليل العقل على أن الله -سبحانه- هو الإله الواحد الأحد، لا إله إلا هو وحده، ولا شريك له في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر، الأحد الذي لا شبيه له ولا نظير له، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الشورى: 11].
يا عباد الله: إن اسمَ الله الواحد يدل على ذات الله وعلى صفة الوحدانية، وعلى تفرد الله بالحياة والقيومية، والسمع والبصر، والعلم والمشيئة والقدرة، والغنى والقوة، والعلو والقهر والعظمة، والهيمنة والكبرياء والعزة، إلى غير ذلك من صفات الكمال.
واعلموا -أيها الإخوة- أن وحدانية الله تدل على علوه فوق خلقه، فالذي علا بذاته وارتفع ارتفاعًا مطلقًا فوق الكل هو الذي ينفرد بالوحدانية والعظمة والمجد، والله -عز وجل- منفرد في علوه، مستوٍ على عرشه، بائنٌ من خلقه، لا شيء من ذاته في خلقه، ولا شيء من خلقه في ذاته، يعلم أعمال الخلق، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، لا تخفى عليه منهم خافية، وهو مع ذلك منفرد بكل معاني الكمال، منزّه عن النقائص والعيوب التي تنافي معاني الألوهية والربوبية، فتعالى الله في أحديته عن الشريك والظهير، والولي والنصير، وتعالى في صمديته عن الصاحبة والولد، وأن يكون له كفوًا أحد، فلا إله إلا الله ما أجهل من عصاه، وضل عن طريقه، وعبد سواه!.
وتيقنوا -إخوتاه- أن الله الواحد تعالى وتقدس في كمال حياته، وقوميته، ومشيئته، وقدرته، وتعالى في كمال حكمته وحجته، وتعالى في كمال علمه عن الغفلة والنسيان، وعن ترك الخلق سدى دون غاية لخلق الجن والإنسان. وإن البشرية كلها ستظل في مرارة التيه وغفلة الضلالة ما لم تقر وتجيب إجابة الموقن المعترف بما جاء في هذه الآيات العظيمة الدالة كلها على وحدانية الله المنعم المتفضل -سبحانه-، قال تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [النمل: 59 - 64].
فلا إله إلا الله، الواحد الأحد الفرد الصمد، خلق الخلق، وفطرهم، وبرأهم، وصورهم فأحسن صورهم، يدبر لهم أمورهم، ويجري عليهم من خيره ومنّه الكثير، وصدق الله: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ) [النمل: 73].
اللهم املأ قلوبنا ثقة بك، ومحبة لك، وتوكلاً عليك، وتوحيدًا لك، وارزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال، ونجنا من الشرك وأهله، واجعلنا من عبادك الصالحين.
نفعني وإياكم بالقرآن العظيم، وجعلنا من عباده الشاكرين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، تفرد بصفات الكمال، وتنزه عن النقائص والأشباه والأمثال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل العالمين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله ربكم وأحبوه فهو خلقكم، ومن نعمه أعطاكم، وعظّموه، وأجلّوه، واقدروه قدره، وأخلصوا له العبادة والعمل، واعلموا أن كلمة الإخلاص -التي هي أفضل الذكر- متضمنة لمعنى اسم الله الواحد, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ، مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أحَدٌ أفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" [البخاري (6403) ومسلم (2691)].
فما أجهل وما أضل من يعبد غير الله مما لا يعقل، ولا يسمع ولا يبصر، ولا يقدر، ويترك عبادة الله الذي تفرد بالخلق والإيجاد، والحكم والتدبير، والرزق والإمداد، والتصريف والتدبير، والبسط والقبض، والخفض والرفع، والنفع والضر: (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [المائدة: 76].
إن من عُرض عليه الحق فردَّه؛ عُوقب بفساد قلبه وعقله، ورأيه وحياته، كما قال -سبحانه: (لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ) [الرعد: 34]، فلينتظر العقوبة في الدنيا والآخرة كل كافر مشرك بالله. عافانا اللهم وإياكم من الشرك والكفر والشقاق والنفاق وسيئ الأخلاق، ووقانا شر أنفسنا وسيئات أعمالنا.
عباد الله: من أهم آثار الإيمان بوحدانية الله -سبحانه- أن يُفرد المسلم ربه -سبحانه وتعالى- بالربوبية والإلهية، وأن يخلص في جميع أقواله وأفعاله لله الواحد -سبحانه-، ويوقن أن الله -سبحانه- واحد في ربوبيته؛ إذ هو الخالق والرازق المحيي المميت، المالك المتصرف في خلقه كيف يشاء، وهو الواحد في ألوهيته، فلا إله إلا هو، وحده لا شريك له، وهذا التوحيد يقتضي من العباد إفراد الله -عز وجل- بالحب والولاء والطاعة واتخاذ الله وليًّا ونصيرًا وحاكمًا ومشرِّعًا، قال -سبحانه-: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ) [الأنعام: 14].
واحذروا -عباد الله- فإنه لا يجوز أن يَتَوَجَّه العبادُ لغير خالقهم بعبادة من العبادات، صلاةً كانت أو دعاءً، أو ذبحًا أو نذرًا، أو تَوَكُّلاً أو رجاءً، أو خوفًا أو خشوعًا، أو خضوعًا، بل يكونوا كما أمر الله نبيَّنا -عليه الصلاة والسلام- أن يقول: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام: 162- 163].
وانتبهوا لهذا الأمر، فالشرك بالواحد عاقبته وخيمة، فحري بالقلوب المؤمنة أن تتعلق بالله الخالق المعبود، وأن يكون توجهها وقصدها لمن تصمد إليه الخلائق في حاجاتها وضروراتها؛ لأنه القادر والمالك والمتصرف في كل شيء، وهذا الشعور يريح القلوب من شتاتها واضطرابها، ويجعلها تسكن إلى ربها ومعبودها، وتقطع التعلق بمن لا يملكون شيئًا، ولا يقدرون على شيء إلا بما أقدرهم الله عليه، ولا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا، فضلاً عن أن يملكوه لغيرهم, قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 29].
ويجب على العبد العاقل أن يُفرِد الله -عز وجل- بالحكم والأمر، والنهي، والتلقي والتشريع، فإن الإيمان بوحدانية الله -عز وجل- وأحديته يوجب توحيده في ذلك، يقول -سبحانه-: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا) [سورة الأنعام: 114].
عباد الله: وإن من أهم موجبات توحيد العبد لربه أن يظهر أثر توحيده في اعتقاده وسلوكه، فيكون من أكبر همّه أن يدعو إلى توحيد الواحد، مقتديًا في دعوته بما بدأ به -عليه الصلاة والسلام- من الدعوة إلى توحيد الله قبل كل شيء، كما ثبت من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- نحو اليمن قال له: "إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلى قَوْمٍ مِنْ أَهْل الكِتَابِ، فَليَكُنْ أَوَّل مَا تَدْعُوهُمْ إِلى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ تعالى..." [البخاري(7372)].
وعلى هذا فإنه لا يقبل من عبد عمل صالح حتى ينطق شهادة الحق، ولا يَدْخُلُ العبدُ الإسلامَ حتى يُوَحِّدَ الله تعالى بشهادة أن لا إله إلا الله، كما يُشْترط الإيمانُ بوحدانية الله لقبول العمل الصالح، قال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) [النساء: 124].
واعلموا -عباد الله- أن هناك فَضْلاً وأجرًا يترتب على توحيد الله، وذكره بكلمة التوحيد العظيمة (لا إله إلا الله)؛ إذ هذه الكلمة هي المثبتة لتوحيد العبد لربه؛ كما أنها تجدّد الإيمان بوحدانية الله، وتدفع المسلم للخير والعمل الصالح؛ إذ إن مَنْبَع كل خير هو التَّوحيدُ الخالصُ.
أيها المسلمون: حري بالعبد العاقل أن يلجأ إلى ربه، ويدعوه بأسمائه الحسنى، ويفرده بالوحدانية والعظمة، ويتوسل إليه بأنه وحده الملك المدبر، الإله الحق –سبحانه وتعالى-، وقد علمنا ربنا في كتابه الكريم أن ندعوه وحده، قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف:110]، وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في دبر كل صلاة إذا سلَّم: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهْوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللهمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُعْطِي لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" [البخاري (844)].
واعلم -عبد الله- أن المسلم الموقن بوحدانية الله يظهر في سلوكه ثقته بربه -سبحانه- في كل شؤونه، فلا يدعو إلا الله، ولا يتوكل ولا يعتمد إلا عليه، ولا يلجأ إلا إليه، ولا يستعين إلا به في كل صغيرة وكبيرة، قال -سبحانه-: (قُل إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلتَحَدًا) [الجـن:22]، وقال تعالى: (قُل مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون: 88- 89]، وقال -جل وعلا-: (فَإِنْ تَوَلوْا فَقُل حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ) [التوبة:129].
واعلموا -رحمني الله وإياكم- أن توحيد العبد لربه يظهر في كثرة ذكره، وترديد شهادة (لا إله إلا الله)، والدعوة إلى توحيده، كما يظهر في فعله؛ فلا يذبح ولا يسجد إلا لله، انطلاقًا من قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام: 162- 164].
كما أن إيمان المسلم بربه بالواحد يجعله ثابتًا راسخًا على الحق لا يخاف في الله لومة لائم؛ لاعتقاده أن أموره وأمور سائر الخلق ترجع إلى الله -عز وجل- وحده لا شريك له، فيتوكل عليه ويلجأ إليه، ويستعين به ويعتمد عليه، قال تعالى: (قُل إِنِّي لنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلتَحَدا) [الجن:22].
وختامًا -أيها المسلمون- استمعوا معي، ومتعوا قلوبكم وأرواحكم بقول الله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء: 111]. ليس للحيارى في هذه الحياة إلا رب واحد، فلن تطمئن القلوب إلا بتوحيده، ولا تركن النفوس وتسعد إلا بذكره، ولن تهدأ الأرواح إلا بالتسليم له، ولن تسعد النفوس إلا بالرضا به ربًّا مدبرًا، حكيمًا عليمًا، -سبحانه وتعالى وعز وجل-.
اللهم نسألك إيمانًا صادقًا، وارزقنا ثقة بك، وحسن التوكل عليك، وعظيم الرجاء فيك، اللهم اغمرنا بودك، وامنحنا رحمتك، واكتبنا في السعداء، وجنبنا موارد الأشقياء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.