حصن الطاق
حصن حصين بطبرستان، كان في قديم الزمان خزانة ملوك الفرس، وأول من اتخذه منوجهر بن ايرج بن فريدون، وهو نقب في موضع عال في جبل صعب المسلك، والنقب يشبه باباً صغيراً، فإذا دخله الإنسان مشى نحو ميل في ظلمة شديدة ثم يخرج إلى موضع واسع شبيه بمدينة، قد أحاطت به الجبال من جميع الجوانب. وهي جبال لا يمكن صعودها لارتفاعها، وفي هذه السعة مغارات وكهوف، وفي وسطها عين غزيرة الماء ينبع من ثقبة ويغور في أخرى، وبينهما عشرة أذرع. وكان في أيام الفرس يحفظ هذا النقب رجلان معهما سلم يدلونه من الموضع، إذا أراد أحدهما النزول في دهر طويل، وعندهما ما يحتاجان إليه لسنين كثيرة. ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن ملك العرب طبرستان، فحاولوا الصعود عليه فتعذر عليهم ذلك إلى أن ولي المازيار طبرستان، فقصد هذا الموضع وأقام عليه مدة حتى صعد رجل من أصحابه إليه، فدلى حبالاً وأصعد قوماً فيهم المازيار، فوقف على ما في تلك الكهوف من الأموال والسلاح والكنوز، وكان بيده إلى أن مات. وانقطع السبيل إليه إلى هذه الغاية. ومن العجائب ما ذكره ابن الفقيه انه إلى جانب هذا الطاق شبيه بالدكان، إذا لطخ بعذرة أو شيء من الأقذار ارتفعت في الحال سحابة فمطرت عليه حتى تغسله وتنظفه، وان ذلك مشهور عندهم لا يتمارى فيه اثنان.
[آثار البلاد وأخبار العباد]