البحث

عبارات مقترحة:

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

العالي والنازل

كانت الرحلة في طلب الحديث سنة من اصطفاهم الله لحفظ الأصل الثاني لهذا الدين، المبين لكتاب رب العالمين، وكانوا يعيبون الرَّاوي الذي يقتصر على السماع ببلده، ولا يرحل. قال حرب بن إسماعيل: سئل أحمد (يعني ابن حنبل) عن الرجل يطلب الإسناد العالي؟ قال: "طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف؛ لأن أصحاب عبد الله كانوا يرحلون من الكوفة إلى المدينة، فيتعلمون من عمر ويسمون منه ". وعن أبي العالية الرِّياحي، قال: " كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله بالبصرة، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة، فسمعناها من أفواهم ". والعلو نوعان، منهما يتضح معناه: النوع الأول: العلو المطلق. وهو الإسناد المتصل إلى النبي بأقل عدد من الرواة. النوع الثاني: العلو النسبي. وهو العلو بالإسناد بالنسبة إلى إمام من الأئمة عرف ذلك الحديث الذي وقع فيه العلو عنه، ومحل العلو فيما بين الشيخ وذلك الأمام، بغضِّ النَّظر عن طول الإسناد في نفسه، كما سيأتي بعض مثاله في ألقابه. والنزول يعرف بضده، فحيث تبين العلو فالنزول في مقابلته. والنزول قد يقدم في الاعتبار على العلو، وذلك إذا لم يوجد العالي إلا من وجه لا يثبت لجرح في بعض رواته، أو انقطاع أو تدليس، وجاء بإسناد نازل صحيح. قال عبد الله بن مبارك: " بعد الإسناد أحب إلي إذا كانوا ثقات؛ لأنهم قد تربصوا به، وحديث بعيد الإسناد صحيح، خير من قريب الإسناد سقيم ". وعن الثقة عبيد الله بن عمرو الرقي، وذكر له قرب الإسناد، فقال: حديث بعيد الإسناد صحيح، خير من حديث قريب الإسناد سقيم - أو قال ضعيف -". وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي: " عوالي الأسانيد مما ينبغي أن يحتشد طالب هذا الشأن لتحصيله، ولا يعرفه إلا خواص الناس، والعوام يظنون أنه بقرب الإسناد وببعده، وبقلة العدد وكثرتهم، وإن الإسنادين يتساويان في العدد وأحدهما أعلى، بأن يكون رواته علماء وحفاظا ". واعترَّت طوائف كثيرة بقلة رجال الإسناد في معنى العلو، ولم يلاحظوا علل الأخبار، فوجدوا نسخاً عالية الأسانيد بقلة الرجال، وهي هابطة نازلة بوهائهم وسقوطهم، مثل نسخة إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك، ونسخة موسى بن عبد الله الطويل عنه كذلك. قال ابن دقيق العيد: " ولا أعلم وجهاً جيداً لترجيح العلو إلا أنه أقرب إلى صحة وقلة الخطأ "، قال: " فإن كان النزول فيه إتقان، والعلو بضده، فلا تردد في أن النزول أولى ". وفي العلو النسبي ألقاب استعملها المتأخرون، وذلك بالنسبة إلى إمام من الأئمة المصنفين الكبار، كالبخاري ومسلم، تلكم هي: 1_ الموافقة وهي: أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم مثلاً، من غير طريقه، بعدد أقل من عدد رواتك لو رأيته من طريق مسلم نفسه. 2 _ البدل، وهو: أن يقع لك الحديث لا عن شيخ مسلم، بل عن شيخ شيخه، بنفس تلك الصفة في الموافقة. 3 _ المساواة، وهي: أن يقع لك الحديث بإسناد إلى الصحابي أو من قاربه، فيكون عدد رواته فيما بينك وبينه، بعدد الرواة فيما بين مسلم وبينه. 4 _ المصافحة، أن تقع المساواة مع مسلم لشيخك لا لك، فتكون بمنزلة من صافح مسلماً؛ لكونك لقيت شيخك الذي ساوى مسلماً. وأمثلتها في صنيع المتأخرين كثيرة، وانظر للمتيسر من ذلك ما يخرجه المزي والذهبي في ثنايا كتب التراجم، كما تجده كثيراً في كتب المعاجم والمشيخات لمتأخري المحدثين. "تحرير علوم الحديث" للجديع.