جَنْزَةُ
بالفتح: اسم أعظم مدينة بأرّان، وهي بين شروان وأذربيجان، وهي التي تسمّيها العامة كنجه، بينها وبين برذعة ستة عشر فرسخا خرج منها جماعة من أهل العلم، منهم: أبو حفص عمر بن عثمان ابن شعيب الجنزي، أديب فاضل متديّن، قرأ الأدبعلى الأديب أبي المظفر الأبيوردي ببغداد وهمذان، وسمع الحديث على أبي محمد الدّوني، وسمع منه الناس بخراسان وغيرها، وتوفي بمرو سنة 550، ويقول بعضهم في النسبة إليها جنزوي، ونسب هكذا أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي المعدّل الدمشقي، قدم بغداد في صباه وسمع بها أبا البركات هبة الله بن محمد بن عليّ البخاري وأبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي وغيرهما، وتوفي سنة 588 وأحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله الجنزي أبو مسعود من أهل أصبهان، شيخ صالح من أولاد المحدثين، أحضره والده مجلس أبي عمرو بن مندويه فسمع منه ومن أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، قال أبو سعد: كتبت عنه، قال: وأما يزيد بن عمرو بن جنزة الجنزي فنسب إلى جده، روى عنه عباس الدوري.
[معجم البلدان]
جنزة
بلدة حصينة قديمة من بلاد أران من ثغور المسلمين لقربها من الكرج، وهي مدينة كثيرة الخيرات وافرة الغلات. أهلها أهل السنة والجماعة أهل الصلاح والخير والديانة، ولا يتركون أحداً يسكن بلدهم إذا لم يكن على مذهبهم واعتقادهم حتى لا يشوش عليهم مذهبهم واعتقادهم. والغالب عليهم ممارسة السلاح واستعمال آلات الحرب لكونهم في الثغر بقرب أرض الكفار. بها نهر قردقاس جيئه من حاجين ولاية الكرج، يجري ستة أشهر وينقطع ستة أشهر، ومجيئه وقت معلوم وانقطاعه كذلك. ولأهلها يد باسطة في تربية دود القز وعمل الابريسم، وابريسم جنزة يفوق ما لغيرها من البلاد حسناً. وفي نفس المدينة قناة ينزل إليها من طريقين: أحدهما موضع يعرف بباب المقبرة، والآخر بباب البردعة. يؤخذ الماء من باب المقبرة ويجذب به الابريسم، تزيد قيمته على الابريسم الذي يجذب بماء باب البردعة، وإن حملوا ماء باب المقبرة إلى باب البردعة لا يفيد شيئاً، وإن حملوا ماء باب البردعة إلى باب المقبرة يفيد ويخرج ابريسمه جيداً. وبها قلعة هرك على مرحلة منها. حولها رياض ومياه وأشجار. هواؤها في الصيف طيب، يقصدها أهل جنزة في الصيف. لكل أهل بيت فيها موضع يقيم فيه حتى تنكسر سورة الحر، ولأعيان جنزة بها دور حسنة. وإنها على نهر يقال له دروران، والنهر ينزل من جبل يسمى مرا، ولا يزال عليه الضباب وهو شامخ جداً. وذكروا أن كل من علا القلعة يرى الجبل، ومن علا الجبل لا يرى القلعة، وعلى هذا الجبل شجرة لها ثمرة يقال لها الموز، ليس في جميع الدنيا إلا بها، وهي شبيهة بالتوت الشامي، إلا أنها مدورة تنفع من أمراض الكبد. وعلى طرف دروران صخرة عظيمة مدورة شبه قلعة تسمى سنك نيم دانك، تصيبها نداوة مثل الصدإ تخضب بها الأطراف تفعل فعل الحناء، ومن العجب أن هذه النداوة لا تعلم هذا العمل إلا إذا كان المختضب جالساً عليها، فإن حمل إلى موضع آخر لم يفد شيئاً. وذكر أن الناس يحملون العرائس إليها إذا أرادوا أن يخضبوا أطرافهن. ويجلب من جنزة إلى سائر البلاد الابريسم الجيد والأطلس والثياب التي يقال لها الكنجي، والعجم يسمونها القطني والعمائم الخز ونحوها. ينسب إليها أبو ممد النظامي. كان شاعراً مفلقاً عارفاً حكيماً. له ديوان حسن وأكثر شعره إلهيات ومواعظ وحكم ورموز العارفين وكناياتهم. وله داستان خسرو وشيرين، وله داستان ليلى ومجنون، وله مخزن الأسرار وهفت بيكر. ولما نظم فخري الجرجاني داستان ويس ورامين للسلطان طغرلبك السلجوقي، وإنه في غاية الحسن، شعره كالماء الجاري كأنه يتكلم بلا تعسف وتكلف، أراد النظامي داستان خسرو وشيرين على ذلك المنوال، وأكثر فيها من الإلهيات والحكم والمواعظ والأمثال والحكايات الطيبة، وجعله للسلطان طغرل ابن أرسلان السلجقوي، وكان السلطان مائلاً إلى الشعر والشعراء، فوقع عنده موقعاً عظيماً، واشتهر بين الناس وكثرت نسخه. وأما داستان ليلى ومجنون فطلب منه صاحب شروان فقد نظمها له، وكان في فنه عديم النظير. توفي بقرب تسعين وخمسمائة.
[آثار البلاد وأخبار العباد]