العلم إثارة فكر وعقل

عناصر الخطبة

  1. فضل العلم والعلماء
  2. دور الأفكار في السلوك
  3. اثر التعليم في إصلاح المجتمع
  4. حاجة كل الناس للتعلُّم
  5. منهج التربية في الإسلام
  6. نداء للمعلمين والطلاب للنهوض بالعملية التعليمية
اقتباس

وأمّا التعليم في الإسلام، وفي تعاليم الأنبياء والمرسلين، فأنموذجٌ فريد، وتكاملٌ بديع، يقوم على إثارة العقل والفكر، والتدبُّر والفهم، مع التربيّة الإيمانيّة الراسخة، إنها بهذا المنهج النبوي تنشِئ جيلاً ربّانيًا، يعمِّر الحياة، يبني الأرضَ، يقيم العقيدةَ في القلب والمشاعِر والجوارح، يقوم بدَور الخِلافة لتحقيق العبوديّة لله تعالى، ولتكونَ سمةُ المُخرجات جسدًا طاهرًا، قلبًا مؤمنًا، عِلمًا نافعًا، وحضارةً تستنير بهُدَى الله ..

الحمد لله الذي رفع شأن العلم فأقسم بالقلم، وامتن على الإنسان فعلمه ما لم يكن يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المعلم الأول، القائل: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 

أما بعد: عباد الله!

العِلْمُ أشْرَفُ مَطْلوبٍ وَطالِبُهُ *** للهِ أكْرَمُ مَن يَمْشِي عَلى قَدَمِ يا طالِبَ العِلمِ لا تَبْغِي به بَدَلا *** فقَدْ ظَفَرْتَ ورَبِّ اللَّوْحِ والْقَلَمِ وقَدِّسِ العِلمَ واعْرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ *** فِي القَوْلِ والفِعْلِ والآدابَ فَالْتَزِمِ واجْهَدْ بِعَزْمٍ قَوِيٍّ لا انْثِنَاءَ لَهُ *** لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ قَدْرَ العِلْمِ لَمْ يَنَمِ والنيةَ اجعلْ لوجهِ اللهِ خالصةً *** إنَّ البناءَ بدونِ الأصلِ لَمْ يَقُمِ

أيها المؤمنون: إن الأفكار والمفاهيم هي أعظم ثروة يحتفظ بها المجتمع، فأي مجتمع ضاعت أفكاره، وانحرفت مفاهيمه وتصوراته، ضاع أصله وكيانه ومستقبله؛ إذًا، فتصحيح المفاهيم والتصورات من أهم الركائز للانطلاق في إصلاح الأفراد والمجتمعات، فكل خطأ حاصل في واقعنا أساسه خلفية فكرية خاطئة تدفع صاحبها إلى الخطأ دفعًا، فلا مناص إذاً من البدء أولاً بتصحيح الأفكار، وإذا صلحت، حينها تصلح الأخطاء، وتسد الثغرات، وما أكثر -إخوة الإيمان- المفاهيم الخاطئة في حياتنا! ولا عجب، فقد أخبرنا الحبيب-صلى الله عليه وسلم- بميزان نعرف به أحوال استقامتنا من زيغنا، ورشدنا من غينا، فقال-صلى الله عليه وسلم-: "تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ".

إذًا، فتصحيح الأفكار والتصورات لا يمكن أن يتم إلا بعلم نافع يتبعه عمل صالح، ومن هنا نعرف أهمية العلم والتعليم والتربية، وأنه الأساس في تغيير المجتمعات للأفضل، وأن ميدان التربية والتعليمِ من أهمِّ الميادين في إصلاح المجتمعات، وأثرُه كبير، بل مصيري، في تنشِئَةِ الأجيال الذين هم قاعِدةُ بناءِ المجتمعات والدّوَل.

ألا فاعلموا -عباد الله- أن التغيير والتطوير لن يتم إلا عبر بوابة المدارس والجامعات، وحِلَق العلم ومراكز البحوث والدراسات، وذلك أن التّغيير في المجتمعاتِ والأمم يسيرُ حسب سنّةٍ لا تتبدّل ولا تتغير: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11]، إنّ التغيير للأصلح يبدأ من ميدان التربية والتّعليم، وجيل المتعلِّمين اليومَ هم قادةُ مجتمَع الجيل القادم.

عباد الله: إن فضائل العلم أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تُنكر، وكلُّ علمٍ نافع في الدنيا والآخرة فهو مطلوب شرعًا. وإن أول كلمة نزلت على قلب سيد البشر، هي كلمة: اقرأ، وإن أول خمس آيات نزلت كلها تدور حول العلم والقراءة وأدواتها، قال تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)﴾ [العلق:1-5]، وفي هذا إشارة إلى أهمية العمل والتعليم في الإسلام. وقد كان الرّسول -صلى الله عليه وسلم- أوّلَ من سعَى لمحو الأمّيّة حين جعَل فداء أسرى بدرٍ أن يعلِّم كلٌّ منهم عشرةً من المسلمين القراءةَ والكتابة.

ومهما كان مقامُ الإنسان عاليًا، ومنصبُه ساميًا، فإنّه لا يستغني عن التّعليم، فهذا نبيّ الله داود -عليه السلام- مع حصوله على المُلك والنبوّةِ لم يستغنِ عن تعليم الله إيّاه، قال الله تعالى: ﴿وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾ [البقرة:251].

وموسى -عليه السلام- يلتمِسُ من العبدِ الصالح مرافقتَه ليتعلّمَ منه، قال تعالى: (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) [الكهف:66]، وأُمر محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- أن يطلب منه المزيدَ: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه:114]. قال سفيان بن عُيينة -رحمه الله-: أوّل العلم الاستماع، ثمّ الفَهم، ثمّ الحِفظ، ثمّ العمَل، ثمّ النّشر.

ولقد صارتِ التربية والتعليم في الواقعِ التاريخيّ للأمّة وسيلةَ هدايةٍ وطريقةَ خير للفردِ والمجتمع والنّاس أجمعين، فقد كان الرّسول-صلى الله عليه وسلم- هو المعلّم الأوّل للأمّةِ، ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [الجمعة:2].

عباد الله: إن التّربية في الإسلام تؤسَّس على قِيَم الأمّةِ ومبادئها، وبهذا نعلَم أنّه لا يمكن لأمّةٍ من الأمم أن تستعيرَ مناهجَها التعليميّة من أمّةٍ أخرى، فقد نأتي بعشرات المهندسين والأطباء من ديانات مختلفة عندما نحتاج إلى خدماتهم؛ ولكن، هل من الممكن أن نأتي بمعلم مرب من غير أبناء الأمة الإسلامية؟ ولو جئنا به ماذا عساه أن يعلم أولادنا، هل سيعلمهم قيمنا ومبادءنا؟ ففاقد الشيء لا يعطيه، ولذا قال الشاعر: قُم للمعلِّم وفِّهِ التَّبْجِيلَا *** كادَ المعلِّمُ أنْ يكونَ رَسُولَاً وهل أُرسل الرسل والأنبياء إلا معلمين وهادين، ومبشرين ومنذرين، ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد:7].

معاشر المعلمين والمعلمات: هل نعي أهمية دورنا في تطوير المجتمعات، وأن المفتاح بأيديكم، وأن الناس سلموا لكم فلذات أكبادهم وعقولهم؛ لتقوموا بتشكيل هذه العقول، وصياغة طريقة أفكارهم؟ وأنكم -بإذن الله- مَن يزرع فيهم القيم الإسلامية النبيلة؟ وهل نحن -معاشرَ المعلمين- نعي أهمية دورنا، وهل نقوم بمسئولياتنا أحسن قيام؟! ليسأل كلٌّ مِنَّا نفسه، ثم يجيب ويحدد مسئوليته، فالتّعليم يُغدِّي العقلَ بالحقائقِ والمعارف، والنفسَ بالتربية والأخلاق، فنحن أمّةُ نبيٍّ بُعِث بمكارِم الأخلاق.

معاشر المعلمين والمعلمات: إن التعليم لا بد أن تصحبه التربية، فالتعليم بلا تربيةٍ ضررُه أكثر من نفعِه، وهذا مشاهد ملحوظ في عصرِنا أكثر من أي عصر مضى، فالتقدّم التقنيّ في الأطباق الفضائيّة مثلاً سُخِّر للعُريِ الماجن، والمُجون الفاضح، وقتلِ الحياء، ووأد الفضيلة، وتلويثِ العقول بالأفكار المنحرِفة؛ وكذا التقدّم العلميّ في الحضارةِ المادّية المعاصرة ولّدَ قوى عُظمى، لكنّها أحياناً قوى همجيّة، لا أخلاقَ تردَعُها، ولا قيَم تهذِّبها، قوَى سيطرةٍ واستبدادٍ وامتصاصِ ثرواتِ الضعفاء، وسَحق الأبرياء.

هذه الحضارة المادّيّة ولّد عِلمُها الذي لم يهذِّبه دينٌ ولم يقوِّمه خُلقٌ جيوشًا جرّارة، ترتكِب المذابح، وتنحَر السلام، وتغتصِب الفتيات، ونَشأت في أحضانِ هذا العِلم عصاباتُ الاتِّجار بأعضاءِ البشر باعتبارها قِطَع غيارٍ عالميّة. إنّه علمٌ يجعلُ المنتمين له سَكْرى، لا وازعَ لهم ولا حيَاء.

إن الثّورة العلميّة المادّية لم توفِّر للناس طمأنينةَ القلب، وسكينةَ النفس، وهدوءَ الأعصاب، والأمنَ الشّامِل، والسلامَ العادل، فالعالم ينزِف من ويلاتِ القتل الجماعيّ، والتدمير الإباديّ، والتفجير الذي ينشُر الأشلاء؛ العالَم يئنّ من موتِ الضمير، وفقدانِ الأخلاق، فالسّرقة والاختلاس والغشّ والرّشوة والترويجُ والخيانات وغيرها شاعَ أمرُها، وفشَا ضررُها في العالَم، والسّبَب هو غِياب التربية مع التعليم.

إخوة الإيمان: هكذا تكون ثمرة العلم عندما لا يصحبه تهذيب وتربية وقيم! وهذه هي ضريبة ما يُسمَّى بالتّربية الحديثة، التي لا تقيم وزنًا لدِينٍ أو خلُق، تحرّكها المصلحةُ والمنفعة، تُشعَل حروبٌ وتدمَّر قرًى من أجل المصالح والمنافع، إنّها قِوى لا تهتدِي بنور الله.

وأمّا التعليم في الإسلام، وفي تعاليم الأنبياء والمرسلين، فأنموذجٌ فريد، وتكاملٌ بديع، يقوم على إثارة العقل والفكر والتدبُّر والفهم، مع التربيّة الإيمانيّة الراسخة، إنها بهذا المنهج النبوي تنشِئ جيلاً ربّانيًا، يعمِّر الحياة، يبني الأرضَ، يقيم العقيدةَ في القلب والمشاعِر والجوارح، يقوم بدَور الخِلافة لتحقيق العبوديّة لله تعالى، ولتكونَ سمةُ المُخرجات جسدًا طاهرًا، قلبًا مؤمنًا، عِلمًا نافعًا، وحضارةً تستنير بهدَى الله.

إن التّعليم في الإسلامِ هو المنهَج الوحيد الذي يربِّي الفرد، وينميّ شخصيتَه، ويجعله يطلُبُ التعليمَ ويسعى للنّبوغ والرّيادةِ للبناء لا للهَدم، للخير لا للشرّ، للفضيلة لا للرّذيلة، إنه لا يعتدِي، لا يفسِد، لا يدمّر، يخشَى مِن إراقة قطرةِ دمٍ فضلاً عن تدميرِ قُرًى وبيوتٍ على الأطفال والنّساء والأبرياء كما تفعلُه جرّافات أدعياءِ التقدّم والحضارة.

إخوةَ الإسلام: أوّلُ خُطوات التعليم في الإسلامِ إثارة الفكر وتهيئةُ القلب لتأديبه بأدبِ النبوّة في الأمانةِ والصّدق والاستقامة والعَدل والإخلاص وصلاحِ الظاهر وطَهارةِ السريرة، إلى غير ذلك من المُثُل العُليا، والمناهجُ والنّصوصُ -مهما كانت سامِيةً- لا يكون لها تأثيرٌ فعّال إلاّ إذا تحوّلت إلى واقعٍ متحرِّك، وترجمةٍ عمليّة في التصرّفات والسلوكِ والمشاعر والأفكار، فحاجتُنا إلى العقول المبدعة، والقلوبِ العامرة بالإيمان، ليست دونَ حاجتنا إلى الرؤوس المشحونةِ بالمعلومات وربما لفترات، يخطئ كثيرًا من يحصُر التعليمَ في تكثيفِ المناهج وحشوِ المعلومات، ومع أهمّيّة ذلك، إلاّ أنّ تقدّمَ الأمم يُقاس بقَدر العقول المبدعة والتزامِها بالقيَم، وتشبُّعها بالمبادئ، وتمثُّلها بالأخلاقِ.

إنّ أيَّ حضارةٍ وأمّةٍ لا تقوم مؤسَّساتها التعليميّة على التربيةِ الرشيدة، وإثارة عقول المتعلمين بالمناقشة والحوارات الإيجابية داخل الفصول والقاعات ليكون واقعًا وسلوكاً عمليًّا للمعلمين في محاضِن التربيةِ والتعليم لا يمكن أن تسيرَ طويلاً مهما ارتفَعت وتفنّنت في الوسائل والتّقنية، والذي يُعمِّق الأسى ويُفجِّر الحزنَ ذلك المنهج التلقيني المُمِل، وإفلاس البعض من معلمي هذا العصر حتى من المعلومات، فضلاً عن الفكر والخلق والأساليب، مما ضاعف مآسي التعليم والتربية اليوم.

فواقعُ الأمة يقتضِي تحريك الفكر والتفكر لدى الطلاب، وتغذيةَ المناعةِ، وتحصينَ الأجيال؛ حذرًا من أخطار محدِقة بالعقيدة والفِكر والسلوك، وهذا يتطلّب من القائمين على التربيةِ والتعليم تقييمَ مسارِنا التربويّ لصناعة الشخصيّة الطلابية السّويّة فكراً وخلقاً ومعرفة، فالإهمالُ في تقويم السلوك -مثلاً- أعظمُ خطرًا، وأشدُّ فتكًا من الإهمال في تقويمِ المعارف والعلوم؛ ذلك أنّ السلوكَ المنحرِف يتجاوز ضررُه الفردَ إلى المجتمع كلِّه.

وهذه أمٌّ سفيان الثوري –رحمها الله- مربّية واعيَة تجلّي لابنها وللأجيالِ الهدفَ من التعليم وقيمةَ التّربية، تقول أمّ سفيان الثوريّ الذي غدا في عصره علَمًا وبين أقرانه نجمًا ساطِعًا: يا بنيّ، خذ هذه عشرة دراهم، وتعلّم عشرةَ أحاديث، فإذا وجدتها تُغيِّر في جلستِك ومِشيتك وكلامك مع الناس فأقبِل عليه، وأنا أعينُك بمِغزلي هذا، وإلاّ فاتركه، فإني أخشَى أن يكونَ وبالاً عليك يومَ القيامة.

يا الله! أين نحن من كلمات هذه الأم الواعية المدركة لغرض التعليم؟ (اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا علمًا نافعًا يا كريم)، فهذه المرأةُ المسلمة تؤسِّس في التربيّة والتعليم قاعدةً كبرى: لا نفعَ للعِلم بدون عمَل، ولا قيمةَ له بدون أثرٍ في السّلوك؛ لأنّ الأمّة العظيمةَ وراءها تربية عظيمةٌ.

فتعالوا -معاشر المعلمين والمعلمات- في بداية هذا العام الدراسي الجديد نتواصى بالحق الذي هو احترام عقول المتعلمين مهما صغرت، وإثارتها بالمناقشة والأسئلة والحوارات، ونتواصى بالصبر على ذلك، والاستمرار عليها، والإبداع فيه.

وتعالوا -معاشر الطلاب- والطالبات لتلهبوا الفصول والقاعات بأسئلتكم المتلهفة للعلم، ومناقشاتكم المستمرة لأساتذتكم ومعليمكم؛ لتتلاقى العزائم، وتتلاقح الأفكار، وعندها ستورق الأشجار، وتفوح رائحة الأزهار، ويسعد الكبار والصغار.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.