الواحد
كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...
مصْدَرُ: أَجْمَلَ الشَّيْءَ إجْمَالًا أَيْ جَمَعَهُ وَحَصَّلَهُ عَنْ تَفْرِقَةٍ وَمِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل ذَلِك فِي الْكَلَام الموجز يُقَالُ: أَجْمَلَ فُلَانٌ الْجَوابَ وَأَجْمَلَ لَهُ الْحِسَابَ: كَذَلِك.
يَرِدُ إِطْلاقُ مُصْطَلَحِ الإِجْمَالِ في عَدَدٍ مِنْ كُتُبِ الفِقْهِ وَأَبْوَابِهِ؛ وَمِنْهَا: كِتَابُ الطَّلاقِ: بَابُ أَلْفَاظِ الطَّلاقِ، وَكِتَابُ الأَيْـمَانِ: بَابُ أَلْفَاظِ اليَمِيْنِ. وَيَرِدُ إِطْلاقُهُ في عِلْمِ أُصُوْل الفِقْهِ في مَبَاحِثٍ دَلَالاتِ الأَلْفَاظ.
جمل
إِيرَادُ الكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ يَـْحَتِمُل مَعَانٍ مُتَعَدِّدَة.
الإِجْمَالُ: ذِكْرُ كَلامٍ وَإِيْرَادُهُ على وَجْهٍ يَـحْتَمِلُ مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَيْسَ لِأَحَدِهَا مَزِيَّةٌ على غَيْرِهِ، وَلا يُـمْكِنُ تَرْجِيْحُ أَحَدِ الـمَعَانـي إلاَّ بِكَلامٍ آخَرَ مُبَيِّنٍ لَهُ، وَلِذَا يُتَوَقَّفُ فِيْهِ حتى يَأْتِيَ مَا يُفَسِّرُهُ وَيُبَيِّنُهُ.
جَمَعُ الشَّيْءِ وَتَحْصِيْلُهُ عَنْ تَفْرِقَةٍ وَمِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَأكْثر مَا يسْتَعْمل ذَلِك فِي الْكَلَام الموجزِ.
* العين : 143/6 - جمهرة اللغة : 491/1 - المحكم والمحيط الأعظم : 451/7 - معجم مقاييس اللغة : (1/ 481)
* مجمل اللغة : (ص: 198)
* المصباح المنير : (110/1)
* التعريفات للجرجاني : ص15 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص39 - الكليات : (ص: 42)
* جامع العلوم في اصطلاحات الفنون : (1/ 33)
* التعريفات الفقهية : (ص: 17)
* معجم لغة الفقهاء : (ص: 44) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْجْمَال مَصْدَرُ أَجْمَل، وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَلِلأُْصُولِيِّينَ فِي الإِْجْمَال اصْطِلاَحَانِ، تَبَعًا لاِخْتِلاَفِهِمْ فِي تَعْرِيفِ الْمُجْمَل: الأَْوَّل: اصْطِلاَحُ الأُْصُولِيِّينَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ (الْمُتَكَلِّمِينَ) ، وَهُوَ أَنَّ الْمُجْمَل مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلاَلَتُهُ (1) . فَيَكُونُ عَامًّا فِي كُل مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلاَلَتُهُ (2) . وَمَا لَحِقَهُ الْبَيَانُ خَرَجَ مِنَ الإِْجْمَال بِالاِتِّفَاقِ (ر: بَيَانٌ) ، وَكَمَا يَكُونُ الإِْجْمَال عِنْدَهُمْ فِي الأَْقْوَال، يَكُونُ فِي الأَْفْعَال. وَقَدْ مَثَّل لَهُ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ بِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَلَّمَ فِي صَلاَةٍ رُبَاعِيَّةٍ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَدَارَ فِعْلُهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سَلَّمَ سَهْوًا، وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصَّلاَةُ قَدْ قُصِرَتْ. فَاسْتَفْسَرَ مِنْهُ ذُو الْيَدَيْنِ، فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ سَهَا (3) .
الثَّانِي: اصْطِلاَحُ الأُْصُولِيِّينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُجْمَل مَا لاَ يُعْرَفُ الْمُرَادُ مِنْهُ إِلاَّ بِبَيَانٍ يُرْجَى مِنْ جِهَةِ الْمُجْمَل، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ خَفَاءَهُ لاَ يُعْرَفُ بِمُجَرَّدِ التَّأَمُّل، وَمَثَّلُوا لَهُ بِالأَْمْرِ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا، قَبْل بَيَانِ مُرَادِ الشَّارِعِ مِنْهَا.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُشْكِل:
2 - إِنْ كَانَ الْمَعْنَى مِمَّا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّل فَلَيْسَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُجْمَلاً، بَل يُسَمَّى " مُشْكِلاً "، وَمَثَّلُوا لَهُ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (4) ، فَإِنَّ " أَنَّى " دَائِرَةٌ بَيْنَ مَعْنَى " أَيْنَ " وَمَعْنَى " كَيْفَ "، وَبِالتَّأَمُّل يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي، بِقَرِينَةِ الْحَرْثِ، وَتَحْرِيمِ الأَْذَى (5) .
ب - الْمُتَشَابِهُ:
3 - وَأَمَّا إِنْ كَانَ لاَ يُرْجَى مَعْرِفَةُ مَعْنَاهُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ عِنْدَهُمْ " مُتَشَابِهٌ "، وَهُوَ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ، كَالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِل السُّوَرِ.
ج - الْخَفِيُّ:
4 - وَهُوَ مَا كَانَ خَفَاؤُهُ فِي انْطِبَاقِهِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ لِعَارِضٍ هُوَ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْفَرْدِ بِاسْمٍ آخَرَ، كَلَفْظِ " السَّارِقِ "، فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي مَفْهُومِهِ الشَّرْعِيِّ، وَلَكِنَّهُ خَفِيٌّ فِي الطَّرَّارِ وَالنَّبَّاشِ (6) .
حُكْمُ الْمُجْمَل:
5 - ذَهَبَ أُصُولِيُّو الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُجْمَل التَّوَقُّفُ فِيهِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ بِهِ، بِالاِسْتِفْسَارِ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْمُجْمَل.
وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُجْمَل التَّوَقُّفُ فِيهِ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ مِنْ جِهَةِ الْمُجْمِل، أَوْ بِالْقَرَائِنِ، أَوْ بِالْعُرْفِ، أَوْ بِالاِجْتِهَادِ (7) .
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
__________
(1) جمع الجوامع بشرح المحلى2 / 58
(2) تيسير التحرير1 / 224
(3) اللمع للشيرازي ص 27، 28، والحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة، ورواه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي. وقد جمع طرفه الحافظ صلاح الدين العلائي. وتكلم عليه كلاما شافيا في جزء مفرد. (تلخيص الحبير 2 / 3، وجامع الأصول5 / 537 وما بعدها) .
(4) سورة البقرة / 223
(5) تيسير التحرير1 / 228 - 230
(6) الطرار هو من يأخذ المال من اليقظان في غفلة منه. والنباش هو من ينبش القبر ويأخذ الكفن خفية.
(7) إرشاد الفحول للشوكاني ص 168 ط مصطفى الحلبي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 50/ 2