الأكرم
اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّنَازُعُ فِي اللُّغَةِ: التَّخَاصُمُ يُقَال: تَنَازَعَ الْقَوْمُ تَخَاصَمُوا. فَفِي الْحَدِيثِ: مَالِي أُنَازَعُ فِي الْقُرْآنِ (1) وَالأَْيْدِي جَمْعُ يَدٍ (2) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ الشَّرْعِيِّ هُوَ تَنَازُعُ شَخْصَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ (3) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ الرُّجْحَانِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ إِذَا لَمْ تُوجَدْ حُجَّةٌ أَقْوَى مِنْهَا كَالْبَيِّنَةِ، فَإِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ عَلَى مِلْكِيَّةِ شَيْءٍ، وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لأَِحَدِهِمَا قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ بِيَمِينِهِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِخَبَرِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ (4)
وَكَذَلِكَ إِذَا تَنَازَعَا فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ عَلَيْهِ يَدَّعِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ بِيَدِهِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةُ (5) . لأَِنَّ دَعْوَى الْيَدِ مَقْصُودَةٌ كَمَا أَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ مَقْصُودَةٌ؛ لأَِنَّ الْيَدَ يُتَوَصَّل بِهَا إِلَى الاِنْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ (6) . فَإِنْ كَانَ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ فِي يَدِهِ جُعِل فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَتَسَاوِيهِمَا، فَإِنَّ التَّسَاوِيَ فِي سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ التَّسَاوِيَ فِي الاِسْتِحْقَاقِ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ فِي يَدِهِ قُضِيَ أَنَّهُ ذُو الْيَدِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ، وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينَ خَصْمِهِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ لَيْسَ بِيَدِهِ، فَعَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ لَيْسَ فِي يَدِ خَصْمِهِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لِخَصْمِهِ بِمَا ادَّعَى لَزِمَهُ حَقُّهُ، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ لَهُ. فَإِنْ حَلَفَا مَعًا فَلاَ يُحْكَمُ بِوَضْعِ الْيَدِ لأَِحَدٍ مِنْهُمَا (7) .
لأَِنَّ حُجَّةَ الْقَضَاءِ بِالْيَدِ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُوقَفُ الْعَقَارُ الْمُتَنَازَعُ عَلَيْهِ إِلَى ظُهُورِ حَقِيقَةِ الْحَال (8) . وَإِنْ نَكَل أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الآْخَرُ يُحْكَمُ بِكَوْنِ الْحَالِفِ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ (9) . وَقَال السَّرَخْسِيُّ: لاَ يَجْعَل الْقَاضِي الْعَيْنَ الْمُتَنَازَعَ عَلَيْهَا فِي يَدِ الْحَالِفِ بِنُكُول الآْخَرِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ ثَالِثٍ، وَأَنَّهُمَا تَوَاضَعَا لِلتَّلْبِيسِ عَلَى الْقَاضِي. هَذَا وَلاَ تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْيَدِ شَهَادَةً عَلَى الْمِلْكِ. كَمَا لاَ يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ اعْتِمَادًا عَلَى الْيَدِ (10) . وَأَغْلَبُ هَذِهِ التَّفَاصِيل فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلاَ تَأْبَى ذَلِكَ قَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى.
3 - أَمَّا إِذَا كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدَيْهِمَا وَلَكِنْ يَدُ أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِنْ يَدِ الآْخَرِ كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ وَالآْخَرُ مُتَعَلِّقًا بِزِمَامِهَا فَالرَّاكِبُ أَوْلَى لأَِنَّ تَصَرُّفَهُ أَظْهَرُ، لأَِنَّ الرُّكُوبَ يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ.
وَكَذَا إِذَا تَنَازَعَا فِي قَمِيصٍ أَحَدُهُمَا لاَبِسُهُ وَالآْخَرُ يُمْسِكُ بِكُمِّهِ فَلاَبِسُهُ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَظْهَرُهُمَا تَصَرُّفًا (11) ..
التَّنَازُعُ فِي جِدَارٍ حَائِلٍ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا:
4 - إِذَا تَدَاعَيَا جِدَارًا حَائِلاً بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَإِنْ كَانَ بِنَاءُ أَحَدِهِمَا مُتَّصِلاً بِالْجِدَارِ دُونَ الآْخَرِ اتِّصَالاً لاَ يُمْكِنُ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَائِهِ فَهُوَ صَاحِبُ الْيَدِ، وَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مُتَّصِلاً بِبِنَائِهِمَا جَمِيعًا أَوْ مُنْفَصِلاً عَنْهُمَا، فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا، فَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ لَهُ، وَإِلاَّ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلآْخَرِ، فَإِذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلاَ جُعِل الْجِدَارُ بَيْنَهُمَا بِظَاهِرِ الْيَدِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَل الآْخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ بِالْجَمِيعِ (12) .
وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّقْفِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ سُفْل أَحَدِهِمَا وَعُلُوِّ الآْخَرِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْعُلُوِّ جُعِل فِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْل، وَإِنْ أَمْكَنَ، فَهُمَا صَاحِبَا يَدٍ؛ لأَِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدًا وَتَصَرُّفًا؛ وَلاِشْتَرَاكِهِمَا فِي الاِنْتِفَاعِ (13) .
وَإِنْ كَانَ لأَِحَدِهِمَا عُلُوُّ الدَّارِ، وَالسُّفْل لِلآْخَرِ وَتَنَازَعَا فِي الْعَرْصَةِ أَوِ الدِّهْلِيزِ فَإِنْ كَانَ الْمَرْقَى فِي الْمَدْخَل الْمُشْتَرَكِ، جُعِلَتِ الْعَرْصَةُ بَيْنَهُمَا لأَِنَّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدًا وَتَصَرُّفًا بِالاِسْتِطْرَاقِ وَوَضْعِ الأَْمْتِعَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَإِنْ كَانَ الْمَرْقَى إِلَى الْعُلُوِّ فِي الدِّهْلِيزِ أَوِ الْوَسَطِ، فَمِنْ أَوَّل الْبَابِ إِلَى الْمَرْقَى بَيْنَهُمَا، وَفِيمَا وَرَاءَهُ لِصَاحِبِ السُّفْل لاِنْقِطَاعِ صَاحِبِ الْعُلُوِّ عَنْهُ (14) .
__________
(1) حديث: " مالي أنازع في القرآن " أخرجه الترمذي (2 / 119 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة وحسنه الترمذي.
(2) تاج العروس مادة: " نزع ".
(3) فتح القدير 6 / 274، والمبسوط 17 / 35.
(4) حديث: " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر " أخرجه الدارقطني في سننه (3 / 110 ط دار المحاسن) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 208 - ط شركة الطباعة الفنية) . ولكن روى البخاري (الفتح 8 / 213 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1336 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس مرفوعا: " اليمين على المدعي عليه ". وأخرج البيهقي في سننه (10 / 252 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث ابن عباس كذلك قوله: " البينة على المدعي "، وإسناده صحيح.
(5) المصادر السابقة، وروضة الطالبين 11 / 269، وفتح القدير 6 / 256.
(6) المبسوط 17 / 35 - 36.
(7) مجلة الأحكام 5 / 413 - مادة 1754 وشرحها، والمبسوط 17 / 35، 36، 37.
(8) شرح المجلة 5 / 431 - 433 مادة: 1754، والمبسوط 17 / 35 - 37.
(9) مجلة الأحكام مادة 1754، وحاشية ابن عابدين 4 / 443، والمبسوط 17 / 36.
(10) روضة الطالبين 11 / 269.
(11) المغني 9 / 324، وفتح القدير 6 / 247، وحاشية ابن عابدين 4 / 442.
(12) روضة الطالبين 11 / 225 - 226، والمغني 9 / 324، وفتح القدير 6 / 250 - 251.
(13) روضة الطالبين 11 / 226، والمغني 9 / 324، وابن عابدين 4 / 442، ومطالب أولي النهى 6 / 567.
(14) روضة الطالبين 11 / 226 - 227، والمغني 9 / 325، ومطالب أولي النهى 6 / 568.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 39/ 14