البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

خِيَارُ كَشْفِ الْحَال


من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْكَشْفُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الإِْظْهَارُ، وَرَفْعُ شَيْءٍ عَمَّا يُوَارِيهِ وَيُغَطِّيهِ، يُقَال: كَشَفَهُ فَانْكَشَفَ. وَالتَّكَشُّفُ مِنْ تَكَشَّفَ أَيْ ظَهَرَ، كَانْكَشَفَ. وَالْحَال مَعْرُوفُ الْمَعْنَى (1) .
وَالتَّعْرِيفُ الاِصْطِلاَحِيُّ مُسْتَمَدٌّ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، فَخِيَارُ الْكَشْفِ هُوَ: حَقُّ الْفَسْخِ لِمَنْ ظَهَرَ لَهُ مِقْدَارُ الْمَبِيعِ عَلَى غَيْرِ مَا ظَنَّهُ (2) .
وَسَمَّاهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَسْمَاءٍ عَدِيدَةٍ مِنْ نَفْسِ الْمَادَّةِ اللُّغَوِيَّةِ، فَقَدْ دَعَوْهُ: كَشْفَ الْحَال، وَانْكِشَافَ الْحَال، وَالتَّكَشُّفَ.
وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ يَظْهَرُ مِنِ اسْتِعْرَاضِ مَجَالِهِ، فَهُوَ يَجْرِي فِي الْمَقَايِيسِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي يَلْجَأُ إِلَيْهَا الْمُتَعَاقِدَانِ أَحْيَانًا بَدَلاً مِنَ الْمَقَايِيسِ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْمِقْيَاسُ مِنْ وَسَائِل الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ.
وَمِثَالُهُ الْمُتَدَاوَل لَدَى الْفُقَهَاءِ. أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ شَيْئًا مِمَّا يُبَاعُ بِالْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ فَلاَ يُسْتَعْمَل لِتَقْدِيرِهِ الْمَكَايِيل أَوِ الْمَوَازِينُ الْمُتَعَارَفُ عَلَيْهَا، بَل يَبِيعُهُ بِإِنَاءٍ بِعَيْنِهِ لاَ يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ، كَصُنْدُوقٍ أَوْ كِيسٍ. أَوْ بِوَزْنِ حَجَرٍ بِعَيْنِهِ كَذَلِكَ. فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ (سَيَأْتِي بَيَانُهَا) وَمُسْتَتْبَعُ حَقِّ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ لاَزِمٍ (3) .
وَفِي صِحَّتِهِ خِلاَفٌ عُنِيَتْ بِذِكْرِهِ كُتُبُ الْحَنَفِيَّةِ.

مَشْرُوعِيَّتُهُ:
2 - أَخَذَ الْحَنَفِيَّةُ بِهَذَا الْخِيَارِ فِي رِوَايَةٍ وَذَكَرُوهُ فِي عِدَادِ الْخِيَارَاتِ الْمُسَمَّاةِ عِنْدَهُمْ. وَأَثْبَتَ هَذَا الْخِيَارَ أَيْضًا الشَّافِعِيَّةُ، وَإِنْ أَطْلَقُوا عَلَيْهِ غَيْرَ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ، وَأَحْيَانًا لَمْ يُسَمُّوهُ بَل عَبَّرُوا عَنْهُ.
فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّهُ لَوْ قَال: " بِعْتُكَ مِلْءَ هَذَا الْكُوزِ أَوِ الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ، أَوْ زِنَةَ هَذِهِ الْحَصَاةِ مِنْ هَذَا الذَّهَبِ، هُوَ صَحِيحٌ. لإِِمْكَانِ الأَْخْذِ مِنَ الْمُعَيَّنِ قَبْل تَلَفِهِ. وَالْعِلْمُ بِالْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ لاَ يُشْتَرَطُ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ قَال: فِي ذِمَّتِي صِفَتُهَا كَذَا " (4) .
وَقَدْ مَنَعَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَعَدُّوهُ مِنْ أَنْوَاعِ بَيْعِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا (5) . وَالْمَنْعُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَوَجْهُ الْقَوْل بِالْجَوَازِ أَنَّ الْجَهَالَةَ الثَّابِتَةَ فِي هَذَا الْعَقْدِ لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، لأَِنَّهُ يَتَعَجَّل تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ (وَهُوَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ) وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ الْجَهَالَةُ الْمُفْضِيَةُ لِلنِّزَاعِ.
قَال ابْنُ الْهُمَامِ: الْوَجْهُ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ إِذَا كَال بِهِ أَوْ وَزَنَ لِلْمُشْتَرِي، كَمَا فِي الشِّرَاءِ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ ذَهَبًا، نَصَّ فِي جَمِيعِ النَّوَازِل (أَيْ كُتُبِ الْفَتَاوَى) عَلَى أَنَّ فِيهِ الْخِيَارَ إِذَا عَلِمَ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ بِالْوَزْنِ. ثُمَّ لَمْ يَكْتَفِ ابْنُ الْهُمَامِ بِمَا نُقِل، بَل أَتَى بِنَظِيرٍ لِهَذَا الْحُكْمِ فَقَال: وَأَقْرَبُ الأُْمُورِ إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إِذَا بَاعَ صُبْرَةً كُل قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ: أَنَّهُ إِذَا كَال فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى عَرَفَ الْمِقْدَارَ صَحَّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا إِذَا رَآهُ وَلَمْ يَكُنْ رَآهُ وَقْتَ الْبَيْعِ، مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ رَأَى الصُّبْرَةَ قَبْل الْكَيْل وَوَقَعَتِ الإِْشَارَةُ إِلَيْهَا.
أَمَّا الْقَوْل بِالْمَنْعِ فَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُجَازَفَةً أَوْ بِذِكْرِ الْقَدْرِ، فَفِي الْمُجَازَفَةِ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ، وَعِنْدَ ذِكْرِ الْقَدْرِ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا سُمِّيَ مِنَ الْقَدْرِ وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُجَازَفَةٍ، وَلاَ سُمِّيَ قَدْرٌ مَعِينٌ إِذْ لَمْ يَكُنَ الْمِكْيَال مَعْلُومًا (6) . شَرَائِطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ خِيَارِ الْكَشْفِ:
3 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ الْمُسْتَلْزِمِ خِيَارَ كَشْفِ الْحَال:
1 - بَقَاءُ الْمِكْيَال، أَوِ الْمِيزَانِ، غَيْرِ الْمَعْرُوفِ عَلَى حَالِهِمَا:
فَلَوْ تَلِفَا قَبْل التَّسْلِيمِ فَسَدَ الْبَيْعُ، لأَِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَبْلَغَ مَا بَاعَهُ إِيَّاهُ. وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ نَقْلاً عَنِ السِّرَاجِ وَأَوْرَدَهُ ابْنُ عَابِدِينَ مُقِرًّا لَهُ (7) .
2 - تَعْجِيل تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ:
أَيْ: تَسْلِيمُهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَال ابْنُ الْهُمَامِ: " كُل الْعِبَارَاتِ تُفِيدُ تَقْيِيدَ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ بِالتَّعْجِيل " وَمِنْ ذَلِكَ عِبَارَةُ السَّرَخْسِيِّ:
لَوِ اشْتَرَى بِهَذَا الإِْنَاءِ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ إِنَّ فِي الْمُعَيَّنِ الْبَيْعَ مُجَازَفَةً يَجُوزُ، فَبِمِكْيَالٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ أَوْلَى (8) . وَهَذَا لأَِنَّ التَّسْلِيمَ: عَقِيبَ الْبَيْعِ (9) .
3 - يُشْتَرَطُ (فِي الْكَيْل خَاصَّةً) أَنْ لاَ يَحْتَمِل الْمِكْيَال الشَّخْصِيُّ النُّقْصَانَ، بِأَنْ لاَ يَنْكَبِسَ وَلاَ يَنْقَبِضَ، كَأَنْ يَكُونَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ. أَمَّا إِذَا كَانَ كَالزِّنْبِيل وَالْجُوَالِقِ فَلاَ يَجُوزُ. وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيل بَيْعُ مِلْءِ قِرْبَةٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ رَاوِيَةٍ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّ الْمَاءَ لَيْسَ عِنْدَهُ وَلاَ يُعْرَفُ قَدْرُ الْقِرْبَةِ، لَكِنْ أَطْلَقَ فِي الْمُجَرَّدِ جَوَازَهُ. وَلاَ بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ الْقِرَبِ الْمُتَعَارَفَةِ فِي الْبَلَدِ مَعَ غَالِبِ السَّقَّائِينَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إِذَا مَلأََهَا ثُمَّ تَرَاضَيَا جَازَ. قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَلاَ شَكَّ أَنَّ الْقِيَاسَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَأَمَّا الاِسْتِحْسَانُ الثَّابِتُ بِالتَّعَامُل فَمُقْتَضَاهُ الْجَوَازُ بَعْدَ أَنْ يُسَمِّيَ نَوْعَ الْقِرْبَةِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ التَّفَاوُتِ يَسِيرٌ أُهْدِرَ فِي الْمَاءِ.
__________
(1) المصباح المنير، والمغرب، والقاموس المحيط مادة: " كشف ".
(2) رد المحتار 4 / 27 و 45.
(3) رد المحتار 4 / 27.
(4) الفتاوى الكبرى لابن حجر 2 / 157.
(5) القوانين الفقهية 248، المحلى 8 / 377 م1420.
(6) الكفاية شرح الهداية 5 / 471، وفتح القدير والعناية (أيضًا) .
(7) رد المحتار 4 / 27.
(8) رد المحتار 4 / 27.
(9) فتح القدير 5 / 86، المبسوط 13 / 250، ولهذه الشريطة لا يصح السلم بإناء غير معلوم، وبالتالي ليس هو محلاً للخيار.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 164/ 20