البحث

عبارات مقترحة:

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

فَقْدُ الطَّهُورَيْنِ


من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَقْدُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ فَقَدَ الشَّيْءَ يَفْقِدُهُ فَقْدًا وَفِقْدَانًا وَفُقُودًا؛ أَيْ عَدِمَهُ، (1) وَالطَّهُورُ فِي اللُّغَةِ كُل مَاءٍ نَظِيفٍ، قَال ثَعْلَبٌ: الطَّهُورُ هُوَ الطَّاهِرُ فِي نَفْسِهِ الْمُطَهِّرُ لِغَيْرِهِ، وَقَال الأَْزْهَرِيُّ: الطَّهُورُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الطَّاهِرُ الْمُطَهِّرُ، وَقَال الزَّمَخْشَرِيُّ: الطَّهُورُ الْبَلِيغُ فِي الطَّهَارَةِ.
وَالْمَاءُ الطَّهُورُ بِالْفَتْحِ: هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَيُزِيل النَّجَسَ. (2)
وَالطَّهُورَانِ فِي الاِصْطِلاَحِ: الْمَاءُ وَالتُّرَابُ (3) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ: الْمَاءَ وَالتُّرَابَ، فِي حَقِّ الصَّلاَةِ كَالْمَحْبُوسِ فِي مَكَانٍ قَذِرٍ لاَ يَجِدُ صَعِيدًا طَيِّبًا وَلاَ مَاءً يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَنْ يُيَمِّمُهُ أَوْ يُوَضِّئُهُ، وَالْمَصْلُوبِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ فَقَطْ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، (4) لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، لأَِنَّ الْعَجْزَ فِي الشَّرْطِ لاَ يُوجِبُ تَرْكَ الْمَشْرُوطِ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوِ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ.
وَلاَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ حِينَئِذٍ، إِذْ لاَ ضَرُورَةَ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفَرْضُ لِدَاعِي الضَّرُورَةِ إِلَيْهِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَهَذِهِ الصَّلاَةُ تُوصَفُ بِالصِّحَّةِ، وَلِهَذَا قَال فِي الْمَجْمُوعِ: تَبْطُل بِالْحَدَثِ وَالْكَلاَمِ وَنَحْوِهِمَا، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِذَا كَانَ يَرْجُو أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ، كَمَا قَال الأَْذْرَعِيُّ.
وَيُعِيدُ الصَّلاَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِذَا وَجَدَ أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، لأَِنَّ هَذَا الْعُذْرَ نَادِرٌ وَلاَ دَوَامَ لَهُ.
وَمَا سَبَقَ هُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: تَجِبُ الصَّلاَةُ بِلاَ إِعَادَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ، قَال: لأَِنَّهُ أَدَّى وَظِيفَةَ الْوَقْتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ.
ثَانِيهَا: يُنْدَبُ لَهُ الْفِعْل وَتَجِبُ الإِْعَادَةُ.
ثَالِثُهَا: يُنْدَبُ لَهُ الْفِعْل وَلاَ إِعَادَةَ.
رَابِعُهَا: يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ إِعَادَةَ عَلَيْهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَضَلَّتْهَا، فَبَعَثَ رَسُول اللَّهِ ﷺ رِجَالاً فِي طَلَبِهَا فَوَجَدُوهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَشَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَنْزَل اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ (5) ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِْعَادَةِ، وَلأَِنَّهُ أَحَدُ شُرُوطِ الصَّلاَةِ، فَسَقَطَ عِنْدَ الْعَجْزِ كَسَائِرِ شُرُوطِهَا، وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ الَّذِي بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ لاَ يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لاَ يَقْرَأُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ فِي الصَّلاَةِ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَيُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَتِهَا عِنْدَ الرَّافِعِيِّ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي الصَّلاَةِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَغَيْرِهَا، فَلاَ يَقْرَأُ زَائِدًا عَلَى الْفَاتِحَةِ، وَلاَ يُسَبِّحُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَلاَ يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي طُمَأْنِينَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ جُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِالْمُصَلِّينَ احْتِرَامًا لِلْوَقْتِ، فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِنْ وَجَدَ مَكَانًا يَابِسًا، وَإِلاَّ فَيُومِئُ قَائِمًا، وَيُعِيدُ الصَّلاَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لاَ يَقْرَأُ، سَوَاءٌ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ أَمْ أَكْبَرَ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ يَنْوِي أَيْضًا، لأَِنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْمُصَلِّي وَلَيْسَ بِصَلاَةٍ.
وَهَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ، وَهُوَ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ، قَال التُّمُرْتَاشِيُّ: بِهِ يُفْتَى وَإِلَيْهِ صَحَّ رُجُوعُهُ.
وَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُهَا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ الصَّلاَةِ عَنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا فِي الْوَقْتِ، وَلاَ قَضَاؤُهَا فِي الْمُسْتَقْبَل إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ أَوِ التُّرَابَ، قَال الدُّسُوقِيُّ: وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الأَْدَاءُ وَالْقَضَاءُ لأَِنَّ وُجُودَ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ أَدَائِهَا، وَقَدْ عُدِمَ، وَشَرْطُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ تَعَلُّقُ الأَْدَاءِ بِالْقَاضِي، وَهَذَا قَوْل مَالِكٍ، وَقَال أَصْبَغُ: يَقْضِي وَلاَ يُؤَدِّي، وَقَال أَشْهَبُ: يَجِبُ الأَْدَاءُ فَقَطْ، وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجِبُ الأَْدَاءُ وَالْقَضَاءُ احْتِيَاطًا. (6)
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) لسان العرب، والمصباح المنير، والمطلع على أبواب المقنع ص6.
(3) الدر المختار 1 / 168.
(4) حديث: " إذا أمرتكم بشيء. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 251) ، ومسلم (2 / 975) من حديث أبي هريرة.
(5) حديث: " نزول آية التيمم ". أخرجه البخاري (7 / 106) من حديث عائشة.
(6) حاشية ابن عابدين 1 / 168، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 162، ومغني المحتاج 1 / 105، وكشاف القناع 1 / 171.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 191/ 32