الغفار
كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...
«وكذلك الوهاب من أسمائه ***** فانظر مواهبه مدى الأزمان أهل السموات العلى والأرض عن***** تلك المواهب ليس ينفكان» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "النونية" (ص210)
«ولن يُتَصوَّر الجود والهبة حقيقة إلا من الله تعالى؛ فإنه الذي يعطي كل محتاج ما يحتاج إليه لا لعوض ولا لغرض عاجل ولا آجل، ومن وَهَب وله في هبته غرضٌ يناله عاجلًا وآجلًا من ثناء أو مدح أو مودة أو تخلص من مذمة أو اكتساب شرف وذِكرٍ فهو معامِلٌ مُعتاضٌ وليس بوهاب ولا جواد؛ فليس العِوض كلُّه عينًا يُتناول بل كل ما ليس بحاصل ويَقصد الواهبُ حصوله بالهبة فهو عِوَض، ومن وهب وجاد ليشْرُف أو ليُثنى عليه أو لئلا يُذَمّ فهو معامل، وإنما الجواد الحق هو الذي يفيض منه الفوائد على المستفيد لا لغرض يعود إليه، بل الذي يفعل شيئًا لو لم يفعل لكان يقبح به فهو بما يفعله متخلص وذلك غرض وعوض». الغَزالي "المقصد الأسنى" (ص82)
«قالت المشايخ: الوهاب من يكون جزيل العطاء والنوال، كثير المنِّ والإفضال، واللطف والإقبال، يعطي من غير سؤال، ولا يقطع نواله عن العبد في حال. وقيل: الوهاب الذي يعطيك بلا وسيلة، وينعم عليك بلا سبب ولا حيلة». الفَخْر الرَّازِي "لوامع البينات" (ص170)
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".