قِطَارٌ
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقِطَارُ مِنَ الإِْبِل فِي اللُّغَةِ: عَدَدٌ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَالْجَمْعُ قُطُرٌ، مِثْل كِتَابٍ وَكُتُبٍ، يُقَال: قَطَرَ الإِْبِل قَطْرًا، وَقَطَّرَهَا وَأَقْطَرَهَا: قَرَّبَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ عَلَى نَسَقٍ (1) .
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا اللَّفْظَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ نَفْسِهِ.
قَال الْبَابَرْتِيُّ: الْقِطَارُ: الإِْبِل تُقْطَرُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ (2) .
وَقَال الزَّرْقَانِيُّ: الْقِطَارُ - بِكَسْرِ الْقَافِ - هُوَ رَبْطُ الإِْبِل أَوْ غَيْرِهَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (3) .
وَيَشْتَرِطُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ لاَ يَزِيدَ عَدَدُ الْقِطَارِ الْوَاحِدِ عَلَى تِسْعَةٍ لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ (4) وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلاَحِ فَقَدَّرَهُ بِسَبْعَةٍ (5) . قَال النَّوَوِيُّ: وَالأَْصَحُّ التَّوَسُّطُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ، فَقَال: فِي الصَّحْرَاءِ لاَ يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ، وَفِي الْعُمْرَانِ يُعْتَبَرُ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُجْعَل قِطَارًا، وَهُوَ مَا بَيْنَ سَبْعَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ (6) ، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ: لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلاَ كَثِيرٌ مِنَ الأَْصْحَابِ، مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَتْبَاعُهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالتِّسْعِ أَوِ السَّبْعِ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَذَكَرَ الأَْذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ، ثُمَّ قَالاَ: وَسَبَبُ اضْطِرَابِهِمْ فِي الْعَدَدِ اضْطِرَابُ الْعُرْفِ فِيهِ، فَالأَْشْبَهُ الرُّجُوعُ فِي كُل مَكَانٍ إِلَى عُرْفِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْوَافِي (7) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الرَّاحِلَةُ:
2 - الرَّاحِلَةُ: الْمَرْكَبُ مِنَ الإِْبِل ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَالنَّاقَةُ الَّتِي تَصْلُحُ لِلرَّحْل، وَالأَْوَّل هُوَ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ (8) وَالرَّاحِلَةُ جُزْءٌ مِنَ الْقِطَارِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
هُنَاكَ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْقِطَارِ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ عَنْهَا، مِنْهَا: الْحِرْزُ، وَضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ الْقِطَارُ، عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي: أ - الْحِرْزُ:
3 - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْقِطَارَ إِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ يَسُوقُهُ، فَحِرْزُهُ نَظَرُهُ إِلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ بِحَيْثُ لاَ يَرَاهُ فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ قَائِدٌ، فَحِرْزُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ كُل سَاعَةٍ وَيَنْتَهِي نَظَرُهُ إِلَيْهِ إِذَا الْتَفَتَ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَرَى الْبَعْضَ لِحَائِل جَبَلٍ أَوْ بِنَاءٍ، فَذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مُحْرَزٍ (9) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ بِقَطْعِ السَّارِقِ لِشَيْءٍ مِنَ الْقِطَارِ بِمُجَرَّدِ إِبَانَتِهِ عَنْ بَاقِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (10) .
وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ انْتِهَاءُ نَظَرِ الْقَائِدِ إِلَى آخِرِ الْقِطَارِ (11) .
وَحَيْثُ يُشْتَرَطُ انْتِهَاءُ نَظَرِ الْقَائِدِ إِلَى الْقِطَارِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ فِي اشْتِرَاطِ بُلُوغِ الصَّوْتِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: لَوْ لَمْ يَبْلُغْ صَوْتُهُ بَعْضَ الْقِطَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ غَيْرُ مُحْرَزٍ، وَسَكَتَ آخَرُونَ عَنِ اعْتِبَارِ بُلُوغِ الصَّوْتِ اكْتِفَاءً بِالنَّظَرِ، لأَِنَّهُ إِذَا قَصَدَ مَا يَرَاهُ أَمْكَنَهُ الْعَدْوَ إِلَيْهِ (12) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنَ الْقِطَارِ بَعِيرًا أَوْ حِمْلاً لَمْ يُقْطَعْ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ مَقْصُودٍ، فَتَتَمَكَّنُ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ، وَهَذَا لأَِنَّ السَّائِقَ وَالرَّاكِبَ وَالْقَائِدَ إِنَّمَا يَقْصِدُونَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ وَنَقْل الأَْمْتِعَةِ دُونَ الْحِفْظِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مَعَ الأَْحْمَال مَنْ يَتْبَعُهَا لِلْحِفْظِ قَالُوا: يُقْطَعُ، وَإِنْ شَقَّ الْحِمْل وَأَخَذَ مِنْهُ قُطِعَ، لأَِنَّ الْجُوَالِقَ فِي مِثْل هَذَا حِرْزٌ، لأَِنَّهُ يُقْصَدُ بِوَضْعِ الأَْمْتِعَةِ فِيهِ صِيَانَتُهَا كَالْكُمِّ، فَوُجِدَ الأَْخْذُ مِنَ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ (13) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: سَرِقَةٌ ف 37) .
ب - ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ الْقِطَارُ:
4 - نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَى قَائِدِ قِطَارٍ وَطِئَ بَعِيرٌ مِنْهُ رَجُلاً، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ ضَمِنَا لاِسْتِوَائِهِمَا فِي التَّسَبُّبِ، لَكِنَّ ضَمَانَ النَّفْسِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَضَمَانَ الْمَال فِي مَالِهِ، هَذَا لَوْ كَانَ السَّائِقُ مِنْ جَانِبٍ مِنَ الإِْبِل، فَلَوْ تَوَسَّطَهَا وَأَخَذَ بِزِمَامِ وَاحِدٍ ضَمِنَ مَا خَلْفَهُ، وَضَمِنَا مَا قُدَّامَهُ، وَضَمِنَ رَاكِبٌ عَلَى بَعِيرٍ وَسَطَ الْقِطَارِ الْوَسَطَ فَقَطْ وَلاَ يَضْمَنُ مَا قُدَّامَهُ لأَِنَّهُ غَيْرُ سَائِقٍ لَهُ وَلاَ مَا خَلْفَهُ لأَِنَّهُ غَيْرُ قَائِدٍ مَا لَمْ يَأْخُذْ بِزِمَامِ مَا خَلْفَهُ، وَإِنْ قَتَل بَعِيرٌ رُبِطَ عَلَى قِطَارٍ سَائِرٍ بِلاَ عِلْمِ قَائِدِهِ رَجُلاً ضَمِنَ عَاقِلَةُ الْقَائِدِ الدِّيَةَ، وَرَجَعُوا بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ، لأَِنَّهُ دِيَةٌ لاَ خُسْرَانٌ، وَلَوْ رَبَطَ الْبَعِيرَ وَالْقِطَارُ وَاقِفٌ ضَمِنَهَا عَاقِلَةُ الْقَائِدِ بِلاَ رُجُوعٍ لِقَوْدِهِ بِلاَ إِذْنٍ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَ الْبَعِيرُ فِي أَوَّل الْقِطَارِ أَوْ آخِرِهِ، وَإِنْ نَفَحَتْ رَجُلاً بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا لَمْ يَضْمَنِ الْقَائِدُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا (2) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: قَال شَمْسُ الدِّينِ ابْنُ قُدَامَةَ: الْجَمَل الْمَقْطُورُ عَلَى الْجَمَل الَّذِي عَلَيْهِ رَاكِبٌ يَضْمَنُ الرَّاكِبُ جِنَايَتَهُ لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَائِدِ، فَأَمَّا الْجَمَل الْمَقْطُورُ عَلَى الْجَمَل الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَلاَّ يَضْمَنَ جِنَايَتَهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَائِقٌ، لأَِنَّ الرَّاكِبَ الأَْوَّل لاَ يُمْكِنُهُ حِفْظُهُ عَنِ الْجِنَايَةِ (3) .
__________
(1) ) المصباح المنير والقاموس المحيط.
(2) العناية وفتح القدير 4 / 246.
(3) الزرقاني 8 / 102.
(4) روضة الطالبين 10 / 128، وأسنى المطالب 4 / 145.
(5) أسنى المطالب 4 / 145.
(6) روضة الطالبين 10 / 128، 129.
(7) أسنى المطالب 4 / 145.
(8) تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ص135 نشر دار القلم، والمصباح المنير.
(9) روضة الطالبين 10 / 128، والمغني 8 / 250.
(10) الفواكه الدواني 2 / 295، والشرح الصغير 4 / 480.
(11) روضة الطالبين 10 / 128.
(12) روضة الطالبين 10 / 128.
(13) فتح القدير 4 / 246 ط. بولاق.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 48/ 34