القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
التَّعْرِيفُ:
1 - اللَّمْزُ فِي اللُّغَةِ: الْعَيْبُ فِي السِّرِّ، وَأَصْلُهُ الإِْشَارَةُ بِالْعَيْنِ وَالرَّأْسِ وَالشَّفَةِ مَعَ كَلاَمٍ خَفِيٍّ.
وَقِيل: هُوَ الْعَيْبُ فِي الْوَجْهِ وَالْوُقُوعُ فِي النَّاسِ، يُقَال: لَمَزَهُ يَلْمِزُهُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَل: عَابَهُ، وَقَال اللِّحْيَانِيُّ: الْهَمَّازُ وَاللَّمَّازُ: النَّمَّامُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي التَّنْزِيل: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} (1) وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْهَمْزُ:
2 - مِنْ مَعَانِي الْهَمْزِ فِي اللُّغَةِ: الْغَمْزُ وَالاِغْتِيَابُ، يُقَال: هَمَزَهُ هَمْزًا: غَمَزَهُ، وَيُقَال: هَمَزَهُ: اغْتَابَهُ وَغَضَّ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي التَّنْزِيل: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
قَال الطَّبَرِيُّ: اللَّمْزُ بِالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَاللِّسَانِ وَالإِْشَارَةِ، وَالْهَمْزُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِاللِّسَانِ (4) فَاللَّمْزُ أَعَمُّ مِنَ الْهَمْزِ.
ب - الْغَمْزُ: 3 - مِنْ مَعَانِي الْغَمْزِ فِي اللُّغَةِ: الإِْشَارَةُ بِالْعَيْنِ أَوِ الْجَفْنِ أَوِ الْحَاجِبِ، يُقَال غَمَزَهُ غَمْزًا - مِنْ بَابِ ضَرَبَ - أَشَارَ إِلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ حَاجِبٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي التَّنْزِيل: {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} (5) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (6) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّمْزِ وَالْغَمْزِ: أَنَّ اللَّمْزَ أَعَمُّ مِنَ الْغَمْزِ.
ج - الْغِيبَةُ: 4 - الْغِيبَةُ - بِكَسْرِ الْغَيْنِ - فِي اللُّغَةِ اسْمٌ مَأْخُوذٌ مِنَ اغْتَابَهُ اغْتِيَابًا: إِذَا ذَكَرَهُ بِمَا يَكْرَهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَهُوَ حَقٌّ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلاً فَهُوَ الْغِيبَةُ فِي بَهْتٍ (7) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالْغِيبَةُ أَعَمُّ مِنَ اللَّمْزِ لأَِنَّ اللَّمْزَ مِنْ أَقْسَامِ الْغِيبَةِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 - اللَّمْزُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وَكَبَائِرِ الذُّنُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (8) قَال قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مَالِهِ وَكَانَ لَهُ ثَمَانِيَةُ آلاَفٍ فَتَصَدَّقَ مِنْهَا بِأَرْبَعَةِ آلاَفٍ فَقَال قَوْمٌ: مَا أَعْظَمَ رِيَاءَهُ فَأَنْزَل اللَّهُ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} (9) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَْلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (10) . قَال الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} وَهَذِهِ الآْيَةُ مِثْل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (11) أَيْ لاَ يَقْتُل بَعْضُكُمْ بَعْضًا لأَِنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَكَأَنَّهُ بِقَتْل أَخِيهِ قَاتَل نَفْسَهُ.
وَالْمَعْنَى: لاَ يَعِبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْعَاقِل لاَ يَعِيبُ نَفْسَهُ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَعِيبَ غَيْرَهُ، لأَِنَّهُ كَنَفْسِهِ (12) .
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ اللَّمْزَ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، ثُمَّ قَال: وَغَايَرَ بَيْنَ صِفَتَيْ: تَلْمِزُوا، وَتَنَابَزُوا - {وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا} (13) ، لأَِنَّ الْمَلْمُوزَ قَدْ لاَ يَقْدِرُ فِي الْحَال عَلَى عَيْبٍ يَلْمِزُ بِهِ لاَمِزُهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَتَبُّعِ أَحْوَالِهِ حَتَّى يَظْفَرَ بِبَعْضِ عُيُوبِهِ بِخِلاَفِ النَّبْزِ فَإِنَّ مَنْ لُقِّبَ بِمَا يَكْرَهُ قَادِرٌ عَلَى تَلْقِيبِ الآْخَرِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ حَالاً فَوَقَعَ التَّفَاعُل ثُمَّ قَال: وَمَعْنَى {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِْيمَانِ} (14) أَنَّ مَنْ فَعَل إِحْدَى الثَّلاَثَةِ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْفِسْقِ وَهُوَ غَايَةُ النَّقْصِ بَعْدَ أَنْ كَانَ كَامِلاً بِالإِْيمَانِ وَضَمَّ تَعَالَى إِلَى هَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي نَفْسِ الآْيَةِ قَوْلَهُ {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لِلإِْشَارَةِ إِلَى عَظَمَةِ إِثْمِ كُل وَاحِدٍ مِنْ تَلِكَ الثَّلاَثَةِ، وَقَال: وَقُدِّمَتِ السُّخْرِيَّةُ، لأَِنَّهَا أَبْلَغُ الثَّلاَثَةِ فِي الأَْذِيَّةِ لاِسْتِدْعَائِهَا تَنْقِيصَ الْمَرْءِ فِي حَضْرَتِهِ، ثُمَّ اللَّمْزُ لأَِنَّهُ الْعَيْبُ بِمَا فِي الإِْنْسَانِ، وَهَذَا دُونَ الأَْوَّل ثُمَّ النَّبْزُ وَهَذَا نِدَاؤُهُ بِلَقَبِهِ وَهُوَ دُونَ الثَّانِي إِذْ لاَ يَلْزَمُ مُطَابِقَةُ مَعْنَاهُ لِلَقَبِهِ فَقَدْ يُلَقَّبُ الْحَسَنُ بِالْقَبِيحِ وَعَكْسُهُ (15) .
__________
(1) سورة التوبة / 79.
(2) المصباح، ولسان العرب، والمفردات للراغب الأصفهاني، وتفسير القرطبي 8 / 166، 214 و16 / 327، 20 / 181.
(3) سورة القلم / 11.
(4) المعجم الوسيط، ولسان العرب، وتفسير القرطبي 16 / 327.
(5) سورة المطففين / 30.
(6) المصباح المنير، والمعجم الوسيط، وتفسير القرطبي 5 / 226، 19 / 267.
(7) المصباح المنير، والتعريفات للجرجاني.
(8) سورة التوبة / 79.
(9) تفسير القرطبي 8 / 214 - 215، وفتح الباري 8 / 330 وبعدها.
(10) سورة الحجرات / 11.
(11) سورة النساء / 29.
(12) تفسير القرطبي 16 / 327، والزواجر عن اقتراف الكبائر 2 / 4 وما بعدها.
(13) سورة الحجرات / 11.
(14) سورة الحجرات / 11.
(15) الزواجر 2 / 5 وما بعدها.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 328/ 35