البحث

عبارات مقترحة:

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الودود

كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو الحب، وهي بمعنى اسم الفاعل أو اسم المفعول، أي: المحبّ، أو المحبوب. واسم (الودود) من أسماء الله الحسنى ويدل على اتصاف الله تعالى بصفة الحب الثابتة له بلا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف، وكلا المعنيين اللغويين صحيحان في حقه سبحانه وتعالى. وهو اسم ثابت لله تعالى بالقرآن والسنة، وعليه إجماع الأمة.

التعريف

التعريف لغة

لفظ (الودود) صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ، والواو فيه يصح فيها الكسر والضم والفتح، ومعناه: الحب، والمودة: المحبة، انظر للاستزادة "الصحاح" للجوهري (2/549)، وقد يكون الوَدود بمعنى اسم الفاعل أو اسم المفعول، قال الزجاج: «هَذا يجوز أن يكون فعولًا بِمَعْنى فاعل ويجوز أن يكون فعولًا بِمَعْنى مفعول، والله تَعالى وصف نَفسه فِي مَواضِع بِأنَّهُ يحب ولا يحب، ألا وهو أيْضًا محبوب مَوْدودٌ عِنْد أوليائه فهو بِمَعْنى مودود» "تفسير الأسماء" (ص52).

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة المحبة القائمة بالله تعالى، والتي أثبتها لنفسه في مواضع عدة من كتابه الكريم، وهو بهذا المعنى يتفق مع كون صيغة (فعول) في اللغة بمعنى (فاعل)، والمعنى الثاني يتفق مع كونها بمعنى (مفعول) فيكون معناه: المحبوب من قِبل عباده وأصفيائه، وقد ذكر المعنيين ابنُ القيم فقال: «وأما الوَدُود ففيه قولان: أحدهما أنه بمعنى فاعل وهو الذي يحب أنبياءه ورسله وأولياءه وعباده المؤمنين والثاني أنه بمعنى مودود وهو المحبوب الذي يستحق أن يُحَبَّ الحبَّ كله وأن يكون أحبَّ إلى العبد من سمعه وبصره وجميع محبوباته» "جلاء الأفهام" (ص447).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

ما جاء في اللغة موافق لما جاء في الاصطلاح غير مخالف له إلا في كون صفة المحبة الثابتة لله تعالى ثابتة له على غاية الكمال، بلا تمثيل أو تشبيه، أو تعطيل، أو تحريف.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل على إثبات صفة المحبة لله سبحانه وتعالى.

الأدلة

القرآن الكريم

الودود في القرآن الكريم
ورد اسم الله تعالى (الودود) في القرآن الكريم في موضعين هما: قوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود: 90]، وقوله جل وعلا: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج: 14]. وفي اقتران اسمه تعالى (الودود) بكل من الاسمين (الرحيم) و(الغفور) جمالٌ ورِقّة، يقول ابن القيم في هذا: «وما ألطف اقتران اسم الودود بالرحيم وبالغفور؛ فإن الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبه، وكذلك قد يرحم من لا يحب، والرب تعالى يغفر لعبده إذا تاب إليه ويرحمه ويحبه مع ذلك؛ فإنه يحب التوابين، وإذا تاب إليه عبده أحبَّه ولو كان منه ما كان» "التبيان في أقسام القرآن" (ص124).

السنة النبوية

الودود في السنة النبوية
جاء اسم الله (الودود) في حديث الأسماء المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ حيث قال: «إنَّ للهِ تسعةً وتسعينَ اسمًا مائةً غيرَ واحدةٍ، مَن أحصاها دخلَ الجنَّةَ» فعدَّها وذكر منها: «الودود». الترمذي (3507) وابن حبان (808). الاعتقاد للبيهقي (57)

الإجماع

اسم الله (الودود) ثابت بالإجماع، قال القرطبي: «وأجمعت عليه الأمة» "الأسنى" (1/423)

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

آثار الإيمان باسم الله (الودود) عظيمة جدًّا، وهي آثار حب الله عز وجل لخلقه وحبهم له، من ذلك: · أن هناك تلازمًا بين المحبة والعبادة، فإن العبادة طاعة طوعيّة لا إكراه فيها، ممزوجةٌ بمحبة قلبية لا شَوْبَ معها، والمحبة الحقيقية لله عز وجل هي التي تثمر العبادة والاتباع والطاعة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وليس ما يستحق أن يكون هو المحبوب لذاته، المراد لذاته، المطلوب لذاته، المعبود لذاته: إلا الله. كما أنه ليس ما هو بنفسه مبدع خالق إلا الله، فكما أنه لا رب غيره، فلا إله إلا هو، فليس في المخلوقات ما يستقل بإبداع شيء حتى يكون ربًا له، ولكن ثم أسباب متعاونة ولها فاعل هو سببها. وكذلك ليس في المخلوقات ما هو مستحق لأن يكون المستقل بأن يكون هو المعبود المقصود المراد بجميع الأعمال، بل إذا استحق أن يحب ويراد، فإنما يراد لغيره، وله ما شاركه في أن يحب معه، وكلاهما يجب أن يحب لله، لا يحب واحد منهما لذاته، إذ ليست ذاته هي التي يحصل بها كمال النفوس وصلاحها وانتفاعها، إذا كانت هي الغاية المطلوبة». "درء تعارض العقل والنقل" (9/374). · الإيمان بأن الله تعالى (ودود) أي: محبوب، وأنه سبحانه هو الذي سمّى نفسه به، وأنه المستحق لأن يكون محبوبًا يدفع المؤمن دفعًا لأن يحقق في قلبه حب الله عز وجل، ومن أحبَّ الله أحبَّه الله، فإذا كان ذلك كانت معه النعم الجليلة، من توفيق وسداد، ومعيّة وهداية، وقوة ومَنَعة، وإجابة وعطاء. كما جاء في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه: «فإذا أحْبَبْتُهُ : كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» البخاري (6502).

المظاهر في الكون والحياة

اسم الله تعالى (الودود) بمعنى اسم الفاعل اسم متعدٍّ، وآثاره على الخلق لا تعد ولا تحصى، فإن كل نعمة أنعمها الله على خلقه من ابتداء خلقه حتى اليوم الآخر إنما هي آثار ومظاهر لمحبته خلقَه جل جلاله. ورحمته سبحانه وتعالى بخلقه هي من حبه لهم، وخلقه للود والحب بين الخلق من آثار هذا الاسم، قال ابن تيمية رحمه الله: «وهو سبحانه كما ثبت في الحديث الصحيح أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وقد بيّن الحديث الصحيح أنّ فرَحَه بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد ماله ومركوبه في مَهلَكَة، إذ أوجدهما بعد اليأس. وهذا الفرح يقتضي أنّه أعظم مودّةً لعبده المؤمن من المؤمنين بعضِهم لبعض». "النبوات" (1/367).

أقوال أهل العلم

«وكلّ وُدِّ في الوجود فهو من فعله، فالذي جعل الودّ في القلوب هو أولى بالودّ؛ كما قال ابن عبّاس، ومجاهد، وغيرهما في قوله: ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدَّا﴾ قال: يُحِبّهم، ويُحَبِّبهم». ابن تَيْمِيَّة "النبوات" (1/367)
«وهو الودود يحبهم ويحبه*****أحبابُه والفضل للمنانِ وهو الذي جعل المحبة في قلو*****بهم وجازاهم بحب ثانِ هذا هو الإحسان حقًّا لا مُعا*****وَضة ولا لتَوَقُّع الشكرانِ» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "النونية" الأبيات (3310 – 3312)
«الودود: الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم، ويحبونه، فهو أحب إليهم من كل شيء، قد امتلأت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه ودًا وإخلاصًا وإنابة من جميع الوجوه» ابن سَعْدي "تيسير الكريم الرحمن" (5/631)