الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
التَّعْرِيفُ:
1 - اللَّوْثُ بِفَتْحِ اللاَّمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ وَالشَّرُّ، وَاللَّوْثُ: الضَّعْفُ.
وَاللَّوْثُ: شِبْهُ الدَّلاَلَةِ عَلَى حَدَثٍ مِنَ الأَْحْدَاثِ، وَلاَ يَكُونُ بَيِّنَةً تَامَّةً يُقَال: لَمْ يَقُمْ عَلَى اتِّهَامِ فُلاَنٍ بِالْجِنَايَةِ إِلاَّ لَوْثٌ.
وَاللَّوْثُ: الْجِرَاحَاتُ وَالْمُطَالَبَاتُ بِالأَْحْقَادِ، وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: أَمْرٌ يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصَدْقِ الْمُدَّعِي (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التُّهْمَةُ:
2 - التُّهْمَةُ فِي اللُّغَةِ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا: الشَّكُّ وَالرِّيبَةُ وَهِيَ فِي الأَْصْل مِنَ الْوَهْمِ.
وَالتُّهْمَةُ هِيَ الْخَصْلَةُ مِنَ الْمَكْرُوهِ تُظَنُّ بِالإِْنْسَانِ أَوْ تُقَال فِيهِ، يُقَال: وَقَعَتْ عَلَى فُلاَنٍ تُهْمَةٌ: إِذَا ذُكِرَ بِخَصْلَةٍ مَكْرُوهَةٍ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ اللَّوْثَ مِنْ شُرُوطِ الْقَسَامَةِ (3) وَالأَْصْل فِيهِ حَدِيثُ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الأَْنْصَارِيِّ ﵁ فِي قِصَّةِ قَتْل يَهُودِ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ ﵁، فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ سَهْل بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ، فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِل وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ فَقِيرٍ (4) ، فَأَتَى يَهُودَ فَقَال: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، ثُمَّ أَقْبَل حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ أَقْبَل هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: لِمُحَيِّصَةَ كَبِّرْ كَبِّرْ (يُرِيدُ السِّنَّ) فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ، فَكَتَبَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبُوا: إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ قَالُوا: لاَ قَال: فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟ قَالُوا: لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَدَاهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ، فَقَال سَهْلٌ: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ (5) .
4 - وَلَكِنَّ اللَّوْثَ لَهُ صُوَرٌ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَعْضِهَا:
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: اللَّوْثُ قَرِينَةٌ تُثِيرُ الظَّنَّ وَتُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صَدْقَ الْمُدَّعِي وَلَهُ طُرُقٌ مِنْهَا.
الأَْوَّل: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي يُحَقِّقُ مَوْتَهُ كَرَأْسِهِ فِي قَبِيلَةٍ أَوْ فِي حِصْنٍ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، أَوْ فِي مَحَلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْبَلَدِ الْكَبِيرِ وَبَيْنَ الْقَتِيل أَوْ قَبِيلَةِ الْقَتِيل وَبَيْنَ أَهْلِهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ تَبْعَثُ عَلَى الاِنْتِقَامِ بِالْقَتْل، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْعَدَاوَةُ دِينِيَّةً أَوْ دُنْيَوِيَّةً، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يُعْرَفَ لَهُ قَاتِلٌ وَلاَ بَيِّنَةٌ بِقَتْلِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لاَ يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَقِيل: وَبِشَرْطِ أَنْ لاَ يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقَرْيَةُ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ يَطْرُقُهَا التُّجَّارُ وَالْمُجْتَازُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلاَ لَوْثَ، لاِحْتِمَال أَنَّ الْغَيْرَ قَتَلَهُ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لاَ تُعْلَمُ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيل، وَلَيْسَ مِنْ أَهْل الْقَتِيل.
قَال النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ أَنْ لاَ يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَكِنِ الْمُصَنِّفُ - أَيِ النَّوَوِيُّ - فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَكَى الأَْوَّل - أَيِ اشْتِرَاطَ أَنْ لاَ يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ - عَنِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ: إِنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ.
الثَّانِي: أَنْ تَتَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتِيلٍ فِي دَارٍ دَخَلَهَا عَلَيْهِمْ ضَيْفًا أَوْ دَخَل مَعَهُمْ لِحَاجَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ صَحْرَاءَ، وَكَذَا لَوِ ازْدَحَمَ قَوْمٌ عَلَى بِئْرٍ، أَوْ بَابِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، أَوْ فِي الطَّوَافِ أَوْ فِي مَضِيقٍ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ، لِقُوَّةِ الظَّنِّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتِيل.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَابَل صَفَّانِ لِقِتَالٍ فَيَقْتَتِلاَ فَيَنْكَشِفُوا عَنْ قَتِيلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا طَرِيٍّ - كَمَا قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ - فَإِنِ الْتَحَمَ قِتَالٌ مِنْبَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أَوْ وَصَل سِلاَحُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ رَمْيًا أَوْ طَعْنًا أَوْ ضَرْبًا، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الآْخَرِ، فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ أَهْل الصَّفِّ الآْخَرِ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَهْل صَفِّهِ لاَ يَقْتُلُونَهُ سَوَاءٌ أَوُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَمْ فِي صَفِّ نَفْسِهِ، أَمْ فِي صَفِّ خَصْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ قِتَالٌ بَيْنَهُمَا وَلاَ وَصَل سِلاَحُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ أَهْل صَفِّهِ أَيِ الْقَتِيل، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مَعَهُ سِلاَحٌ مُتَلَطِّخٌ بِدَمٍ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَثَرُ دَمٍ، مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تُعَارِضُهُ كَأَنْ وُجِدَ بِقُرْبِ الْقَتِيل سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ أَوْ وُجِدَ أَثَرُ قَدَمٍ أَوْ تَرْشِيشُ دَمٍ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُ السِّلاَحِ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ فِي حَقِّهِ، أَيْ صَاحِبِ السِّلاَحِ.
قَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ رَأَيْنَا مِنْ بُعْدٍ رَجُلاً يُحَرِّكُ يَدَهُ كَمَا يَفْعَل مِنْ يَضْرِبُ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ ثُمَّ وَجَدْنَا فِي الْمَوْضِعِ قَتِيلاً فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ ذَلِكَ الرَّجُل.
الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ عَدْلٌ بِأَنَّ زَيْدًا قَتَل فُلاَنًا فَهُوَ لَوْثٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الدَّعْوَى أَوْ تَأَخَّرَتْ لِحُصُول الظَّنِّ بِصَدْقِهِ.
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: إِنَّمَا تَكُونُ شَهَادَةُالْعَدْل لَوْثًا فِي الْقَتْل الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ فَإِنْ كَانَ فِي خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ لَمْ يَكُنْ لَوْثًا، بَل يَحْلِفُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّ الْمَال، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لاَ يُوجِبُ قِصَاصًا كَقَتْل الْمُسْلِمِ الذِّمِّيِّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ قَتْل الْخَطَأِ فِي أَصْل الْمَال لاَ فِي صِفَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ جَمَاعَةٌ تُقْبَل رِوَايَتُهُمْ كَنِسَاءٍ فَإِنْ جَاءُوا مُتَفَرِّقِينَ فَلَوْثٌ وَكَذَا لَوْ جَاءُوا دَفْعَةً عَلَى الأَْصَحِّ، وَفِي وَجْهٍ لَيْسَ بِلَوْثٍ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنَّ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الْجَمْعِ.
وَفِي الْوَجِيزِ: أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ قَوْل وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَوْثٌ.
وَأَمَّا فِيمَنْ لاَ تُقْبَل رِوَايَتُهُمْ كَصِبْيَانٍ أَوْ فَسَقَةٍ أَوْ ذِمِّيِّينَ فَأَوْجُهٌ أَصَحُّهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ لَوْثٌ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ بِلَوْثٍ، وَالثَّالِثُ: لَوْثٌ مِنْ غَيْرِ الْكُفَّارِ.
وَلَوْ قَال الْمَجْرُوحُ: جَرَحَنِي فُلاَنٌ أَوْ قَتَلَنِي أَوْ دَمِيَ عِنْدَهُ فَلَيْسَ بِلُوثٍ، لأَِنَّهُ مُدَّعٍ.
السَّادِسُ: قَال الْبَغَوِيُّ: لَوْ وَقَعَ فِي أَلْسِنَةِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَلَهَجِهِمْ: أَنَّ فُلاَنًا قَتَل فُلاَنًا فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّهِ (6) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيل فِي مَحَلَّةٍ وَبِهِ أَثَرُ الْقَتْل مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ أَثَرِ ضَرْبٍ أَوْ خَنْقٍ وَلاَ يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ اسْتَحْلَفَ خَمْسُونَ رَجُلاً مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ يَتَخَيَّرُهُمُ الْوَلِيُّ يَقُول كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ: بِاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ وَلاَ عَلِمْتُ لَهُ قَاتِلاً وَلاَ يَشْتَرِطُونَ لِوُجُوبِ الْقَسَامَةِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَلاَمَةُ الْقَتْل عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لِمُدَّعِي الْقَتْل مِنْ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ عُدُولٍ أَنَّ أَهْل الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ (7) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ سَبَبَ الْقَسَامَةِ هُوَ قَتْل الْحُرِّ الْمُسْلِمِ بِلَوْثٍ، وَذَكَرُوا خَمْسَةَ أَمْثِلَةٍ لِلَّوْثِ: -
أَوَّلُهَا: أَنْ يَقُول الْبَالِغُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الذَّكَرُ أَوِ الأُْنْثَى: قَتَلَنِي فُلاَنٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُقْبَل قَوْلُهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُول مَسْخُوطًا وَادَّعَى عَلَى عَدْلٍ وَلَوْ أَعْدَل وَأَوْرَعَ أَهْل زَمَانِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ.
أَوْ تَدَّعِي زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا أَوْ وَلَدٌ يَدَّعِي أَنَّ أَبَاهُ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ فَيَحْلِفُ الأَْوْلِيَاءُ فِي الْعَمْدِ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقِصَاصَ، وَفِي الْخَطَأِ يَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَيَكُونُ لَوْثًا بِشَرْطِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إِقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَدْلاَنِ فَأَكْثَرَ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ الْمَقْتُول عَلَى إِقْرَارِهِ، وَكَانَ بِهِ جُرْحٌ أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ سُمٍّ.
ثَانِيهَا: شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ أَوِ الْجُرْحِ أَوْ أَثَرِ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً فَيَحْلِفُ الأَْوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقِصَاصَ أَوِ الدِّيَةَ.
ثَالِثُهَا: شَهَادَةُ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوِ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً، وَحَلَفَ الْوُلاَةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُكَمِّلَةٌ لِلنِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا وَتُقْسِمُ الْوُلاَةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ إِنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ فِي جَمِيعِ الأَْمْثِلَةِ السَّابِقَةِ.
رَابِعُهَا: شَهَادَةُ عَدْلٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْل مِنْ غَيْرِ إِقْرَارِ الْمَقْتُول فَإِنَّهَا تَكُونُ لَوْثًا وَشَهَادَةُ غَيْرِ الْعَدْل لاَ تَكُونُ لَوْثًا، وَالْمَرْأَتَانِ كَالْعَدْل فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا تُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثًا.
خَامِسُهَا: إِنَّ الْعَدْل إِذَا رَأَى الْمَقْتُول يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالشَّخْصُ الْمُتَّهَمُ بِالْقَتْل قَرِيبٌ مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُول وَعَلَى الْمُتَّهَمِ آثَارُ الْقَتْل بِأَنْ كَانَتِ الآْلَةُ بِيَدِهِ وَهِيَ مُلَطَّخَةٌ بِالدَّمِ أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُول وَلاَ يُوجَدُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَشَهِدَ الْعَدْل بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الأَْوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ.
وَلَيْسَ مِنَ اللَّوْثِ وُجُودُ الْمَقْتُول بَقَرِيَّةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ، لأَِنَّهُ لَوْ أُخِذَ بِذَلِكَ لَمْ يَشَأْ رَجُلٌ أَنْ يُلَطِّخَ قَوْمًا بِذَلِكَ إِلاَّ فَعَل، وَلأَِنَّ الْغَالِبَ أَنَّمَنْ قَتَلَهُ لاَ يَدَعُهُ فِي مَكَانٍ يُتَّهَمُ هُوَ بِهِ (8) .
وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي اللَّوْثِ الْمُشْتَرَطِ فِي الْقَسَامَةِ وَرُوِيَتْ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ.
وَالرِّوَايَةُ الْمُعْتَمَدَةُ - وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ - أَنَّ اللَّوْثَ هُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ كَنَحْوِ مَا كَانَ بَيْنَ الأَْنْصَارِ وَأَهْل خَيْبَرَ، وَكَمَا بَيْنَ الْقَبَائِل الَّتِي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ، وَمَا بَيْنَ الشُّرَطِ وَاللُّصُوصِ، وَكُل مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْتُول ضَغَنٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ قَتْلُهُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ اللَّوْثَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الْمُدَّعِي وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: الْعَدَاوَةُ الْمَذْكُورَةُ.
الثَّانِي: أَنْ يَتَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتِيلٍ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ لاَ يُوجَدُ بِقُرْبِهِ إِلاَّ رَجُلٌ مَعَهُ سَيْفٌ أَوْ سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَلاَ يُوجَدُ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ قَتَلَهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَقْتَتِل فِئَتَانِ فَيَفْتَرِقُونَ عَنْ قَتِيلٍ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَاللَّوْثُ عَلَى الأُْخْرَى.
الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ جَمَاعَةٌ بِالْقَتْل مِمَّنْ لاَ يَثْبُتُ الْقَتْل بِشَهَادَتِهِمْ. وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ وَتَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ.
قَال الْمَرْدَاوِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يُشْتَرَطُ مَعَ الْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بِهِ الْقَتْل غَيْرُ الْعَدُوِّ، وَلاَ أَنْ يَكُونَ بِالْقَتِيل أَثَرُ الْقَتْل كَدَمٍ فِي أُذُنِهِ أَوْ أَنْفِهِ، وَقَوْل الْقَتِيل: قَتَلَنِي فُلاَنٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ عِنْدَهُمْ (9) .
مُسْقِطَاتُ اللَّوْثِ
5 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا قَال الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الذَّكَرُ أَوِ الأُْنْثَى: قَتَلَنِي فُلاَنٌ ثُمَّ قَال بَل فُلاَنٌ بَطَل الدَّمُ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَال هَذَا الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ الْحُرُّ: قَتَلَنِي فُلاَنٌ لاَ يُقْبَل إِلاَّ إِذَا كَانَ فِيهِ جُرْجٌ أَوْ أَثَرُ الضَّرْبِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُول إِذَا خَالَفُوا قَوْلَهُ، بِأَنْ قَال: قَتَلَنِي فُلاَنٌ عَمْدًا فَقَالُوا: بَل قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لاَ قَسَامَةَ لَهُمْ وَبَطَل حَقُّهُمْ.
وَلَوِ اخْتَلَفَ الأَْوْلِيَاءُ، فَقَال بَعْضُهُمْ: قَتَلَهُ عَمْدًا، وَقَال بَعْضُهُمْ: لاَ نَعْلَمُ هَل قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ: قَتَلَهُ عَمْدًا وَنَكَلُوا عَنِ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الدَّمَ يَبْطُل وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا وَلَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ، بِأَنِ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلاَ قَسَامَةَ وَلاَ قَوَدَ وَلاَ دِيَةَ (10) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: قَدْ يُعَارِضُ الْقَرِينَةَ مَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا لَوْثًا، وَقَدْ يُعَارِضُ اللَّوْثَ مَا يُسْقِطُ أَثَرَهُ وَيُبْطِل الظَّنَّ الْحَاصِل بِهِ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يُتَعَذَّرَ إِثْبَاتُ اللَّوْثِ فَإِذَا ظَهَرَ لَوْثٌ فِي حَقِّ جَمَاعَةٍ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَيَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُقْسِمُ، فَلَوْ قَال: الْقَاتِل أَحَدُهُمْ وَلاَ أَعْرِفُهُ فَلاَ قَسَامَةَ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ فَإِنْ حَلَفُوا إِلاَّ وَاحِدًا فَنُكُولُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْقَاتِل وَيَكُونُ لَوْثًا فِي حَقِّهِ، فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ مُكِّنَ مِنْهُ، وَلَوْ نَكَل الْجَمِيعُ ثُمَّ عَيَّنَ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمْ وَقَال: قَدْ بَانَ لِي أَنَّهُ الْقَاتِل، وَأَرَادَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ مُكِّنَ مِنْهُ عَلَى الأَْصَحِّ (11) .
الثَّانِي: قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا ظَهَرَ لَوْثٌ فِي أَصْل الْقَتْل دُونَ كَوْنِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَهَل يَتَمَكَّنُ الْوَلِيُّ مِنَ الْقَسَامَةِ عَلَى أَصْل الْقَتْل؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: لاَ.
قَال الْبَغَوِيُّ: لَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَل أَبَاهُ وَلَمْ يَقُل عَمْدًا وَلاَ خَطَأً وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَوْثًا، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لاَ يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِهِ لأَِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ صِفَةَ الْقَتْل حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مُوجِبَهُ (12) . الثَّالِثُ: أَنْ يُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ كَأَنْ يَقُول: لَمْ أَكُنْ مَعَ الْقَوْمِ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنِ الْقَتِيل، أَوْ لَسْتُ أَنَا الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ لَسْتُ أَنَا الْمَرْئِيِّ مِنْ بَعِيدٍ، فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ عَلَى الأَْمَارَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِهَا وَسَقَطَ اللَّوْثُ وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى.
وَلَوْ قَال: كُنْتُ غَائِبًا يَوْمَ الْقَتْل أَوِ ادَّعَى عَلَى جَمْعٍ، فَقَال أَحَدُهُمْ: كُنْتُ غَائِبًا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنَ الْقَتْل، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى حُضُورِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْ إِقْرَارُهُ بِالْحُضُورِ يَوْمَئِذٍ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِغَيْبَتِهِ، قَال النَّوَوِيُّ: فَفِي الْوَسِيطِ تَتَسَاقَطَانِ وَفِي التَّهْذِيبِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْغَيْبَةِ، لأَِنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، هَذَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مِنْ قَبْل، وَلَوْ أَقَسَمَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجَبِ الْقَسَامَةِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى غَيْبَتِهِ يَوْمَ الْقَتْل أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعِي نُقِضَ الْحُكْمُ وَاسْتَرَدَّ الْمَال (13) ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِل غَيْرُهُ (14) .
الرَّابِعُ: تَكْذِيبُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بَعْضَهُمْ، فَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَانِ فَقَال أَحَدُهُمَا: قَتَل زَيْدٌ أَبَانَا وَقَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ اللَّوْثُ، وَقَال الآْخَرُ: لَمْ يَقْتُلْهُ زَيْدٌ بَل كَانَ غَائِبًا يَوْمَ الْقَتْل وَإِنَّمَا قَتَلَهُ فُلاَنٌ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْقَتْل عَنْ زَيْدٍ، أَوْ قَال: بَرَأَ أَبِي مِنَ الْجِرَاحَةِ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ بَطَل اللَّوْثُ، فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُكَذِّبُ عَدْلاً أَمْ فَاسِقًا فِي الأَْصَحِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ (15) .
الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ عَدْلٌ أَوْ عَدْلاَنِ أَنَّ زَيْدًا قَتَل أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ فَلاَ تُقْبَل هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلاَ يَكُونُ هَذَا لَوْثًا، وَلَوْ شَهِدَ أَوْ شَهِدَا أَنَّ زَيْدًا قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِذَا عَيَّنَ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمَا وَادَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ، وَقِيل: لاَ لَوْثَ (16) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَذَّبَ بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ بَعْضًا فَقَال أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ هَذَا وَقَال آخَرُ: لَمْ يَقْتُلْهُ هَذَا، أَوْ بَل قَتَلَهُ هَذَا لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ، عَدْلاً كَانَ الْمُكَذِّبُ أَوْ فَاسِقًا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ وَلَمْ يُوَافِقْهُ فِي الدَّعْوَى، مِثْل: إِنْ قَال أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ هَذَا، وَقَال الآْخَرُ: لاَ نَعْلَمُ قَاتِلَهُ لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ غَائِبًا فَادَّعَى الْحَاضِرُ دُونَ الْغَائِبِ، أَوِ ادَّعَيَا جَمِيعًا عَلَى وَاحِدٍ وَنَكَل أَحَدُهُمَا عَنِ الأَْيْمَانِ لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْل. وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْل فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُول لاَ يُمْكِنُهُ مَجِيئُهُ إِلَيْهِ بَطَلَتِ الدَّعْوَى (1) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والفواكه الدواني 2 / 247.
(2) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والفروق اللغوية ص80.
(3) المبسوط 26 / 106 - 107، والمغني لابن قدامة 8 / 64، ورياض الصالحين ص190 ط. مؤسسة الرسالة، وكفاية الأخيار 2 / 176.
(4) الفقير هنا: البئر القريبة القعر الواسعة الفم، وقيل: هو الحفيرة التي تكون حول النخل.
(5) حديث سهل بن أبي حثمة. أخرجه البخاري (فتح الباري 12 / 229 - 230) ومسلم (4 / 1294 - 1295) ، واللفظ لمسلم.
(6) روضة الطالبين 10 / 10 - 12، ومغني المحتاج 4 / 111 - 112.
(7) الهداية مع فتح القدير 8 / 383 - 384، وبدائع الصنائع 7 / 287، وابن عابدين 5 / 401.
(8) الخرشي 8 / 50 - 54، وحاشية الصاوي مع الشرح الصغير 4 / 407 - 408، والزرقاني 8 / 54.
(9) كشاف القناع 6 / 68 وما بعدها، والإنصاف 10 / 139، والمغني لابن قدامة 8 / 68 وما بعدها.
(10) الخرشي 8 / 51 - 54.
(11) روضة الطالبين 10 / 12.
(12) روضة الطالبين 10 / 13، ومغني المحتاج 4 / 113 - 114.
(13) المصدر السابق.
(14) روضة الطالبين 10 / 14.
(15) روضة الطالبين 10 / 14 - 15.
(16) روضة الطالبين 10 / 14.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 342/ 35