«وكذلك القهّار من أوصافه *****فالخلق مقهورون بالسلطان لو لم يكن حيًّا عزيزًا قادرا *****ما كان من قهر ومن سلطان» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة النونية (2/232)
«القهّار هُوَ الَّذِي يقصم ظُهُور الجَبابِرَة من أعدائه فيقهرهم بالإماتة والإذلال، بل الَّذِي لا مَوْجُود إلّا وهُوَ مسخر تَحت قهره ومقدرته عاجز فِي قَبضته تَنْبِيه» الغَزالي "المقصد الأسنى" (ص81)
«ومن أسمائه تعالى: القاهر والقهّار، ومعناه: يحييهم إذا شاء ويميتهم إذا شاء، ويمرضهم إذا شاء، ويصحهم إذا شاء، ويفقهرهم إذا شاء، ويغنيهم إذا شاء، ولا يقدر أحد منهم – إذا حكم عليه بحكم - أن يزيل ما حكم الله به» قِوَام السُّنَّة قوام السنة
«ويجوز إجراؤهما (أي القاهر والقهّار) على العبد فعلًا ووصفًا مقيَّدًا منكرًا، إذا قهر كافرًا أو ظالمًا ويكون مدحًا، فإذا قهر يتيمًا أو ضعيفًأ أو مظلومًا أُجرِي عليه ذمًّا» القُرْطُبي "الأسنى" (1/212)
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".