الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُؤَلَّفَةُ فِي اللُّغَةِ: جَمْعُ مُؤَلَّفٍ، وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الأُْلْفَةِ، يُقَال: أَلَّفْتُ بَيْنَهُمْ تَأْلِيفًا إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقٍ، وَالْمُرَادُ بِتَأْلِيفِ قُلُوبِهِمُ: اسْتِمَالَةُ قُلُوبِهِمْ بِالإِْحْسَانِ وَالْمَوَدَّةِ (1) .
وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ فِي الاِصْطِلاَحِ: هُمُ الَّذِينَ يُرَادُ تَأْلِيفُ قُلُوبِهِمْ بِالاِسْتِمَالَةِ إِلَى الإِْسْلاَمِ، أَوْ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى الإِْسْلاَمِ، أَوْ كَفُّ شَرِّهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ نَصْرُهُمْ عَلَى عَدُوٍّ لَهُمْ، وَنَحْوُ ذَلِكَ (2) .
حِكْمَةُ تَأْلِيفِ الْقُلُوبِ
2 - حَثَّ الإِْسْلاَمُ أَتْبَاعَهُ بِالإِْحْسَانِ إِلَى خُصُومِهِمْ وَأَعْدَائِهِمْ، وَبِذَلِكَ يَفْتَحُ الإِْسْلاَمُ الْقُلُوبَ بِالإِْحْسَانِ، كَمَا يَفْتَحُ الْعُقُول بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (3) .
وَلِذَلِكَ شَرَعَ الإِْسْلاَمُ نَصِيبًا مِنْ مَال الزَّكَاةِ لِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ، قَال الْقُرْطُبِيُّ: قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: اخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَقِيل: هُمْ صِنْفٌ مِنَ الْكُفَّارِ يُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا عَلَى الإِْسْلاَمِ، وَكَانُوا لاَ يُسْلِمُونِ بِالْقَهْرِ وَالسَّيْفِ، وَلَكِنْ يُسْلِمُونَ بِالْعَطَاءِ وَالإِْحْسَانِ، وَقِيل: هُمْ قَوْمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ يُعْطَوْنَ لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ عَلَى الإِْسْلاَمِ، قَال: هَذِهِ الأَْقْوَال مُتَقَارِبَةٌ، وَالْقَصْدُ بِجَمِيعِهَا الإِْعْطَاءُ لِمَنْ لاَ يُتَمَكَّنُ إِسْلاَمُهُ حَقِيقَةً إِلاَّ بِالْعَطَاءِ فَكَأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ الْجِهَادِ.
وَقَال: الْمُشْرِكُونَ ثَلاَثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَرْجِعُ بِإِقَامَةِ الْبُرْهَانِ، وَصِنْفٌ بِالْقَهْرِ، وَصِنْفٌ بِالإِْحْسَانِ، وَالإِْمَامُ النَّاظِرُ لِلْمُسْلِمِينَ يَسْتَعْمِل مَعَ كُل صِنْفٍ مَا يَرَاهُ سَبَبًا لِنَجَاتِهِ وَتَخْلِيصِهِ مِنَ الْكُفْرِ (4) ، وَقَدْ فَقَّهَ الرَّسُول - ﷺ - أُمَّتَهُ فِي تَأْلِيفِ النَّاسِ عَلَى الإِْسْلاَمِ بِقَوْلِهِ: إِنِّي لأَُعْطِي الرَّجُل وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ (5) . سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ:
3 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سَهْمِ الزَّكَاةِ الْمُخَصَّصِ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ سَهْمَهُمْ بَاقٍ.
وَذَهَبَ بِهِ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ سَهْمَهُمْ مُنْقَطِعٌ لِعِزِّ الإِْسْلاَمِ، لَكِنْ إِذَا احْتِيحَ إِلَى تَأَلُّفِهِمْ أُعْطُوا.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ بِسُقُوطِ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ.
4 - ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَقْسَامِهِمْ.
فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ كُفَّارٌ يُتَأَلَّفُونَ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُعْطَى مِنْ هَذَا السَّهْمِ لِكَافِرٍ أَصْلاً.
وَجَوَّزَ الْحَنَابِلَةُ الإِْعْطَاءَ لِمُؤَلَّفٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ ضَرْبَانِ:
كُفَّارٌ وَمُسْلِمُونَ، وَالْكُفَّارُ صِنْفَانِ، وَالْمُسْلِمُونَ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (زَكَاةٌ ف 167 - 168) .
__________
(1) المصباح المنير، وتاج العروس، ولسان العرب، ومختار الصحاح، والمفردات في غريب القرآن مادة (ألف) ، وتحرير ألفاظ التنبيه ص119.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 60 - ط. بولاق مصر، وقواعد الفقه للبركتي ص459، والمغرب في ترتيب المعرب ص27.
(3) سورة فصلت / 34.
(4) تفسير القرطبي 8 / 179.
(5) حديث: " إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 340) ومسلم (2 / 733) من حديث سعد ابن أبي وقاص.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 12/ 36