البحث

عبارات مقترحة:

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق، ويدل أيضًا على صغر الشيء ودقته، كما يقال: في كلامه معنًى لطيف، أي خفي دقيق، واسم اللطيف هو من أسماء الله الحسنى، يدل على أنه تعالى رحيم بعباده رفيق وبَرٌّ بهم وأنه تعالى خفيٌّ عن أن يعرف بالمشاهدة أو الكيفية. وهو اسم ثابت لله تعالى بالقرآن والسنة، وعليه إجماع الأمة، والعقل دالٌّ عليه.

التعريف

التعريف لغة

اللطيف في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من اللطف، وهو بجميع اشتقاقاته يدور حول معنيين أساسيين هما: الرفق، والصغر في الشيء، يقول ابن فارس: «اللام والطاء والفاء أصل يدل على رفق، ويدل على صغر في الشيء. فاللطف: الرفق في العمل؛ يقال: هو لطيف بعباده، أي رءوف رفيق» "المقاييس" (5/250)، ويقال: لَطُف الشيء يلطُفُ إذا صَغُر، واللطيف من الكلام: ما غمض معناه وخفي؛ لكونه دقيقًا. انظر "تهذيب اللغة" للأزهري (13/347).

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على صفتين لله تعالى هما: العلم، والرحمة، فالله تعالى يعلم الأشياء الدقيقة الخفية التي لا يتسنّى لغيره علمها فضلًا عن الإحاطة بها. وهو جل وعلا الذي يوصل رحمته إلى عباده بطرق خفية لا يشعرون بها ولا يقصدونها بأنفهسم، حتى يكون ذلك مبالغةً في الإكرام والإنعام والمنّة، يقول ابن القيم: «واسمه اللطيف يتضمن: علمه بالأشياء الدقيقة، وإيصاله الرحمة بالطرق الخفية» "شفاء العليل" (1/147). وقال الخطابي في معناه: «اللطيف: هو البر بعباده، الذي يلطف لهم من حيث لا يعلمون ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون.» ثم قال: «ويقال: هو الذي لطُف عن أن يدرك بالكيفية» انظر "شأن الدعاء" (ص62).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنيين واصحة لا تخفى، لأن ما دلت عليه اللغة موافق لما في الاصطلاح، إلا أن لطف الله صفة ثابتة له على وجه الكمال، وذلك في العلم بالأشياء الدقيقة، والرفق الذي تصل معه الرحمة بطرق خفية، وليس ذلك الكمال إلا له سبحانه وتعالى.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل على إثبات صفتي: العلم والرحمة لله تعالى

الأدلة

القرآن الكريم

اللطيف في القرآن الكريم
ورد اسم الله (اللطيف) في كتاب الله (7) مرات، جاء في موضعين منها مفردًا وفي البقية جاء مقترنًا باسمه (الخبير). · مما اقترن فيه باسمه (الخبير) قوله تعالى ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ (103)﴾ [الأنعام : 103]، وقوله: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 16]، ولعل الغاية من هذا الاقتران بيان كمال لطف الله تعالى، يقول الدكتور عمر الأشقر: «وأنى يكون اللطف لعادم الخبرة أو ضعيفها، الفاقدِ الحكمة؟! فالله (اللطيف) ينفذ إلى ما تحقق به لطفه في عباده وخلقه، ورزقه، وهدايته وغير ذلك بعلمه وخبرته وحكمته وقوته وعزته». "أسماء الله الحسنى" (ص136). · وجاء مفردًا في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [يوسف: 100]، وقوله: ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ [الشورى: 19]

السنة النبوية

اللطيف في السنة النبوية
· جاء اسم الله (اللطيف) في حديث عائشة رضي الله عنها الذي تروي فيه قصة تتبُّعها للنبي إلى البقيع، حيث قال لها النبي : «ما لك يا عائشُ حَشْيَا رابية» قالت: قلت: لا شيء. قال: «تخبِرِينِي أَو لَيُخْبِرَنِّي اللطيفُ الخبير؟» مسلم (974). وكلمة (حَشْيَا) صفة من الحَشَا وهو التهيُّج الذي يحصل للمُسرع في مشيه، ومعنى (رابية): مرتفعة البطن بسبب زيادة التنفس. · وجاء كذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «إنِّي أوشِكُ أنْ أُدْعى فأُجيبَ، وإنِّي تارِكٌ فيكمُ الثَّقَليْنِ: كتابَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وعِتْرَتي، كتابُ اللهِ حَبْلٌ مَمدودٌ منَ السَّماءِ إلى الأرضِ، وعِتْرَتي: أهلُ بَيْتي، وإنَّ اللَّطيفَ الخَبيرَ أَخبَرَني أنَّهما لن يَفتَرِقا حتى يَرِدا عليَّ الحَوضَ، فانْظُروا بمَ تَخلُفوني فيهما» أخرجه الترمذي (3788)، وأحمد (11131) واللفظ له.

الإجماع

اسم الله (اللطيف) ثابت بالإجماع، قال القرطبي: «وأجمعت عليه الأمة» "الأسنى" (1/230)

العقل

يُثبت العقلُ صفتي العلم والرحمة اللتان يدل عليهما اسمه تعالى (اللطيف) بقياس الأولى؛ فإنهما من صفات الكمال، وعدمهما نقص، ومن المعلوم أن كل كمال لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة الُمحدثة فالرب الخالق هو أولى به، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزَّه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق هو أولى أن ينزَّه عنه. انظر "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

إن الإيمان باسم الله (اللطيف) له آثار وفوائد جليلة في قلب المؤمن وسلوكه، منها: · الإيمان باسم الله (اللطيف) يعني الإيمان بصفة الرحمة القائمة بالله سبحانه وتعالى، ومن آثار الإيمان برحمة الله: التعلق بها فالإنسان ما دام يؤمن برحمة الله فسوف يتعلق بها، ويكون منتظرًا لها، فيحمله هذا الاعتقاد على فعل كل سبب يوصل إلى الرحمة، مثل: الإحسان، فالله يقول: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ الَّلِّه قَرِيبٌ مِنَ الْمحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 56 ]، والتقوى، قال تعالى: ﴿فَسَأَكْتبهَا لِلَّذِينَ يَتَّقونَ﴾ [الأعراف: 156 ]. · نصيب العبد من اسم الله (اللطيف) أن يتخلق بخلق الرفق والرحمة: ومعرفة الإنسان برحمة خالقه تحمله على التخلق بتلك الصفة، وفي ذلك يقول القرطبي: «فكن رحيمًا لنفسك ولغيرك، ولا تستبد بخيرك، فارحم الجاهل بعلمك، والذليل بجاهك، والفقير بمالك، والكبير والصغير بشفقتك ورأفتك، والعصاة بدعوتك، والبهائم برعوتك، ورفع عنقك، فأقرب الناس من رحمة الله أرحمهم بخلقه، وقد دخلت البغي الجنة بسقيها كلبًا، فمن كثرت منه الشفقة على خلقه، والرحمة على عباده، رحمه الله برحمته، وأدخله دار كرامته، ووقاه عذاب قبره، وهول موقفه، وأظله بظله، إذ كل ذلك من رحمته، ولا تدلَّ بعملك وكثرته، وإخلاصك فيه فتتكل عليه دون رحمته» "الأسنى" (1/86-87). · ومن آمن باسم الله (اللطيف) تحققت له مراقبة الله عز وجل في الظاهر والباطن؛ لأنه يعلم أن ربه يعلم دقائق أموره، وخفيَّ أحواله، فيراقب المؤمن بهذا الاسم سلوكَه، فيصل به إلى مقام الإحسان، وهو ما جاء في الحديث: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» البخاري (50) ومسلم (9) والنسائي (5006). · وفي نفحات اسم الله اللطيف وروحانياته جلاء للحزن عن قلب المؤمن، ووقود له على المضي قدمًا في الطريق بثبات. فرارًا من لفحات الحياة، ولهيب مصابها، وفواجع دهرها، يرفع المؤمن يديه: يا لطيف! فإذا باستشعاره لمعناها يتبدد الأسى، ويترمم القلب، ثم يعود أقوى ما كان، وأجلد ما يكون. "قلائد الذكرى" للتويجري (ص53).

المظاهر في الكون والحياة

إن آثار لطف الله عز وجل بخلقه لا تعد ولا تحصى، فكل فضل منَّ الله به على عباده هو من لطفه، وكل نعمة أنزلها عليهم هي من لطفه، وكل معروف أسداه لأصناف البشر جميعِهم برّهم وفاجرِهم، ومؤمنهم وكافرهم، هو من لطفه. فمن لطف الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يتولاهم بلطفه، فيخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن ظلمات الجهل والكفر والبدع والمعاصي إلى نور العلم والإيمان والطاعة. يهتف الصالحون في دعواتهم: يا لطيف! فإذا رحمة خاصة تغشاهم، تصلح أحوالهم الظاهرة والباطنة، وبها تندفع عنهم المكاره من الأمور، فاندفاع الشرور عنهم بالأمور الداخلية لطف بالعباد، وبالأمور الخارجية لطف لهم. ذكر ابن الجوزي أن امرأة من العابدات قامة من أول الليل فقرأت ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ﴾ [الشورى: 19]، فباتت ترددها حتى أصبحت. انظر: "صفة الصفوة" (2/247)، فعلًا، كم يغمرنا لطف الله ونحن لا نشعر! ومن لطفه تقدير أرزاق العباد بحسب علمه بمصلحتهم لا بحسب مراداتهم، فقد يريردون شيئًا وغيره أصلح، فيقدر لهم الأصلح وإن كرهوه لطفًا بهم وبرًّا وإحسانًا: ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ [الشورى: 19] ومن لطفه أن يجعل للمرء رزقًا حلالًا، في راحة وقناعة، يحصل بهما المقصود، ولا يشغله عما خُلق له من العبادة والعلم والعمل. ومن لطفه أن يقدر له فعل الطاعة الجليلة التي لا تنال إلا بأسباب، فيقّدر له تلك الأسباب، كما في قصة موسى عليه السلام: ﴿وَاْجْعَل لِّي وَزِيرٗا مِّنْ أَهْلِي (29) هَٰرُونَ أَخِي (30) اْشْدُدْ بِهِۦٓ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِيٓ أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرٗا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرٗا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَٰمُوسَىٰ (36)﴾ [طه: 29-36]. ومن لطفه عز وجل كل نعمه النازلة على خلقه، من مال وولد وزوج وجاه وصحة وفراغ وأمن. ينظر للاستزادة "المواهب الربانية من الآيات القرآنية" للشيخ السعدي (ص71-76). ومن نفحات اسم الله اللطيف وروحانياته جلاء للحزن عن قلب المؤمن، ووقود له في المضي قدمًا في الطريق بثبات.

أقوال أهل العلم

«إنما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف، ثم يسلك في إيصالها إلى المستصلح سبيل الرفق دون العنف، فإذا اجتمع الرفق في الفعل واللطف في الإدراك تمَّ معنى اللطف ولا يُتصوَّر كمال ذلك في العلم والفعل إلا لله سبحانه وتعالى» الغَزالي "المقصد الأسنى" (ص101)
«وهو بيان ما في المخلوقات من لطف حكمة التي تتضمن إيصال الأمور إلى غاياتها بألطف الوجوه، كما قال يوسف عليه السلام: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100]، وهذا يستلزم العلم بالغاية المقصودة، والعلمَ بالطريق الموصل، وكذلك الخبرة». ابن تَيْمِيَّة "مجموع الفتاوى" (16/356)
«وهو اللطيف بعبده ولعبده *****واللطف في أوصافه نوعان إدراك أسرار الأمور بخبرة*****واللطف عند مواقع الإحسان فيريك عزته ويبدي لطفه*****والعبد في الغفلات عن ذا الشان» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة النونية (2 /228).