الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْمُبَاشَرَةِ فِي اللُّغَةِ:
الْمُلاَمَسَةُ وَأَصْلُهُ مِنْ لَمْسِ بَشَرَةِ الرَّجُل بَشَرَةَ الْمَرْأَةِ وَمِنْ مَعَانِيهَا - أَيْضًا -:
الْجِمَاعُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ ذَلِكَ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُبَاشَرَةِ:
تَتَعَلَّقُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
مُبَاشَرَةُ الْحَائِضِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ وَطْءَ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} كَمَا لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي جَوَازِ مُبَاشَرَتِهَا فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَدُونَ الرُّكْبَةِ لِحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِل عَمَّا يَحِل لِلرَّجُل مِنَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَال: مَا فَوْقَ الإِْزَارِ (2) وَاخْتَلَفُوا فِي مُبَاشَرَتِهَا فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ حَرَامٌ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا (3) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَصْنَعَ كُل شَيْءٍ مَا عَدَا الْوَطْءَ.
وَلِلتَّفْصِيل - يُنْظَرُ (حَيْضٌ ف 42) .
مُبَاشَرَةُ الصَّائِمِ
3 - يَجُوزُ لِلصَّائِمِ أَنْ يُبَاشِرَ زَوْجَتَهُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ إِنْ أَمِنَ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ وَلاَ يَبْطُل صَوْمُهُ إِنْ لَمْ يُنْزِل (4) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُقَبِّل وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِِرْبِهِ (5) (ر: صَوْمٌ ف 39) .
وَتَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ إِنْ كَانَتْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ لِخَبَرِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: رَخَّصَ فِي الْقُبْلَةِ لِلشَّيْخِ وَهُوَ صَائِمٌ وَنَهَى عَنْهَا الشَّابَّ وَقَال: الشَّيْخُ يَمْلِكُ إِرْبَهُ وَالشَّابُّ يَفْسُدُ صَوْمُهُ (6)
قَال الرَّمْلِيُّ: فَفَهِمْنَا مِنَ التَّعْلِيل أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ تَحْرِيكِ الشَّهْوَةِ وَعَدَمِهَا وَلأَِنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لإِِفْسَادِ الْعِبَادَةِ.
وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْمُعَانَقَةُ كَالْقُبْلَةِ (7) .
مُبَاشَرَةُ الْمُعْتَكِفِ
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِمَعْنَى الْوَطْءِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} . وَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ بِلاَ وَطْءٍ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (اعْتِكَافٌ ف 27) .
مُبَاشَرَةُ الْمُحْرِمِ
5 - يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ بِأَنْوَاعِهَا:
الْجِمَاعُ وَالْقُبْلَةُ وَالْمُعَانَقَةُ وَاللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الإِْنْزَال، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَال فِي الْحَجِّ} وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَامٌ ف 93) .
التَّعَدِّي عَلَى الْغَيْرِ بِالْمُبَاشَرَةِ
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ التَّعَدِّيَ عَلَى الْغَيْرِ مُبَاشَرَةً هُوَ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الضَّمَانِ.
كَمَا اتَّفَقُوا فِي الْجُمْلَةِ: عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إِلَى الْمُبَاشِرِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ الْجُزْئِيَّاتِ. فَالْقَاعِدَةُ: إِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ أَوِ الْغُرُورُ وَالْمُبَاشَرَةُ قُدِّمَتِ الْمُبَاشَرَةُ (8) .
__________
(1) لسان العرب.
(2) حديث: " أن النبي ﷺ سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ". أخرجه أبو داود (1 / 146) من حديث معاذ بن جبل وقال: وليس هو بالقوي.
(3) حديث: عائشة: " كانت إحدانا إذا كانت حائضًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 403) ومسلم (1 / 242) واللفظ للبخاري.
(4) كشاف القناع 2 / 319، ونهاية المحتاج 3 / 173، ورد المحتار 2 / 98 - 100.
(5) حديث: " كان النبي ﷺ يقبل ويباشر وهو صائم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 149) ، ومسلم (2 / 777) واللفظ للبخاري.
(6) حديث: (أن النبي ﷺ رخص القبلة للشيخ. . .) . أخرجه البيهقي (4 / 232) من حديث عائشة.
(7) نهاية المحتاج 3 / 170، ومغني المحتاج 1 / 431.
(8) المنثور 1 / 133، والأشباه لابن نجيم مع حاشية الحموي 2 / 196، وحلية العلماء 7 / 465، والسراج الوهاج على شرح متن المنهاج ص479، والمغني 7 / 755.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 52/ 36