الرب
كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...
ضَرْبُ الأَكُفِّ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بشكل يسمع له صوت . ومن أمثلته تصفيق النساء في الصلاة إذا نسي الإمام، أو أخطأ فيها بزيادة، أو نقص . ومن شواهده الحديث الشريف : " إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ . " البخاري : 684.
التَّصْفِيقُ: الضَّرْبُ الذي يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ، يُقال: صَفَّقَ الطّائرُ بِجَناحَيْهِ، أي: ضَرَبَ بِهِما فَسُمِعَ لِذلكَ صَوْتٌ. وأصل الكلِمَة يَدُلُّ على مُلاقاةِ شَيْءٍ ذِي صَفْحَةٍ لِشَيْءٍ مِثْلِهِ بِقُوَّةٍ. والتَّصْفيقُ بِاليَدِ: التَّصْويتُ بِها، مَأْخوذٌ مِن الصَّفْقِ، وهو: الرَّدُّ، يُقال: صَفَقْتُ البابَ: إذا رَدَدْتُهُ، ومِنْهُ سُمِّيَ الضَّرْبُ باليَدَيْنِ تَصْفِيقاً؛ لأنَّه رَدٌّ لأَحَدِ اليَدَيْنِ إلى الأُخْرى.
يَرِد مُصْطلَح (تَصْفِيق) في كِتابِ الصَّلاةِ، باب: مَكروهات الصَّلاةِ. ويرِد أيضاً في عِلمِ العقيدةِ، باب: مَسائِل الجاهِليَّةِ وأَحْوالهم.
صفق
ضَرْبُ الأَكُفِّ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بشكل يسمع له صوت.
* تهذيب اللغة : (8/291)
* العين : (5/67)
* تهذيب اللغة : (8/291)
* مقاييس اللغة : (3/290)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/211)
* مختار الصحاح : (ص 177)
* لسان العرب : (10/200)
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : (2/44)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 268)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 87)
* التعريفات الفقهية : (ص 57)
* القاموس الفقهي : (ص 213)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 275)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (12/78) -
التَّعْرِيفُ:
1 - لِلتَّصْفِيقِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ، مِنْهَا: الضَّرْبُ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ. وَهُوَ كَالصَّفْقِ فِي ذَلِكَ.
يُقَال: صَفَّقَ بِيَدَيْهِ وَصَفَّحَ سَوَاءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَال، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ (1) وَالْمَعْنَى: إِِذَا نَابَ الْمُصَلِّيَ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَأَرَادَ تَنْبِيهَ مَنْ بِجِوَارِهِ صَفَّقَتِ الْمَرْأَةُ بِيَدَيْهَا، وَسَبَّحَ الرَّجُل بِلِسَانِهِ.
وَالتَّصْفِيقُ بِالْيَدِ: التَّصْوِيتُ بِهَا. كَأَنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} . (2) كَانُوا يُصَفِّقُونَ وَيُصَفِّرُونَ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عِبَادَةً فِي ظَنِّهِمْ. وَقِيل فِي تَفْسِيرِهَا أَيْضًا: إِنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنْ يَشْغَلُوا النَّبِيَّ ﷺ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاءَةِ وَالصَّلاَةِ. (3) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الصَّفْقَ عَلَى وَجْهِ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ.
وَيُقَال: صَفَّقَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالْبَيْعَةِ: أَيْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ عِنْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ، ثُمَّ اسْتُعْمِل وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ضَرْبُ يَدٍ عَلَى يَدٍ.
وَرَبِحَتْ صَفْقَتُكَ لِلشِّرَاءِ. وَصَفْقَةٌ رَابِحَةٌ وَصَفْقَةٌ خَاسِرَةٌ.
وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ بِالتَّثْقِيل: ضَرَبَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى. (4)
وَهُوَ فِي الاِصْطِلاَحِ: لاَ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى. وَسَوَاءٌ كَانَ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلاَةِ، بِضَرْبِ كَفٍّ عَلَى كَفٍّ عَلَى نَحْوِ مَا سَيَأْتِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّتِهِ. أَوْ كَانَ مِنْهَا وَمِنَ الرَّجُل بِضَرْبِ بَاطِنِ كَفٍّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ الأُْخْرَى، كَمَا هُوَ الْحَال فِي الْمَحَافِل وَالأَْفْرَاحِ (5) .
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - قَدْ يَكُونُ التَّصْفِيقُ مِنْ مُصَلٍّ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِهِ. فَمَا كَانَ مِنْ مُصَلٍّ: فَإِِمَّا أَنْ يَكُونَ لِتَنْبِيهِ إِمَامِهِ عَلَى سَهْوٍ فِي صَلاَتِهِ، أَوْ لِدَرْءِ مَارٍّ أَمَامَهُ لِتَنْبِيهِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي صَلاَةٍ، وَمَنْعِهِ عَنِ الْمُرُورِ أَمَامَهُ. أَوْ يَكُونُ مِنْهُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ.
وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمُصَلِّي: فَإِِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَحَافِل كَالْمَوَالِدِ وَالأَْفْرَاحِ، أَوْ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، أَوْ لِطَلَبِ الإِِْذْنِ لَهُ مِنْ مُصَلٍّ بِالدُّخُول، أَوْ لِلنِّدَاءِ. وَلِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُهُ.
تَصْفِيقُ الْمُصَلِّي لِتَنْبِيهِ إِمَامِهِ عَلَى سَهْوٍ فِي صَلاَتِهِ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ لِلإِِْمَامِ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ سَهْوًا مِنْهُ اسْتُحِبَّ لِمَنْ هُمْ مُقْتَدُونَ بِهِ تَنْبِيهُهُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي طَرِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ. هَل يَكُونُ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ بِالتَّصْفِيقِ؟ فَاتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ بِالتَّسْبِيحِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّصْفِيقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ يَكُونُ مِنْهَا بِالتَّصْفِيقِ. لِمَا رَوَى سَهْل بْنُ سَعْدٍ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلاَتِكُمْ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَال وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ (6) وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَال وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ (7) وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى فِي ذَلِكَ. (8)
وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ تَصْفِيقَ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلاَةِ لِقَوْلِهِ ﷺ: مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل سُبْحَانَ اللَّهِ (9) (وَمَنْ) مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَشَمِلَتِ النِّسَاءَ فِي التَّنْبِيهِ بِالتَّسْبِيحِ. وَلِذَا قَال خَلِيلٌ: وَلاَ يُصَفِّقْنَ. أَيِ النِّسَاءُ فِي صَلاَتِهِنَّ لِحَاجَةٍ.
وَقَوْلُهُ ﷺ: التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ذَمٌّ لَهُ، لاَ إِذْنَ لَهُنَّ فِيهِ بِدَلِيل عَدَمِ عَمَلِهِنَّ بِهِ. (10)
تَصْفِيقُ الْمُصَلِّي لِمَنْعِ الْمَارِّ أَمَامَهُ:
4 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ دَرْءِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي بَيْنَ كَوْنِهِ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً. فَإِِذَا كَانَ الْمُصَلِّي رَجُلاً كَانَ دَرْؤُهُ لِلْمَارِّ أَمَامَهُ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ بِالإِِْشَارَةِ بِالرَّأْسِ أَوِ الْعَيْنِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَال وَعَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِِذَا نَابَكُمْ فِي صَلاَتِكُمْ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَال. (11)
وَكَمَا فَعَل النَّبِيُّ ﷺ بِوَلَدَيْ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُمَا عُمَرُ وَزَيْنَبُ ﵄ حَيْثُ كَانَ ﷺ يُصَلِّي فِي بَيْتِهَا فَقَامَ وَلَدُهَا عُمَرُ لِيَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ قِفْ فَوَقَفَ. ثُمَّ قَامَتْ بِنْتُهَا زَيْنَبُ لِتَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيْهَا أَنْ قِفِي فَأَبَتْ وَمَرَّتْ، فَلَمَّا فَرَغَ ﷺ مِنْ صَلاَتِهِ قَال: هُنَّ أَغْلَبُ (12) وَإِِنْ كَانَ الْمُصَلِّي امْرَأَةً كَانَ دَرْؤُهَا لِلْمَارِّ بِالإِِْشَارَةِ أَوْ بِالتَّصْفِيقِ بِبَطْنِ كَفِّهَا الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ أَصَابِعِ كَفِّهَا الْيُسْرَى؛ لأَِنَّ لَهَا التَّصْفِيقَ.
لاَ تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ؛ لأَِنَّ مَبْنَى حَال النِّسَاءِ عَلَى السَّتْرِ، وَلاَ يُطْلَبُ مِنْهَا الدَّرْءُ بِهِ لِقَوْلِهِ ﷺ: وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ وَقَوْلُهُ: وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ وَهَذَا هُوَ الْمَسْنُونُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (13)
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يَقُولُوا بِالتَّسْبِيحِ لِلرَّجُل، وَلاَ بِالتَّصْفِيقِ لِلْمَرْأَةِ فِي دَفْعِ الْمَارِّ، بَل قَالُوا: يَدْفَعُهُ الْمُصَلِّي بِمَا يَسْتَطِيعُهُ وَيُقَدِّمُ فِي ذَلِكَ الأَْسْهَل فَالأَْسْهَل.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُنْدَبُ لِلْمُصَلِّي دَفْعُ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ دَفْعًا خَفِيفًا لاَ يَتْلَفُ لَهُ شَيْءٌ وَلاَ يَشْغَلُهُ، فَإِِنْ كَثُرَ مِنْهُ ذَلِكَ أَبْطَل صَلاَتَهُ. (14) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْكَلاَمِ عَلَى (سُتْرَةِ الصَّلاَةِ) .
تَصْفِيقُ الرَّجُل فِي الصَّلاَةِ:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ تَصْفِيقِ الرَّجُل فِي الصَّلاَةِ مُطْلَقًا لِمَا رُوِيَ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ ﵁ إِِلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁ فَقَال: يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَل لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَال: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ. فَأَقَامَ بِلاَلٌ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ ﵁، فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ. وَجَاءَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ، حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ لاَ يَلْتَفِتُ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِِذَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ. فَتَقَدَّمَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى لِلنَّاسِ. فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَل عَلَى النَّاسِ فَقَال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاَةِ أَخَذْتُمْ فِي التَّصْفِيقِ؟ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ. مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَقُل: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَإِِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ حِينَ يَقُول: سُبْحَانَ اللَّهِ إِلاَّ الْتَفَتَ. يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ؟ فَقَال أَبُو بَكْرٍ ﵁: مَا كَانَ يَنْبَغِي لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللَّهِ ﷺ. (15) " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ التَّصْفِيقَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِِعَادَةِ الصَّلاَةِ. وَفِيهِ الدَّلِيل عَلَى كَرَاهَةِ التَّصْفِيقِ لِلرَّجُل فِي الصَّلاَةِ (16) .
التَّصْفِيقُ مِنْ مُصَلٍّ لِلإِِْذْنِ لِلْغَيْرِ بِالدُّخُول:
6 - أَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ تَنْبِيهَ الْمُصَلِّي غَيْرَهُ. وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِالتَّسْبِيحِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَال وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ لِمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَكَرِهَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. (17)
التَّصْفِيقُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ:
7 - قَال الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ التَّصْفِيقَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ يُبْطِلُهَا وَإِِنْ كَانَ قَلِيلاً، لِمُنَافَاةِ اللَّعِبِ لِلصَّلاَةِ. وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ: مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاَتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، وَإِِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ. وَلِمُنَافَاتِهِ لِلصَّلاَةِ.
وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ يُبْطِلُهَا إِنْ قَل، وَإِِنْ كَثُرَ أَبْطَلَهَا؛ لأَِنَّهُ عَمَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، فَأَبْطَلَهَا كَثِيرُهُ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا. (18)
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ مَا يُعْمَل عَادَةً بِالْيَدَيْنِ يَكُونُ كَثِيرًا، بِخِلاَفِ مَا يُعْمَل بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ فَقَدْ يَكُونُ قَلِيلاً، وَالْعَمَل الْكَثِيرُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَفْعَال الصَّلاَةِ وَلاَ لإِِِصْلاَحِهَا يُفْسِدُهَا. وَالتَّصْفِيقُ لاَ يَتَأَتَّى عَادَةً إِلاَّ بِالْيَدَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، فَإِِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَكُونُ عَمَلاً كَثِيرًا فِي الصَّلاَةِ تَبْطُل بِهِ؛ لِمُنَافَاتِهِ لأَِفْعَالِهَا. (19)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ يَخْلُو عَنْ كَوْنِهِ عَبَثًا فِيهَا، وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْفِعْل الْكَثِيرِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَفْعَال الصَّلاَةِ كَالنَّفْخِ مِنَ الْفَمِ فِيهَا فَإِِنَّهُ يُبْطِلُهَا، كَالْكَلاَمِ فِيهَا، يَدُل عَلَيْهِ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: النَّفْخُ فِي الصَّلاَةِ كَالْكَلاَمِ. وَقَوْلُهُ ﷺ لِرَبَاحٍ وَهُوَ يَنْفُخُ فِي التُّرَابِ: مَنْ نَفَخَ فِي الصَّلاَةِ فَقَدْ تَكَلَّمَ (20) وَإِِذْ جَرَى عَلَى التَّصْفِيقِ فِي الصَّلاَةِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ حُكْمُ الْفِعْل الْكَثِيرِ فِيهَا كَانَ مُبْطِلاً لَهَا. (21)
كَيْفِيَّةُ التَّصْفِيقِ:
8 - لِلْمَرْأَةِ فِي كَيْفِيَّةِ تَصْفِيقِهَا فِي الصَّلاَةِ طَرِيقَتَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
إِحْدَاهُمَا: أَنْ تَضْرِبَ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيَدِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ الْيُسْرَى.
ثَانِيَتُهُمَا: أَنْ تَضْرِبَ بِبَطْنِ كَفِّهَا الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهَا الْيُسْرَى، وَهُوَ الأَْيْسَرُ وَالأَْقَل عَمَلاً، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ. (22)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْقَوْل بِهِ أَنْ تَضْرِبَ بِظَهْرِ أُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى بَاطِنِ كَفِّهَا الْيُسْرَى. (23)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنْ تَضْرِبَ بِبَطْنِ كَفٍّ عَلَى ظَهْرِ الأُْخْرَى. (24)
التَّصْفِيقُ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ:
9 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى وُجُوبِ الإِِْنْصَاتِ لِلْخَطِيبِ - وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مُسْتَحَبٌّ - وَعَلَيْهِ يَحْرُمُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كُل مَا يُنَافِي الإِِْنْصَاتَ إِِلَى الْخَطِيبِ، مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَتَحْرِيكِ شَيْءٍ يَحْصُل مِنْهُ صَوْتٌ كَوَرَقٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ سِبْحَةٍ أَوْ فَتْحِ بَابٍ أَوْ مُطَالَعَةٍ فِي كُرَّاسٍ. وَالتَّصْفِيقُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ يُحْدِثُ صَوْتًا يُشَوِّشُ عَلَى الْخَطِيبِ وَالسَّامِعِينَ لِخُطْبَتِهِ، وَلِذَا كَانَ حَرَامًا لإِِِخْلاَلِهِ بِآدَابِ الاِسْتِمَاعِ وَانْتِهَاكِهِ لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ. وَالْحُرْمَةُ عَلَى مَنْ صَفَّقَ بِالْمَسْجِدِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ آكَدُ مِمَّنْ فَعَل ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ لاَ يَسْمَعُونَ الْخَطِيبَ. (25)
التَّصْفِيقُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ وَالْخُطْبَةِ:
10 - التَّصْفِيقُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ وَالْخُطْبَةِ جَائِزٌ إِِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَالاِسْتِئْذَانِ وَالتَّنْبِيهِ، أَوْ تَحْسِينِ صِنَاعَةِ الإِِْنْشَادِ، أَوْ مُلاَعَبَةِ النِّسَاءِ لأَِطْفَالِهِنَّ.
أَمَّا إِِذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِحُرْمَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ بِكَرَاهَتِهِ. وَقَالُوا: إِنَّهُ مِنَ اللَّهْوِ الْبَاطِل، أَوْ مِنَ التَّشَبُّهِ بِعِبَادَةِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ الْبَيْتِ كَمَا قَال تَعَالَى: {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} . (26)
أَوْ هُوَ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنِ اخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالتَّصْفِيقِ إِِذَا نَابَ الإِِْمَامَ شَيْءٌ فِي الصَّلاَةِ، فِي حِينِ أَنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَال. (27) (28) (29)
__________
(1) حديث: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 77 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 318 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة ﵁.
(2) سورة الأنفال / 35.
(3) لسان العرب مادة: " صفق "، والقرطبي 7 / 400 - 401.
(4) مختار الصحاح، المصباح المنير مادة: " صفق ".
(5) الفتاوى الهندية 1 / 99، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 44، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 95، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 1 / 321، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 380 م النصر الحديثة.
(6) حديث: " إذا نابكم شيء في صلاتكم. . . " أخرجه أبو داود (1 / 580 - تحقيق عزت عبيد الدعاس) والدارمي (1 / 317 - نشر دار إحياء السنة النبوية) . وأصله في الصحيحين كما تقدم.
(7) حديث: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " تقدم تخريجه.
(8) الفتاوى الهندية 1 / 99، 104، ابن عابدين 1 / 417، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 94 - 95، وروضة الطالبين 1 / 291، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 44، وشرح منهاج الطالبين وحاشية قليوبي عليه 1 / 189 - 190، والمغني لابن قدامة 2 / 19، 54 م الرياض الحديثة، وكشاف القناع 1 / 380 - 381 م النصر الحديثة.
(9) حديث: " من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله " أخرجه البخاري في (الفتح 3 / 107 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 317 - ط الحلبي) .
(10) جواهر الإكليل 1 / 62 - 63، والشرح الكبير 1 / 85، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل والتاج والإكليل بهامشه 2 / 29 م النجاح بليبيا، والخرشي على مختصر خليل 1 / 321.
(11) تقدم تخريج هذين الحديثين (ف 3) .
(12) حديث: " هن أغلب " عن أم سلمة ﵂ أخرجه ابن ماجه (1 / 305 - ط الحلبي) وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده ضعف.
(13) الفتاوى الهندية 1 / 104، وابن عابدين 1 / 429، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 201 - 202، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي وحاشية الشلبي بهامشه 1 / 161 - 162.
(14) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 246، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 76، 95، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 375 م النصر الحديثة.
(15) حديث: " يا أيها الناس ما لكم حين نابكم شيء. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 107 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 316 - 317 ط الحلبي) .
(16) نهاية المحتاج 2 / 45، والفتاوى الهندية 1 / 99، 104، والمغني لابن قدامة 2 / 19 م الرياض الحديثة، وجواهر الإكليل 1 / 62 - 63، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 3 / 107.
(17) جواهر الإكليل 1 / 62 - 63، والشرح الكبير 1 / 85، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل والتاج والإكليل بهامشه 2 / 29 م النجاح بليبيا، والخرشي على مختصر خليل 1 / 321.
(18) شرح منهاج الطالبين وحاشية قليوبي عليه 1 / 190، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 380 - 381 م النصر الحديثة.
(19) رد المحتار وحاشية ابن عابدين 1 / 419 - 420، والفتاوى الهندية 1 / 101 - 102، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 177.
(20) حديث " من نفخ في الصلاة فقد تكلم ". ورد عن ابن عباس ﵄ موقوفا عليه: أنه كان يخشى أن يكون كلاما يعني النفخ في الصلاة. أخرجه البيهقي 21 / 252 ط دائرة المعارف العثمانية. وصحه الشوكاني كما في النيل (2 / 318 ط المطبعة العثمانية المصرية) .
(21) الفواكه الدواني 1 / 268 دار المعرفة.
(22) ابن عابدين 1 / 429، ومراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه ص 202، والفتاوى الهندية 1 / 99، 104، ومنهاج الطالبين 1 / 190، وروضة الطالبين 1 / 291، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 44، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 95.
(23) حاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 1 / 321، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل والتاج والإكليل بهامشه 2 / 29 مكتبة النجاح بليبيا.
(24) كشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 380 م النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة 2 / 19 م الرياض الحديثة.
(25) المدخل لابن الحاج 2 / 227 - 228، والفواكه الدواني 1 / 309 - 310 دار المعرفة، والشرح الكبير 1 / 387 - 388، وفتح القدير 2 / 37 - 38، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 551، والفتاوى الهندية 1 / 147، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب 1 / 200 - 201 م الفلاح، ومنار السبيل في شرح الدليل 1 / 147 المكتب الإسلامي، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 2 / 407، 414، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 7 / 353 - 354، وشرح الروض 1 / 258، والمهذب 1 / 122.
(26) سورة الأنفال / 35.
(27) ابن عابدين 5 / 253، والمدخل لابن الحاج 2 / 12، 13، وحاشية قليوبي على منهاج الطالبين 1 / 190، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 44، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 7 / 400، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 391، وكف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع 1 / 100، ونهاية المحتاج للرملي 2 / 44 - 45، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 / 212 - 213.
(28)
(29) لا يخفى ما في هذه الاستدلالات من المآخذ، لأن كونه من اللهو الباطل معناه أنه لا ثواب له (تحفة الأحوذي 5 / 266) وليس كل ما خلا من الثواب حراما، ولأن التشبه بعبادة أهل الجاهلية لم يبق له وجود. وذم التصفيق في الآية إنما هو لكونه عند البيت (في المسجد الح
الموسوعة الفقهية الكويتية: 77/ 12