الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
تغطية الشيء، وإدخال بعضه في بعض . ومن أمثلته تضبيب إناء الشرب بالذهب، أو الفضة . ومن شواهده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه : "أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ ." البخاري :3109.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّضْبِيبُ وَالضَّبُّ فِي اللُّغَةِ: تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ وَإِِدْخَال بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ وَقِيل: هُوَ شِدَّةُ الْقَبْضِ عَلَى الشَّيْءِ، لِئَلاَّ يَنْفَلِتَ مِنَ الْيَدِ. وَيُقَال: ضَبَّبَ الْخَشَبَ بِالْحَدِيدِ أَوِ الصُّفْرِ: إِِذَا شَدَّهُ بِهِ، وَضَبَّبَ أَسْنَانَهُ شَدَّهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا.
وَالضَّبَّةُ: حَدِيدَةٌ عَرِيضَةٌ يُضَبَّبُ بِهَا الْبَابُ وَيُشَعَّبُ بِهَا الإِِْنَاءُ عِنْدَ التَّصَدُّعِ
وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لِلتَّضْبِيبِ لاَ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِي شَيْءٍ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - الْجَبْرُ: مِنْ مَعَانِيهِ أَنْ يُغْنَى الرَّجُل مِنْ فَقْرٍ، أَوْ يُصْلِحَ عَظْمَهُ مِنْ كَسْرٍ.
3 - الْوَصْل: مِنْ وَصَل الثَّوْبَ أَوْ j الْخُفَّ وَصْلَةً.
4 - التَّشْعِيبُ: وَهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وَضَمُّ بَعْضِهِ إِِلَى بَعْضٍ، أَوْ تَفْرِيقُهُ، فَهُوَ مِنَ الأَْضْدَادِ (2) . 5 - التَّطْعِيمُ: مَصْدَرُ طَعَّمَ، وَأَصْلُهُ طَعَّمَ، يُقَال: طَعَّمَ الْغُصْنَ أَوِ الْفَرْعَ: قَبْل الْوَصْل بِغُصْنٍ مِنْ غَيْرِ شَجَرِهِ وَطَعَّمَ كَذَا بِعُنْصُرِ كَذَا لِتَقْوِيَتِهِ أَوْ تَحْسِينِهِ، أَوِ اشْتِقَاقِ نَوْعٍ آخَرَ مِنْهُ. وَطَعَّمَ الْخَشَبَ بِالصَّدَفِ رَكَّبَهُ فِيهِ لِلزَّخْرَفَةِ وَالزِّينَةِ (3) .
وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ: أَنْ يَحْفِرَ فِي إِنَاءٍ مِنْ خَشَبٍ أَوْ غَيْرِهِ حُفَرًا، وَيَضَعُ فِيهَا قِطَعًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا عَلَى قَدْرِ الْحُفَرِ. فَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّضْبِيبِ وَالتَّطْعِيمِ: أَنَّ التَّضْبِيبَ يَكُونُ لِلإِِْصْلاَحِ، أَمَّا التَّطْعِيمُ فَلاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالْحَفْرِ، وَهُوَ لِلزِّينَةِ غَالِبًا (4) .
6 - التَّمْوِيهُ: هُوَ الطِّلاَءُ بِمَاءِ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ وَنَحْوِهِمَا (5) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّضْبِيبُ وَاسْتِعْمَال الْمُضَبَّبِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛ لأَِنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُبَاحِ، وَهُوَ بَاقِي الإِِْنَاءِ، فَأَشْبَهَ الْمُضَبَّبَ بِالْيَسِيرِ. وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُمْ. وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُجْتَنَبَ فِي النَّصْل وَالْقَبْضَةِ وَاللِّجَامِ مَوْضِعِ الْيَدِ. وَفِي الشُّرْبِ مِنَ الإِِْنَاءِ الْمُضَبَّبِ يُتَّقَى مَسُّ الضَّبَّةِ بِالْفَمِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُرَادُ بِالاِتِّقَاءِ: الاِتِّقَاءُ بِالْعُضْوِ الَّذِي يُقْصَدُ الاِسْتِعْمَال بِهِ، وَفِي ذَلِكَ خِلاَفٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ. يُنْظَرُ فِي الْمُطَوَّلاَتِ (6) .
وَسَيَأْتِي تَفْصِيل أَحْكَامِ التَّضْبِيبِ فِي مُصْطَلَحَيْ (ذَهَبٌ، فِضَّةٌ، آنِيَةٌ) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ ذَهَبُوا - فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ - إِِلَى حُرْمَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ، يَسْتَوِي عِنْدَهُمُ: الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ، وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ، لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (7) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى أَنَّ تَضْبِيبَ الإِِْنَاءِ بِذَهَبٍ حَرَامٌ مُطْلَقًا، وَتَضْبِيبُهُ بِضَبَّةٍ كَبِيرَةٍ عُرْفًا مِنَ الْفِضَّةِ - لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِأَنْ كَانَتْ لِزِينَةٍ - حَرَامٌ كَذَلِكَ. فَإِِنْ كَانَتِ الضَّبَّةُ الْفِضِّيَّةُ صَغِيرَةً لِحَاجَةِ الإِِْنَاءِ إِِلَى الإِِْصْلاَحِ لَمْ تُكْرَهْ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ ﷺ انْكَسَرَ فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعَبِ سَلْسَلَةً مِنْ فِضَّةٍ (8) .
وَإِِنْ كَانَتِ الضَّبَّةُ فَوْقَ الْحَاجَةِ - وَهِيَ صَغِيرَةٌ، أَوْ كَبِيرَةٌ لِحَاجَةٍ - كُرِهَتْ فِي الأَْصَحِّ (9) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَتَمُّ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (ذَهَبٌ - فِضَّةٌ - آنِيَةٌ) .
__________
(1) متن اللغة، والصحاح - مادة: " ضبب "، وحاشية ابن عابدين 5 / 219.
(2) مختار الصحاح: المواد: " جبر، وصل، وشعب ".
(3) لسان العرب، والمعجم الوسيط.
(4) كشاف القناع 1 / 52.
(5) لسان العرب والمصباح وابن عابدين 5 / 219، ونهاية المحتاج 1 / 91.
(6) ابن عابدين 5 / 219.
(7) شرح الزرقاني 1 / 37، ومواهب الجليل 1 / 129، والدسوقي 1 / 64.
(8) حديث: " أن قدح النبي ﷺ انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 212 - ط السلفية) من حديث أنس بن مالك ﵁.
(9) أسنى المطالب 1 / 27، والمغني لابن قدامة 1 / 77.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 131/ 12