الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
الدَّابَّةُ الَّتِي تَتْبَعُ الجَلَّة (وهي النجاسة ) وتأكلها، كالبعر، ونحوه . ومن أمثلته كراهة أكل لحم، وشرب لبن الدابة الجلالة، ومن شواهده الحديث الشريف : " نهى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عن لحوم الجلالة، وألبانها ." ابن ماجه :3189.
الدَّابَّةُ الَّتِي تَتْبَعُ الجَلَّة (وهي النجاسة) وتأكلها، كالبعر، ونحوه.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَلاَّلَةُ: الدَّابَّةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ وَتَأْكُل الْجِلَّةَ، وَهِيَ الْبَعْرَةُ وَالْعَذِرَةُ. وَأَصْلُهُ مِنْ جَل فُلاَنٌ الْبَعْرَ جَلًّا الْتَقَطَهُ فَهُوَ جَالٌّ، وَجَلاَّلٌ مُبَالَغَةٌ وَمِنْهُ الْجَلاَّلَةُ (1) .
وَالْمُرَادُ بِالْجَلاَّلَةِ عَلَى مَا نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ: كُل دَابَّةٍ عُلِفَتْ بِنَجِسٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْعَذِرَةِ، كَالسَّخْلَةِ الَّتِي ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ نَحْوِ كَلْبَةٍ أَوْ أَتَانٍ. (2)
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ أَكْل لَحْمِ الْجَلاَّلَةِ - وَهِيَ الدَّابَّةُ الَّتِي تَأْكُل الْعَذِرَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ النَّجَاسَاتِ - وَشُرْبَ لَبَنِهَا وَأَكْل بَيْضِهَا مَكْرُوهٌ، إِذَا ظَهَرَ تَغَيُّرُ لَحْمِهَا بِالرَّائِحَةِ، وَالنَّتْنُ فِي عَرَقِهَا (3) . وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: يَحْرُمُ لَحْمُهَا، وَلَبَنُهَا (4) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ الإِْبِل الْجَلاَّلَةِ أَنْ يُؤْكَل لَحْمُهَا، وَلاَ يُشْرَبُ لَبَنُهَا وَلاَ يُحْمَل عَلَيْهَا إِلاَّ الأَْدَمُ، وَلاَ يُذَكِّيهَا النَّاسُ حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (5) .
أَمَّا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا تَغَيُّرٌ بِرِيحٍ، أَوْ نَتْنٍ، فَلاَ كَرَاهَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لاَ تَأْكُل إِلاَّ النَّجَاسَةَ (6) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ أَكْل لَحْمِهَا وَشُرْبُ لَبَنِهَا إِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا نَتْنٌ أَوْ تَغَيُّرٌ، وَنَقَل صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنِ اللَّيْثِ قَوْلَهُ: " إِنَّمَا كَانُوا يَكْرَهُونَ الْجَلاَّلَةَ الَّتِي لاَ طَعَامَ لَهَا إِلاَّ الرَّجِيعُ (الرَّوْثُ وَالْعَذِرَةُ) وَمَا أَشْبَهَهُ (7) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ لَحْمَ الْجَلاَّلَةِ لاَ كَرَاهَةَ فِيهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ (8) . زَوَال الْكَرَاهَةِ بِالْحَبْسِ:
3 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِحُرْمَةِ أَكْل لَحْمِ الْجَلاَّلَةِ، أَوْ كَرَاهَتِهِ فِي أَنَّ الْحُرْمَةَ أَوِ الْكَرَاهَةَ تَزُول بِالْحَبْسِ عَلَى الْعَلَفِ الطَّاهِرِ (9) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ الْحَبْسِ: فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَحْبِسُ النَّاقَةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَالْبَقَرَةَ ثَلاَثِينَ، وَالشَّاةَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَالدَّجَاجَةَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (10) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: تُحْبَسُ الدَّجَاجَةُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَالشَّاةُ أَرْبَعَةً، وَالنَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ (11) .
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ فِي ذَلِكَ: إِحْدَاهُمَا: تُحْبَسُ الْجَلاَّلَةُ ثَلاَثًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ طَيْرًا أَوْ بَهِيمَةً، وَقَالُوا: إِنَّ مَا طَهَّرَ حَيَوَانًا فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ وَعَلَفِهِ طَهَّرَ الآْخَرَ؛ وَلأَِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَحْبِسُهَا ثَلاَثًا إِذَا أَرَادَ أَكْلَهَا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تُحْبَسُ الْبَدَنَةُ، وَالْبَقَرَةُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا (12) .
وَنَقَل صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّهُ رَخَّصَ فِي لُحُومِهَا، وَأَلْبَانِهَا، لأَِنَّ الْحَيَوَانَ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَكْل النَّجَاسَاتِ بِدَلِيل أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ، لاَ يُحْكَمُ بِتَنْجِيسِ أَعْضَائِهِ، وَالْكَافِرَ الَّذِي يَأْكُل الْخِنْزِيرَ وَالْمُحَرَّمَاتِ لَمْ يَقُل أَحَدٌ بِنَجَاسَةِ ظَاهِرِهِ، وَلَوْ نَجُسَ بِذَلِكَ لَمَا طَهُرَ بِالإِْسْلاَمِ وَالاِغْتِسَال. وَلَوْ نَجُسَتِ الْجَلاَّلَةُ لَمَا طَهُرَتْ بِالْحَبْسِ (13) .
رُكُوبُ الْجَلاَّلَةِ:
4 - يُكْرَهُ رُكُوبُ الْجَلاَّلَةِ بِلاَ حَائِلٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: قَال: نَهَى رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ الْجَلاَّلَةِ فِي الإِْبِل أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا أَوْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا (14) . وَلأَِنَّهَا رُبَّمَا عَرِقَتْ فَتَلَوَّثَ بِعَرَقِهَا (15) .
سُؤْرُ الْجَلاَّلَةِ:
5 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهِيَةِ شُرْبِ سُؤْرِ الْجَلاَّلَةِ (16) .
التَّضْحِيَةُ بِالْجَلاَّلَةِ:
6 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ: أَنَّ الْجَلاَّلَةَ لاَ تُجْزِئُ فِي الأُْضْحِيَّةِ: إِذَا كَانَتْ لاَ تَأْكُل غَيْرَ النَّجَاسَةِ (17) .
__________
(1) متن اللغة، لسان العرب مادة: (جلل) .
(2) قليوبي 4 / 261.
(3) المغني 8 / 593، وقليوبي 4 / 261، وروض الطالب 1 / 568، وابن عابدين 1 / 149.
(4) المصادر السابقة.
(5) حديث: نهى الرسول ﷺ عن الإبل الجلالة. . . ". أخرجه الدارقطني (4 / 283 - ط دار المحاسن) ، والبيهقي (9 / 333 - ط دار المعرفة) . من حديث عبد الله بن عمرو. قال ابن حجر: أخرجه البيهقي بسند فيه نظر. (فتح الباري 9 / 648 - ط السلفية) .
(6) أسنى المطالب 1 / 568.
(7) المغني 8 / 593.
(8) شرح الزرقاني 3 / 26.
(9) المصادر السابقة.
(10) قليوبي 4 / 261.
(11) ابن عابدين 1 / 149.
(12) المغني 8 / 594.
(13) المغني 8 / 593
(14) حديث: " نهى رسول الله ﷺ عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها أو يشرب من ألبانها ". أخرجه أبو داود (4 / 149 - ط عزت عبيد الدعاس) . من حديث ابن عمر. وأخرجه البيهقي (9 / 333 - ط دار المعرفة) . من حديث أبي هريرة وابن عمر. قال ابن حجر (إسناده حسن) (فتح الباري 9 / 648 - ط السلفية) .
(15) المغني 8 / 594، وأسنى المطالب 1 / 568، وابن عابدين 1 / 149.
(16) ابن عابدين 1 / 149.
(17) ابن عابدين 5 / 207.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 260/ 15