البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ يَغْنى)، ومعناه: من لا يحتاج إلى غيره، واسم (الغنيّ) هو من أسماء الله الحسنى ومعناه أن الله مستغنٍ بذاته وصفاته لا يحتاج لغيره في نصرة أو تأييد أو إعانة، بل كل الوجود سواه مفتقر إليه. وهو اسم ثابت لله في الكتاب والسنة، والعقل دالٌّ عليه.

التعريف

التعريف لغة

الغنيُّ - بالتشديد - هو من ليس محتاجًا إلى غيره، وهي صفة مشبهة على وزن (فعيل) لأن أصلَه الفعلُ: (غَنِيَ) فالتقت الياء الأصلية بياء (فعيل) فأُدغِمَتا، وكثيرة هي الكلمات المشتقة من هذا الجذر على هذا المعنى، فالعرب تقول عن المرأة: غانية، قال قوم: معناه أنها استغنت بمنزل أبويها. وقال آخرون: استغنت ببعلِها. ويقال استغنت بجمالها عن لُبْس الحَلْيْ. ويقال: غَنِي القوم في دارهم أي: أقاموا، كأنهم استغنَوا بها عن غيرها من الأماكن. انظر للاستزادة "المقاييس" لابن فارس (4/398).

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى يدل على إثبات صفة الغِنَى لله عز وجل على وجه الكمال، في الذات والصفات، فهو الذِي اسْتَغْنى عن الخلق وعن نصرتهم وتأييدهم لملكه فليست به حاجة إليهم، وهم إليه فقراء محتاجون كما وصف نفسه تعالى فقال عزَّ من قائل: ﴿واللهُ الغَنيُّ وأنْتُم الفُقَراءُ﴾ [محمد: 38]. انظر "شأن الدعاء" للخطابي (ص93). وقال الشيخ السعدي في تعريفه لاسمي (الغني والمغني): «فهو الغني بذاته، الذي له الغنى التام المطلق، من جميع الوجوه والاعتبارات لكماله، وكمال صفاته، فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنيًا، لأن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا خالقًا، قادرًا، رازقًا، مُحسنًا، فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه، فهو الغني، الذي بيده خزائن السموات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة. المغني جميع خلقِه غنىً عامًّا، والمغني لخواص خلقه بما أفاض على قلوبهم من المعارف الربانية والحقائق الإيمانية» "تيسير الكريم الرحمن" (ص948).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى الشرعي يوافق المعنى اللغوي ولا يخالفه، لأن اسم الله (الغني) جارٍ على الاستعمال العربي للفظ ولا يخرج عنه، إلا أن المعنى ثابت لله على وجه الكمال المطلق، وليس ذلك إلا لله عز وجل.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل اسم الله (الغني) على إثبات صفة الغِنى لله عز وجل

الأدلة

القرآن الكريم

الغني في القرآن الكريم
ورد اسم الله (الغني) في كتاب الله عز وجل ثماني عشرة مرةً، منها ما جاء فيه مفردًا، ومنها ما جاء فيه مقترنًا بغيره من الأسماء، كالحميد - وهو أكثرها - والكريم، والحليم. فمما جاء فيه مفردًا قوله تعالى: ﴿قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ [يونس: 68]. وجاء مقترنًا باسم الله (الكريم) في قوله تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾ [النمل: 40] ومقترنًا باسم (الحليم) في قوله: ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: 263]، وجاء مقترنًا باسم الله (الحميد) في عشرة مواضع، منها قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [فاطر: 15]، ولابن القيم كلام بديع في تحرير اقتران هذين الاسمين، يقول في كلامه عن هذه الآية: «فغناه وحمده يأبى قَبول الرديء، فإن قابل الرديء الخبيث: أما أن يقبله لحاجته إليه، وإما أن نفسه لا تأباه لعدم كمالها وشرفها، وأما الغني عنه، الشريف القدر الكامل الأوصاف: فإنه لا يقبله» "طريق الهجرتين" (ص666).

السنة النبوية

الغني في السنة النبوية
· جاء ذكر اسم الله (الغني) في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: مرَّ رسولُ اللَّهِ بشيخٍ يُهادى بين اثنين فقال: «ما بال هذا؟ قالوا: نذَرَ أن يمشي. قال: إنَّ اللَّه غنيٌّ عن تعذيبِ هذا نفسَهُ، مُرْهُ فليركبْ» البخاري (1865) ومسلم (1642)، وأبو داود (3301)، والترمذي (1537)، والنسائي (3853) واللفظ له، ومعنى يُهادى: يمشي بينهما معتمدًا عليهما من ضعفه وتمايله. "النهاية" (5/255). · وجاءت صفة الغنى التي يدل على اسم الله (الغني) في سياقات عدّة، منها حديث حكيم بن حزام: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يٌغنِه الله.» البخاري (1469)، ومسلم (1053). وجاءت صفة الغنى بصيغة التفضيل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «قال اللهُ تعالى: أنا أغْنى الشُّركاءِ عنِ الشِّركِ، مَنْ عمِلَ عملًا أشركَ فيه معي تركته وشِركه». مسلم (2985).

العقل

الغنى والاستغناء صفات كمال، وخلافها صفات نقص، فتثبت لله عز وجل بقياس الأولى، لأن كل كمال لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة الُمحدثة فالرب الخالق هو أولى به، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزَّه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق هو أولى أن ينزَّه عنه. انظر "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

لهذا الاسم فوائد وآثار عظيمة، منها: · أن المؤمن بهذا الاسم يحصل له التذلّل والافتقار إلى الله، وهو جوهر العبودية لله عز وجل، وسبب غناه عمّا سوى الله من الأسباب والأشخاص، يقول ابن القيم: «من عرف ربه بالغنى المطلق عرف نفسه بالفقر المطلق... فمتى حصلت له هاتان المعرفتان أنتجتا له فقرًا هو عين غناه، وعنوان فلاحه وسعادته، وتفاوُت الناس في هذا الفقر بحسب تفاوتهم في هاتين المعرفتين» "طريق الهجرتين" (1/23). · حصول التوكل على الله تعالى، ونبذ الاعتماد على ما سواه في جلب المنافع ودفع الأضرار، والتبرُّؤ من الحول والقوة والالتجاء إلى الغني القوي سبحانه. أن إدراك العبد لمعنى اسم الله (الغني) يحمله على التواضع على الرغم من غناه؛ لأنه يعلم أن المتوحّد في الغنى هو الله جل جلاله.

أقوال أهل العلم

«الغني هو الذي لا تعلق له بغيره لا في ذاته ولا في صفات ذاته بل يكون منزَّهًا عن العلاقة مع الأغيار فمن تتعلق ذاته أو صفات ذاته بأمر خارج من ذاته يتوقف عليه وجوده أو كماله فهو فقير محتاج إلى الكسب ولا يتصور ذلك إلا لله سبحانه وتعالى» الغَزالي "المقصد الأسنى" (ص144).
«الغنيّ: الذي قد كمل في غناه، وهو الله، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفء، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهّار.» ابن عبَّاس "تفسير ابن كثير" (8/88).
«وهُوَ الغَنِيُّ بِذاتِهِ فَغِناهُ ذا تِيٌّ لَهُ كالجُود والإحْسانِ»
ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "النونية" (2/74)