العفو
كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...
الجرح الذي يخدش الجلد، وَلَا يُخرِجُ الدَّمَ . ومن أمثلته الاقتصاص ممن أصاب غيره عمداً بالحارصة .
الجرح الذي يخدش الجلد، وَلَا يُخرِجُ الدَّمَ.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحَارِصَةُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْحَرْصِ، وَمِنْ مَعَانِيهِ الشَّقُّ وَالْخَرْقُ، وَمِنْهُ قِيل: حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ أَيْ شَقَّهُ وَخَرَقَهُ بِالدَّقِّ. (1)
وَالْحَارِصَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ نَوْعٌ مِنَ الشِّجَاجِ وَهِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَخْدِشُهُ وَتَشُقُّهُ قَلِيلاً وَتَقْشُرُهُ شَيْئًا يَسِيرًا وَلاَ تُدْمِيهِ. وَالْحَارِصَةُ تُسَمَّى الْخَادِشَةُ وَالْقَاشِرَةُ أَيْضًا. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الدَّامِيَةُ:
2 - وَهِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تُحْدِثُ الشَّقَّ فِي الْجِلْدِ وَتُسِيل الدَّمَ، وَتُسَمَّى الْبَازِلَةَ وَالدَّامِعَةَ، وَقَدْ فَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الدَّامِعَةِ وَالدَّامِيَةِ، بِأَنَّ الأُْولَى تُظْهِرُ الدَّمَ كَالدَّمْعِ وَلاَ تُسِيلُهُ، وَالدَّامِيَةُ هِيَ الَّتِي تُسِيل الدَّمَ. (3)
ب - الْبَاضِعَةُ، وَهِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ أَيْ تَقْطَعُهُ وَتَشُقُّهُ بَعْدَ الْجِلْدِ.
ج - الْمُتَلاَحِمَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ وَتَشُقُّهُ أَكْثَرَ مِنَ الْبَاضِعَةِ دُونَ الْعَظْمِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْمُتَلاَحِمَةَ هِيَ الَّتِي غَاصَتْ فِي اللَّحْمِ بِتَعَدُّدٍ، أَيْ يَمِينًا وَشِمَالاً وَلَمْ تَقْرَبْ لِلْعَظْمِ، فَإِنِ انْتَفَى التَّعَدُّدُ فَبَاضِعَةٌ.
د - السِّمْحَاقُ: وَهِيَ الَّتِي تَصِل إِلَى الْقِشْرَةِ الرَّقِيقَةِ بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ وَالَّتِي تُسَمَّى سِمْحَاقًا، وَلِهَذَا تُسَمَّى الْجِرَاحُ الْوَاصِلَةُ إِلَيْهَا سِمْحَاقًا. (4)
وَهَذِهِ الأَْرْبَعُ تَشْتَرِكُ مَعَ الْحَارِصَةِ فِي الْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ أَنَّ فِي كُل نَوْعٍ مِنْهَا حُكُومَةَ عَدْلٍ.
وَهُنَاكَ أَنْوَاعٌ أُخْرَى مِنَ الشِّجَاجِ فِي بَعْضِهَا قِصَاصٌ كَالْمُوضِحَةِ، وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتُبْدِي بَيَاضَهُ، وَفِي بَعْضِهَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَلاَ قِصَاصَ، كَالْهَاشِمَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالآْمَّةِ وَالْجَائِفَةِ، مَعَ خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ، وَيُنْظَرُ حُكْمُ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا فِي مُصْطَلَحَاتِهَا.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ فِي الْحَارِصَةِ وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ (5) إِذْ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ، وَلاَ يُمْكِنُ إِهْدَارُهَا، فَوَجَبَ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ. (6)
وَلِمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ تَقْدِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (حُكُومَةُ عَدْلٍ) .
4 - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْحَارِصَةِ وَأَخَوَاتِهَا مَا قَبْل الْمُوضِحَةِ، وَذَلِكَ بِالْقِيَاسِ طُولاً وَعَرْضًا وَعُمْقًا، وَالْقِصَاصُ قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْحَارِصَةِ إِذَا تَيَسَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (7) ، وَلأَِنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ وَاعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ بِأَنْ يَسْبُرَ غَوْرَهَا بِمِسْبَارٍ ثُمَّ يَتَّخِذَ حَدِيدَةً بِقَدْرِهِ فَيَقْطَعَ. (8)
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ السِّمْحَاقَ فَلاَ قَوَدَ فِيهَا، كَمَا لاَ قَوَدَ عِنْدَهُمْ فِي مَا بَعْدَهَا مِنَ الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَغَيْرِهِمَا. (9)
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
5 - يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الْحَارِصَةِ وَأَخَوَاتِهَا مِنَ الشِّجَاجِ وَالْجِرَاحِ فِي أَبْوَابِ الْجِنَايَاتِ وَالدِّيَاتِ وَالْقِصَاصِ. فَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحَاتِهَا وَأَبْوَابِهَا.
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب مادة (حرص) .
(2) ابن عابدين 5 / 372، وجواهر الإكليل 2 / 259، وحاشية القليوبي 4 / 112، والمغني 8 / 55، وكشاف القناع 6 / 51، والمطلع على أبواب المقنع ص 367.
(3) نفس المراجع.
(4) المطلع على أبواب المقنع ص 267، والمراجع السابقة.
(5) ابن عابدين 5 / 373، والقليوبي 4 / 113، وكشاف القناع 6 / 52.
(6) المراجع السابقة.
(7) سورة المائدة / 45.
(8) ابن عابدين 5 / 373، وجواهر الإكليل 2 / 259، 260، والدسوقي 4 / 251.
(9) ابن عابدين 5 / 373، 374.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 263/ 16