البحث

عبارات مقترحة:

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو الخَلْقُ.

وهو اسمٌ ثابت لله عز وجل في الكتاب، والسُّنة، ودل عليه العقلُ.

والفرقُ بين اسمَيِ (البارئ) و(الخالق): أن الأولَ يُستعمل في خَلْقِ الحيوان أكثَرَ من غيره من المخلوقات.

التعريف

التعريف لغة

أصل البَرْءِ: الفصلُ والقطع، بَرِئَ من مرضه: أي: شُفِي وصار بريئًا، وأبرأه اللهُ من مرضه إبراءً؛ لأن المرضَ انفصل عنه وانقطع.

ولذا قالوا: (البَرْءُ): هو الخَلْقُ على صفةٍ؛ فكلُّ مبروءٍ مخلوقٌ، وليس كلُّ مخلوقٍ مبروءًا؛ وذلك لأن البَرْءَ من تبرئةِ الشيء من الشيء؛ من قولهم: برَأْتُ من المرض، وبَرِئتُ من الدَّيْنِ: أبرأ منه؛ فبعض الخَلْقِ إذا فُصِل من بعضٍ سُمِّي فاعلُه: بارئًا. انظر: "تفسير أسماء الحسنى" للزجاج (ص37).

وقيل: أصلُه من البَرَى؛ وهو: التراب.

التعريف اصطلاحًا

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، ثابتٌ له في الكتاب والسُّنة، ويدل على صفة (البَرْءِ)، وقد اختُلِف في معناه إذا أُطلِق على ربِّ العِزَّة سبحانه وتعالى؛ فقيل: هو الذي فصَل بعضَ الخَلْقِ عن بعضِه وميَّزه، وقيل: هو المُوجِد والمُبدِع لِما كان في تقديره من الخلائق، وهو بهذا المعنى مرادِفٌ لاسمِ الله (الخالق)، وقيل: معناه: خالقُ الإنسان من التراب؛ كما قال تعالى: ﴿مِنْهَا ‌خَلَقْنَٰكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ﴾ [طه: 55].

وقال في "الكشَّاف" قولًا رابعًا يستنِدُ إلى معنى الفصل والإبراء أيضًا؛ وهو: أن اللهَ خلَق الخَلْقَ بريئًا من الخَلَلِ والنقص والاضطراب؛ كما قال سبحانه: ﴿مَّا ‌تَرَىٰ ‌فِي ‌خَلْقِ اْلرَّحْمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ﴾ [الملك: 3]. انظر: "الكشاف" للزمخشري (1 /28).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

ما دلَّتْ عليه اللغةُ في أصلها يدل على ما اصطُلِح عليه في اسم الله (البارئ)، والأقوالُ جميعها محتمَلة.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل على إثباتِ صفة (البَرْءِ) - وهو الخَلْقُ - لله سبحانه وتعالى.

الفروق

الفرق بين البارئ و الخالق

الفرق بينهما: أن لفظةَ (البارئ) تُطلَق على خَلْقِ الحيوان وتكوينه على هيئةٍ أكثَرَ من إطلاقها على غيرِه من المخلوقات، وقلما تُستعمل في خَلْقِ السموات، والأرض، والجبال؛ كأن يقالَ: برَأ اللهُ السماءَ؛ بل الأكثر أن يقالَ: برَأ اللهُ الإنسانَ والسِّباع. انظر: "النهاية" لابن الأثير (1 /111).

انظر: الخالق

الأدلة

القرآن الكريم

البارئ في القرآن الكريم
ورَد ذكرُ اسم الله (البارئ) في القرآن الكريم ثلاثَ مرات: اثنتانِ منهما في آيةٍ واحدة، جاء فيهما مضافًا إلى ضميرِ المخاطَبِين، وفي الثالثة جاء معرَّفًا بـ(أل):

* فالأُولَيانِ جاءتا في خطابِ بني إسرائيل؛ حيث قال تعالى: ﴿فَتُوبُوٓاْ ‌إِلَىٰ ‌بَارِئِكُمْ فَاْقْتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٞ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ﴾ [البقرة: 54]، قال النَّسَفيُّ في تفسير الآية: «هو الذي خلَق الخَلْقَ بريئًا من التفاوت، وفيه تقريعٌ لِما كان منهم مِن تركِ عبادة العالِمِ الحكيم الذي برَأهم أبرياءَ من التفاوت إلى عبادة البقرِ الذي هو مَثَلٌ في الغباوةِ والبلادة». "مدارك التنزيل" (1 /89).

* والثالثة: قوله سبحانه: ﴿هُوَ ‌اْللَّهُ ‌اْلْخَٰلِقُ ‌اْلْبَارِئُ اْلْمُصَوِّرُۖ﴾ [الحشر: 24].

السنة النبوية

البارئ في السنة النبوية
* ورَد في أثرٍ عن عليٍّ رضي الله عنه:

عن أبي جُحَيفةَ، قال: «سألتُ عليًّا رضي الله عنه: هل عندكم شيءٌ مِن الوحيِ إلا ما في كتابِ اللهِ؟ فقال: «لا، والذي فلَقَ الحَبَّةَ، وبرَأَ النَّسَمةَ، إلا فَهْمًا يُعطِيه اللهُ تعالى رجُلًا في القرآنِ، وما في هذه الصحيفةِ». ..». أخرجه البخاري (3047).

العقل

اسمُ الله (البارئُ) يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو الخَلْقُ، وما مِن شيءٍ مما سِوى الله إلا وهو أثرٌ من آثار هذه الصفة، وما ثَمَّ إلا خالقٌ ومخلوق، والمخلوقُ يدل على خالقِه فِطْرةً وبداهة؛ إذ ما مِن أثرٍ إلا وله مؤثِّر؛ كما اشتهر في قول الأعرابيِّ الذي سُئِل: كيف عرَفْتَ ربَّك؟ فقال بفِطْرته السليمة: «البَعْرةُ تدل على البعير، والأثرُ يدل على المسير؛ فسماءٌ ذاتُ أبراج، وأرضٌ ذاتُ فِجاج، وجبالٌ وبحار وأنهار؛ أفلا تدل على السميعِ البصير؟!». انظر: "ترجيح أساليب القرآن" لابن الوزير (ص83).

فهي حقيقةٌ فِطْرية بَدَهية، تتلخص في (افتقارِ الأثر إلى المؤثِّر)، وهي التي يُعبَّر عنها بدَلالة الحدوث والإمكان في الذوات والصفات، والحادثُ هو ما كان مسبوقًا بعَدَمٍ، والممكِنُ هو ما كان قابًلا للوجود والعدم؛ فكلُّ حادثٍ ممكِنٍ يفتقرُ إلى واجبٍ بنفسه، مُحدِثٍ لا يكون هو مُحدَثًا؛ منعًا للتسلسل. انظر: "درء التعارض" لابن تيمية (3 /265).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

الإيمانُ باسم الله (البارئ) يَلزم منه:

* توحيدُ الألوهية؛ أي: إفرادُه وَحْده سبحانه بالعبادة؛ وهذا مما واجَه به اللهُ عز وجل المشركين، فقال: ﴿وَلَئِن ‌سَأَلْتَهُم ‌مَّنْ ‌خَلَقَ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضَ وَسَخَّرَ اْلشَّمْسَ وَاْلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اْللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ [العنكبوت: 61]، وقال: ﴿أَيُشْرِكُونَ ‌مَا ‌لَا ‌يَخْلُقُ ‌شَيْـٔٗا ‌وَهُمْ ‌يُخْلَقُونَ﴾ [الأعراف: 191].

* قَبولُ أحكامِ الله عز وجل: الشرعيةِ، والقَدَرية؛ لأن صانعَ الشيء أعلَمُ وأدرى بما صنع؛ فإذا شرَع اللهُ عز وجل للإنسان شيئًا فهو الأصلح له، وإذا قضى اللهُ للإنسان قَدَرًا فهو الخير له؛ كما قال سبحانه: ﴿أَلَا ‌يَعْلَمُ ‌مَنْ ‌خَلَقَ وَهُوَ اْللَّطِيفُ اْلْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]؛ فعلى المؤمنِ باسم الله (البارئ) أن يَقبَلَ حُكْمَ الله فيه، ويُسلِّم له، ولا يَرضَى به بديلًا، ويَصبِرَ لِما نزل به من الابتلاء، ويرضى به، ولا يَتسخَّط.

* تعظيمُ الله عز وجل وإجلالُه عند رؤيةِ آثار هذا الاسم؛ فإذا أبصَرَ العبدُ بديع خَلْقِ الله، وتأمَّل في عجائبِ قُدْرتِه في البَرْءِ والإنشاء: تعاظَمَ شأنُ ربِّه في قلبه؛ لأن عظمةَ المخلوقات ودِقَّتَها وانتظامها تدل على إتقانِ البارئ سبحانه وتعالى؛ ولذلك دعا اللهُ عبادَه للتفكُّر في خَلْقِهم وتكوينهم، فقال لهم: ﴿وَفِيٓ ‌أَنفُسِكُمْۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات: 21].

المظاهر في الكون والحياة

الحقُّ أن المظاهرَ الوجودية لاسم الله (البارئ) أكثَرُ من أن تُعَدَّ وتُحصَر؛ فصفةُ (البَرْءِ) - وهو الخَلْقُ - التي يدل عليها هذا الاسمُ متعلِّقة بجميع ما سِوى الله، ولكن نقول: إن كلَّ شيء يُطلق عليه اسمُ (مخلوق) هو بذاته مَظهَرٌ مِن مظاهر اسم الله (البارئ):

فالسمواتُ والأرض وما فيهن: مظاهرُ لاسمِ (البارئ).

والحيوانُ والنبات والجمادات: مظاهرُ لاسم (البارئ).

والكائناتُ الحية الدقيقة، والأجرام السماوية الكبرى: مظاهرُ لاسم (البارئ).

وليس العَدُّ والإحصاء لهذه المظاهر إلا في حدود البشر وتصوُّراتهم القاصرة؛ يقول سيد قطب في تفسير قوله تعالى: ﴿هُوَ اْللَّهُ اْلْخَٰلِقُ اْلْبَارِئُ اْلْمُصَوِّرُۖ﴾ [الحشر: 24]: «وتَوالي هذه الصفاتِ المترابطة اللطيفةِ الفروقِ يستجيش القلبَ لمتابعة عملية الخَلْقِ والإنشاء والإيجادِ والإخراج مرحلةً مرحلة - حسب التصوُّر الإنساني.

فأما في عالَمِ الحقيقة، فليست هناك مراحلُ ولا خُطُوات.

وما نَعرِفه عن مدلولِ هذه الصفات ليس هو حقيقتَها المطلقة؛ فهذه لا يعرفُها إلا اللهُ؛ إنما نحن ندرك شيئًا من آثارها، هو الذي نَعرِفها به في حدودِ طاقاتنا الصغيرة!». "في ظلال القرآن" (ص3533) ط. دار الشروق.

أقوال أهل العلم

«(البارئ) لا يصحُّ إطلاقُه إلا على الله سبحانه؛ فإنه الذي برَأ الخليقةَ، وأوجَدها بعد عَدَمِها، والعبد لا تتعلق قُدْرتُه بذلك؛ إذ غايةُ مقدوره التصرُّفُ في بعض صفاتِ ما أوجَده الربُّ تعالى وبرأه، وتغييرُها من حالٍ إلى حال على وجهٍ مخصوص لا تَتعدَّاه قُدْرتُه».

ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "شفاء العليل" (1 /393).

«ليس منذ خلَق الخَلْقَ استفاد اسمَ (الخالق)، ولا بإحداثِ البَرِيَّةِ استفاد اسمَ (الباري)».

الطَّحَاوي "شرح العقيدة الطحاوية" لابن أبي العز (1 /109).