الفتاح
كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...
مقصود الشارع من التشريع، وهو جلب مصلحة، أو تكميلها، أو دفع مفسدة، أو تقليلها . مثل قول العلماء : حكمة مشروعية القصر التيسير، ورفع الحرج، وحكمة القصاص حفظ النفوس .
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحِكْمَةُ فِي اللُّغَةِ: الْعِلْمُ بِحَقَائِقِ الأَْشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي الْوُجُودِ وَالْعَمَل بِمُقْتَضَاهَا، وَهِيَ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى اللَّهِ يُرَادُ بِهَا الْعِلْمُ بِالأَْشْيَاءِ وَإِيجَادُهَا عَلَى غَايَةِ الإِْحْكَامِ، وَإِذَا أُضِيفَتْ إِلَى الإِْنْسَانِ يُرَادُ بِهَا مَعْرِفَةُ الْحَقِّ، وَفِعْل الْخَيْرَاتِ.
وَتُطْلَقُ عَلَى الْعِلْمِ، وَالْفِقْهِ، (1) وَرَدَ فِي الأَْثَرِ الصَّحِيحِ: لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا. (2)
وَجَاءَتِ الْحِكْمَةُ فِي الْقُرْآنِ بِمَعْنَى النُّبُوَّةِ، (3) قَال تَعَالَى: فِي مَعْرِضِ الاِمْتِنَانِ عَلَى نَبِيِّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: { وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} (4) {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْل الْخِطَابِ} (5)
الْحِكْمَةُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
2 - الْحِكْمَةُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى رَبْطِ الْحُكْمِ بِعِلَّتِهِ، أَوْ بِسَبَبِهِ مِنْ جَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ، أَوْ تَقْلِيلِهَا، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لِشَرْعِ الْحُكْمِ (6) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - السَّبَبُ:
3 - السَّبَبُ هُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ لِلْحُكْمِ (7) .
ب - الْمَانِعُ:
4 - الْمَانِعُ هُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ عَدَمُ السَّبَبِ أَوِ الْحُكْمِ، وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ.
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
يَتَّضِحُ الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ لِلْحِكْمَةِ مِنَ الْمُقَارَنَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِلَّةِ. فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِكْمَةِ وَالْعِلَّةِ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْوَصْفُ الَّذِي جَعَلَهُ الشَّارِعُ مَنَاطًا لِثُبُوتِ الْحُكْمِ حَيْثُ رَبَطَ الشَّارِعُ بِهِ الْحُكْمَ وُجُودًا وَعَدَمًا عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِتَحْقِيقِ الْمَصْلَحَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ.
أَمَّا الْحِكْمَةُ، فَهِيَ الْمَصْلَحَةُ نَفْسُهَا، لِذَلِكَ قَدْ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهَا فِي الاِنْضِبَاطِ، وَقَدْ تَخْفَى فَلاَ تَكُونُ مَعْلُومَةً لَنَا أَصْلاً (8) . لِهَذَا اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي جَوَازِ (رَبْطِ الْحُكْمِ) بِالْحِكْمَةِ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِذَا وُجِدَتِ الْحِكْمَةُ ظَاهِرَةً مُنْضَبِطَةً جَازَ رَبْطُ الْحُكْمِ بِهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ لأَِنَّهَا الْمُنَاسِبُ الْمُؤَثِّرُ حَقِيقَةً. وَذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ رَبْطُ الْحُكْمِ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً مُنْضَبِطَةً، وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (تَعَبُّدِيٌّ) ، وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) تاج العروس.
(2) حديث: " لا حسد إلا في اثنتين. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 165 - ط السلفية) ومسلم (1 / 559 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.
(3) مفردات القرآن للراغب مادة: (حكم) .
(4) سورة البقرة / 251.
(5) سورة ص / 20.
(6) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 278 بتصرف، مسلم الثبوت 2 / 274.
(7) نهاية المحتاج 1 / 94، وجمع الجوامع 1 / 96.
(8) المستصفى للغزالي 2 / 332، ومسلم الثبوت2 / 274.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 67/ 18