الملك
كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...
الْجَائِزُ الْمَأْذُونُ بِهِ شَرْعًا، الذي وسع الله في إتيانه، وهو نقيض الحرام . ومن أمثلته الطيبات من الأطعمة، والأشربة، وصيد البحر . وشاهده قوله تَعَالَى : ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﭼ المائدة : 5، وقال أيضاً : ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧﭼ المائدة : 96.
الْجَائِزُ الْمَأْذُونُ بِهِ شَرْعًا، الذي وسع الله في إتيانه، وهو نقيض الحرام.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحَلاَل لُغَةً: نَقِيضُ الْحَرَامِ وَمِثْلُهُ الْحِل وَالْحَلاَل وَالْحَلِيل، وَهُوَ مِنْ حَل يَحِل حِلًّا.
وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزِ وَالتَّضْعِيفِ فَيُقَال أَحَلَّهُ اللَّهُ وَحَلَّلَهُ. كَمَا يُقَال هَذَا لَكَ حِلٌّ وَحَلاَلٌ، وَيُقَال لِضِدِّهِ حِرْمٌ وَحَرَامٌ أَيْ مُحَرَّمٌ. (1)
وَالْحَلاَل اصْطِلاَحًا: هُوَ الْجَائِزُ الْمَأْذُونُ بِهِ شَرْعًا. وَبِهَذَا يَشْمَل الْمَنْدُوبَ وَالْمُبَاحَ وَالْمَكْرُوهَ مُطْلَقًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَتَنْزِيهًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الإِْتْيَانِ بِهَا وَعَدَمُ امْتِنَاعِهِ شَرْعًا، مَعَ رُجْحَانِ الْفِعْل فِي الْمَنْدُوبِ، وَتَسَاوِي الْفِعْل وَالتَّرْكِ فِي الْمُبَاحِ، وَرُجْحَانِ التَّرْكِ فِي الْمَكْرُوهِ.
وَالْحَلاَل مُتَضَمَّنٌ فِي الْوَاجِبِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْوَاجِبَ مُرَكَّبٌ مِنْ جَوَازِ الْفِعْل بِمَعْنَى رَفْعِ الْحَرَجِ مَعَ الْمَنْعِ مِنَ التَّرْكِ، فَاللَّفْظُ الدَّال عَلَى الْوُجُوبِ يَدُل تَضَمُّنًا عَلَى الْجَوَازِ. فَيَكُونُ الْحَلاَل فِي مُقَابَلَةِ الْحَرَامِ مِنْ حَيْثُ الإِْذْنُ فِي الأَْوَّل وَعَدَمُ امْتِنَاعِهِ شَرْعًا، وَعَدَمُ الإِْذْنِ فِي الْحَرَامِ وَامْتِنَاعُهُ شَرْعًا. وَالْوُجُوبُ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَلاَل مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، لأَِنَّ الْمُكَلَّفَ مَأْمُورٌ شَرْعًا بِالْتِزَامِ مَا أَحَل اللَّهُ وَمُجَانَبَةِ مَا حَرَّمَهُ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ.
وَقَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ وَيُرَادُ بِهِ الْحِل لُغَةً، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ} (2) أَيْ أَحَل لَهُ.
وَمِمَّا فَرَّقَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا وَالْمَكْرُوهِ تَحْرِيمًا، أَنَّ الأَْوَّل مَا كَانَ لِلْحِل أَقْرَبَ، وَالثَّانِي مَا كَانَ إِلَى الْحَرَامِ أَقْرَبَ، أَوْ مَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ (3) .
مِنَ الْمَسَائِل الأُْصُولِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَلاَل:
يَتَعَلَّقُ بِمُصْطَلَحِ حَلاَلٍ جُمْلَةٌ مِنَ الْمَسَائِل الأُْصُولِيَّةِ:
الْمَسْأَلَةُ الأُْولَى:
هَل الأَْصْل فِي الأَْشْيَاءِ - الَّتِي لاَ نَصَّ فِيهَا - الْحِل أَوِ الْحُرْمَةُ؟
2 - وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ: فَمُخْتَارُ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الأَْصْل الْحِل، وَعِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الأَْصْل التَّوَقُّفُ، وَيُنْسَبُ لأَِبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْل بَعْضِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ الأَْصْل الْحُرْمَةُ. وَسَبَبُ اخْتِلاَفِهِمْ هُوَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي حَدِّ الْحَلاَل: فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا لاَ دَلِيل عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَا دَل دَلِيلٌ عَلَى حِلِّهِ.
دَلِيل قَوْل الْجُمْهُورِ: {قُل لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} (4) وقَوْله تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا} . (5)
وَمِنَ الأَْحَادِيثِ: قَوْلُهُ ﷺ: مَا أَحَل اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا. (6)
وَقَوْلُهُ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا وَحَرَّمَ حُرُمَاتٍ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا. (7) وَدَلِيل قَوْل بَعْضِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَمَا نُسِبَ لأَِبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لاَ يَجُوزُ، فَيَبْقَى الأَْصْل عَلَى الْحُرْمَةِ حَتَّى يَرِدَ دَلِيل الْحِل.
وَدَلِيل مَنْ قَال بِالتَّوَقُّفِ أَنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الأَْحْكَامِ سَمْعِيٌّ وَعَقْلِيٌّ، وَالأَْوَّل غَيْرُ مَوْجُودٍ، وَكَذَا الثَّانِي، فَلاَ يَقْطَعُ بِأَحَدِ الْحُكْمَيْنِ وَهَذَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ.
وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلاَفِ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْهَا: الْحَيَوَانُ الْمُشْكِل أَمْرُهُ كَالزَّرَافَةِ، وَالنَّبَاتِ الْمَجْهُول تَسْمِيَتُهُ، وَمِنْهَا مَا إِذَا لَمْ يُعْرَفْ حَال النَّهْرِ هَل هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مَمْلُوكٌ، وَمِنْهَا مَا لَوْ دَخَل بُرْجَهُ حَمَامٌ وَشَكَّ هَل هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مَمْلُوكٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَكَّ فِي كِبَرِ الضَّبَّةِ (8) مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ (9) .
وَيُرَاجَعُ تَفْصِيل هَذِهِ الْفُرُوعِ فِي مُصْطَلَحَيْ " أَطْعِمَةٌ " " وَآنِيَةٌ ".
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا اجْتَمَعَ الْحَلاَل وَالْحَرَامُ غُلِّبَ الْحَرَامُ. 3 - خَصَّ الشَّافِعِيَّةُ الْحَلاَل فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِالْمُبَاحِ، أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَهُوَ عِنْدَهُمْ شَامِلٌ لِلْمُبَاحِ وَالْوَاجِبِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوِ اخْتَلَطَ الْوَاجِبُ بِالْمُحَرَّمِ رُوعِيَ مُقْتَضَى الْوَاجِبِ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ عِنْدَهُمُ اخْتِلاَطُ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِالْكُفَّارِ يَجِبُ غَسْل الْجَمِيعِ وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْهِجْرَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ بِلاَدِ الْكُفَّارِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا وَحْدَهَا حَرَامًا، وَنَحْوُهَا.
وَقَدْ خَرَّجَ الْحَنَفِيَّةُ هَذِهِ الْفُرُوعَ عَلَى قَاعِدَةِ إِذَا تَعَارَضَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي قُدِّمَ الْمَانِعُ.
وَدَلِيل قَاعِدَةِ - إِذَا اجْتَمَعَ الْحَلاَل وَالْحَرَامُ غُلِّبَ الْحَرَامُ - أَنَّ فِي تَغْلِيبِ الْحَرَامِ تَقْلِيلاً لِلتَّغْيِيرِ فِي الأَْحْكَامِ، وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا انْتَفَعَ بِشَيْءٍ قَبْل وُرُودِ الشَّرْعِ بِمَا يُحَرِّمُهُ أَوْ يُبِيحُهُ فَإِنَّهُ لاَ يُعَاقَبُ بِالاِنْتِفَاعِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (10) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا} (11) . فَإِذَا وَرَدَ مَا يُفِيدُ التَّحْرِيمَ فَقَدْ غُيِّرَ الأَْمْرُ وَهُوَ عَدَمُ الْعِقَابِ عَلَى الاِنْتِفَاعِ، ثُمَّ إِذَا وَرَدَ مَا يُفِيدُ الإِْبَاحَةَ فَقَدْ نُسِخَ ذَلِكَ الْمُحَرَّمُ فَيَلْزَمُ هُنَا تَغْيِيرَانِ. وَأَمَّا إِذَا جَعَلْنَا الْمُبِيحَ هُوَ الْمُتَقَدِّمَ فَيَكُونُ مُؤَكِّدًا لِلإِْبَاحَةِ الأَْصْلِيَّةِ لاَ مُغَيِّرًا لَهَا، فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ كَانَ نَاسِخًا لِلإِْبَاحَةِ وَمُغَيِّرًا لَهَا، فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَغْيِيرٌ وَاحِدٌ فَفِيهِ تَقْلِيلٌ لِلتَّغْيِيرِ. وَهَذَا الدَّلِيل يُوَافِقُ الْحَنَفِيَّةَ مِنْ أَنَّ الْحَلاَل شَامِلٌ لِلْمُبَاحِ وَلِلْوَاجِبِ.
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدِ اسْتَدَلُّوا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِأَنَّ تَرْجِيحَ التَّحْرِيمِ أَحَبُّ، لأَِنَّ فِيهِ تَرْكَ مُبَاحٍ لاِجْتِنَابِ مُحَرَّمٍ وَذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْوَطُ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَتَطْبِيقَاتِهَا: تَعَارُضُ حَدِيثِ: لَكَ مِنَ الْحَائِضِ مَا فَوْقَ الإِْزَارِ (12) مَعَ حَدِيثِ: اصْنَعُوا كُل شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ (13) فَإِنَّ الأَْوَّل يَقْتَضِي تَحْرِيمَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَالثَّانِي يَقْتَضِي إِبَاحَةَ مَا عَدَا الْوَطْءَ فَيُرَجَّحُ التَّحْرِيمُ احْتِيَاطًا.
وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَبَهَتْ مَحْرَمٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ لَمْ تَحِل.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتِ الشَّجَرَةُ بَعْضُهَا فِي الْحِل وَبَعْضُهَا فِي الْحَرَمِ حَرُمَ قَطْعُهَا.
وَغَيْرُهَا مِنَ الأَْمْثِلَةِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ صُوَرٌ مِنْهَا: إِذَا رَمَى سَهْمًا إِلَى طَائِرٍ فَجَرَحَهُ وَوَقَعَ عَلَى الأَْرْضِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَحِل، وَإِنْ أَمْكَنَ إِحَالَةُ الْمَوْتِ عَلَى الْوُقُوعِ عَلَى الأَْرْضِ، لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ بُدَّ مِنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ. وَمِنْهَا مَا ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ مِنْ أَنَّ: مُعَامَلَةُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إِذَا لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ لاَ تَحْرُمُ، وَلَكِنْ تُكْرَهُ.
وَمِنْهَا: لَوِ اعْتَلَفَتِ الشَّاةُ عَلَفًا حَرَامًا لَمْ يَحْرُمْ لَبَنُهَا وَلَحْمُهَا وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ أَوْرَعُ. وَغَيْرُهَا مِنَ الأَْمْثِلَةِ (14) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَسْبَابُ التَّحْلِيل وَأَنْوَاعُهُ:
4 - يُحْكَمُ بِالْحِل لِسَبَبَيْنِ:
الأَْوَّل: ذَاتِيٌّ، كَالاِنْتِفَاعِ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَسَائِرِ الأَْشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ.
الثَّانِي: عَرَضِيٌّ، كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالإِْجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَسَائِرِ الأَْسْبَابِ الْمُبِيحَةِ. وَالْحَلاَل بِوَصْفِهِ الْقَائِمُ بِهِ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ مِنَ الأَْسْبَابِ الْمُحَرِّمَةِ. أَوْ يَعْرِضُ لَهُ مَا لاَ يُوصَفُ مَعَهُ بِالْحِل كَالشَّبَهِ. وَلِهَذَا كَانَ الْحَلاَل دَرَجَاتٍ أَعْلاَهَا مَا كَانَ خَالِصًا مِنْ جَمِيعِ الشُّبَهِ كَالاِغْتِرَافِ مِنَ الأَْنْهَارِ الْعِظَامِ الْخَالِيَةِ عَنِ الاِخْتِصَاصِ، وَأَدْنَاهَا مَا قَرُبَتْ دَرَجَتُهُ الأَْخِيرَةُ مِنَ الْحَرَامِ الْمَحْضِ، كَمَال مَنْ لاَ كَسْبَ لَهُ إِلاَّ الْمُكُوسُ الْمُحَرَّمَةُ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَا فِي يَدِهِ حَصَل لَهُ مِنْ جِهَةٍ حَلاَلٍ. (15) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ " حَرَامٌ " " وَمُبَاحٌ ". وَكَمَا تَقَدَّمَ جَانِبٌ مِنْهُ فِي مُصْطَلَحِ " تَحْلِيلٌ " " وَاشْتِبَاهٌ ".
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة " حل ".
(2) سورة الأحزاب / 38
(3) الإبهاج شرح المنهاج 1 / 126، إرشاد الفحول ص 6، المستصفى 1 / 74، مسلم الثبوت 1 / 103 - 104، التلويح على التوضيح 2 / 125 - 126 وغمز عيون البصائر 1 / 335.
(4) سورة الأنعام / 145.
(5) سورة البقرة / 29.
(6) حديث: " ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم. . . " أخرجه الحاكم (2 / 375 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي الدرداء، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 171 - ط القدسي) وعزاه إلى الطبراني والبزار وقال: " إسناده حسن، ورجاله موثقون ".
(7) حديث: " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم. . . " أخرجه الدارقطني (4 / 184 - ط دار المحاسن) من حديث أبي ثعلبة الخشني، وأعله ابن رجب الحنبلي بالانقطاع في سنده والاختلاف في رفعه ووقفه وتصويب وقفه. وكذا في جامع العلوم والحكم ص 261 - ط الحلبي.
(8) الضبة ما يشد به الإناء المكسور.
(9) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 60، غمز عيون البصائر 1 / 223 - 225، مسلم الثبوت 1 / 490، 450، أحكام القرآن لابن العربي 1 / 13، ونهاية السول للأسنوي 4 / 352 - ط عالم الكتب.
(10) سورة الإسراء / 15.
(11) سورة البقرة / 29.
(12) حديث: " لك من الحائض ما فوق الإزار " أخرجه أبو داود (1 / 145 - ط عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري، وإسناده حسن.
(13) حديث: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " أخرجه مسلم (1 / 246 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك.
(14) غمز عيون البصائر 1 / 335 الأشباه والنظائر للسيوطي ص 105، التلويح على التوضيح 2 / 107، المجموع المذهب في قواعد المذهب 1 / 605.
(15) المجموع المذهب في قواعد المذهب 1 / 686.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 74/ 18
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".