الشكور
كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
«يعني جل ثناؤه بقوله: (واسع) أي: يسع خلقه كلهم بالكفاية والاتصال والجود والتدبير» ابن جَرير الطَّبَري "جامع البيان" (1/403)
«وكل سَعَة وإن عظمت فتنتهي إلى طرف والَّذِي لا يَنْتَهِي إلى طرف فَهُوَ أحَق باسم السعَة والله هُوَ الواسِع المُطلق لِأن كل واسع بِالإضافَة إلى ما هُوَ أوسع مِنهُ ضيق وكل سَعَة تَنْتَهِي إلى طرف فالزِّيادَة عَلَيْهِ متصورة وما لا نِهايَة لَهُ ولا طرف فَلا يتَصَوَّر عَلَيْهِ زِيادَة». الغَزالي "المقصد الأسنى" (ص119)
«والواسع المطلق هو الله سبحانه، فهو وسع وجوده جميع الأوقات، بل قبل الأوقات؛ لأنه موجود أزلًا وأبدًا، ووسع علمه جميع المعلومات، فلا يشغله معلوم عن معلوم، ووسعت قدرته جميع المقدروات فلا يشغله شان عن شان، ووسع سمعه جميع السماوات فلا يشغله دعاء عن دعاء، ووسع إحسانه جميع الخلائق فلا يمنعه إغاثة الملهوف عن إغاثة غيره». أَبُو بَكْر الرَّازِي "لوامع البينات" (ص207)
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".