البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه (يُقيتُ)، وأصله من القوت، وهو الشيء الذي يقيت الجسم ويحفظه، واسم المُقيت من أسماء الله الحسنى، وهو يدل على أن الله تعالى هو المتكفّل برزق خلقه، مأكلِهم ومشربِهم، وهو من معونة الله وحفظه. وهو اسم ثابت لله تعالى بالقرآن والسنة، وعليه إجماع الأمة، والعقل دالٌّ عليه.

التعريف

التعريف لغة

المُقيت في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ يُقيتُ)، والأصل فيه القُوتْ، وهو اسم للشيء الذي يقوّي البدن ويحفظه، ولذلك أرجع أهل اللغة هذا الجذر اللغوي إلى معنى الحفظ والقدرة، يقول ابن فارس: «القاف والواو والتاء أصل صحيح يدل على إمساك وحفظ وقدرة على الشيء، من ذلك قوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا﴾ [النساء: 85] أي: حافظًا له شاهدًا عليه، وقادرًا على ما أراد. وقال (وهو الزبير بن عبد المطلب عم النبي ): وذي ضغن كففتُ النفسَ عنه*****وكنت على مساءته مقيتا (أي: قادرًا على معاقبته) ومن الباب: القُوت ما يُمسك الرَّمَق؛ وإنما سُمِّي قوتًا لأنه مِساك البدن وقُوَّته. والقَوت: العَول. يقال: قُتُّه قَوتًا، والاسم القُوت» "المقاييس" (5/38)، وذكر الزجاج أن المقيت في الآية معناه: المقتدر على الشيء. فالمعنى الذي يدل عليه هذا الاسم يرجع إلى: الحفظ، والقدرة.

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على قدرة الله تعالى، وإعانته لخلقه، فالله قادر على كل شيء أراده في خلقه، وهو الذي يعطي خلقه القُوت الذي يقيم حياتهم ويحفظهم، قال الخطابي: «المقيت بمعنى القدير، والمقيت أيضًا: معطي القوت» "شأن الدعاء" (ص68)، وإذا قلنا أن المعنى هو القدرة يكون الاسم من صفات الذات؛ لأنها صفة ذاتية لا تعلق لها بالمخلوقين، وإذا كان الاسم بمعنى الذي يعطي العباد قوتهم ويرزقهم فهي صفة فعلية؛ لتعلُّقِها بالمخلوقين. وقال الشيخ السعدي رحمه الله: «المقيت: الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات، وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء بحكمته وحمده.» "تيسير الكريم الرحمن" (5/625). والأولى من المعنيين هو ما يتفق مع الاشتقاق، وهو معنى الإعانة وإعطاء القوت، وإنما احتُمِل المعنى الثاني وهو القدرة لأنه سُمِع عن العرب، وليس فيه أكثر من السماع. وانظر كلام ابن العربي الذي نقله عنه القرطبي في "الأسنى" (1/275).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنيين واضحة؛ إذ إن استعمال العرب لهذا اللفظ موافق لما ورد في الاصطلاح، وهو معنى الحفظ والإعانة، والقدرة.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل على إثبات صفتي: الحفظ، والقدرة لله تعالى

الأدلة

القرآن الكريم

المقيت في القرآن الكريم
ورد اسم الله تعالى (المقيت) في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ [النساء: 85] قال ابن عاشور في تفسير الآية: «وجملة (وكان الله على كل شيء مقيتًا) تذييل لجملة (من يشفع شفاعة حسنة) الآية، لإفادة أن الله يجازي على كل عمل بما يناسبه من حُسن أو سوء. والمقيت الحافظ، والرقيب، والشاهد، والمقتدر. وأصله عند أبي عبيدة الحافظ. وهو اسم فاعل من أقات إذا أعطى القوت، فوزنه مُفْعِل وَعَيْنُه واو. واستعمل مجازًا في معاني الحفظ والشهادة بعلاقة اللزوم، لأن من يُقيت أحدًا فقد حفظه من الخَصاصة أو من الهلاك، وهو هنا مستعمل في معنى الاطِّلاع، أو مُضَمَّن معناه، كما يُنبيء عنه تعديته بحرف (على)» "التحرير والتنوير" (5 /144)

السنة النبوية

المقيت في السنة النبوية
ورد اسم الله (المقيت) في حديث أبي هريرة في أسماء الله الحسنى: «إنَّ لله تعالى تِسعةً وتِسعينَ اسمًا من أحصاها دَخَل الجَنَّةَ، فذكَرَها وَعَدَّ منها: المقيت» الترمذي (3507) و ابن حبان (808)

الإجماع

اسم الله (المقيت) ثابت بالإجماع، قال القرطبي في كلامه عنه: «وهو متفق عليه» "الأسنى" (1/273)

العقل

اسم الله (المقيت) ثابت لله جل وعلا بقياس الأولى؛ فهو يدل على القدرة وعلى الحفظ، وكلاهما من صفات الكمال، وخلافهما صفات نقص، ومن المعلوم أن كل كمال لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة الُمحدثة فالرب الخالق هو أولى به، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزَّه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق هو أولى أن ينزَّه عنه. انظر "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

من أعظم آثار الإيمان باسم الله (المُقيت) أن يُرزَق العبد التوكل على الله عز وجل في رزقه، وبالأخص في طعامه وشرابه وقوت عياله، فإن العبد الذي يسلّم أمر رزقه لربّه جدير برزق الله وكرمه، فما عليه إلا بذل مقدرته واستطاعته من الأسباب المشروعة معتمدًا على الله لا عليها على الله عز وجل، وهذه حقيقة التوكل، فالنبي يقول: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً» الترمذي (2344) وابن ماجة (4164) وأحمد (205). ومعنى (تغْدُوا خِماصًا): تغدُوا؛ أي: تذهبُ أوَّلَ النهارِ، لأنَّ الغدوة هي أول النهار. وخِماصًا يعني: جائعةً كما قال الله تعالى : ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 3]. مخْمَصة: يعني: مجاعة، (وتَروُحُ) أي: ترجعُ في آخرِ النَّهار، لأنَّ الرَّواح هو آخرُ النَّهارِ، وقوله (بِطانًا) معناه ممتلئةَ البطونِ، من رزقِ الله عزَّ وجلَّ ففي هذا دليلٌ على أنَّه ينبغي للإنسانِ أنْ يعتمِدَ على الله تعالى حقَّ الاعتماد. انظر "شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (1/557).

المظاهر في الكون والحياة

من مظاهر اسم الله المقيت أنَّه ما من دابة في الأرض إلَّا علي اللهِ رزقها، حتى الطير في جو السماء، لا يمسكه في جوِّ السماءِ إلَّا الله، ولا يرزقه إلا الله عزَّ وجلَّ. كلُّ دابةٍ في الأرض، من أصغر ما يكون كالذَرِّ، أو أكبر ما يكون، كالفيلةِ وأشباهِها، فإنَّ على الله رزقُها، كما قال الله : ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ﴾ [هود: من الآية 6]، ولقد ضلَّ ضلالًا مبينًا من أساء الظنَّ بربِّه، فقال لا تُكثروا الأولاد تضيق عليكم الأرزاق! كذبوا وربِّ العرش، فإذا أكثروا من الأولاد أكثر الله في رزقهم، لأنَّه ما من دابةٍ على الأرض إلا علي الله رزقها، فرزقُ أولادك وأطفالك علي اللهِ عزَّ وجلَّ، هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم، لكن كثير من الناسِ عندهم سوءُ ظنٍّ بالله، ويعتمدون على الأمور الماديَّة المنظورةِ، ولا ينظرون إلى المدى البعيد، وإلى قدرة الله عزَّ وجلَّ، وإنَّه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد. أكثرْ من الأولاد تكْثرُ لك الأرزاق، هذا هو الصحيح. وفي هذا دليلٌ – أيضا - على أنَّ الإنسان إذا توكلَّ على الله حقَّ التوكل فليفعل الأسباب. ولقد ضلَّ من قال لا أفعلُ السَّببَ، وأنا متوكِّلٌ، فهذا غير صحيحٍ، المتوكلُّ: هو الذي يفعل الأسباب متوكِّلًا علي الله عزَّ وجلَّ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «كما يرْزقُ الطَّيْرَ تغدُوا خِماصًا» تذهب لتطلب الرزق، ليست الطيور تبقي في أوْكارِها، لكنَّها تغدو وتطلبُ الرِّزقَ، فأنت إذا توكَّلتَ على اللهِ حقَّ التوكُّلِ، فلا بدَّ أن تفعل الأسباب التي شرعَها الله لك من طلبِ الرزقِ من وجهٍ حلالٍ بالزراعة، أو التجارة، بأي شيءٍ من أسباب الرزق، اطلبِ الرزقَ معتمدًا على الله، ييسر الله لك الرزق. انظر " شرح رياض الصالحين" لابن عثيمين (1/558-560).

أقوال أهل العلم

«المقيت: الذي خلق الأقوات وأودع فيها خصائص التغذية، ويوصلها للأشباح والأرواح على ما يناسبها، وهو جل شأنه المقتدر المتكفّل بأرزاق عباده، وذاكره يقوى على مكافحة شهوات النفس» القُشَيْري "شرح الأسماء" (ص154)
«واعلم أن أحوال الأقوات مختلفة؛ فمنهم من جعل قوته المطعومات، ومنهم من جعل قوته الذكر والطاعات، ومنهم من جعل قوته المكاشفات والمشاهدات، فقال في الأولين: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: 29]، وسُئل بعضهم عن القوت فقال: القوت: ذكر الحي الذي لا يموت، وهو صفة الفريق الثاني، وقال عليه السلام: «أَبِيتُ يُطْعِمُني رَبِّي ويَسْقِيني» البخاري (1966)، ومسلم (1103)، والنسائي في "السنن الكبرى" (3265)، وأحمد (7548)، وهو صفة القسم الثالث». الفَخْر الرَّازِي "لوامع البينات" (ص201)
«فيجب على كل مكلف أن يعلم أن لا قائم بمصالح العباد إلا الله سبحانه، وأنه الذي يقوتهم ويرزقهم، وأفضل رزق يرزقه الله العقل، فمن رزقه الله العقل أكرمه، ومن أحرمه ذلك فقد أهانه وأذلّه، فيروى أن جبريل جاء إلى آدم صلوات الله وسلامه عليهما، فقال: إني أتيتك بثلاثة أشياء فاختر منها واحدًا، فقال: ما هي، فقال: العقل والدين والحياء، فقال آدم: اخترت العقل، فخرج جبريل فقال: إنه اختار العقل فانصرِفا، فقال الدين والحياء: إنا أُمرنا أن نكون مع العقل حيث كان، ولهذا قيل: ما خلق الله شيئًا أحسن من العقل، ثم يجب عليه أن يعطي قوت من يمونه، قال : «كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّع من يقوت» أبو داود (1692) وأحمد (2/195)». القُرْطُبي "الأسنى" (1/277)