الحافظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...
مكان يجتمع فيه الماء . ومن أمثلته ما ذكره الفقهاء عن نجاسة، وطهارة ماء الأحواض . ومن شواهده عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ فِي رَكْبٍ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، حَتَّى وَرَدُوا حَوْضًا، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ : يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ، هَلْ تَرِدُ حَوْضَكَ السِّبَاعُ؟ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : " يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ، لَا تُخْبِرْنَا، فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى السِّبَاعِ، وَتَرِدُ عَلَيْنَا . " مالك : 14.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْحَوْضُ فِي اللُّغَةِ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ. وَالْجَمْعُ أَحْوَاضٌ وَحِيَاضٌ. وَحَوْضُ الرَّسُول ﷺ هُوَ الَّذِي يَسْقِي مِنْهُ أُمَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
حَكَى أَبُو زَيْدٍ: سَقَاكَ اللَّهُ بِحَوْضِ الرَّسُول ﷺ وَمِنْ حَوْضِهِ، وَالتَّحْوِيضُ: عَمَل الْحَوْضِ. وَالاِحْتِيَاضُ: اتِّخَاذُهُ. (1)
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ الْحَوْضِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.
التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ:
2 - فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ، فَالْكَثِيرُ يَجُوزُ بِهِ التَّوَضُّؤُ وَالاِغْتِسَال فِيهِ، وَلاَ يَتَنَجَّسُ جَمِيعُهُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي طَرَفٍ مِنْهُ، إِلاَّ أَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ رِيحُهُ، وَالْقَلِيل عَكْسُهُ.
وَأَمَّا نَجَاسَةُ مَكَانِ الْوُقُوعِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي قِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ هِيَ بِالْقُلَّتَيْنِ فَمَا دُونَهُمَا فَهُوَ قَلِيلٌ. (2) وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ حَدَّ لِلْكَثْرَةِ فِي الْمَذْهَبِ (3)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَوْضَ: إِذَا كَانَ بِحَالٍ إِذَا اغْتَسَل إِنْسَانٌ فِي جَانِبٍ مِنْهُ، لاَ يَرْتَفِعُ وَلاَ يَنْخَفِضُ الطَّرَفُ الَّذِي يُقَابِلُهُ، فَهُوَ كَبِيرٌ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ صَغِيرٌ.
وَقَال عَامَّةُ مَشَايِخِهِمُ: الْحَوْضُ إِذَا كَانَ مُرَبَّعًا فَالْكَبِيرُ مَا كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ، وَإِذَا كَانَ مُدَوَّرًا فَمَا كَانَ حَوْلَهُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَقِيل سِتَّةٌ وَثَلاَثُونَ ذِرَاعًا.
وَإِذَا كَانَ مُثَلَّثًا فَمَا كَانَ مِنْ كُل جَانِبٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَرُبْعًا أَوْ خُمُسًا مِنَ الذِّرَاعِ.
وَأَمَّا الصَّغِيرُ فَقِيل: مَا كَانَ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعٍ.
وَقِيل: خَمْسًا فِي خَمْسٍ.
وَقِيل: أَقَل مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ. (4)
وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ فِي تَحْدِيدِ الْحَوْضِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ هُوَ ذِرَاعُ الْمِسَاحَةِ. وَهُوَ سَبْعُ قَبَضَاتٍ فَوْقَ كُل قَبْضَةٍ أُصْبُعٌ، لأَِنَّ ذِرَاعَ الْمِسَاحَةِ بِالْمَمْسُوحَاتِ أَلْيَقُ.
وَفِي ابْنِ عَابِدِينَ: أَنَّ الْمُخْتَارَ عَشْرٌ فِي عَشْرٍ بِذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ، وَهُوَ سَبْعُ قَبَضَاتٍ فَقَطْ. فَيَكُونُ ثَمَانِيًا فِي ثَمَانٍ بِذِرَاعِ زَمَانِنَا. وَذَكَرَ نَقْلاً عَنِ الْهِدَايَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. (5)
وَقِيل: إِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُل زَمَانٍ وَمَكَانٍ ذِرَاعُهُمْ. قَال فِي النَّهْرِ: هُوَ الأَْنْسَبُ.
وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي قَدْرِ عُمْقِهِ عَلَى أَقْوَالٍ: فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ رُفِعَ الْمَاءُ بِكَفِّهِ لاَ يَنْحَسِرُ مَا تَحْتَهُ مِنَ الأَْرْضِ فَهُوَ عَمِيقٌ.
وَقَال الْبَعْضُ الآْخَرُ: الْعَمِيقُ مَا كَانَ بِحَالٍ لَوِ اغْتَرَفَ لاَ تُصِيبُ يَدُهُ وَجْهَ الأَْرْضِ. (6)
وَالتَّفْصِيل فِي (طَهَارَةٌ، وَمِيَاهٌ، وَنَجَاسَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب المحيط، ومختار الصحاح، ومتن اللغة في المادة.
(2) روضة الطالبين 1 / 19، 20، وكشاف القناع 1 / 43، 44، 45، والمغني 1 / 23.
(3) مواهب الجليل 1 / 72، والقوانين الفقهية / 36.
(4) فتح القدير 1 / 55 ط بولاق، ابن عابدين 1 / 131 ط دار إحياء التراث العربي، ومراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي ص16، والفتاوى الهندية 1 / 17، 18، 19، والخانية على هامش الفتاوى الهندية 1 / 5 وما بعدها، والبزازية على هامش الفتاوى الهندية 4 / 5 ط المطبعة الأميرية ببولاق.
(5) المراجع السابقة.
(6) ابن عابدين 1 / 127، والفتاوى الهندية 1 / 17، 18، 19، والخانية على هامش الهندية 1 / 5، 6، 7، 18، والبزازية على هامش الهندية 4 / 5.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 247/ 18