البر
البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...
الخروج للجهاد في سبيل الله؛ لنشر الإسلام، ومقاتلة المعتدين . ومن أمثلته وجوب قتال الكفار، وردهم على أعقابهم إذا داهموا بلاد المسلمين . ومن قوله تَعَالَى : ﱫﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﱪ البقرة :١٩٠ .
الخروج للجهاد في سبيل الله؛ لنشر الإسلام، ومقاتلة المعتدين.
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّبِيل هُوَ الطَّرِيقُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قُل هَذِهِ سَبِيلِي} . (1)
وَسَبِيل اللَّهِ فِي أَصْل الْوَضْعِ هُوَ: الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَيْهِ تَعَالَى، فَيَدْخُل فِيهِ كُل سَعْيٍ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَفِي سَبِيل الْخَيْرِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ الْجِهَادُ (2) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَعَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ: سَبِيل اللَّهِ وَضْعًا هُوَ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى اللَّهِ، وَيَشْمَل جَمِيعَ الْقُرَبِ إِلَى اللَّهِ، إِلاَّ أَنَّهُ عِنْدَ الإِْطْلاَقِ يَنْصَرِفُ إِلَى الْجِهَادِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ فِي الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} (3) وَقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} . (4)
وَمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ " سَبِيل اللَّهِ " إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ الْجِهَادُ إِلاَّ الْيَسِيرَ مِنْهُ فَيُحْمَل عَلَيْهِ.
وَلأَِنَّ الْجِهَادَ هُوَ سَبَبُ الشَّهَادَةِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى اللَّهِ، (وَسَبِيل اللَّهِ) فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ يُعْطَى لِلْغُزَاةِ الْمُتَطَوِّعِينَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ سَهْمٌ فِي دِيوَانِ الْجُنْدِ لِفَضْلِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ لأَِنَّهُمْ جَاهَدُوا مِنْ غَيْرِ أَرْزَاقٍ مُرَتَّبَةٍ لَهُمْ. (5) فَيُعْطُونَ مَا يَشْتَرُونَ بِهِ الدَّوَابَّ وَالسِّلاَحَ، وَمَا يُنْفِقُونَ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ إِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَبِهَذَا قَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: لاَ تَحِل الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلاَّ لِخَمْسَةٍ: لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ غَارِمٍ، أَوْ غَازٍ فِي سَبِيل اللَّهِ، أَوْ مِسْكِينٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى مِنْهَا لِغَنِيٍّ. (6)
وَقَالُوا: وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفَيْنِ، وَعَدَّ بَعْدَهُمَا سِتَّةَ أَصْنَافٍ فَلاَ يَلْزَمُ وُجُودُ صِفَةِ الصِّنْفَيْنِ فِي بَقِيَّةِ الأَْصْنَافِ كَمَا لاَ يَلْزَمُ صِفَةُ الأَْصْنَافِ فِيهِمَا. (7)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تُدْفَعُ إِلاَّ لِمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ بَعْثِ الرَّسُول ﷺ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ وَفِيهِ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ. (8)
فَقَدْ جَعَل النَّاسَ قِسْمَيْنِ: قِسْمًا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَقِسْمًا يُصْرَفُ إِلَيْهِمْ، فَلَوْ جَازَ صَرْفُ الصَّدَقَةِ إِلَى الْغَنِيِّ لَبَطَل الْقِسْمَةُ، وَهَذَا لاَ يَجُوزُ. (9)
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَفِي سَبِيل اللَّهِ} الْحَاجُّ الْمُنْقَطِعُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً جَعَل بَعِيرًا لَهُ فِي سَبِيل اللَّهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ: أَنْ يَحْمِل عَلَيْهِ الْحُجَّاجَ (10) وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ رَجُلاً جَعَل جَمَلاً لَهُ فِي سَبِيل اللَّهِ فَأَرَادَتِ امْرَأَتُهُ الْحَجَّ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: فَهَلاَّ خَرَجَتْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيل اللَّهِ. (11) وَعَنْ أَبِي طَلِيقٍ: قَال: طَلَبَتْ مِنِّي أُمُّ طَلِيقٍ جَمَلاً تَحُجُّ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: قَدْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيل اللَّهِ، فَسَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَال: صَدَقْتَ، لَوْ أَعْطَيْتَهَا كَانَ فِي سَبِيل اللَّهِ. (12)
وَيُؤْثَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُمَا قَالاَ: سَبِيل اللَّهِ: الْحَجُّ، وَقَال ابْنُ عُمَرَ ﵄: سَبِيل اللَّهِ الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ.
وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: سَبِيل اللَّهِ طَلَبَةُ الْعِلْمِ. وَقَال الْفَخْرُ الرَّازِيَّ فِي تَفْسِيرِهِ: " ظَاهِرُ اللَّفْظِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَفِي سَبِيل اللَّهِ} لاَ يُوجِبُ الْقَصْرَ عَلَى الْغُزَاةِ، فَلِهَذَا نَقَل الْقَفَّال فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ أَجَازُوا صَرْفَ الصَّدَقَاتِ إِلَى جَمِيعِ وُجُوهِ الْخَيْرِ مِنْ تَكْفِينِ الْمَوْتَى، وَبِنَاءِ الْحُصُونِ، وَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ؛ لأَِنَّ سَبِيل اللَّهِ عَامٌّ فِي الْكُل. (13)
وَتَفْصِيل الْكَلاَمِ عَنْ مَصْرِفِ سَبِيل اللَّهِ فِي (زَكَاةٍ: ف 172)
__________
(1) سورة يوسف / 108.
(2) مختار الصحاح وبدائع الصنائع 2 / 45 - 46، وفتح القدير 2 / 250، وابن عابدين 2 / 60، ونهاية المحتاج 6 / 158، والقليوبي 3 / 198، وروض الطالب 2 / 398، والمغني 6 / 435، وكشاف القناع 2 / 283.
(3) سورة البقرة / 190.
(4) سورة الصف / 4.
(5) المصادر السابقة.
(6) حديث: " لا تحل الصدقة إلا لخمسة. . . " أخرجه أحمد (3 / 56 - ط الميمنية) وأخرج شطرًا منه الحاكم (1 / 407 - 408 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(7) المصادر السابقة.
(8) حديث ابن عباس: " أخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 357 - ط السلفية) .
(9) بدائع الصنائع 2 / 46، وابن عابدين 2 / 60، وفتح القدير 2 / 205.
(10) حديث: " أن رجلاً جعل بعيرًا له في سبيل الله ". استشهد به الكاساني في بدائع الصنائع (2 / 46 - نشر دار الكتاب العربي) ، وذكره الزيلعي في نصب الراية (2 / 395 - ط المجلس العلمي) ولم يعزه إلى أي مصدر حديثي، وإنما أشار إلى الحديث الذي يليه في هذا البحث.
(11) حديث: " فهلا خرجت عليه، فإن الحج في سبيل الله ". أخرجه أبو داود (2 / 504 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وأعله الشوكاني بجهالة راو فيه، وبالاضطراب في سنده. كذا في نيل الأوطار (4 / 191 - ط الحلبي) .
(12) حديث: " أبي طليق قال: طلبت. . . " أخرجه البزار (كشف الأستار 2 / 38 - 39 - ط الرسالة) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، مجمع الزوائد (3 / 280 - ط القدسي) .
(13) ابن عابدين 2 / 60، وتفسير الرازي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 166/ 24