التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
النقد المغشوش المزيف، سواء كان دنانير، أو دراهم، أو غيرها . ومن أمثلته ما ذكره الفقهاء من حرمة التعامل بالعملة الستوقة . ومن شواهده الحديث الشريف : " مَنْ غَشَّنَا، فَلَيْسَ مِنَّا . " مسلم : 43.
النقد المغشوش المزيف، سواء كان دنانير، أو دراهم، أو غيرها.
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّتُّوقَةُ - بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا مَعَ تَشْدِيدِ التَّاءِ -: مَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْغِشُّ مِنَ الدَّرَاهِمِ (1) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْفَتْحِ: السَّتُّوقَةُ هِيَ الْمَغْشُوشَةُ غِشًّا زَائِدًا، وَهِيَ تَعْرِيبُ " سي توقه " أَيْ ثَلاَثُ طَبَقَاتٍ، طَبَقَتَا الْوَجْهَيْنِ فِضَّةً وَمَا بَيْنَهُمَا نُحَاسٌ وَنَحْوُهُ (2) .
وَفِي التتارخانية: أَنَّ السَّتُّوقَةَ هِيَ مَا يَكُونُ الطَّاقُ الأَْعْلَى فِضَّةً وَالأَْسْفَل كَذَلِكَ وَبَيْنَهُمَا صُفْرٌ، وَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ (3) .
وَالْحَنَفِيَّةُ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَالاً لِهَذَا اللَّفْظِ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الدَّرَاهِمُ الْجِيَادُ:
2 - الدَّرَاهِمُ الْجِيَادُ فِضَّةٌ خَالِصَةٌ تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ وَتُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَال. ب - الزُّيُوفُ:
3 - الزُّيُوفُ النُّقُودُ الرَّدِيئَةُ، يَرُدُّهَا بَيْتُ الْمَال، وَلَكِنْ يَأْخُذُهَا التُّجَّارُ.
وَكَذَلِكَ النَّبَهْرَجُ وَالْبَهْرَجُ: الرَّدِيءُ مِنَ الشَّيْءِ، وَدِرْهَمٌ نُبَهْرَجٌ أَوْ بَهْرَجٌ أَوْ مُبَهْرَجٌ أَيْ رَدِيءُ الْفِضَّةِ، وَهُوَ مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ، وَقِيل: هُوَ مَا ضُرِبَ فِي غَيْرِ دَارِ السُّلْطَانِ.
وَالزُّيُوفُ أَجْوَدُ، وَبَعْدَهَا النَّبَهْرَجَةُ، وَبَعْدَهُمَا السَّتُّوقَةُ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الزَّغْل الَّتِي نُحَاسُهَا أَكْثَرُ مِنْ فِضَّتِهَا (4) .
الْمُعَامَلَةُ بِالسَّتُّوقَةِ:
4 - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ جَوَازَ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ. وَيَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ أَنْ يُبَاعَ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لاَ يَغُشُّ بِهِ بَل يَتَصَرَّفُ بِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، كَتَحْلِيَةٍ أَوْ تَصْفِيَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَيُكْرَهُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ عِنْدَهُمْ لِمَنْ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ بِأَنْ شَكَّ فِي غِشِّهِ، وَيَفْسَخُ بَيْعُهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ، فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ (5) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: بِتَحْرِيمِ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (6) وَبِأَنَّ عُمَرَ ﵁ نَهَى عَنْ بَيْعِ نُفَايَةِ بَيْتِ الْمَال، وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ مَجْهُولٌ أَشْبَهَ تُرَابَ الصَّاغَةِ (7) .
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ - وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْل مَالِكٍ - إِلَى كَرَاهَةِ الْمُعَامَلَةِ بِالسَّتُّوقَةِ لأَِنَّ الْمُعَامَلَةَ بِهَا دَاعِيَةٌ إِلَى إِدْخَال الْغِشِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَفْعَل بِاللَّبَنِ أَنَّهُ إِذَا غُشَّ طَرَحَهُ فِي الأَْرْضِ أَدَبًا لِصَاحِبِهِ، فَإِجَازَةُ الْمُعَامَلَةِ بِالسَّتُّوقَةِ إِجَازَةٌ لِغِشِّ الدَّرَاهِمِ وَإِفْسَادٍ لأَِسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَاقِبَ صَاحِبَ الدِّرْهَمِ السَّتُّوقِ إِذَا أَنْفَقَهُ وَهُوَ يَعْرِفُهُ. وَقَال الْكَاسَانِيُّ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ - أَبُو يُوسُفَ - احْتِسَابٌ حَسَنٌ فِي الشَّرِيعَةِ (8) .
بَيْعُ السَّتُّوقَةِ بِالْجِيَادِ:
5 - لاَ يَجُوزُ بَيْعُ السَّتُّوقَةِ بِالْجِيَادِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا كَانَتِ الْجِيَادُ أَكْثَرَ مِنَ الْفِضَّةِ فِي السَّتُّوقَةِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ جَوَازَ بَيْعِ مَغْشُوشٍ بِخَالِصٍ. أَمَّا عَلَى الأَْظْهَرِ فَهُمْ لاَ يُجِيزُونَ بَيْعَ الْمَغْشُوشِ بِخَالِصٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ (9) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: صَرْفٌ) .
أَخْذُ السَّتُّوقَةِ فِي الْجِزْيَةِ:
6 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الإِْمَامِ أَخْذُ السَّتُّوقَةِ فِي الْجِزْيَةِ، لأَِنَّ فِي ذَلِكَ تَضْيِيعَ حَقِّ بَيْتِ الْمَال (10) .
__________
(1) التعريفات للجرجاني، والمغرب، ومتن اللغة، والقاموس.
(2) ابن عابدين 3 / 133.
(3) ابن عابدين 4 / 218.
(4) ابن عابدين 4 / 218.
(5) الدسوقي 3 / 43، وتكملة المجموع 10 / 106، وروضة الطالبين 2 / 258، والمغني 4 / 58.
(6) حديث: " من غشنا فليس منا ". أخرجه مسلم (1 / 99 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(7) روضة الطالبين 2 / 258، والمغني 4 / 57، 58.
(8) بدائع الصنائع 7 / 395، والمدونة 4 / 444.
(9) الفتاوى الهندية 3 / 219، والدسوقي 3 / 43، وتكملة المجموع 10 / 83، والمغني 4 / 10.
(10) ابن عابدين 3 / 133.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 188/ 24