البحث

عبارات مقترحة:

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير العطاء، أو العظيم الجليل، أو من يُكثر العفو عن الناس، ومن المعلوم أن الصفة المشبهة تدل على الثبات، ودوام تعلق الصفة بالموصوف، واسم (الكريم) هو أحد أسماء الله الحسنى، ويدل على اتصاف الله بالكرم، بمعنى أنه جوادٌ يعطي بلا عوض، وأنه يعفو ويصفح عن الذنوب، وأنه عزيز جليلٌ في ذاته سبحانه وتعالى، وهو اسم ثابت لله في القرآن والسنة، وأجمعت عليه الأمة ودل العقل عليه

التعريف

التعريف لغة

كَرُمَ الرجل فهو كريم، وقوم كِرام وكرماء، وصف على وزن (فعيل) من الكَرَم، والعرب تستعمل الكرم عامًّا في بني آدم وغيرهم، فتقول لكل ذات شريفة، أو لكل ذاتٍ صدَرَ منها منفعة وخير هي كريمة، وهو اسم تردد فيه كلامهم، وأخذوا بكل طرف منه، وحوّموا عليه فما أشفوا. انظر "الأسنى" للقرطبي (1/105)، وله معانٍ كثيرة، قال الزجاجي: «الكريم: الجواد، والكريم: العزيز، والكريم: الصفوح، هذه ثلاثة أوجه للكريم في كلام العرب» انظر للاستزادة "اشتقاق الأسماء" (ص176).

التعريف اصطلاحًا

اسم من أسماء الله تعالى، يدل على صفة الكرم القائمة بالله سبحانه، وهو اسم متردد بين أن يكون من أسماء الذات أو من أسماء الأفعال؛ فعلى أنه جواد كثير الخير، صفوح عن الذنب، لا بد من متعلَّق يُنعِم عليه ويصفح عنه، فيكون حينئذٍ من أسماء الأفعال ويكون كرمه ما يصدر عنه من الإفضال والإنعام على خلقه. وعلى أنه بمعنى العزيز الجليل يكون غير مقتضٍ مفعولًا في أحد وجوهه، لأنه بمعنى نفي النقائص عنه ووصفه بجميع المحامد، فيكون حينئذٍ من أسماء الذات إذ ذلك راجع إلى شرفه في ذاته وجلالة صفاته. انظر "الأسنى" للقرطبي (1/112).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

إن ما دلت عليه اللغة، وما دل عليه الكتاب والسنة من معنى اسم الله (الكريم) متفقان غير مختلفين، وهو إثبات صفة الكرم لله تعالى، فهو استعمال العرب الذين نزلت نصوص الوحيين بلغتهم.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل اسم الكريم على إثبات صفتي الكرم: الذاتية والفعلية لله سبحانه وتعالى، فالأولى بمعنى: الجلال والشرف، والثانية بمعنى: المنعم والمتفضّل على خلقه.

الفروق

الفرق بين الكريم و الأكرم

سبق الحديث في المعنى الاصطلاحي عن هذا التفريق، وهو مرتبط بفكرة تعدّي معنى الاسم إلى المخلوقات أو عدمه، قال القرطبي: «وإذا أردت التفرقة بين (الأكرم) و(الكريم) جعلت الأكرم الوصف الذاتي والكريم الوصف الفعلي» "الأسنى" (ص236). انظر: الأكرم

الفرق بين الكريم و الجواد

الفرق بينهما أن الكريم أوسع من الجواد، قال أبو هلال العسكري: «الفرق بين الكرم والجود أن الجود هو الذي ذكرناه (يعني: كثرة العطاء من غير سؤال)، والكرم يتصرف على وجوه، فيقال لله تعالى: كريم، ومعناه أنه عزيز، وهو من صفات ذاته، ومنه قوله تعالى: ﴿ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ﴾؛ أي: العزيز الذي لا يغلب، ويكون بمعنى الجواد المفضال، فيكون من صفات فعله …». وذكر معانيَ وأقوالًا أخرى. يُنظر للاستزادة "الفروق" (ص 143). انظر: الجواد

الأدلة

القرآن الكريم

الكريم في القرآن الكريم
ورد اسمه تعالى (الكريم) في القرآن مرتين وهما: قوله تعالى: ﴿ياأيُّها الإنسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ﴾ [الانفطار: 6] وقوله تعالى: ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40] أما ما ذكره بعضهم من أن قوله تعالى: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: 116] أنه اسم لله فليس بصحيح؛ لأنه مجرور على أنه صفة للعرش، وقد يقال أنه إنما وُصف بأنه كريم باعتبار من استوى عليه، ولكن لا يثبت به وصف الله بالكرم فضلًا عن تسميته بالكريم. قال الهَرَرِيّ: «وإنما خص العرش بالذكر؛ لأنه أعظم المخلوقات، ووصفَ العرش بالكريم، لنزول الرحمة والخير منه، أو باعتبار من استوى عليه، كما يقال بيت كريم، إذا كان ساكنوه كرامًا. وقيل: معنى الكريم الرفيع المرتفع كما فى " الخازن "» "حدائق الروح والريحان" (19/178).

السنة النبوية

الكريم في السنة النبوية
حديث عوف بن مالك رضي الله عنه في الدعاء على الجنازة: «… اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرِمْ نُزُلَه، ووسع مدخله …» مسلم (963). وكذا حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، وقول الأعرابي للنبي : «والذي أكرمك بالحق؛ لا أتطوع شيئًا …». رواه البخاري (1891). فهي صفة الكرم القائمة فيه، المتعدّية إلى خلقه سبحانه، بها يُكرم خلقه ويرفعهم، وهو من قبيل الإفضال والإنعام عليهم. ومن أقوال الصحابة الأثرُ الذي ورد عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنهما كانا يقولان في السعي بين الصفا والمروة: «رب اغفر وارحم، وتجاوز عمّا تعلم؛ إنك أنت الأعزُّ الأكرم» رواه الطبراني في "الدعاء" (870)، والبيهقي في "السنن" (5/‏95) موقوفًا على ابن مسعود، ورواه ابن أبي شيبة (4/‏69) موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما

الإجماع

نقل القرطبي إجماع الأمة على اسم الله (الكريم). وقال أيضًا: «ويجوز إجراؤه على العبد وصفًا من غير خلاف» انظر "الأسنى" (1/99).

العقل

يُثبت العقلُ كرمَ الله بالمعنيين (العزة والإنعام) بقياس الأولى؛ فالكرم صفة كمال، وخلافه صفة نقص، ومن المعلوم أن كل كمال لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة الُمحدثة فالرب الخالق هو أولى به، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزَّه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق هو أولى أن ينزَّه عنه. انظر "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

من آثار الإيمان بهذا الاسم محبة الله؛ لكرمه وجوده ونعمه التي لا تُعَدُّ ولا تحصى، ثم السعي لتحقيق أثر هذه المحبة القلبية من خلال الأعمال القولية والفعلية، فيصرف العبد حينئذ جميع ما أكرمه الله به وأنعم به عليه في طاعة الله وفعل ما يحب يرضى واجتناب ما يكره ويسخط، ثم إن كان هذا كله لزم منه أن يحبه الله عز وجل، كما قال سبحانه: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 31]، فإن أحبه رزقه معيّته ونصره وأعانه، وأدام عليه نِعَمه بشكره. الحياء مع الله سبحانه وتعالى والخوف منه والتأدب معه، إذ إنه رغم المعاصي التي يبارزه بها عبده إلا أنه لم يمنع عنه عطاءه ولم يقطع عنه إمداده. ومن أعظم منح الله تعالى إذا آمن باسمه (الكريم) أن يرزقه: التوكل عليه، وتفويض الأمور إليه، والطلب منه سبحانه دون غيره، لأنه وحده الكريم بلا سبب، وبلا حد، وبلا مقابل. من عرف أن الله كريم الذات والصفات؛ نزّهه عن النقائص والآفات تنزيهًا خاصًّا لا يكون لمن سواه، إذ هو الكامل التام على الإطلاق من كل وجه وفي كل حال، بخلاف الخلق الذين إن كرموا من وجه نقصوا من وجه آخر. انظر للاستزادة "ولله الأسماء الحسنى" لعبد العزيز الجليّل (12 /511)

المظاهر في الكون والحياة

من مظاهر كرم الله عز وجل خلقه الإنسان، وجعله على الصورة التي هو عليها، وما رزقه من الإنسانية التي صار بها أعز وأكرم المخلوقات على الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ [الانفطار: 6-8] «إن هذا الخطاب: (يا أيها الإنسان) ينادي في الإنسان أكرم ما في كيانه، وهو "إنسانيته" التي بها تميز عن سائر الأحياء؛ وارتفع إلى أكرم مكان؛ وتجلى فيها إكرام الله له، وكرمه الفائض عليه. ثم يعقبه ذلك العتاب الجميل الجليل: (ما غرك بربك الكريم؟!) يا أيها الإنسان الذي تكرم عليك ربك، راعيك ومربيك، بإنسانيتك الكريمة الواعية الرفيعة.. يا أيها الإنسان ما الذي غرك بربك، فجعلك تقصر في حقه، وتتهاون في أمره، ويسوء أدبك في جانبه؟ وهو ربك الكريم، الذي أغدق عليك من كرمه وفضله وبره؛ ومن هذا الإغداق إنسانيتك التي تميزك عن سائر خلقه، والتي تميز بها وتعقل وتدرك ما ينبغي وما لا ينبغي في جانبه.» انظر "في ظلال القرآن" لسيد قطب (6 /3847). وجسم الإنسان مليئ بالآيات التي يضيق المكان عن ذكرها فضلًا عن تفصيلها، بدءًا من دماغ الإنسان وقلبه، وليس انتهاءً بأدق التفاصيل في مختلف أجهزة جسمه. ثم فطرته التي فطر الإنسان عليها وجعلها قائدة له لمعرفة الله والإيمان به، وأهّلَه بها للخلافة في الأرض يغيّر فيها ويبدّل، وينتج فيها وينشئ، ويركب ويحلل، ويبلغ بها كماله النسبيَّ في الحياة.

أقوال أهل العلم

«إنه الذي يبدأ النعمة قبل الاستحقاق، ويتبرع بالإحسان من غير استثابة، ويغفر الذنب، ويعفو عن المسيء، ويقول الداعي في دعائه: يا كريم العفو، فقيل: إنه من كرم عفوه أن العبد إذا تاب عن السيئة محاها عنه، وكتب له مكانها حسنة» الخطابي "شأن الدعاء" (ص71)
«هو الذي إذا قدر عفا، وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى، وإن رفعت حاجة إلى غيره لا يرضى، وإذا جفي عاتب وما استقصى، ولا يضيع من لاذ به والتجأ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء، فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلف فهو الكريم المطلق، وذلك لله سبحانه وتعالى فقط» الغزالي "المقصد الأسنى" (ص117).
«ولا شك في كثرة المنافع التي منَّ الله تعالى بها على عباده، ابتداء منه وتفضلًا، فهو باسم الكريم أحق من كل كريم» الحليمي "المنهاج" (1/201)