الحميد
(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...
امْتِلاَء البطن الشديد من الطعام . ومن أمثلته كراهة امْتِلاَء البطن الشديد بالشبع من الطعام والشراب . ومن شواهده عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ : أَكَلْتُ ثَرِيدَةً مِنْ خُبْزِ بُرٍّ بِلَحْمٍ سَمِينٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَجَعَلْتُ أَتَجَشَّأُ . فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "اكْفُفْ مِنْ جُشَائِكَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا شِبَعًا أَكْثَرُهُمْ فِي الْآخِرَةِ جُوعًا ." أوسط الطبراني : 3746.
الشِّبَعُ: الاِمْتِلاءُ مِن الشَّيْءِ، ومِنْهُ الاِمْتِلاءُ مِن الطَّعامِ، يُقال: أَشْبَعَ الرَّجُلُ ضَيْفَهُ: إذا أطْعَمَهُ حتّى امْتَلَأَ بَطْنُهُ مِن الطَّعامِ. وضِدُّه: الجُوعُ. ويأْتي الشِّبَعُ بِمعنى المَلَلِ، يُقال: شَبِعَ مِن الأَمْرِ: إذا مَلَّهُ وسَئِمَهُ. ومِن مَعانِيهِ أيضاً: الزِّيادَةُ والكِفايَةُ.
يَرِد مُصْطلَح (شِبَع) في الفقه في عِدَّة مواطِن، منها: كتاب النِّكاح، باب: وَلِيمَة العُرْسِ، وفي كتاب الصَّيْدِ والذَّبائِحِ، باب: شُروط الصَّيْدِ، وباب: أَدب الطَّعامِ، وفي كتاب النِّكاحِ، باب: الرَّضاع، وفي كِتاب الحُدودِ، باب: حَدّ السَّرِقَةِ، وفي كتاب الجامع للآداب، باب: آداب الأكل.
شبع
امْتِلاَء البطن الشديد من الطعام.
* العين : (1/265)
* تهذيب اللغة : (1/284)
* المحكم والمحيط الأعظم : (1/385)
* مختار الصحاح : (ص 160)
* لسان العرب : (8/171)
* تحرير ألفاظ التنبيه : (ص 171)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 256)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (25/332) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الشِّبَعُ: مَعْرُوفٌ لُغَةً وَاصْطِلاَحًا (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْبِطْنَةُ:
2 - الْبِطْنَةُ لُغَةً: الاِمْتِلاَءُ الشَّدِيدُ مِنَ الطَّعَامِ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشِّبَعِ:
الأَْكْل مِنَ الطَّعَامِ الْحَلاَل فَوْقَ الشِّبَعِ:
3 - مِنْ آدَابِ الأَْكْل الاِعْتِدَال فِي الطَّعَامِ وَعَدَمُ مِلْءِ الْبَطْنِ، وَأَكْثَرُ مَا يَسُوغُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَل الْمُسْلِمُ بَطْنَهُ أَثْلاَثًا: ثُلُثًا لِلطَّعَامِ وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ وَثُلُثًا لِلنَّفَسِ؛ لِحَدِيثِ: مَا مَلأََ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ (3) . وَلاِعْتِدَال الْجَسَدِ وَخِفَّتِهِ؛ لأَِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الشِّبَعِ ثِقَل الْبَدَنِ، وَهُوَ يُورِثُ الْكَسَل عَنِ الْعِبَادَةِ وَالْعَمَل، وَيُعْرَفُ الثُّلُثُ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى ثُلُثِ مَا كَانَ يَشْبَعُ بِهِ، وَقِيل يُعْرَفُ بِالاِقْتِصَارِ عَلَى نِصْفِ الْمُدِّ، وَاسْتَظْهَرَ النَّفْرَاوِيُّ الأَْوَّل لاِخْتِلاَفِ النَّاسِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ مَنْ لاَ يُضْعِفُهُ قِلَّةُ الشِّبَعِ، وَإِلاَّ فَالأَْفْضَل فِي حَقِّهِ اسْتِعْمَال مَا يَحْصُل لَهُ بِهِ النَّشَاطُ لِلْعِبَادَةِ، وَاعْتِدَال الْبَدَنِ (4) .
وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: الأَْكْل عَلَى مَرَاتِبَ: فَرْضٍ: وَهُوَ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلاَكُ، فَإِنْ تَرَكَ الأَْكْل وَالشُّرْبَ حَتَّى هَلَكَ فَقَدْ عَصَى.
وَمَأْجُورٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ الصَّلاَةِ قَائِمًا، وَيُسَهِّل عَلَيْهِ الصَّوْمَ.
وَمُبَاحٌ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الشِّبَعِ لِتَزْدَادَ قُوَّةُ الْبَدَنِ وَلاَ أَجْرَ فِيهِ وَلاَ وِزْرَ وَيُحَاسَبُ عَلَيْهِ حِسَابًا يَسِيرًا إِنْ كَانَ مِنْ حِلٍّ.
وَحَرَامٌ، وَهُوَ الأَْكْل فَوْقَ الشِّبَعِ إِلاَّ إِذَا قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ، أَوْ لِئَلاَّ يَسْتَحْيِ الضَّيْفُ فَلاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ فَوْقَ الشِّبَعِ (5) .
وَقَال ابْنُ الْحَاجِّ: الأَْكْل فِي نَفْسِهِ عَلَى مَرَاتِبَ، وَاجِبٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمُبَاحٌ، وَمَكْرُوهٌ. وَمُحَرَّمٌ. فَالْوَاجِبُ: مَا يُقِيمُ بِهِ صُلْبَهُ لأَِدَاءِ فَرْضِ رَبِّهِ؛ لأَِنَّ مَا لاَ يُتَوَصَّل إِلَى الْوَاجِبِ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَالْمَنْدُوبُ: مَا يُعِينُهُ عَلَى تَحْصِيل النَّوَافِل وَعَلَى تَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ.
وَالْمُبَاحُ: الشِّبَعُ الشَّرْعِيُّ. وَالْمَكْرُوهُ: مَا زَادَ عَلَى الشِّبَعِ قَلِيلاً وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ، وَالْمُحَرَّمُ: الْبِطْنَةُ. وَهُوَ الأَْكْل الْكَثِيرُ الْمُضِرُّ لِلْبَدَنِ (6) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُل مِنَ الطَّعَامِ الْحَلاَل فَوْقَ شِبَعِهِ (7) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لاَ يُؤْذِيهِ (8) . وَفِي الْفُتْيَةِ: يُكْرَهُ مَعَ خَوْفِ تُخَمَةٍ. وَنُقِل عَنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ كَرَاهَةُ الأَْكْل الْمُؤَدِّي إِلَى التُّخَمَةِ كَمَا نُقِل عَنْهُ تَحْرِيمُهُ (9) .
شِبَعُ الْمُضْطَرِّ مِنَ الْمَيْتَةِ:
4 - إِذَا كَانَتِ الضَّرُورَةُ مَرْجُوَّةَ الزَّوَال، فَيُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَيَأْمَنُ مَعَهُ الْمَوْتَ، بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الشِّبَعِ بِالإِْجْمَاعِ (10) .
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الشِّبَعِ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّ لِلْمُضْطَرِّ أَكْل مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ فَقَطْ. وَلَيْسَ لَهُ الشِّبَعُ لأَِنَّهُ بَعْدَ سَدِّ الرَّمَقِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ كَمَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالأَْكْل وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ (11) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ - وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ - أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَجُوزُ لَهُ أَكْل الْمَيْتَةِ حَتَّى يَشْبَعَ؛ لأَِنَّ الضَّرُورَةَ تَرْفَعُ التَّحْرِيمَ فَيَعُودُ مُبَاحًا، وَمِقْدَارُ الضَّرُورَةِ هُوَ مِنْ حَالَةِ عَدَمِ الْقُوتِ إِلَى حَالَةِ وُجُودِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ إِنْ تَوَقَّعَ حَلاَلاً قَرِيبًا لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ الرَّمَقِ، وَإِلاَّ فَفِي قَوْلٍ: يَشْبَعُ، وَالأَْظْهَرُ سَدُّ الرَّمَقِ إِلاَّ أَنْ يَخَافَ تَلَفًا إِنِ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ فَتُبَاحُ لَهُ الزِّيَادَةُ بَل تَلْزَمُهُ لِئَلاَّ يُهْلِكَ نَفْسَهُ (12) .
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ: (أَكْل، سَدُّ الرَّمَقِ، ضَرُورَة) .
__________
(1) مختار الصحاح ومتن اللغة ولسان العرب مادة (شبع) وابن عابدين 5 / 215.
(2) مختار الصحاح ومتن اللغة.
(3) حديث: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ". أخرجه الترمذي (4 / 590 - ط الحلبي) من حديث المقدام بن معدي يكرب وقال: " حديث حسن صحيح ".
(4) الآداب الشرعية 3 / 199.
(5) الفتاوى الهندية 5 / 336 وانظر الآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 210.
(6) المدخل 1 / 212.
(7) روضة الطالبين 3 / 291.
(8) الآداب الشرعية 3 / 199، والفروع 5 / 302.
(9) الفروع 5 / 302، الاختيارات 245.
(10) المغني مع الشرح الكبير 11 / 73، ومغني المحتاج 4 / 307.
(11) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 95 تحقيق محمد مطيع الحافظ، والمجموع 9 / 40، 52، ومغني المحتاج 4 / 307، ومطالب أولي النهى 6 / 318، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55.
(12) الدسوقي 2 / 115، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 55 - 56، والمجموع 9 / 40، ومغني المحتاج 4 / 307، والمغني مع الشرح الكبير 11 / 73.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 332/ 25