الودود
كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...
الكف عن القراءة مطلقاً، والانتقال منها إلى حالة أخرى غير القراءة
البَتْرُ، تَقولُ: قَطَعْتُ العُضْوَ إِذَا بَتَرْتَهُ، وَأَصْلُ القَطْعِ: فَصْلُ وَإِبَانَةُ الشَّيءِ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ، يُقالُ: قَطَعْتُ الشَّيْءَ أَقْطَعُهُ قَطْعًا وَقَطِيْعَةً أَيْ فَصَلْتُهُ، وضِدُّهُ الوَصْلُ، وَالقِطْعَةُ: الحِصَّةُ المَفْصولَةُ مِنْ شَيْءٍ، وَيَأْتِي القَطْعُ بِمَعْنَى: الهَجْرِ وَالتَّفْرِيقِ، وَالتَّقاطُعُ: التَّهاجُرُ، وَمِنْ مَعانِي القَطْعِ أَيْضًا: البَتُّ والقَصُّ والعُبُورُ.
يَرِدُ مُصْطَلَحُ (قَطْعٍ) فِي مَوَاطِنَ أُخْرَى مِنْهَا: كِتابُ الحَجِّ فِي بَابِ مَحْظوراتِ الإِحرامِ، وَكِتَابُ الذَّبائِحِ فِي بَابِ صِفَةِ الذَّكَاةِ، وَكِتَابِ الصَّيْدِ، وَكِتَابُ القِصَاصِ فِي شُروطِ القِصَاصِ، وَكِتَابِ حَدِّ الحِرابَةِ. وَيُطْلَقُ أَيْضًا بِمَعْنَى: (تَرْكُ إِكْمَالُ العِبَادَةِ بَعْدَ الشُّروعِ فِيهَا) وَذَلِكَ فِي كِتابِ الصَّلاَةِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلاَةِ وَبَابِ خُطْبَةِ الجُمَعَةِ، وكِتَابِ الصِّيامِ فِي بَابِ مُفْسِداتِ الصَّوْمِ. وَيُطْلَقُ فِي كِتابِ الحِرابَةِ وَيُرادُ بِهِ: (التَّعَرُّضُ لِلنَّاسِ بِالسِّلاَحِ جَهْرا لِأَخْذِ مَالِهِمْ أَوْ لِقَتْلِهِمْ أَوْ لِإِرْهابِهِمْ) وَيُسَمَّى: حِرابَةً.
قطع
إبانة الجزء من الكل.
* جمهرة اللغة : (2/ 915)
* مقاييس اللغة : (5/ 101)
* المحكم والمحيط الأعظم : (1/ 159)
* تاج العروس : (22/ 24)
* مقاييس اللغة : 101/5 - التوقيف على مهمات التعاريف : 273/1 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : 508/2 - الـمغني لابن قدامة : 287/8 - رد المحتار على الدر المختار : 440/1 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقَطْعُ فِي اللُّغَةِ: إِبَانَةُ جُزْءٍ مِنَ الْجِرْمِ، يُقَال: قَطَعْتُ الْحَبْل قَطْعًا: فَصَلْتُ مِنْهُ جُزْءًا (1) ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَعَانِي: فَكُل مَنْ شَرَعَ فِي أَمْرٍ مِنَ الأُْمُورِ فَلَمْ يُكْمِلْهُ يُقَال: إِنَّهُ قَطَعَهُ، فَمَنْ تَحَلَّل عَنِ الصَّلاَةِ بِالسَّلاَمِ قَبْل إِتْمَامِهَا، أَوْ أَتَى مَا يُبْطِلُهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَقَدْ قَطَعَ صَلاَتَهُ (2) وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقَطْعِ:
تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الْقَطْعِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضُوعِ الْقَطْعِ:
قَطْعُ الْعِبَادَةِ:
2 - قَطْعُ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِلاَ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ غَيْرُ جَائِزٍ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ قَطْعَهَا بِلاَ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ عَبَثٌ يَتَنَافَى مَعَ حُرْمَةِ الْعِبَادَةِ، وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ إِفْسَادِ الْعِبَادَةِ، قَال تَعَالَى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (3) ، أَمَّا قَطْعُهَا بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَمَشْرُوعٌ، فَتُقْطَعُ الصَّلاَةُ لِقَتْل حَيَّةٍ وَنَحْوِهَا لِلأَْمْرِ بِقَتْلِهَا، وَخَوْفِ ضَيَاعِ مَالٍ لَهُ قِيمَةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلإِِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ، وَتَنْبِيهِ غَافِلٍ أَوْ نَائِمٍ قَصَدَتْ إِلَيْهِ نَحْوَ حَيَّةٍ، وَلاَ يُمْكِنُ تَنْبِيهُهُ بِتَسْبِيحٍ، وَيُقْطَعُ الصَّوْمُ لإِِنْقَاذِ غَرِيقٍ، وَخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ رَضِيعٍ (4) .
أَمَّا قَطْعُ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: لاَ يَجُوزُ قَطْعُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِلاَ عُذْرٍ كَالْفَرْضِ وَيَجِبُ إِتْمَامُهُ، لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ، وَيَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَلاَ يَجُوزُ إِبْطَالُهُ، لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يَجُوزُ قَطْعُ التَّطَوُّعِ، عَدَا الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، لِحَدِيثِ الْمُتَنَفِّل أَمِيرُ نَفْسِهِ (5) وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ إِتْمَامُهُ، أَمَّا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَيَجِبُ إِتْمَامُهُمَا، وَإِنْ فَسَدَا إِذَا شَرَعَ فِيهِمَا، لأَِنَّ نَفْلَهُمَا كَفَرْضِهِمَا (ر: تَطَوُّعٌ ف 21) .
وَتَنْقَطِعُ الصَّلاَةُ بِإِتْيَانِ مَا يَتَنَافَى مَعَهَا كَتَعَمُّدِ الْحَدَثِ، وَنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا بَعْدَ الإِْحْرَامِ، وَالْكَلاَمِ الْكَثِيرِ عُرْفًا، وَالْعَمَل الْكَثِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مُبْطِلاَتِهَا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَقْطَعُهَا أَيْضًا: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَهُوَ الْبَهِيمُ الَّذِي لَيْسَ فِي لَوْنِهِ شَيْءٌ سِوَى السَّوَادِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ: الْكَلْبُ الأَْسْوَدُ، وَالْحِمَارُ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَلاَ يَقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ (6) .
وَيَقْطَعُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُل فِي صَلاَةٍ مُطْلَقَةٍ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا (ر: اقْتِدَاءٌ ف 11) .
وَيَقْطَعُ الصَّوْمَ مَا يُبْطِلُهُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ، وَلاَ يَنْقَطِعُ الصَّوْمُ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (ر: صَوْمٌ ف 33) .
قَطْعُ الْقُدْوَةِ:
3 - تَنْقَطِعُ قُدْوَةُ الْمَأْمُومِ بِخُرُوجِ إِمَامِهِ مِنْ صَلاَتِهِ بِسَلاَمٍ، أَوْ غَيْرِهِ لِزَوَال الرَّابِطَةِ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِلْمَأْمُومِ قَطْعُهَا بِنِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، لأَِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لاَ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ عِنْدَهُمْ، كَالتَّطَوُّعِ، إِلاَّ فِي الْجِهَادِ وَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ، لأَِنَّ الْفِرْقَةَ الأُْولَى فَارَقَتِ النَّبِيَّ ﷺ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ (7) ، لَكِنْ يُكْرَهُ قَطْعُهَا إِلاَّ لِعُذْرٍ، كَمَرَضٍ، وَتَطْوِيل الإِْمَامِ لِمَنْ لاَ يَصْبِرُ لِضَعْفٍ، أَوْ شُغْلٍ، وَتَرْكِهِ سُنَّةً مَقْصُودَةً كَتَشَهُّدٍ أَوْ قُنُوتٍ.
قَطْعُ مُوَالاَةِ الْفَاتِحَةِ:
4 - يَقْطَعُ مُوَالاَةَ الْفَاتِحَةِ تَخَلُّل ذِكْرٍ، وَإِنْ قَل، وَسُكُوتٌ طَوِيلٌ عُرِفَ بِلاَ عُذْرٍ، أَوْ سُكُوتٌ وَلَوْ كَانَ قَصِيرًا قُصِدَ بِهِ قَطْعُ الْقِرَاءَةِ، لإِِشْعَارِ ذَلِكَ الإِْعْرَاضَ عَنِ الْقِرَاءَةِ (8) .
قَطْعُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ:
5 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ سَمَاعُ الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ، فَإِنِ انْفَضُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (خُطْبَةٌ ف 24) .
قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ قَطْعِ أَوْ قَلْعِ نَبَاتِ الْحَرَمِ إِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَسْتَنْبِتُهُ النَّاسُ عَادَةً، سَوَاءٌ أَكَانَ شَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمُ وَغَيْرُهُ، لِحَدِيثِ: حَرَّمَ اللَّهُ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِل لأَِحَدٍ قَبْلِي وَلاَ لأَِحَدٍ بَعْدِي أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا (9) .
(ر: حَرَمٌ ف 10) .
قَطْعُ سِلْعَةٍ أَوْ عُضْوٍ مُتَآكِلٍ:
7 - لِلْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِل قَطْعُ سِلْعَةٍ - أَيْ وَرَمٍ وَنَحْوِهِ - مِنْ جَسَدِهِ لاَ خَطَرَ فِي قَطْعِهَا، وَلاَ فِي تَرْكِهَا، لأَِنَّ لَهُ غَرَضًا فِي إِزَالَةِ الشَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْل طَبِيبَيْنِ أَوْ طَبِيبٍ ثِقَةٍ وَلاَ خَطَرَ فِي تَرْكِهَا، أَوْ زَادَ خَطَرُ الْقَطْعِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا، لأَِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى هَلاَكِ نَفْسِهِ. وَاللَّهُ يَقُول. {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (10) ، وَإِنْ قَال الأَْطِبَّاءُ: إِنْ لَمْ يُقْطَعْ حَصَل أَمْرٌ يُفْضِي إِلَى الْهَلاَكِ، وَجَبَ الْقَطْعُ، كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُهْلِكَاتِ، وَمِثْل السِّلْعَةِ الْعُضْوُ الْمُتَآكِل فِي الأَْحْكَامِ.
وَلِلأَْصْل وَإِنْ عَلاَ: قَطْعُ نَحْوِ سِلْعَةٍ وَعُضْوٍ مُتَآكِلٍ مِنْ صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ مَعَ الْخَطَرِ فِيهِ إِنْ زَادَ خَطَرُ التَّرْكِ عَلَى خَطَرِ الْقَطْعِ، لأَِنَّهُ يَلِي صَوْنَ مَالِهِمَا عَنِ الضَّيَاعِ فَبَدَنُهُمَا أَوْلَى، وَلِلْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ غَيْرِ الأَْبِ وَالْجَدِّ قَطْعُهَا بِلاَ خَطَرٍ، أَمَّا مَعَ الْخَطَرِ فَلاَ يَجُوزُ (11) . قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ:
8 - يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ إِقَامَةُ حَدِّ السَّرِقَةِ عَلَى سَارِقِ نِصَابِ السَّرِقَةِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَى الإِْمَامِ وَثَبَتَتِ السَّرِقَةُ عِنْدَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1) ، وَحَدِيثِ: تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (سَرِقَةٌ ف 62) .
قَطْعُ أَيْدِي الْمُحَارِبِينَ وَأَرْجُلِهِمْ مِنْ خِلاَفٍ:
9 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مِنْ بَيْنِ عُقُوبَاتِ الْمُحَارِبِينَ قَطْعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، قَال تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ} (3) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (حِرَابَةٌ ف 7 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) لسان العرب.
(2) ابن عابدين 1 / 440، المنهج 1 / 343، 587.
(3) سورة محمد / 33.
(4) رد المحتار 1 / 440، بدائع الصنائع 1 / 281، حاشية الدسوقي 1 / 281، المغني 2 / 49، 249، المجموع 4 / 81 وما بعدها 94 - 105، 106 وما بعدها.
(5) (1) حديث: " المتنقل أمير نفسه ". أخرجه الترمذي (3 / 100) من حديث أم هانئ بلفظ " الصائم أمير أو أمين نفسه ". وأخرجه الحاكم (1 / 439) وصححه ووافقه الذهبي.
(6) بدائع الصنائع 1 / 241، المجموع 3 / 250، المغني 2 / 249.
(7) المنهج على حاشية الجمل 1 / 578 وحديث مفارقة الفرقة الأولى للنبي صلى الله عليه وسم في ذات الرقاع. أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 421) ، ومسلم (1 / 575 - 576) من حديث صالح بن خوَّات.
(8) المنهج على حاشية الجمل 1 / 347.
(9) حديث: " حرم الله مكة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 213) من حديث ابن عباس.
(10) سورة البقرة / 195.
(11) مغني المحتاج 4 / 200 - 201، المنهج على الجمل 1 / 171.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 51/ 34
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".