الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
صفةٌ ذاتيةٌ لله عزَّ وجلَّ ثابتةٌ بالكتاب العزيز . و "القوي " من أسماء الله، التام القوة الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال
الطَّاقَةُ وَالقُدْرَةُ، تَقُولُ: لاَ قُوَّةَ لِي فِي قِتَالِهِ أَيْ لاَ طَاقَةَ لِي، وَالجَمْعُ: قِوًى، وَتَارَةً تُسْتَعْمَلُ فِي البَدَنِ وَتَارَةً فِي القَلْبِ وَتَارَةً فِي النَّفْسِ، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى سَائِرِ الكَائِنَاتِ، وَتَأْتِي القُوَّةُ بِمَعْنَى: العَوْن، وَتَقَوَّيْتُ بِهِ أَيْ اسْتَعَنْتُ، وَأَصْلُ القُوَّةِ: الشِّدَّةُ وَالصَّلاَبَةُ، يُقَالُ: قَوِيَ يَقْوَى قُوَّةً فَهُوَ قَوِيٌّ أَيْ اشْتَدَّ وَصَلُبَ، وَالقُوَّةُ أَيْضًا: المَتَانَةُ، وَالقَوِيُّ: المَتِينُ، وَضِدُّ القُوَّةِ: الضَّعْفُ والعَجْزُ، وَتُطْلَقُ القَوَّةُ عَلَى الغَلَبَةِ، تَقُولُ: قَاوَيْتُ فُلاَنًا أَيْ غَالَبْتُهُ، وَمِنْ مَعَانِي القُوَّةِ أَيْضًا: التَّمَكُّنُ والاسْتِعْدَادُ والنَّشَاطُ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ مُصْطَلَحَ (القُوَّةِ) فِي مَوَاطِنَ أُخْرَى مِنَ الفِقْهِ كَكِتَابِ الزَّكَاةِ فِي بَابِ أَهْلِ الزَّكَاةِ ، وَكِتَابِ الحَجِّ فِي بَابِ شُرُوطِ الحَجِّ ، وَكِتَابِ الوَقْفِ فِي بَابِ أَحْكَامِ الوَقْفِ ، وَكِتَابِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الإِمَارَةِ . وَتُطْلَقُ القُوَّةُ فِي العَقِيدَةِ فِي بَابِ الصِّفَاتِ الإِلَهِيَّةِ وَيُرادُ بِهَا: صِفةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَابِتَةٌ ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى: القَوِيُّ وَمَعْناهُ: القَادِرُ الشَّدِيدُ الذِي لَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ وَلَا يَفُوتُهُ هَارِبٌ وَلاَ يَلْحَقُهُ ضَعْفٌ وَلاَ عَجْزٌ.
قوي
القدرة على الغلبة، وهي صفةٌ ذاتيةٌ لله عزَّ وجلَّ ثابتةٌ بالكتاب العزيز.
* معجم مقاييس اللغة : 5 /37 - الصحاح : 6 /2470 - معجم مقاييس اللغة : 5 /37 - الصحاح : 6 /2470 - لسان العرب : 15 /207 - التعريفات للجرجاني : ص188 - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : 7 /60 - السياسة الشرعية في اصلاح الراعي والرعية : ص15 - تفسير ابن كثير : 2 /320 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقُوَّةُ فِي اللُّغَةِ: الطَّاقَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ طَاقَاتِ الْحَبْل، أَوِ الْوَتَرِ أَوِ الْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُ، فَفِي الْحَدِيثِ: لَيُنْقَضَنَّ الإِْسْلاَمُ عُرْوَةً عُرْوَةً كَمَا يُنْقَضُ الْحَبْل قُوَّةً قُوَّةً (1) ، ثُمَّ اشْتُهِرَ فِيمَا يُقَابِل الضَّعْفَ، يُقَال: قَوِيَ الرَّجُل وَالضَّعِيفُ يَقْوَى قُوَّةً، وَالْقُوَى جَمْعُ قُوَّةٍ، مِثْل غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْجِسْمِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} (2) ، كَمَا يَكُونُ فِي الأُْمُورِ النَّفْسِيَّةِ الْمَعْنَوِيَّةِ: كَالْعَقْل وَنَحْوِهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} (3) أَيْ خُذِ الأَْلْوَاحَ بِقُوَّةٍ فِي دِينِكَ وَحُجَّتِكَ، وَقَوْلُهُ: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (4) أَيْ بِجِدٍّ (5) . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِطَاعَةُ:
2 - قَال الْجَوْهَرِيُّ: الاِسْتِطَاعَةُ: الطَّاقَةُ، وَقَال ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ كَمَا ذَكَرَ، بَيْدَ أَنَّ الاِسْتِطَاعَةَ لِلإِْنْسَانِ خَاصَّةً، وَالإِْطَاقَةَ عَامَّةً، يُقَال: جَمَلٌ مُطِيقٌ لِحِمْلِهِ، وَلاَ يُقَال: جَمَلٌ مُسْتَطِيعٌ (6) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْقُوَّةِ وَبَيْنَ الاِسْتِطَاعَةِ أَنَّهَا أَخَصُّ مِنَ الْقُوَّةِ.
ب - الْقُدْرَةُ:
3 - الْقُدْرَةُ لُغَةً: الْقُوَّةُ عَلَى الشَّيْءِ وَالتَّمَكُّنُ مِنْهُ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَدْنَى قُوَّةٍ يَتَمَكَّنُ بِهَا الْمَأْمُورُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ بَدَنِيًّا كَانَ أَمْ مَالِيًّا (7) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ أَنَّهَا دَرَجَةٌ مِنْ دَرَجَاتِ الْقُوَّةِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقُوَّةِ:
فَضْل الْقُوَّةِ:
4 - الْقُوَّةُ مِنَ الْخِصَال الْفِطْرِيَّةِ يُودِعُهَا اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيُفَاضِل فِيهَا بَيْنَ النَّاسِ كَمَا يُفَاضِل بَيْنَهُمْ فِي الرِّزْقِ وَغَيْرِهِ مِنْ عَطَائِهِ، وَهِيَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَفَضْلٌ كَبِيرٌ مِنَ اللَّهِ لِمَنْ عَرَفَ قَدْرَهَا وَأَحْسَنَ اسْتِعْمَالَهَا شُكْرًا لِلَّهِ عَلَيْهَا لأَِنَّهَا الأَْدَاةُ اللاَّزِمَةُ لِجَلْبِ الْخَيْرِ لِلأُْمَّةِ وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنْهَا، وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ، وَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا فِي نَفْسِهِ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا أَقْوِيَاءَ كَذَلِكَ.
جَاءَ فِي الأَْثَرِ الصَّحِيحِ: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ (8) .
الأَْخْذُ بِأَسْبَابِ الْقُوَّةِ:
5 - الأَْخْذُ بِأَسْبَابِ الْقُوَّةِ فَرِيضَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى اخْتِلاَفِ صُنُوفِهَا وَأَلْوَانِهَا، وَأَسْبَابِهَا، مَادِّيَّةً كَانَتْ أَوْ مَعْنَوِيَّةً، قَال تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (9) وَالْخِطَابُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ وَظِيفَةُ كَافَّتِهِمْ، وَتَشْمَل كُل مَا يُطِيقُونَهُ مِمَّا يُفِيدُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْوَسَائِل مَادِّيًّا كَانَ كَالسِّلاَحِ وَالإِْنْفَاقِ وَتَدْرِيبِ الْمُجَاهِدِينَ فِي فُنُونِ الْحَرْبِ، وَإِتْقَانِ اسْتِعْمَال أَنْوَاعِ السِّلاَحِ الْمُخْتَلِفَةِ، لِقَوْلِهِ: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} أَوْ مَعْنَوِيًّا، كَالتَّصَافِي، وَاتِّفَاقِ الْكَلِمَةِ وَالثِّقَةِ بِاللَّهِ وَعَدَمِ خَوْضِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ، وَالاِخْتِيَارِ لإِِمَارَةِ الْجَيْشِ مَنْ كَانَ ثِقَةً فِي دِينِهِ، وَالتَّوْصِيَةِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأَخْذِ الْبَيْعَةِ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى الْقُوَّةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ.
فَأَخْذُ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ بِقِسْمَيْهَا فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، بِالأَْمْرِ الْقُرْآنِيِّ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ مَارَسُوا كُل عَمَلٍ مَشْرُوعٍ مُتَاحٍ لَهُمْ فِي بِيئَتِهِمْ يَدُل عَلَى عُلُوِّ الْهِمَّةِ وَكَمَال الرُّجُولَةِ، وَيُؤَدِّي إِلَى قُوَّةِ الْجِسْمِ وَدَفْعِ الْكَسَل وَالْمَيْل إِلَى الدَّعَةِ (10) .
وَالتَّفْصِيل: فِي مُصْطَلَحِ (عُدَّةٌ ف 2 - 3) .
اشْتِرَاطُ الْقُوَّةِ فِيمَنْ يَتَقَلَّدُ إِمَارَةً أَوْ يُوَكَّل إِلَيْهِ أَمْرُ قَاصِرٍ وَنَحْوِهِ:
6 - يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُقَلَّدُ إِمَارَةً أَوْ يُوَكَّل إِلَيْهِ أُمُورُ الْقُصَّرِ، كَالأَْيْتَامِ، وَالْمَجَانِينِ وَأَمْوَال الْوَقْفِ: الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، وَلاَ يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ لاَ يَقْوَى عَلَى النُّهُوضِ بِهَا، كَمَا لاَ يَجُوزُ لِمَنْ لاَ يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا قَبُولُهَا (11) ، فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَال: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَال: يَا أَبَا ذَرٍّ: إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا (12) .
__________
(1) حديث: " لينقضن الإسلام عروة. . . الخ ". أخرجه أحمد (المسند 4 / 232. ط. دار الفكر) .
(2) سورة النجم / 5 - 6.
(3) سورة الأعراف / 145.
(4) سورة مريم / 12.
(5) لسان العرب، وتفسير المأثور للسيوطي في تفسير الآية.
(6) لسان العرب، في مادتي (طاق) و (طاع) .
(7) التعريفات للجرجاني.
(8) حديث: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2025) من حديث أبي هريرة.
(9) سورة الأنفال / 60.
(10) تفسير الخازن والفتوحات الإلهية من تفسير البغوي في تفسير آية 60 من سورة الأنفال، وآية: 46 من سورة التوبة، وآية: 195 من سورة البقرة، نهاية المحتاج 7 / 60 وما بعده
(11) السياسة الشرعية ص15 وما بعدها. ط - دار الكتب العربية.
(12) حديث أبي ذر قال: " قلت يا رسول الله، ألا تستعملني. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1457) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 83/ 34