قِيَاسُ التَّقْرِيب

قِيَاسُ التَّقْرِيب


أصول الفقه
عرفه إمام الحرمين بأنه الاستدلال من غير بناء فرع على أصل، بل من جهة اعتبار المعنى بالمعنى القريب منه . ومثَّله بتحريم وطء الرجعية، فإنه معلل عند الشافعي بأنها متربصة في تبرئة الرحم، وتسليط الزوج على شغل رحمها في الزمان الذي تؤمر فيه بالتربص للتبرئة متناقض، وهذا معنى معقول؛ فإن المرأة لو تربصت قبل الطلاق، واعتزلها الزوج لم يعتد بذلك عدةً، قال : ولو طلب الشافعي لهذا المعنى أصلاً لم يجده، ولكنه قريب من القواعد، ومن قاس الرجعية على البائن لم يتم له ذلك؛ لأن المخالف يقول البينونة هي المستقلة بتحريم الوطء، والرجعية ليست مثلها
انظر : البرهان لإمام الحرمين 2/726، إجمال الإصابة للعلائي، ص :76-77، البحر المحيط للزركشي، 7/55-58
تعريفات أخرى :

  • قيل هو الذي يكون الشبه فيه بين الأصل، والفرع في الأوصاف، والصورة لا في الأحكام . ويسمى قياس الشبه الصوري . قال الزركشي : قياس التقريب ثلاثة أضرب؛ أحدها : تردد الفرع بين أصلين مختلفين صفةً، وقد جمع الفرع معنى الأصل، فيرجع في الفرع إلى أغلب الصفتين . ومثاله في المعقول أن يكون أحد الأصلين معلولاً بالبياض، والآخر معلولاً بالسواد، ويكون الفرع جامعاً بين السواد، والبياض، فيعتبر بحاله، فإن كان بياضه أكثر من سواده رد إلى الأصل المعلول بالبياض، ولم يكن للسواد فيه تأثير، وإن كان سواده أكثر من بياضه رد إلى الأصل المعلول بالسواد، ولم يكن للبياض فيه تأثير، ومثاله في الشرع الشهادات، أمر الله –تَعَالَى - فيها بقبول العدل، ورد الفاسق، وقد علم أن أحداً غير الأنبياء -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِم وَسَلَّم - لا يمحض الطاعة حتى لا يشوبها شيء، ويخرمها، فوجب اعتبار الأغلب في حالتيه : فإن كانت الطاعات أغلب حكم بعدالته، أو المعاصي أغلب حكم بفسقه . والثاني : أن يتردد الفرع بين أصلين مختلفي الصفتين، والصفتان مفقودتان في الفرع، وصفة الفرع تقارب إحدى الصفتين، وإن خالفتها . ومثاله في المعقول أن يكون أحد أصلين معلولاً بالبياض، والآخر بالسواد، والفرع أخضر، لا أبيض، ولا أسود، فرد إلى أقرب الأصلين شبهاً بصفتيه، والخضرة أقرب إلى السواد، ومثاله في الشرع قوله تعالى : ﱫﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﱪالمائدة :95، وليس المثل من النعم شبيهاً بالصيد في جميع أوصافه، ولا منافياً له في جميعها، فاعتبر في الجزاء أقرب الشبه بالصيد . والثالث : أن يتردد الفرع بين أصلين مختلفين، والفرع جامع لصفتي الأصلين، وأحد الأصلين من جنس الفرع دون الآخر . ومثاله أن يكون الفرع من الطهارة، وأحد الأصلين من باب الصلاة، والثاني من باب الطهارة، فيكون رده إلى أصل الطهارة أولى من رده إلى أصل الصلاة لمجانسته للذي من الطهارة .