الأعلى
كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...
التشويه بقطع الأعضاء للحي، أو للميت . ومنه التمثيل بالحيوان، والتمثيل بالقتيل . ومن شواهده قول عبد الله بن يزيد رضي الله عَنْهُ : "نهى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عن النهبى، والمثلة ." البخاري :2474.
التَّنْكِيلُ وَالتَّشْوِيهُ، يُقَالُ: مَثَلْتُ بِالحَيَوَانِ أَمْثُلُ بِهِ مَثْلاً وَمُثْلَةً إِذَا غَيَّرْتُ وَشَوَّهْتُ صُورَتَهُ، كَأَنْ يَقْطَعَ أُذُنَهُ، وَتُطْلَقُ المُثْلَةُ بِمَعْنَى التَّعْذِيبِ وَالعُقوبَةِ، وَمَثَّلْتُ بِهِ أَيْ عَذَّبْتُهُ، وَالجَمْعُ: مَثُلاتٌ وَمُثْلَاتٌ، وَأَصْلُ كَلِمَةِ المُثْلَةِ مِنَ التَّمْثِيلِ، وَهُوَ مُنَاظَرَةُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ، وَالمِثَالُ وَالمَثَلُ: النَّظِيرُ، وَسُمِّيَ التَّعْذِيبُ وَالتَّشْوِيهُ مُثْلَةً؛ لِأَنَّهُ إِذَا نُكِّلَ بِهِ فَقَدْ جُعِلَ ذَلِكَ مِثَالًا.
يَذْكُر الفُقهاءُ مُصْطَلَحَ (مُثْلَةٍ) فِي كِتابِ الجَنائِزِ فِي بَابِ غَسْلِ المَيِّتِ، وَكِتابِ الجِهادِ فِي بَابِ مَا يَحْرُمُ فِي الجِهادِ. وَقَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى: (العُقوبَةُ تَنْزِلُ بِالإنْسانِ فَيُجْعَلَ مِثَالًا يَرْتَدِعُ بِهِ غَيْرُهُ).
مثل
التشويه بقطع الأعضاء للحي، أو للميت.
* مقاييس اللغة : 296/5 - لسان العرب : 614/11 - مقاييس اللغة : 296/5 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص296 - شرح حدود ابن عرفة : ص518 - طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : ص80 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُثْلَةُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ أَوْ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الثَّاءِ -: الْعُقُوبَةُ وَالتَّنْكِيل.
قَال ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ: الْمُثْلَةُ الْعُقُوبَةُ الْمُبِينَةُ مِنَ الْمُعَاقِبِ شَيْئًا.
وَهُوَ تَغْيِيرُ الصُّورَةِ، فَتَبْقَى قَبِيحَةً مِنْ قَوْلِهِمْ: مَثَّل فُلاَنٌ بِفُلاَنٍ: إِذَا قَبَّحَ صُورَتَهُ إِمَّا بِقَطْعِ أُذُنِهِ أَوْ جَدْعِ أَنْفِهِ أَوْ سَمْل عَيْنَيْهِ أَوْ بَقْرِ بَطْنِهِ، هَذَا هُوَ الأَْصْل، ثُمَّ يُقَال لِلْعَارِ الْبَاقِي وَالْخِزْيِ اللاَّزِمِ مُثْلَةٌ.
وَفِي التَّنْزِيل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ} .
قَال الرَّازِيُّ: مَعْنَى الآْيَةِ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ الَّذِي لَمْ يُعَاجِلْهُمْ بِهِ، وَقَدْ عَلِمُوا مَا نَزَل مِنْ عُقُوبَاتِنَا بِالأُْمَمِ الْخَالِيَةِ فَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرْدَعَهُمْ خَوْفُ ذَلِكَ عَنِ الْكُفْرِ اعْتِبَارًا بِحَال مَنْ سَبَقَ (1) . وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْمُثْلَةُ: الْعُقُوبَةُ الشَّنِيعَةُ كَرَضِّ الرَّأْسِ وَقَطْعِ الأُْذُنِ أَوِ الأَْنْفِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْعَذَابُ:
2 - هُوَ فِي أَصْل اللُّغَةِ: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ، ثُمَّ اسْتُعْمِل فِي كُل عُقُوبَةٍ مُؤْلِمَةٍ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ: الْعَذَابُ هُوَ الإِْيجَاعُ الشَّدِيدُ (3) وَالْمُثْلَةُ نَوْعٌ مِنَ الْعَذَابِ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْهُ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُثْلَةَ ابْتِدَاءً بِالْحَيِّ حَرَامٌ، وَبِالإِْنْسَانِ مَيِّتًا كَذَلِكَ (4) ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ﵁: قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ (5) وَبِمَا رَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ قَال: بَعَثَنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي سَرِيَّةٍ فَقَال: سِيرُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيل اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَلاَ تُمَثِّلُوا (6) وَقَال ﷺ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ فَإِنْ قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ (7) .
وَبِمَا رَوَى هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ: قَال: دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ ﵁ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ فَرَأَى غِلْمَانًا أَوْ فِتْيَانًا نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَقَال أَنَسٌ ﵁: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ (8) وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ قَال: لَعَنَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْ مَثَّل بِالْحَيَوَانِ (9) .
الْمُثْلَةُ بِالْعَدُوِّ
4 - قَال الْفُقَهَاءُ: يَحْرُمُ التَّمْثِيل بِالْكُفَّارِ بِقَطْعِ أَطْرَافِهِمْ وَقَلْعِ أَعْيُنِهِمْ وَبَقْرِ بُطُونِهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ، أَمَّا قَبْل الْقُدْرَةِ فَلاَ بَأْسَ بِهِ (10) . وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ إِنْ مَثَّلُوا بِمُسْلِمٍ مُثِّل بِهِمْ كَذَلِكَ مُعَامَلَةً بِالْمِثْل (11) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ الْمُثْلَةُ بِقَتْل الْكُفَّارِ وَتَعْذِيبِهِمْ (12) ، لِمَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ ﵁ قَال كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ (13) .
حَمْل رَأْسِ الْعَدُوِّ
5 - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ حَمْل رَأْسِ الْكَافِرِ الْعَدُوِّ لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: قَال: إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَشُرَحْبِيل بْنَ حَسَنَةَ بَعَثَا بَرِيدًا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ بِرَأْسِ يَنَّاقٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَال لَهُ عُقْبَةُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُول اللَّهِ: فَإِنَّهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَقَال: أَفَاسْتِنَانٌ بِفَارِسَ وَالرُّومِ؟ لاَ يُحْمَل إِلَيَّ رَأْسٌ فَإِنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ (14) . وَلِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ السَّابِقِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَحْرُمُ حَمْل رَأْسِ كَافِرٍ عَدُوٍّ مِنْ بَلَدِ قَتْلِهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، أَوْ لأَِمِيرِ جَيْشٍ فِي بَلَدِ الْقِتَال.
وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ مُثْلَةً (15) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ بَأْسَ بِحَمْل رَأْسِ الْمُشْرِكِ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ غَيْظُهُمْ: بِأَنْ كَانَ الْمُشْرِكُ مِنْ عُظَمَائِهِمْ (16) .
وَقَالُوا: وَقَدْ حَمَل ابْنُ مَسْعُودٍ يَوْمَ بَدْرٍ رَأْسَ أَبِي جَهْلٍ وَأَلْقَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ﵊ (17) .
تَسْخِيمُ الْوَجْهِ
6 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَسْخِيمُ الْوَجْهِ أَيْ تَسْوِيدُهُ بِالسُّخَامِ وَهُوَ السَّوَادُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِأَسْفَل الْقِدْرِ وَمُحِيطِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الدُّخَانِ.
وَقَالُوا: لأَِنَّ الْوَجْهَ أَشْرَفُ الأَْعْضَاءِ وَمَعْدِنُ جَمَال الإِْنْسَانِ، وَمَنْبَعُ حَوَاسِّهِ فَوَجَبَ الاِحْتِرَازُ عَنْ تَجْرِيحِهِ وَتَقْبِيحِهِ، وَهُوَ الصُّورَةُ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ وَكَرَّمَ بِهَا بَنِي آدَمَ فَيُعْتَبَرُ كُل تَغْيِيرٍ فِيهَا مُثْلَةً (18) .
قَال السَّرَخْسِيُّ: الدَّلِيل قَدْ قَامَ عَلَى انْتِسَاخِ حُكْمِ التَّسْخِيمِ لِلْوَجْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُثْلَةٌ (19) ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْمُثْلَةِ وَلَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ (20) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ بِمَا يَرَاهُ مُنَاسِبًا مِنْ ضَرْبٍ غَيْرِ مُبَرِّحٍ وَحَبْسٍ وَصَفْعٍ وَكَشْفِ رَأْسٍ وَتَسْوِيدِ وَجْهٍ (21) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: تَسْوِيدٌ ف 16 - وَشَهَادَةُ الزُّورِ ف 6 - 7) .
__________
(1) لسان العرب والمعجم الوسيط، وتفسير الرازي 19 / 11.
(2) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 179.
(3) المصباح المنير والمفردات للراغب الأصفهاني.
(4) المبسوط 10 / 5 وتبيين الحقائق 3 / 244 وجواهر الإكليل 1 / 254.
(5) حديث: عمران بن حصين: " كان رسول الله ﷺ يحثنا على الصدقة. . ". أخرجه أبو داود (2 / 120) وقوى إسناده ابن حجر (فتح الباري 7 / 459) .
(6) حديث: صفوان بن عسال: " بعثنا رسول الله ﷺ في سرية. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 953) ، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 122) .
(7) حديث: أنس: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء. . ". أخرجه مسلم (3 / 1548) من حديث شداد بن أوس.
(8) حديث: أنس: " نهى النبي ﷺ أن تصبر البهائم. ". أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 642) ، ومسلم (3 / 1549) .
(9) حديث: ابن عمر: " لعن النبي ﷺ من مثل بالحيوان ". أخرجه البيهقي (9 / 87) ، وأصله في البخاري (فتح الباري 9 / 643) ومسلم (3 / 1550) .
(10) حاشية ابن عابدين 3 / 224، وتبيين الحقائق 3 / 244، وجواهر الإكليل 1 / 254.
(11) جواهر الإكليل 1 / 254.
(12) المغني 8 / 494.
(13) حديث: " سمرة بن جندب: كان رسول الله ﷺ يحثنا على الصدقة. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 120) وقوى إسناده ابن حجر (فتح الباري 7 / 459) .
(14) المغني 8 / 494، وأثر أبي بكر أخرجه البيهقي (9 / 132) .
(15) جواهر الإكليل 1 / 254، والمغني 8 / 494.
(16) الدر المختار 3 / 225.
(17) حديث: أن ابن مسعود حمل يوم بدر رأس أبي جهل وألقاه بين يديه ﵊. ذكره ابن هشام في السيرة (2 / 278) نقلاً عن ابن إسحاق بسندٍ فيه جهالة.
(18) السرخسي 16 / 145، وتبيين الحقائق 3 / 170 وفصول الإستروشني في التعزير 30، وجواهر الإكليل 2 / 225، والخرشي 7 / 152، وكشاف القناع 6 / 124 - 125، وعون المعبود.
(19) المبسوط للسرخسي 16 / 145.
(20) حديث: " نهى النبي ﷺ عن المثلة ولو بالكلب العقور. . . ". أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (1 / 100) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6 / 249) : إسناده منقطع.
(21) نهاية المحتاج 8 / 18 ط المكتبة الإسلامية، والمنهج على حاشية الجمل 5 / 164، ومطالب أولي النهى 6 / 223.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 108/ 36