الحق
كلمة (الحَقِّ) في اللغة تعني: الشيءَ الموجود حقيقةً.و(الحَقُّ)...
مقام الإمام من المسجد في الصلاة . ومن شواهده قول المرداوي : "يباح اتخاذ المحراب، على الصحيح من المذهب، ونص عليه، وعليه أكثر الأصحاب ".
الـمِحْرَابُ: صَدْرُ البَيْتِ وأكْرَمُ مَوْضِعٍ فِيهِ، وقيل: أشْرَفُ الـمَجالِسِ. ويُطلَقُ على مَقامِ الإمامِ مِنَ الـمَسْجِدِ، سُـمِّيَ بذلك؛ لانْفِرادِ الإمامِ فِيهِ وبُعْدِهِ عنِ القَوْمِ. وقيل: مَأخُوذٌ مِن الـمُحارَبَة؛ لأنّ الـمُصلِّي يُحارِبُ الشَّيطانَ ويُحارِبُ نَفْسَهُ بإحْضارِ قَلْبِهِ. ومِن مَعانِيهِ: الغُرْفَةُ، والمَوضِعُ العالِـي، والقِبْلَةُ. والـجَمعُ: مَحارِيبٌ.
حرب
فَجْوَةٌ في جِدارِ قِبْلَةِ الـمَسْجِدِ يَقِفُ فِيها الإمامُ فـي الصَّلاةِ.
الـمِحْرَابُ: صَدْرُ البَيْتِ وأكْرَمُ مَوْضِعٍ فِيهِ، وقيل: أشْرَفُ الـمَجالِسِ، ويُطلَقُ على مَقامِ الإمامِ مِنَ الـمَسْجِدِ، سُـمِّيَ بذلك؛ لانْفِرادِ الإمامِ فِيهِ وبُعْدِهِ عنِ القَوْمِ.
مقام الإمام من المسجد في الصلاة.
* المفردات في غريب القرآن : (ص 225)
* لسان العرب : (1/302)
* تاج العروس : (2/254)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 642)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 410)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (36/196) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمِحْرَابُ فِي اللُّغَةِ: الْغُرْفَةُ، وَصَدْرُ الْبَيْتِ وَأَكْرَمُ مَوَاضِعِهِ، وَمَقَامُ الإِْمَامِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَالْمَوْضِعُ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمَلِكُ فَيَتَبَاعَدُ عَنِ النَّاسِ، وَالأَْجَمَةُ، وَعُنُقُ الدَّابَّةِ (1) .
قَال الْفَيُّومِيُّ: الْمِحْرَابُ صَدْرُ الْمَجْلِسِ، وَيُقَال: هُوَ أَشْرَفُ الْمَجَالِسِ، وَهُوَ حَيْثُ يَجْلِسُ الْمُلُوكُ وَالسَّادَاتُ وَالْعُظَمَاءُ وَمِنْهُ مِحْرَابُ الْمُصَلِّي (2) .
وَقَال ابْنُ الأَْنْبَارِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدٍ: سُمِّيَ مِحْرَابًا لاِنْفِرَادِ الإِْمَامِ إِذَا قَامَ فِيهِ وَبُعْدِهِ عَنِ الْقَوْمِ (3) .
وَالْمِحْرَابُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ: مَقَامُ الإِْمَامِ فِي الصَّلاَةِ، وَالْجِهَةُ الَّتِي يُصَلِّي نَحْوَهَا الْمُسْلِمُونَ، قَال الطَّحْطَاوِيُّ، بَعْدَ تَعْرِيفِ الْقِبْلَةِ تَعْرِيفًا شَرْعِيًّا: وَتُسْمَى - أَيِ الْقِبْلَةُ - أَيْضًا مِحْرَابًا؛ لأَِنَّ مُقَابِلَهَا يُحَارِبُ الشَّيْطَانَ وَالنَّفْسَ، أَيْ بِإِحْضَارِ قَلْبِهِ (4) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقِبْلَةُ:
2 - الْقِبْلَةُ فِي اللُّغَةِ: الْجِهَةُ، يُقَال: لَيْسَ لِفُلاَنِ قِبْلَةٌ.
أَيْ جِهَةٌ، وَيُقَال: أَيْنَ قِبْلَتُكَ؟ أَيْ جِهَتُكَ، وَالْقِبْلَةُ أَيْضًا: وُجْهَةُ الْمَسْجِدِ وَنَاحِيَةُ الصَّلاَةِ (5) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: الْقِبْلَةُ صَارَتْ فِي الشَّرْعِ حَقِيقَةَ الْكَعْبَةِ لاَ يُفْهَمُ مِنْهَا غَيْرُهَا، سُمِّيَتْ قِبْلَةً لأَِنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَابِلُهَا (6) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمِحْرَابِ وَالْقِبْلَةِ: أَنَّ الْمِحْرَابَ الَّذِي نُصِبَ بِاجْتِهَادِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ - فِي الْجُمْلَةِ - أَمَارَةً عَلَى الْقِبْلَةِ.
ب - الْمَسْجِدُ:
3 - الْمَسْجِدُ فِي اللُّغَةِ: بَيْتُ الصَّلاَةِ، وَمَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْ بَدَنِ الإِْنْسَانِ، وَالْجَمْعُ مَسَاجِدُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الأَْرْضُ الَّتِي جَعَلَهَا مَالِكُهَا مَسْجِدًا بِقَوْلِهِ: جَعَلْتُهَا مَسْجِدًا وَأَفْرَزَ طَرِيقَهُ وَأَذَّنَ بِالصَّلاَةِ فِيهِ (7) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمِحْرَابِ وَالْمَسْجِدِ: أَنَّ الْمِحْرَابَ جُزْءٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَمَقَامُ الإِْمَامِ لِلصَّلاَةِ فِيهِ.
ج - الطَّاقُ:
4 - الطَّاقُ فِي اللُّغَةِ: مَا عُطِفَ مِنَ الأَْبْنِيَةِ وَجُعِل كَالْقَوْسِ (8) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْمِحْرَابُ، وَالظُّلَّةُ الَّتِي عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ حَوْلَهُ (9) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمِحْرَابِ وَالطَّاقِ التَّرَادُفُ عَلَى الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيِّ الأَْوَّل، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِنَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رَحَبَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي.
حُكْمُ اتِّخَاذِ الْمِحْرَابِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ اتِّخَاذِ الْمِحْرَابِ: فَقَال الْحَنَابِلَةُ: اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيل: يُسْتَحَبُّ، أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الآْجُرِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ تَمِيمٍ، لِيَسْتَدِل بِهِ الْجَاهِل، وَكَانَ أَحْمَدُ يَكْرَهُ كُل مُحْدَثٍ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْبَنَّاءِ عَلَيْهِ فَدَل عَلَى أَنَّهُ قَال بِهِ (10) .
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ اتِّخَاذَ الْمَحَارِيبِ فِي الْمَسْجِدِ
وَعِبَارَةُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ تَدُل عَلَى إِبَاحَتِهِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الإِْمَامَ - الرَّاتِبَ - لَوْ تَرَكَ الْمِحْرَابَ وَقَامَ فِي غَيْرِهِ يُكْرَهُ وَلَوْ كَانَ قِيَامُهُ وَسَطَ الصَّفِّ لأَِنَّهُ خِلاَفُ عَمَل الأُْمَّةِ (11) .
وَقَال الدُّسُوقِيُّ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الإِْمَامَ يَقُومُ فِي الْمِحْرَابِ حَال صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ كَيْفَ اتَّفَقَ (12) .
أَوَّل مَنِ اتَّخَذَ الْمِحْرَابَ
6 - لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ مِحْرَابٌ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ، وَلاَ فِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَأَوَّل مَنِ اتَّخَذَ الْمِحْرَابَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَحْدَثَهُ وَهُوَ عَامِل الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عِنْدَمَا أَسَّسَ مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَمَّا هَدَمَهُ وَزَادَ فِيهِ، وَكَانَ هَدْمُهُ لِلْمَسْجِدِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ لِلْهِجْرَةِ، وَقِيل سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَفَرَغَ مِنْهُ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ - وَهُوَ أَشْبَهُ - وَفِيهَا حَجَّ الْوَلِيدُ (13) .
وَيَعْنِي بِمِحْرَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ مُصَلاَّهُ وَمَوْقِفُهُ؛ لأَِنَّ هَذَا الْمِحْرَابَ الْمَعْرُوفَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ (14) .
تَزْوِيقُ الْمِحْرَابِ وَوَضْعُ مُصْحَفٍ فِيهِ
7 - نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَزْوِيقُ مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ فِيهِ، بِخِلاَفِ تَجْصِيصِهِ فَيُسْتَحَبُّ، وَتَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِي الْمِحْرَابِ أَيْ جَعْلُهُ فِيهِ عَمْدًا لِيُصَلِّيَ لَهُ، أَيْ إِلَى جِهَةِ الْمُصْحَفِ أَوْ لِيُصَلِّيَ مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الْمُصْحَفُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعَلَّقُ فِيهِ لَمْ تُكْرَهِ الصَّلاَةُ لِجِهَتِهِ.
وَنَقَل الزَّرْكَشِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ - أَيْ مِحْرَابِهِ - آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَأَرْدَفَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَقَال: لاَ بَأْسَ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (15) .
الآْيَةَ، وَلِمَا رُوِيَ مِنْ فِعْل عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ذَلِكَ بِمَسْجِدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ (16) .
قِيَامُ الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ قِيَامِ الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ أَثَنَاءَ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ الْقِيَامُ فِي الْمِحْرَابِ حَال صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى كَرَاهَةِ قِيَامِ الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ حَال صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقُومَ فِي غَيْرِ الْمِحْرَابِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ.
وَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ تَفْصِيلٌ: لَخَّصَ ابْنُ عَابِدِينَ اخْتِلاَفَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ صَرَّحَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِالْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُفَصِّل، فَاخْتَلَفَ الْمَشَائِخُ فِي سَبَبِهَا: فَقِيل: كَوْنُهُ يَصِيرُ مُمْتَازًا عَنْهُمْ فِي الْمَكَانِ؛ لأَِنَّ الْمِحْرَابَ فِي مَعْنَى بَيْتٍ آخَرَ، وَذَلِكَ صَنِيعُ أَهْل الْكِتَابِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ وَقَال إِنَّهُ الأَْوْجَهُ.
وَقِيل: اشْتِبَاهُ حَالِهِ عَلَى مَنْ فِي يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ.
فَعَلَى الأَْوَّل يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَعَلَى الثَّانِي لاَ يُكْرَهُ عِنْدَ عَدَمِ الاِشْتِبَاهِ.
وَأَيَّدَ الثَّانِيَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ امْتِيَازَ الإِْمَامِ فِي الْمَكَانِ مَطْلُوبٌ، وَتَقَدُّمُهُ وَاجِبٌ، وَغَايَتُهُ اتِّفَاقُ الْمِلَّتَيْنِ فِي ذَلِكَ، وَارْتَضَاهُ فِي الْحِلْيَةِ وَأَيَّدَهُ.
لَكِنْ نَازَعَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا، وَبِأَنَّ امْتِيَازَ الإِْمَامِ الْمَطْلُوبِ حَاصِلٌ بِتَقَدُّمِهِ بِلاَ وُقُوفٍ فِي مَكَانٍآخَرَ، وَلِهَذَا قَال فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَغَيْرِهَا: إِذَا لَمْ يَضِقِ الْمَسْجِدُ بِمَنْ خَلْفَ الإِْمَامِ لاَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ يُشْبِهُ تَبَايُنَ الْمَكَانَيْنِ.
انْتَهَى، يَعْنِي وَحَقِيقَةُ اخْتِلاَفِ الْمَكَانِ تَمْنَعُ الْجَوَازَ فَشُبْهَةُ الاِخْتِلاَفِ تُوجِبُ الْكَرَاهَةَ، وَالْمِحْرَابُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَصُورَتُهُ وَهَيْئَتُهُ اقْتَضَتْ شُبْهَةَ الاِخْتِلاَفِ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: أَيْ لأَِنَّ الْمِحْرَابَ إِنَّمَا بُنِيَ عَلاَمَةً لِمَحَل قِيَامِ الإِْمَامِ لِيَكُونَ قِيَامُهُ وَسَطَ الصَّفِّ كَمَا هُوَ السُّنَّةُ، لاَ لأَِنْ يَقُومَ فِي دَاخِلِهِ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ لَكِنْ أَشْبَهَ مَكَانًا آخَرَ فَأَوْرَثَ الْكَرَاهَةَ، لَكِنِ التَّشَبُّهُ إِنَّمَا يُكْرَهُ فِي الْمَذْمُومِ وَفِيمَا قُصِدَ بِهِ التَّشَبُّهُ لاَ مُطْلَقًا، وَلَعَل هَذَا مِنَ الْمَذْمُومِ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلرَّمْلِيِّ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلاَمِهِمْ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ بَابِ الإِْمَامَةِ: الأَْصَحُّ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَال: أَكْرَهُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقُومَ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ أَوْ زَاوِيَةٍ أَوْ نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى سَارِيَةٍ؛ لأَِنَّهُ بِخِلاَفِ عَمَل الأُْمَّةِ.
وَفِيهِ أَيْضًا: السُّنَّةُ أَنْ يَقُومَ الإِْمَامُ إِزَاءَ وَسَطِ الصَّفِّ، أَلاَ تَرَى أَنَّ الْمَحَارِيبَ مَا نُصِبَتْ إِلاَّ وَسَطَ الْمَسَاجِدِ وَهِيَ قَدْ عُيِّنَتْ لِمَقَامِ الإِْمَامِ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيِّةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ فِي غَيْرِ الْمِحْرَابِ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ الإِْمَامَ لَوْتَرَكَ الْمِحْرَابَ وَقَامَ فِي غَيْرِهِ يُكْرَهُ، وَلَوْ كَانَ قِيَامُهُ وَسَطَ الصَّفِّ، لأَِنَّهُ خِلاَفُ عَمَل الأُْمَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الإِْمَامِ الرَّاتِبِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْمُنْفَرِدِ (17) .
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الإِْمَامَ يَقِفُ فِي الْمِحْرَابِ حَال صَلاَتِهِ الْفَرِيضَةَ كَيْفَمَا اتَّفَقَ، وَقِيل: يَقِفُ خَارِجَهُ لِيَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ، وَيَسْجُدُ فِيهِ (18) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ تُكْرَهُ الصَّلاَةُ فِي الْمِحْرَابِ وَلَمْ يَزَل عَمَل النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (19) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ لِلإِْمَامِ الصَّلاَةُ فِي الْمِحْرَابِ إِذَا كَانَ يُمْنَعُ الْمَأْمُومُ مُشَاهَدَتَهُ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ وَغَيْرِهِ، لأَِنَّ الإِْمَامَ يَسْتَتِرُ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حِجَابٌ، إِلاَّ مِنْ حَاجَةٍ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ فَلاَ يُكْرَهُ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَلاَ يُكْرَهُ سُجُودُ الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ إِذَا كَانَ وَاقِفًا خَارِجَهُ لأَِنَّهُ لَيْسَ مَحَل مُشَاهَدَتِهِ، وَيَقِفُ الإِْمَامُ عَنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ إِذَا كَانَ الْمَسْجِدُ وَاسِعًا نَصًّا، لِتَمَيُّزِ جَانِبِ الْيَمِينِ. وَنَقَل الْجِرَاعِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ (20) .
تَنَفُّل الإِْمَامِ فِي الْمِحْرَابِ
9 - نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلإِْمَامِ التَّنَفُّل بِالْمِحْرَابِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّهُ إِلاَّ حَال كَوْنِهِ إِمَامًا، وَلأَِنَّهُ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَهُ أَنَّهُ فِي صَلاَةٍ فَيَقْتَدِيَ بِهِ.
وَقَالُوا: يُكْرَهُ لِلإِْمَامِ الْجُلُوسُ فِي الْمِحْرَابِ بَعْدَ الصَّلاَةِ عَلَى هَيْئَةِ الصَّلاَةِ وَيَخْرُجُ مِنَ الْكَرَاهَةِ بِتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ لِحَدِيثِ سَمُرَةِ بْنِ جُنْدَبٍ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَل عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ (21) ، أَيِ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ يَمِينًا أَوْ شِمَالاً وَلَمْ يَسْتَدْبِرِ الْقِبْلَةَ لِكَرَاهَةِ ذَلِكَ (22) .
دَلاَلَةُ الْمِحْرَابِ عَلَى الْقِبْلَةِ:
10 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمِحْرَابَ مِنَ الأَْدِلَّةِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا الْقِبْلَةُ، وَأَنَّهُ يُعْتَمَدُ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَيْهَا، وَلاَ يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ تَحَرِّيهَا مَعَ وُجُودِ الْمِحْرَابِ الْمُعْتَمَدِ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَيْهَا وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تُعْرَفُ الْقِبْلَةُ بِالدَّلِيل، وَهُوَ فِي الْقُرَى وَالأَْمْصَارِ مَحَارِيبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْمَحَارِيبُ الْقَدِيمَةُ، وَهِيَ لاَ يَجُوزُ تَحَرِّي الْقِبْلَةَ مَعَهَا، بَل تُعْتَمَدُ هَذِهِ الْمَحَارِيبُ فِي الدَّلاَلَةِ عَلَى الْقِبْلَةِ، لِئَلاَّ يَلْزَمَ تَخْطِئَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَجَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَقَامُوا هَذِهِ الْمَحَارِيبَ (23) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُسْلِمُ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ وَلاَ مَا لَحِقَ بِهَا يَجْتَهِدُ فِي اسْتِقْبَال جِهَةِ الْكَعْبَةِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، أَوْ بِجَامِعِ عَمْرٍو بِمِصْرَ الْعَتِيقَةِ فَلاَ يَجُوزُ لَهُ الاِجْتِهَادُ الْمُؤَدِّي لِمُخَالَفَةِ مِحْرَابِهِمَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مِحْرَابِهِمَا، لأَِنَّ مِحْرَابَ الْمَدِينَةِ بِالْوَحْيِ، وَمِحْرَابَ جَامِعِ عَمْرٍو بِإِجْمَاعِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوِ الثَّمَانِينَ، وَلاَ يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ مِحْرَابًا مَنْصُوبًا إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ إِلاَّ مِحْرَابًا لِمِصْرَ - أَيْ بَلَدٍ عَظِيمٍ - حَضَرَ نَصْبَ مِحْرَابِهِ إِلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ، وَذَلِكَ كَبَغْدَادَ وَمِصْرَ والإسكندرية، وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي جُهِل حَال نَاصِبِيهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْل الاِسْتِثْنَاءِ، وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي قَطَعَ الْعَارِفُونَ بِخَطَئِهَا لاَ تَجُوزُ الصَّلاَةُ إِلَيْهَا لاَ لِمُجْتَهِدٍ وَلاَ لِغَيْرِهِ.
وَقَلَّدَ الْجَاهِل بِالأَْدِلَّةِ الَّتِي تُحَدِّدُ الْقِبْلَةَ مِحْرَابًا - وَلَوْ لِغَيْرِ مِصْرَ - لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ (24) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمِحْرَابُ يَجِبُ اعْتِمَادُهُ وَلاَ يَجُوزُ مَعَهُ الاِجْتِهَادُ، قَال النَّوَوِيُّ: وَاحْتَجَّ لَهُ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْمَحَارِيبَ لاَ تُنْصَبُ إِلاَّ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْل الْمَعْرِفَةِ بِسَمْتِ الْكَوَاكِبِ وَالأَْدِلَّةِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْخَبَرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمِحْرَابَ إِنَّمَا يُعْتَمَدُ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ يَكْثُرُ الْمَارُّونَ بِهَا بِحَيْثُ لاَ يُقِرُّونَهُ عَلَى الْخَطَأِ، فَإِنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لاَ يَكْثُرُ الْمَارُّونَ بِهَا لَمْ يَجُزِ اعْتِمَادُهُ، قَال صَاحِبُ التَّهْذِيبِ: لَوْ رَأَى عَلاَمَةً فِي طَرِيقٍ يَقِل فِيهِ مُرُورُ النَّاسِ، أَوْ فِي طَرِيقٍ يَمُرُّ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَلاَ يَدْرِي مَنْ نَصَبَهَا، أَوْ رَأَى مِحْرَابًا فِي قَرْيَةٍ لاَ يَدْرِي بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ أَوِ الْمُشْرِكُونَ، أَوْ كَانَتْ قَرْيَةٌ صَغِيرَةٌ لِلْمُسْلِمَيْنِ اتَّفَقُوا عَلَى جِهَةٍ يَجُوزُ وُقُوعُ الْخَطَأِ لأَِهْلِهَا فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي كُل هَذِهِ الصُّوَرِ وَلاَ يَعْتَمِدُهُ، وَكَذَا قَال صَاحِبُ التَّتِمَّةِ: لَوْ كَانَ فِي صَحْرَاءَ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ فِي بَرِّيَّةٍ لاَ يَكْثُرُ بِهِ الْمَارَّةُ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ، قَال: وَلَوْ دَخَل بَلَدًا قَدْ خَرِبَ وَانْجَلَى أَهْلُهُ فَرَأَى فِيهِ مَحَارِيبَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ اعْتَمَدَهَا وَلَمْ يَجْتَهِدْ، وَإِنِ احْتَمَل أَنَّهَا مِنْ بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتَمَل أَنَّهَا مِنْ بِنَاءِ الْكُفَّارِ لَمْ يَعْتَمِدْهَا بَل يَجْتَهِدُ، وَنَقَل الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ هَذَا التَّفْصِيل فِي الْبَلَدِ الْخِرَابِ عَنْ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ.
وَأَضَافَ النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا إِذَا صَلَّى فِي مَدِينَةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَمِحْرَابُ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي حَقِّهِ كَالْكَعْبَةِ، فَمَنْ يُعَايِنُهُ يَعْتَمِدُهُ، وَلاَ يَجُوزُ الْعُدُول عَنْهُ بِالاِجْتِهَادِ بِحَالٍ، وَفِي مَعْنَى مِحْرَابِ الْمَدِينَةِ سَائِرُ الْبِقَاعِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا ضُبِطَ الْمِحْرَابُ، وَكَذَا الْمَحَارِيبُ الْمَنْصُوبَةُ فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فَلاَ يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي الْجِهَةِ بِلاَ خِلاَفٍ وَأَمَّا الاِجْتِهَادُ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ فَإِنْ كَانَ مِحْرَابُ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَمْ يَجُزْ بِحَالٍ، وَإِنْ كَانَ فِي سَائِرِ الْبِلاَدِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا يَجُوزُ.
قَال الرَّافِعِيُّ: وَبَهْ قَطَعَ الأَْكْثَرُونَ، وَالثَّانِي: لاَ يَجُوزُ فِي الْكُوفَةِ خَاصَّةً، وَالثَّالِثُ: لاَ يَجُوزُ فِيهَا وَلاَ فِي الْبَصْرَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ دَخَلَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃.
وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا: الأَْعْمَى يَعْتَمِدُ الْمِحْرَابَ إِذَا عَرَفَهُ بِالْمَسِّ حَيْثُ يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ، وَكَذَا الْبَصِيرُ فِي الظُّلْمَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّ الأَْعْمَى إِنَّمَا يَعْتَمِدُ مِحْرَابًا رَآهُ قَبْل الْعَمَى، وَلَوِ اشْتَبَهَ عَلَى الأَْعْمَى مَوَاضِعُ لَمَسَهَا صَبَرَ حَتَّى يَجِدَ مَنْ يُخْبِرُهُ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِصَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَتَجِبُ الإِْعَادَةُ (25) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَوْ أَمْكَنَ مَنْ يُرِيدُ الصَّلاَةَ أَوِ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ مَعْرِفَةُ الْقِبْلَةِ بِالاِسْتِدْلاَل بِمَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ لَزِمَهُ الْعَمَل بِهِ إِذَا عَلِمَهَا لِلْمُسْلِمِينَ، عُدُولاً كَانُوا أَوْ فُسَّاقًا؛ لأَِنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَيْهَا مَعَ تَكْرَارِ الأَْعْصَارِ إِجْمَاعٌ عَلَيْهَا وَلاَ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا، قَال فِي الْمُبْدِعِ: وَلاَ يَنْحَرِفُ لأَِنَّ دَوَامَ التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ كَالْقَطْعِ، وَإِنْ وَجَدَ مَحَارِيبَ بِبَلَدٍ خِرَابٍ لاَ يَعْلَمُهَا لِلْمُسْلِمِينَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّهَا لاَ دَلاَلَةَ فِيهَا لاِحْتِمَال كَوْنِهَا لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا آثَارُ الإِْسْلاَمِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْبَانِي مُشْرِكًا عَمِلَهَا لِيَغِرَّ بِهَا الْمُسْلِمِينَ، قَال فِي الشَّرْحِ: إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا لاَ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ هَذَا الاِحْتِمَال، وَيَحْصُل لَهُ الْعِلْمُ أَنَّهُ مِنْ مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْتَقْبِلُهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا عَلِمَهَا لِلْكُفَّارِ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْعَمَل بِهَا؛ لأَِنَّ قَوْلَهُمْ لاَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فَمَحَارِيبُهُمْ أَوْلَى.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَجُوزُ الاِسْتِدْلاَل بِمَحَارِيبِ الْكُفَّارِ إِلاَّ أَنْ يَعْلَمَ قِبْلَتَهُمْ، كَالنَّصَارَى يُعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُمُ الْمَشْرِقُ، فَإِذَا رَأَى مَحَارِيبَهُمْ فِي كَنَائِسِهِمْ عَلِمَ أَنَّهَا مُسْتَقْبِلَةُ الْمَشْرِقَ (26) .
__________
(1) القاموس المحيط.
(2) المصباح المنير.
(3) النظم المستعذب في شرح غريب المهذب، مع المهذب، 1 / 68.
(4) رد المحتار 1 / 434، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 114 والمصباح المنير.
(5) لسان العرب.
(6) مغني المحتاج 1 / 142.
(7) المصباح المنير، وقواعد الفقه.
(8) القاموس المحيط، والمعجم الوسيط.
(9) فتح القدير 1 / 359، وقواعد الفقه.
(10) كشاف القناع 1 / 493، وتحفة الراكع والساجد في أحكام المساجد للجراعي ص234.
(11) حاشية ابن عابدين 1 / 434.
(12) حاشية الدسوقي 1 / 331.
(13) تحفة الراكع والساجد في أحكام المساجد ص136 - 234 وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 1 / 370، وإعلام الساجد بأحكام المساجد ص263.
(14) المجموع 3 / 203، ومغني المحتاج 1 / 146، وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 1 / 383.
(15) سورة التوبة / 18.
(16) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 255، وإعلام الساجد بأحكام المساجد 337.
(17) رد المحتار 1 / 434.
(18) حاشية الدسوقي 1 / 331، والشرح الصغير1 / 442.
(19) حاشية القليوبي 1 / 136، وإعلام الساجد بأحكام المساجد ص 364.
(20) كشاف القناع 1 / 493، والمغني 2 / 219 - 220، وتحفة الراكع والساجد في أحكام المساجد ص234.
(21) حديث سمرة بن جندب: " كان النبي ﷺ إذا صلى صلاة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 33) .
(22) الشرح الصغير 1 / 442.
(23) رد المحتار 1 / 288.
(24) جواهر الإكليل 1 / 44.
(25) المجموع 3 / 201 - 204.
(26) كشاف القناع 1 / 30 - والمغني 1 / 440.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 193/ 36